ملصقات الدعاية الانتخابية، وسيلة يتبعها المرشحون للمناصب السياسية في العالم، لجذب انتباه الناخبين، لكنها قد تكون أيضا هدفا للدعاية المضادة، وهو الأمر الذي حدث لعدد من ملصقات المرشح الرئاسي، عبد الفتاح
السيسي، في مدن
مصرية، وسط غضب من مؤيدي وزير الدفاع السابق، وتأكيد منهم على أن الأمر لن يؤثر على نتائج
الانتخابات.
وتعرضت مئات من تلك الملصقات، التي حملت عبارة "مصر لن تخضع للإرهاب"، إلى التلطيخ باللون الأحمر إشارة للدماء أو التمزيق، أو كتابة عبارات مسيئة للسيسي نفسه، أو عبارات تحمل انتقادات للسلطات الحالية.
وتقول الحكومة المصرية إنها تخوض حربا ضد الإرهاب منذ أشهر، وألقت بمسؤولية تفجيرات استهدفت مقار وعناصر شرطية على جماعة الإخوان المسلمين، وأعلنتها جماعة إرهابية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وهو ما تنفيه الجماعة.
وفي ميدان الدهار بمدينة الغردقة (شمالا)، وفي مدينة المنصورة (في دلتا النيل)، مزق معارضو السيسي ملصقات دعائية انتشرت في أرجاء المدينتين فيما تم طلاء ملصقات أخرى باللون الأحمر، في إشارة إلى فض اعتصامي رابعة والنهضة في 14 آب/ أغسطس الماضي، إلى جانب قيام عدد من معارضي الانقلاب وسلطاته وقضائه بتمزيق بعض الملصقات وكتابة عبارات مسيئة ضد السيسي في المدينتين، وهو ما تسبب في غضب المؤيدين للسيسي، الذين قاموا بدورهم بتنظيم سلاسل بشرية لدعمه، وسط هتافات مؤيده له.
ويتهم معارضو الانقلاب ومؤيدو الشرعية بما فيهم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، السلطات الحالية، التي كان السيسي جزءًا منها حتى استقالته في آذار/ مارس الماضي للترشح للرئاسة، بقتل الآلاف من أنصارها في فض اعتصامي رابعة العدوية (شرق القاهرة) والنهضة (غرب القاهرة) في 14 آب/ أغسطس الماضي".
وهو ما تنفيه السلطات الانقلابية بطبيعة الحال، مؤكدة أنها "اتبعت المعايير العالمية في فض الاعتصامات ومنحت المعتصمين ممرات آمنة أثناء الفض"، على حد زعمها.. ولم يكن الأمر كذلك كما أظهرته وسائل الإعلام العالمية، حين أُحرق الناس أحياء وتم قنصهم بدم بارد، وجرفت جثثهم بالجرافات العسكرية على مرأى من العالم كله.
وفي محافظة القليوبية (شمالا)، اعتقلت قوات الأمن طالبا مناهضا للانقلاب وزعيمه، لقيامه بتمزيق لافتات للسيسي على جدران المنطقة، وذلك بعدما أثار غضب عدد من مؤيدي وزير الدفاع السابق، من بينهم صاحب مقهى تقدم ببلاغ ضد الطالب.
أما في المنيا (في الوسط)، فقام مجهولون بحرق 10 لافتات دعائية كبيرة خاصة بالسيسي على الطريق الذي يربط بين المنيا والقاهرة، من خلال إلقاء زجاجات المولوتوف عليها.
وفي أسيوط (جنوبا)، ألقت قوات الأمن القبض على اثنين من مناهضي السيسي لتمزيقهما لافتات عليها صوره وسط مسيرة ليلية الجمعة.
وفي الشرقية (في دلتا النيل)، مزق معارضو السلطة اللافتات الخاصة بمقر حملة السيسي داخل مدينة أبو حماد، بعدما رددوا هتافات مناهضة له، رافعين شعارات رابعة.
وشهدت شوارع في عدة مدن مصرية، انتشارا كثيفا لملصقات ولافتات دعائية للسيسي، في الميادين والكباري الرئيسية، وعلى الجدران.
وفي بعض المناطق، جاورت عشرات الملصقات عبارات كتبها المعارضون، وكادت أن تغطيها، ما كان سببا في كتابة مزيد من العبارات المناهضة للسيسي.
ومن بين هذه العبارات: "السيسي قاتل"، و"يسقط يسقط حكم العسكر".. إلى جانب عبارات تعيد للمشهد جدلية "ثورة أم انقلاب"، التي صاحبت أحداث 3 موز/ يوليو الماضي.
بدوره، قال محمد الخولي، خبير الإعلام الدولي، الذي يعمل خبيرا في الترجمة والإعلام لدى الأمم المتحدة، إن "الدعاية المضادة لم تصبح ظاهرة بعد، لكنها أحد أهم الشواهد على رغبة المصريين في حل الأزمة السياسية الداخلية، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وتابع الخولي في تصريحات للأناضول: "رغم ما يوجد من توتر واضح في الشارع المصري، إلا أن الدعاية المضادة، لم تصبح ظاهرة بعد ولن تؤثر في سير العملية الانتخابية، أو حتى النتائج".
ومضى قائلا: "نحن نمر بفترة انتقالية، وطبيعي أن نجد معارضين يرفضون مرشحا، ويقومون بتمزيق لافتاته، لكنها في الوقت نفسه تعبير عما يشهده الشارع من حالة
استقطاب يتعين على الرئيس القادم إنهاءها".
ورأى الخولي أن هذه الممارسات لن تؤثر في اختيار المواطن المصري للمرشح الرئاسي الذي يدعمه، لأنه يختار مرشحه وفق برنامجه وليس الملصقات في الميادين، على حد قوله.
وفي وقت سابق من هذا العام، انتشر تشويه ملصقات المؤيدة للدستور المصري الجديد قبيل الاستفتاء عليه (أقر في كانون ثاني/ يناير)، حيث تم تلطيخها بالدماء، غير أن ذلك لم يؤثر على نتيجة موافقة الشعب على الدستور بنسبة 98.1% وبنسبة مشاركة 38.6%، على حد زعمه، مع أن النسبة أقل من ذلك بكثير بحسب مراقبين محايدين.
على الجانب الآخر، واجهت الدعاية الانتخابية للمرشح في الانتخابات الرئاسية حمدين
صباحي، قبل أيام قيام مجهولين بتمزيق الملصقات في الغردقة (شمالا)، واتهمت بها حملة السيسي، وأسقطت الاتهامات على المعارضة، وهو ما استنكرته حملة السيسي معلنة عدم مسؤوليتها عن الفعل الذي وصفته بأنه "مشين".
ويعتمد كل من السيسي وصباحي على تكتيكات انتخابية بهدف الوصول إلى أكبر قطاع من المصريين، لضمان أصواتهم في الانتخابات، في مقدمتها القيام بحملة إلكترونية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والبدء في لقاءات إعلامية مختارة تجيب عن كافة الجوانب المتعلقة بالمرشح، وأخيراً تنظيم مؤتمرات جماهيرية بعدما قام كل من المرشحين بلقاء عدد من ممثلي القطاعات المختلفة.
وتستمر الدعاية الانتخابية التي بدأت بصورة رسمية من 3 حتى 23 أيار/ مايو الحالي، وتجرى الانتخابات الرئاسية في مصر يومي 26 و27 من الشهر نفسه.
ويواجه السيسي، في حال ما أصبح رئيسا، أزمات داخلية وخارجية، يأتي في مقدمتها أزمة الاستقطاب السياسي التي يشهدها الشارع المصري منذ خلع الرئيس الأسبق حسني مبارك في 11 شباط/ فبر اير 2011 التي زادت حدتها في الفترة التي تلت الإطاحة برئيس البلاد الشرعي مرسي
في 3 يوليو/ تموز 2013.