قالت صحيفة "
الغارديان" إن مقتل السائحين الكوريين وسائقهما المصري في طابا سيرسل رسالة مفادها أن مصر ليست بلدا آمنا. وقالت في افتتاحيتها إن المشير عبد الفتاح
السيسي الذي بات من المؤكد فوزه بالرئاسة في الإنتخابات القادمة بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي هو آخر رجل مؤهل لتحقيق المصالحة، وبناء إجماع وطني في البلاد.
وسيواجه نفس مظاهر الاستياء والسخط الشعبي التي أطاحت بحسني مبارك، وطبعت حكم مرسي القصير. وقالت إن مصر تحتاج إلى تحقيق مصالحة بين الجيش والإخوان المسلمين، وهو آخر رجل يمكنه القيام بهذه المهمة لأن العداء والعلاقة المسمومة أصبحت عميقة.
وتعتقد الصحيفة أن
السياحة، شريان الحياة في الاقتصاد المصري التي تحاول الهجمات ضربها، وحاولت الحكومة المؤقتة إنعاشها في المناطق البعيدة عن القاهرة لكنّها ستظل تعاني، فالسياحة لمصر تمثل "حبل الوريد"، وهذا الحبل سيظل عرضة لهجمات جديدة.
وتتحدث الصحيفة في البداية عن مشاكل مصر، وتذكر بالزيادة السكانية، حيث سيصبح تعداد السكان عام 2050 حوالي 137.7 مليون نسمة حسب بعض التقديرات. وتقول "يعاني سكان مصر الـ 84 مليون نسمة، وهو عدد سيتضاعف بحلول عام 2050 للذين يزدحمون على طول نهر النيل وشاطيء البحر المتوسط، من وضع يرثى له من نقص في الأرض والماء والكهرباء والسكن والوظائف".
فقد كانت إمدادات المياه في القاهرة في وضع صعب جعلت الكثيرين عام 2011 يصفون الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحسني مبارك بـ "ثورة العطاش"، وخسر خلفه محمد مرسي شعبيته في نهاية عامه في الحكم بسبب القطع المستمر في الكهرباء ونقص الوقود.
كل هذا "رغم أن البلد يعوم على احتياطي هائل من الغاز الطبيعي الذي فشلت مصر في تطويره، ولهذا تعاني الصناعة من نتائج نقص الطاقة. وفي الوقت نفسه بقي الجيش متماسكا بسبب المال الأمريكي. وبعبارات أخرى، فمصر معلقة من أطراف أصابعها. والشيء الوحيد الذي كان يحدث فرقا هو صناعة السياحة، مما يجعل التفجير الأخير لحافلة سياح في شمال سيناء خبرا سيئا".
وتضيف أن وزير السياحة المصري هشام زعزوع، وإن وصف مدن السياحة في مصر بأنها "مدن أشباح"، لكن كانت هناك آمال ببدء تعافي السياحة "فلم تشهد مصر هجمات ضد السياح منذ ثلاثة أعوام، وكانت السلطات تحاول إنعاش السياحة في المناطق البعيدة عن القاهرة التي تشهد اضطرابات دائمة، لكن موت السائحين الكوريين وسائقهما المصري، يرسل رسالة، صوابا أم خطأ، أن مصر بلد غير آمن".
وتعتبر تحذيرات جماعة "أنصار بيت المقدس" التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم ودعت السياح إلى مغادرة مصر بنهاية هذا اليوم محض خداع، "فمن المؤكد أنها غير قادرة على الإضرار بمحاور السياحة في كل أنحاء سيناء، علاوة على بقية مناطق مصر، فالأشخاص الذين يخططون للسفر لا ينظرون عادة إلى الأرقام واحتمالات حدوث عنف، ولكنهم يتبعون في العادة حدسهم ومشاعرهم بأن السياحة والقتل لا يمتزجان".
فما العمل لمواجهة هذه المشكلة؟ هنا تعود الصحيفة إلى المشير عبد الفتاح السيسي التي تقول إنه واعٍ لإمكانية مواجهة صيف من السخط الشعبي أو أسوأ من هذا "والسؤال ماذا يخطط له؟ فالمشكلة التي تحتاج إلى حل يتمثل في تحقيق مصالحة بين الجيش والإخوان المسلمين، ولكنه آخر رجل يمكنه القيام بهذه المهمة، وربما هي خارج قدرة أي رجل، لأن العلاقات أصبحت مسمومة بقدر كبير".
ومن هنا فالفشل في تحقيق هذا يعني فشل إصلاح المؤسسات التي لديها القدرة على وضع الاقتصاد على مساره الصحيح.
وتقول "لسوء الحظ، فسجل مصر يُظهر أن ما سيجري هو تملص من الإصلاح، واستمرار إلقاء اللوم على أعداء محليين ومتخيلين وقمع المظاهرات، وقد يؤدي ذلك إلى الحفاظ على الاستقرار، لكنه لن يؤدي إلى إنعاش الاقتصاد، ما يعني أنه سيترك "حبل الوريد" الذي هو السياحة عرضة لهجمات جديدة".