قالت جليلة
دحلان، زوجة القيادي السابق في حركة
فتح محمد دحلان، في حديث لموقع "المونيتور" بأن زوجها سيترشح للانتخابات الرئاسية في حال جرت.
ومن منزل زوجها العائلي في خان يونس، أشارت إلى أنّ زوجها "ربما سيترشّح بصفته مستقلاً أو كمرشّح عن فتح أو ضمن قائمة".
وأكدت دحلان أن زوجها المعروف بـ "أبو فادي" يعتزم العودة إلى
غزة "ولكن الأمر مرتبط بالتوصّل إلى مصالحة وطنيّة".
ورفضت دحلان التقارير التي تحدثت عن أن لزوجها علاقات مع حركة حماس، مؤكدة أن الحركة تروج لهكذا أخبار بهدف "زيادة الشقاق داخل حركة فتح".
لكن دحلان عادت وأكدت أن "أبو فادي" وحماس كانا على تواصل، مشيرة إلى أن "عددا كبيرا من قادة حماس يتصلون به، وبعضهم زاره في منزلنا في الإمارات".
دحلان التي تزور غزة لمدة 10 أيام برفقة ابنتها أسيل البالغة من العمر 9 سنوات، قالت إن زوجها "لا يمكن أن يفكر أبدا بتقسيم حماس".
وانتقدت بشدة اتهامات عباس العلنية لزوجها بالعمالة لإسرائيل وبتورطه بمقتل ياسر عرفات، مؤكدة أن عباس قد "تجاوز الخطوط الحمر جميعها".
هذه الزيارة هي الثانية لزوجة دحلان إلى غزة منذ رحيل زوجها قبل ست سنوات. وخلال حديثها، عبّرت دحلان عن اشتياقها لغزة، مشيرة إلى أنها جاءت لتزور العائلة وتتابع العمل في المركز
الفلسطيني للتواصل الإنساني (فتا) الذي ترأس مجلس إدارته، والذي يعمل على توسيع عمله في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وفي ما يأتي نصّ المقابلة كاملة:
المونيتور: هل كان من الصعب عليك دخول قطاع غزّة؟ وهل كانت ثمّة مفاوضات مع حماس لجعل زياراتك ممكنة؟
الدكتورة جليلة محمد دحلان: لم أجد صعوبة على الإطلاق، وقد حصلت على تصريح من إسرائيل للدخول عن طريق معبر بيت حانون.
وفي التاريخ ذاته في العام الماضي دخلت عن طريق معبر رفح البرّي، لكني خشيت هذه المرّة من الإغلاق المتكرّر لمعبر رفح. كذلك لم يحدث أي نوع من التفاوض. المعنيّون في حماس عرفوا أنني سآتي، ولم يظهروا أي اعتراض. من ثم، هذه بلدي ولا أحتاج إلى التفاوض مع أي كان لدخولها. عادة، تأخذ حماس علماً بزيارة ما عن طريق إدارة معبر بيت حانون أو عبر جهاز الارتباط الفلسطيني. لكنني في كل الأحوال لا أبلغهم بنفسي. فأنا تقدّمت بطلب للحصول على تصريح دخول مثل أي مواطن مسافر عبر إسرائيل. وكانت الإجراءات عاديّة جداً من قبل حماس، حين وصلت حاجزهم.
المونيتور: كيف ترين غزّة في ظلّ حكومة حماس، بعد نحو سبع سنوات على مغادرة محمد دحلان القطاع مضطراً؟
دحلان: غزّة تغيرت تماماً. كل ما كان جميلاً فيها، دمّروه. لم يبقَ هنا سوى الإنسان الذي ما زال يحتفظ بروحه الحلوة وبحبّه للحياة بالأمل. كذلك هو ما زال صامداً في غزّة.
أعرف أن أهالي القطاع يتملكهم اليأس وأن ابتساماتهم غدت شحيحة، لكنهم يحملون الأمل أيضاً. وبمجرّد أن يجدوا من يهتم بهم، فسوف يختفي هذا اليأس. والأمل الوحيد الآن هو في الوحدة الوطنيّة وأن نصبح حالة فلسطينيّة متكاملة. ومطلب جميع الناس هو أن تعود الوحدة ما بين فتح وحماس، وبين الفتحاويّين أنفسهم، وبين شقَّي الوطنَين في الضفة الغربيّة وغزّة.
المونيتور: ما الذي يجعلك تصرّين على زيارة القطاع في هذا الوقت بالذات؟
دحلان: شوقي إلى غزّة وأهلها ومتابعة أحوال المركز الفلسطيني للتواصل الإنساني "فتا" الذي أترأس مجلس إدارته. كان لهذا المركز ثلاثة مقرات في مدينة غزّة وفي خان يونس وفي المحافظة الوسطى، لكن حماس استولت عليها ولم يعد أي منها تحت سيطرتنا منذ العام 2006. والآن، نحن ننفّذ المشاريع من خلال متطوّعين من دون توفّر مقرات. فقد أصبح مركز تنمية المرأة والطفل في المحافظة الوسطى وهو فرع لـ"فتا"، يحمل اسم "طيور الجنة". ومركز غزّة الذي كان عبارة عن مستشفى "فتا"، أصبح الآن مستشفى "تل الإسلام".
المونيتور: لماذا عاد اسم محمد دحلان إلى التداول وكثيراً، هذه الأيام في قطاع غزّة؟
دحلان: في الفترة الماضية، لم يفارق محمد دحلان "أبو فادي" الناس هنا أبداً ولم يتركهم لحظة سواء بالسؤال عنهم أو من خلال تقديم المساعدات عبر أشخاص آخرين. لا أنكر أن الناس من أهالي القطاع في فترة حكم حماس والانقسام كانوا مغيّبين عن أشياء كثيرة، لكنهم عادوا وراجعوا أنفسهم وعرفوا أنهم ظلموا دحلان في فترة من الفترات عندما أثيرت حوله شكوك ليست صحيحة. وهذا ما جعله يعود إلى الواجهة من جديد. وشعبنا مهما تمّ تغييبه، فهو يعود ليعترف بالحقيقة عبر التجربة. لكن في فترة ما تراجع تواصل دحلان مع الناس، لسبب واحد وهو خوفه من أن يتعرّضوا للمساءلة أو من أن تقطع رواتبهم بسببه.
المونيتور: كيف تصفين علاقة محمد دحلان بحماس اليوم؟ وهل تعتقدين أن حماس سوف تسمح له بالعودة إلى غزّة؟
دحلان: بالنسبة إلى عودة أبو فادي إلى غزّة، هذا أمر سيحدث بالتأكيد. وأتمنى أن يكون قريباً. لكن متى بالتحديد، ما من رؤية واضحة حول الأمر. وهو لن يعود إلا ضمن اتفاق مصالحة.
أما في ما يخص علاقته بحماس، فلا توجد علاقة. وما يثار عن عودة تلك العلاقات ليس صحيحاً على الإطلاق. هذا ما تحاول حماس وبعض الجهات ترويجه، كي يقال أن دحلان يريد الدخول إلى غزّة وحيداً وبعيداً عن حركة فتح. فعلى نطاق رسمي، ما من علاقات مع حماس. لكن الأخيرة مصرّة على إعطاء انطباع آخر، لأن من مصلحتها أن تزيد الشقاق والتشويه.
المونيتور: هل هذا يعني أنه لم يلتقِ أياً من قيادات حماس في الفترة الماضية، على الإطلاق؟
دحلان: سأكذب عليك لو قلت لا. فعدد كبير من قادة حماس يتصلون بأبو فادي، وبعضهم زاره في منزلنا في الإمارات. لكنها ليست زيارات رسميّة، بل تأتي في إطار التواصل العام.
المونيتور: الجميع يتحدّث عن علاقة متينة ما بين محمد دحلان والسلطات المصريّة. فهل ساعد زوجك في التخفيف من وطأة حصار غزّة؟
دحلان: بصراحة، نعم. لكن ذلك ليس بشكل سياسي بل إنساني. فقد تكلم كثيراً مع المصريّين لفتح معبر رفح كي يخرج الطلبةُ العالقون في القطاع ويتمّ إدخال المساعدات إليه، وكذلك من أجل أن يعود التيار الكهربائي إليه. ويسعى المصريّون كثيراً اليوم إلى تحقيق مصالحة داخليّة ما بين فتح وحماس وفي داخل فتح نفسها.
المونيتور: بحكم قربك من المؤسسات الخيريّة في الإمارات العربيّة المتحدة، لماذا أوقفت مشاريعها في القطاع وأكبرها بناء مدينة لإسكان الأسرى المحرّرين؟
دحلان: كانت مشاريع ثلاثة: الأول مشروع بنى تحتيّة في خان يونس والثاني مدينة إسكان الأسرى المحرّرين والثالث مشروع وحدة لعلاج سرطان الثدي. وهذه المشاريع الثلاثة توقّفت لأن الإماراتيّين اشترطوا وجود لجنة مشتركة تضمّ أعضاء من فتح وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبيّة، كي تشرف على تنفيذ هذه المشاريع. لكن حماس رفضت ذلك لأنها تريد أن تكون لوحدها. وللأسف، تم تحويل المبالغ المخصّصة لهذه المشاريع إلى قنوات أخرى.
المونيتور: ما هي نوايا محمد دحلان السياسيّة؟ هل يفكّر في الرئاسة؟
دحلان: نعم. وهو ربما سيترشّح بصفته مستقلاً أو كمرشّح عن فتح أو ضمن قائمة. إذا خاض الانتخابات مستقلاً، فستكون غالبيّة الأصوات من القطاع. لكن أيضاً لا ننسى شعبيّته التي ازدادت في خلال الفترة الماضية في مخيمات الضفّة. فهناك سيحسم تصويت بعضها بالكامل لصالحه، مثل قلقيلية وجنين.
وفي اعتقادي لو خرج مروان البرغوثي من السجن وترشّح في وجه أبو فادي، فإنه سيفوز عليه لأن الناس عاطفيّون ينظرون إلى الإنسان النقي. وسيقولون إنه لم يتمّ خدشه أي البرغوثي بالمشاكل وسيعتقدون أنه أفضل من أبو فادي. لكن حين يخوضون التجربة، سيندمون. البرغوثي من هؤلاء الأنقياء، لكن في الوقت ذاته هو لا يملك أي علاقات دوليّة أو خبرة سياسيّة. وعلى الرغم من كونه مناضلاً وقد قضى فترة طويلة في السجن، إلا أن هذا شيء وذاك شيء آخر.
المونيتور: إذاً، هو لا يشعر بالقلق من إمكانيّة أن تؤدّي طموحاته إلى تقسيم حركة فتح؟
دحلان: لا يمكن في يوم من الأيام أن يفكّر أبو فادي بتقسيم حركة فتح. بالعكس هو يسعى منذ تولّي حماس السلطة في القطاع، إلى أن تكون فتح وحدة واحدة كما كانت طوال عمرها. لكن وجود تجاذبات، بالإضافة إلى كون أبو فادي في مركز قوّة، خلقا نوعاً من المنافسة والتنازع.
المونيتور: ارتفعت حدّة التوتّر بشكل ملحوظ بين محمد دحلان والرئيس محمود عباس، وقد توقّع كثيرون أن لا يردّ دحلان على خطاب أبو مازن. لماذا فعل ذلك في النهاية؟
دحلان: لكل فعل ردّ فعل. فخطاب أبو مازن الأخير تجاوز الخطوط الحمر جميعها. وما فعله أبو فادي هو أنه ردّ على هذه الإهانات. وهي إهانات ليست بسيطة وأتت علانيّة أمام الشعب وأمام مجلس ثوري، وتمّ فيها اتهام دحلان بقتل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وقتل قيادات مثل صلاح شحادة وأسعد الصفطاوي. هذه اتهامات ليس من السهل السكوت عليها.
المونيتور: ما هو تعليقك على اتهام الرئيس عباس محمد دحلان بأنه عميل لإسرائيل؟
دحلان: أريد القول إن الكل يعرف أن محمد دحلان ليس له علاقة بإسرائيل منذ أن انتهت علاقته بالمفاوضات. وهي الفترة التي تخللتها اتصالات وتنسيق أمني، وقد مرّ عليها زمن طويل.
المونيتور: أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن الرئيس عباس ما زال يحظى بدعم قوي من الفلسطينيّين. هل أنت قلقة من أن النزاع قد يأتي بنتائج عكسيّة لا تصبّ في مصلحة محمد دحلان؟
دحلان: كلا.. على العكس. فالناس تعرف الحقيقة، وتعرف من هو قريب من الناس ومن هو بعيد عن نبض الشارع. وشعبيّة زوجي زادت في كل مكان بخاصة في المخيمات الفلسطينيّة في الداخل والخارج، والسبب المصداقيّة. فهو صادق مع شعبه وفي خطابه وفي كلامه وفي فعله.
المونيتور: ما هو رأيك في التعامل مع الرئيس عباس في محادثات السلام الحاليّة؟ وهل تتجّه تلك المحادثات نحو طريق مسدود؟
دحلان: أنا لا أريد التحدّث في السياسة. لكن الناس يأملون أن يحدث شيء إيجابي، ويبقى الأهم أن لا تجري عمليّة السلام من خلف ظهورهم. فلا بدّ من توفّر شفافية بين المسؤولين وبين الشعب، حتى لا يصدم الناس باتفاقيات التفافيّة على مطالبهم، فيزيد الاستيطان وتضيع القدس ويصبح مصير اللاجئين غير معروف. هذا ما يخشاه الناس.
المونيتور: بعد خطاب أبو مازن وردّ محمد دحلان، بدأ الهجوم الشخصي على عائلتك. ما رأيك بالصور التي نشرت والتي تعتبر مسيئة إلى ابنك فادي؟
دحلان: هذه التجاذبات جعلت عائلتي تعيش تحت تركيز، ليس كله إيجابياً. فثمّة من يراقبنا على الدوام.
وأعتبر الصور أسلوباً سخيفاً ودون المستوى. لكن يجب أن أوضح أنها صور قديمة حين كان فادي في الثامنة عشر من عمره مع أصدقائه وزملائه في الدراسة. وبعضها التقط في أثناء إحدى الزيارات لمصر في أحد المطاعم العامة. وما من أحد منا لا يملك صوراً خاصة. وعائلتي لن تنحدر في الردّ إلى هذا المستوى على الإطلاق. وابني فادي الآن يبلغ من العمر 23 عاماً وقد عقد خطوبته مؤخراً على فتاة من عائلة عوكل.
المونيتور: هل تتوقّعين أن تكوني سيّدة فلسطين الأولى؟
دحلان: موقعي الحالي هو آخر طموحي، ولقب أم الفقراء هو الأحب إلى قلبي. لكني لا أخفي عليكم أنني اشتقت إلى بيتي في غزّة.. بل أنا اشتقت إلى غزّة كلها من أولها إلى آخرها. ومع الاستيلاء على منزلنا، عرفت أن غزّة هي الناس وليست المكان أو البيت.. بل الحالة بحدّ ذاتها.