هاقد استطاع الرئيس الامريكي حشد اربعين دولة لمقاتلة الدولة الاسلامية المعروفة باسم
داعش ( اختصارا لا استحقارا ) و قد حرص على اشراك اكبر عدد من الدول الاسلامية السنية في هذا الحلف حتى لايظهر وكأنه
حرب صليبية ضد الاسلام و المسلمين ، و ستنقل وسائل الاعلام خلال الحرب القادمة صور لطائرات عربية تقصف مقرات و معسكرات داعش ليظهر الامر و كأن العالم – حتى الاسلامي منه – يشارك في هذه المعركة المصيرية ، هل تذكرون الحرب على العراق ؟ سيكون الامر مشابها ، ولكن دعونا نتذكر بان نتيجة تدمير العراق و من ثم حصاره قد أوصلنا إلى أمر آخر لم يكن يدور في عقولنا وهو تسليم
امريكا العراق لايران كهدية .
نعم سلمت امريكا العراق لايران ، هذا ليس قولي ، ولكنه قول وزيرة الخارجية الامريكية التي قالت هذه الجملة خلال حديثها عن العراق في تجمع صغير كنت حاضرا فيه ، ثم أضافت : لقد كان من اكبر أخطاء أمريكا في العصر الحديث.
دعونا باختصار نضع خارطة الشرق الاوسط امامنا حتى نرى مالذي يحصل و قد يؤدي بنا ذلك لاستقراء ما الذي سيحصل.
استخدم بشار الاسد كل الاسلحة في ترسانته العسكرية والسياسية لضرب المعارضة ، فاستخدم البراميل المتفجرة التي اثبتت الاحداث انها اسلوب ايراني بامتياز و استخدم القنابل الكيماوية التي تحدث العالم كثيرا عن شجاعة الشباب والشابات الذين شاركوا في تدميرها ، ولكن ذات العالم لم يتوقف كثيرا عن الذين دمرتهم هذه الاسلحة و احالتهم الى جثث يسيل من انوفها و افواهها زبد يوحي بان هؤلاء الضحايا قد عانوا الامرين قبل ان تفيض ارواحهم الى بارئها.
لقد بقي الامر في سوريا عالقا و العالم يتفرج على اكبر مأساة انسانية في المنطقة و ذهبت تهديدات اوباما ادراج الرياح ، و عرفنا ان قادة اقوى دولة في العالم قد يتراجعون عن تهديداتهم ان تم تهديد مصالحهم ، و لكن لابأس من القتل احيانا ، فالعالم استمع لكتابات ادوارد لتواك بعنوان : اعطوا الحرب فرصة و التي نشرتها دورية فورن افيرز في 1999 م
ان صمت الغرب عما يحدث في سوريا هو تطبيق كامل لما كتبه هذه الرجل الذي يرى ان الحروب ليست كلها شرا ، بل ان الشر هو في اسكاتها قبل بلوغها مرحلة النضج ، فالحروب كما استدل من التاريخ الحديث ترسم طريق التوافق و النهايات السعيدة للمتقاتلين الذين ستدفعهم الحرب لايجاد صيغة تعايش ترضي جميع الاطراف .
إن ما كتبه هذا الرجل يعتبر جريمة في وجهة نظري ، فهو مريض نفسيا يرتوي برؤية الدم المتدفق من اجساد الضحايا ، و لو انه قاس ماكتب على نفسه قبل ان يضع قلما على ورقة ماكان كتب ما كتب .
حسنا ، عرفنا الان أن المسألة السورية برمتها تجربة حية لنظرية ادوارد لتواك التي تبنتها الادارة الامريكية و لكن ماهي نتيجة هذه النظرية ؟
خرجت داعش من رحم المأساة و تصادمت مع بقية الفصائل المقاومة في الساحة السورية ، فالدولة الاسلامية كما يحب انصارها تسميتها تشكلت في وعي عناصرها على انها الدولة المنقذة و هي تجسيد لتاريخ حفر في العقول لعقود طويلة ولا بد من تجسيده على ارض الواقع ، ولهذا السبب لاتسمح هذه الدولة لغير عناصرها بحمل السلاح و تنظيم المدن و حتى برعاية الايتام و الارامل ، فهي الدولة و على الجميع السمع و الطاعة و المبايعة .
إن شعور عناصر الدولة بأنهم هم الدولة و الامة وليسوا جزءا منها اضاف في وعيهم نوعا من التقديس للخليفة الذي هو اقرب الى المهدي المنتظر منه الى خادم الشعب حسب رؤية عامة المسلمين للخليفة كما جسدتها سير الخلفاء الاولين .
هناك حقيقة غابت عن الدول السنية المشاركة في الحرب على داعش ، وهي ان سنة العراق شئنا ام ابينا ارتبط مصيرهم بداعش ، بمعنى ان في حال سقوط داعش و هزيمتها ستكتسح المليشيات الشيعية المناطق السنية اخذة بثأر الحسين و الائمة الاثناعشر و كل شيعي سقط صريعا سواء في الهند أو في أدغال إفريقيا ، بمعنى أن سنة العراق سيبادون عن بكرة ابيهم ذبحا و حرقا محملين ذنب كل دم سفك في العراق و خارجه .
إن كان ولابد من المشاركة في الحرب ضد داعش ، فلتفاوض الدول الاسلامية السنية على اسقاط بشار ، و مشاركة السنة في حكم العراق بشكل جاد بعيدا عن المناورات التي استهلكتنا و استهلكناها من قبل ايران و انصارها في المنطقة الخضراء ، و تحجيم الحوثي بضمه الى قائمة الجماعات الارهابية التي حفلت بمسميات حركات سنية مستثنية الشيعية منها.
لن يستطيع هذا الحلف الاربعيني من الدخول فعليا في حرب ضد داعش بزخم مرغوب ان لم تنضم له الدول السنية ، فضعوا شروطكم على الطاولة ، واحصلوا لشعوبكم على شيء من الكرامة قبل ان تكتشفوا انكم كنتم قطعة غيار في آلة حرب كبيرة ليس اكثر .