مع سقوط نظام
بشار الأسد، شهد
الاقتصاد السوري تحولات جذرية تمثلت في هروب عدد كبير من رجال
الأعمال الذين شكلوا لعقود العمود الفقري للمنظومة الاقتصادية في البلاد.
شكل هؤلاء
الأثرياء شبكة اقتصادية متشابكة مع النظام، استفادوا من قربهم من السلطة لتحقيق
مكاسب ضخمة، ما جعل انهيار الحماية السياسية التي تمتّعوا بها بداية لانهيار
إمبراطورياتهم المالية.
ورحيل هؤلاء ترك
فراغًا اقتصاديًا كبيرًا، خاصة أن شركاتهم كانت تسيطر على قطاعات حيوية مثل
الاتصالات، الشحن، التجارة والخدمات، وكانت تعمل وفق منظومة احتكارية قائمة على
الامتيازات السياسية، ومع انهيار النظام، وجدت هذه الشركات نفسها أمام واقع جديد،
حيث أصبح استمرارها صعبًا دون الغطاء السياسي الذي كان يضمن لها النفوذ المطلق.
اظهار أخبار متعلقة
من بين أبرز
الشخصيات التي غادرت، رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، الذي كان يملك إمبراطورية
اقتصادية ضخمة تشمل شركة الاتصالات "سيريتل" ومشاريع عقارية وخدمية
كبرى، لكنه دخل في صدام مباشر مع النظام عام 2020، ما أدى إلى فرض قيود على
أمواله، ودفعه إلى الاختفاء عن المشهد.
وغادر الذراع
المالي لماهر الأسد، محمد حمشو، بعد أن خسر نفوذه في قطاعات البناء والتكنولوجيا،
وسط حديث عن تسوية مالية كبيرة بمليار دولار عرضها للإدارة الجديدة لضمان عدم
ملاحقته قانونيًا. أما خضر طاهر، المعروف بـ"أبي علي خضر"، فقد كان
يسيطر على قطاع الشحن والنقل وعدة شركات في المقاولات والسياحة، لكنه اضطر للخروج
من
سوريا بعد انهيار النظام.
ووجد سامر فوز،
الذي صعد نجمه في السنوات الأخيرة من حكم الأسد، نفسه محاصرًا بعقوبات أمريكية
جمدت معظم أنشطته، فيما تشير التقارير إلى أنه يعيش حاليًا في الخارج. كذلك، غادر
حسام قاطرجي، الذي كان يلقب بـ"حوت النفط"، متجهًا إلى روسيا بعد أن فقد
نفوذه في تجارة النفط والغاز داخل سوريا. ولم يكن رياض شاليش، ابن عمة الأسد،
بعيدًا عن هذا المصير، إذ إنه استفاد لعقود من نفوذه في الدولة لتحقيق ثروات هائلة،
لكنه فرّ إلى الإمارات فور سقوط النظام.
اظهار أخبار متعلقة
وبينما تطرح
التساؤلات حول تأثير رحيل هؤلاء على الاقتصاد السوري، يرى الخبراء أن سوريا تمر
بمرحلة انتقالية حاسمة، حيث تتحول من اقتصاد قائم على المحسوبيات والاحتكار إلى
نموذج أكثر استقرارًا يعتمد على الشفافية والاستثمارات القانونية. ويؤكد الخبير
الاقتصادي أدهم قضيماتي أن خروج
رجال الأعمال المرتبطين بالنظام لن يكون له تأثير
سلبي كبير، بل قد يساعد في إعادة هيكلة الاقتصاد على أسس أكثر عدالة، بعيدًا عن
سيطرة الدائرة الضيقة من المقربين للنظام.
أما بالنسبة
لمصير الشركات والممتلكات التي تركها هؤلاء خلفهم، فتشير التوقعات إلى إمكانية
إدارتها عبر لجان رقابية مؤقتة، أو طرحها في مزادات عامة، أو حتى دمجها في شراكات
بين الدولة والقطاع الخاص لضمان استمرار نشاطها الاقتصادي دون عودة النفوذ السابق
إليها.