شهدت الساحة الاسلامية خلال الاسبوع الماضي عدة تطورات ايجابية امتدت من بيروت الى الدوحة وطهران مما قد يؤدي الى متغيرات مهمة تساعد في ترتيب الاوضاع الاسلامية وتمهد لحوارات حقيقية تساعد في وقف التأزم القائم في اكثر من بلد وتخفف من الاحتقانات المذهبية والطائفية.
ففي بيروت اجريت مؤخرا انتخابات هيئة
العلماء المسلمين( وهي من اهم الهيئات الاسلامية الناشطة في
لبنان وتضم حوالي 300 عالم دين من مختلف الاتجاهات الاسلامية) ، وانتهت الانتخابات باختيار هيئة ادارية جديدة على رأسها مدير اوقاف منطقة عكار العلامة الشيخ مالك جديدة وهو من العلماء المميزين ولديه علاقات ايجابية مع مختلف الاطراف الاسلامية وقد لقي انتخابه ترحيبا كبيرا من هذه الاطراف وخصوصا
حزب الله وتجمع العلماء المسلمين والعلامة السيد علي فضل الله وملتقى الاديان للحوار والثقافات، كما زار سماحته مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني وكانت الاجواء بينهما ايجابية، كما قام وفد مشترك من ملتقى الاديان ومكتب السيد علي فضل الله بزيارة مقر الهيئة وباركوا بانتخاب الشيخ مالك جديدة على رأس الهيئة وتم الاتفاق على خطوات تعاون وتنسيق بين الطرفين، ويقوم الملتقى حاليا بالتحضير لاطلاق مبادرة جديدة لدعم الحوار الاسلامي-الاسلامي والاسلامي-المسيحي.
وفي الدوحة انعقد اول لقاء على مستوى عال بين وفد ايراني برئاسة مساعد وزير الخارجية حسين عبد اللهيان ورئيس المكتب السياسي في حركة
حماس خالد مشعل ويأتي هذا اللقاء بعد سلسلة لقاءات بين مسؤولين في الحركة ومسؤولين من حزب الله وايران في بيروت وطهران ،ورغم الالتباسات التي احاطت باللقاء ومادار فيه بعد نشر اخبار ايرانية عن مواقف جديدة للحركة حول الازمة السورية والتوضيحات التي اصدرتها الحركة والتي تؤكد فيها مواقفها السابقة المؤيدة لحراك الشعب السوري ورفض العنف، فان المعطيات المتوفرة تؤكد ان العلاقات بين حماس وايران وحزب الله تشهد حراكا قويا قد يساهم في معالجة اسباب الخلافات وخصوصا بشأن الازمة السورية وسيساعد ذلك في دعم قوى المقاومة في لبنان وفلسطين ويساهم في معالجة الاجواء المتشنجة على الصعيد الاسلامي.
وفي طهران انعقد مؤتمر الاذاعات والتلفزيونات الاسلامية بمشاركة من حركة حماس والجهاد الاسلامي وحزب الله وايران وقوى اخرى وتركزت الكلمات على دعم المقاومة والقضية الفلسطينية ودعم الوحدة، ويأتي هذا المؤتمر بعد اقل من شهر على انعقاد منتدى فلسطين الاعلامي في اسطنبول والذي اكد على اولوية القضية الفلسطينية واهمية التعاون لدعم المقاومة والشعب الفلسطيني والعمل لوقف الخلافات السياسية والمذهبية، وعلى هامش المؤتمرين قامت شخصيات اسلامية فاعلة ببذل جهودا حثيثة من اجل اعادة ترميم العلاقات بين مختلف القوى والحركات الاسلامية.
اذن نحن نشهد حراكا اسلاميا عمليا في عدة اتجاهات ومن اكثر من جهة وفريق ويضاف الى ذلك ان العديد من القوى والشخصيات الاسلامية بدأت تجري مراجعات ونقاشات علنية وغير علنية حول التطورات التي حصلت خلال السنوات الثلاثة الماضية وطبيعة العلاقات بين القوى الاسلامية ويتم طرح العديد من الافكار والاقتراحات من اجل مواجهة مختلف التحديات المستجدة والاستفادة من الاخطاء التي حصلت تمهيدا لوضع استراتيجيات جديدة تكون قادرة على مواكبة ما يجري واعادة ترتيب الوضع الاسلامي.
ولن نستبق نتائج اللقاءات التي حصلت اوقد تحصل وما يمكن ان تؤدي اليه من نتائج، لكن من خلال الاطلاع على بعض اللقاءات الخاصة والنقاشات التقييمية التي تحصل واجواء بعض المبادرات التي تطلق، يمكن القول اننا امام واقع اسلامي جديد وهو يترافق مع المتغيرات الدولية والاقليمية التي حصلت سابقا اوقد تحصل في الاسابيع المقبلة ، مما يفرض على الجميع قراءة هذه الاحداث وعدم البقاء في المربع نفسه والانطلاق نحو رؤية جديدة تساعد في وقف النزيف القائم وتعيد توحيد الواقع الاسلامي وتعزز المناخات الايجابية.