في كل حروب
إسرائيل – منذ عام 1948 وحتى 2014 – هناك ظاهرة وقاعدة وسنة متبعة تمارسها الآلة الحربية الصهيونية وهي عدم الوقوف عند استهداف المقاتلين الذين يقاتلونها، وإنما تعميم القتل والإبادة والتدمير ليشمل البشر والشجر والحجر.
لقد دمرت عصاباتها مئات القرى الفلسطينية في حرب عام 1948 منازلها ومساجدها وحتى مقابرها! - ولم تميز في القتل بين الرجال والنساء والكبار والصغار، وحتى العجزة والمقعدين!
وفي
عدوان عام 1967 قتلت حتى الأسرى، ودمرت مدن القناة، وقصفت الأهداف المدنية – على الأرض وفي الجو - بمن في ذلك تلاميذ مدرسة بحر البقر!
ولقد استمرت هذه الظاهرة قاعدة وسنة متبعة في كل الحروب الإسرائيلية العدوانية على
غزة وفي لبنان، لم تستثن من الإبادة الشاملة المدارس – حتى التابعة للأمم المتحدة – والمساجد، بل والمستشفيات وعربات الإسعاف!
وإذا كانت هذه الظاهرة الحربية الصهيونية فريدة وغريبة، شذت عن قواعد الحرب التي احترمها حتى النازيون، فإن الأغرب هو الغفلة عن تفسير هذه الظاهرة التي تفرد بها الصهاينة والتزموها في كل الحروب، فأقصى ما ذهب إليه الساسة والمحللون والإعلاميون هو وصف هذه الظاهرة بأنها "عقاب جماعي" يجرمه القانون الدولي واتفاقيات جنيف التي تنظم ضزابط النزاعات المسلحة والحروب.
ولم يلتفت أحد من هؤلاء الساسة والمحللين والإعلاميين إلى أننا بإزاء "خصوصية دينية" وأن هذه المظاهرة في الإبادة الجماعية هي التزام صهيوني معاصر بقواعد الحرب التي نص عليها التلمود وكتبها الحاخامات في أسفار العهد القديم، والتي يعلمها الحاخامات المعينون في وحدات الجيش الصهيوني للجنود!.
إن العقيدة القتاالية للجيش الصهيوني هي إبادة ومحو العرب، لأنهم النموذج المعاصر للعماليق القدماء، الذين قال فيهم سفر الخروج – إصحاح 17:14 – "فقال الرب لموسى: اكتب هذا تذكارا في الكتاب، وضعه في مسامع يشوع، فإني سوف أمحو ذكر عماليق من تحت السماء".
والجيش الصهيوني الذي يدمر البشر والشجر والحج، ويترك القرى والمدن التي يجتاحها ركاما، إنما يتعلم هذا من سفر التثنية – إصحاح 13: 12، 15- 17 الذي جاء فيه على لسان الرب لشعبه المختار :"إن سمعت عن إحدى مدنك التي يعطيك الرب إلهك لتسكن فيها قولا، فضربا تضرب سكان تلك المدينة بحد السيف، وتحرمه - (تهلكها) – بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف، تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها، فتكون تلا إلى الأبد لا تبنى بعد"!.
هذا هو جزاء المدن غير المحاربة، التي لم ترفع سلاحا في وجه إسرائيل، وإنما قالت "قولا"، أي رفضت ترك مكانها لإسرائيل!
وإذا كانت إسرائيل في كل حروبها إنما تمارس أعلى مستويات الغلظة، ولا تعرف الشفقة بالنساء والأطفال، وتمارس
العنصرية ولا تفي بأية عهود، فإنها – بذلك – إنما تمارس العقيدة القتالية التي يتعلمها جنودها في سفر التثنية، والتي تأمر اليهود بإبادة كل الشعوب الأخرى، بل وأكل هذه الشعوب دونما شفقة ولا احترام لعهد، لأن هؤلاء اليهود – في هذه العقيدة القتالية – هم شعب مقدس، دون جميع الشعوب، وفوق كل الشعوب!
ففي سفر التثنية – إصحاح 7 : 1 – 3 ،6، 7، 14 – 16 - : "سبع شعوب دفعهم الرب إلهك أمامك، وضربتهم، فإنك تحرمهم – (تهلكهم) – لا تقطع لهم عهدا، ولا تشفق عليهم، لا تصلهرهم، لأنك أنت شعب مقدس، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له شعبا، أخص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض، مباركا تكون فوق جميع الشعوب، وتأكل كل الشعوب، لا تشفق عيناك عليهم".
وإذا كانت الصهيونية تسعى لتهجير العرب الذين بقوا في الأرض التي احتلتها، لتكون دولة يهودية خالصة لليهود، فإن هذا السعي هو عقيدة دينية، جاءت في سفر العدد – إصحاح 33 : 50 – 52 ، 55، 56 – تقول : "وكلم الرب موسى في عربات مو آب على أردن أريحا قائلا: كلم إسرائيل وقل لهم: إنكم عابرون الأردن إلى أرض كنعان، فتطرودون كل سكان الأرض من أمامكم، تملكون الأرض ةتسكنون فيها، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم يكون الذين تستبقون منهم أشواكا في أعينكم ومناخس في جنوبكم، ويضايقونكم في الأرض التي أنتم ساكنون فيها"!.
إنها - إذن – عقيدة قتالية دينية، غفلنا عنها عندما تمت علمنة هذا الصراع!.