قام وزير الخارجية الاميركي جون
كيري الثلاثاء بزيارة مفاجئة خاطفة لتونس تهدف إلى التعبير عن الدعم الأميركي لبلد شهد انطلاقة "الربيع العربي" في مسار "انتقاله إلى الديموقراطية" بعد ثلاث سنوات على الثورة.
وقد التقى كيري خلال الساعات التي أمضاها في العاصمة
التونسية رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي ورئيس الوزراء الجديد مهدي جمعة.
وقال كيري في مؤتمر صحافي أمام السفارة الأميركية "أعلم بأنها زيارة سريعة كنت أود لو تكون أطول. لكنني اعتقد أن المجيء إلى هنا أمر مهم لكي يكون واضحا لشعب تونس أن هناك الكثير الكثير من البلدان والكثير من الناس في العالم معجبون بما أنجزه الناس هنا".
وأضاف "أن الرئيس (باراك) أوباما والولايات المتحدة سيستمران في الوقوف الى جانب تونس أثناء انتقالها الديموقراطي". وقدمت الولايات المتحدة منذ 2011 مساعدة تقدر ب400 مليون دولار إلى تونس.
وأبلغ الرئيس التونسي قبل ذلك "أننا معجبون جدا بالخطوات التي قمتم بها عبر مقاربة الانتقال المتعقل والمتزن".
وخرجت تونس لتوها من سنة اضطرابات اغتيل خلالها المعارضان اليساريان شكري بلعيد ومحمد البراهمي وقتل عشرون جنديا ودركيا في هجمات نسبت إلى سلفيين جهاديين. وخلال عطلة الأسبوع المنصرم قتل أربعة أشخاص بينهم دركيان في كمين.
لكن الأزمة بدأت تتبدد مع المصادقة على الدستور الجديد في 26 كانون الثاني/يناير وتشكيل حكومة غير حزبية لقيادة البلاد حتى تنظيم انتخابات عامة قبل نهاية 2014.
وقد تخلت حركة النهضة التي فازت في أول انتخابات تشريعية بعد الاطاحة بزين العابدين بن علي، عن السلطة على إثر اتفاق مع المعارضة بعد مفاوضات صعبة تولت رعايتها أبرز منظمات المجتمع المدني التونسي.
وقال كيري "إن الوصول إلى هذه اللحظة لم يكن سهلا. جرى عدد لا يحصى من المناقشات والمحادثات والخلافات. لكن هذه الامور هي بالتحديد أمر أساسي في الديموقراطية".
وهنأ الوزير الاميركي تونس باعتماد دستور جديد "يمكن أن يستخدم نموذجا ل(دساتير) أخرى في المنطقة وفي العالم".
وأكد أيضا أن الحوار الاستراتيجي التونسي الأميركي المفترض أن تتخلله محادثات منتظمة لتعزيز العلاقات الثنائية، سيبدأ رسميا اثناء زيارة رئيس الوزراء التونسي إلى واشنطن. لكن تاريخ هذه الزيارة لم يحدد بعد.
وستواجه الحكومة التونسية الجديدة حركة احتجاج ناجمة عن الصعوبات الاقتصادية وكذلك عن تنامي الجماعات الجهادية لكن كيري عبر عن ثقته بقدرة الحكومة على مواجهة هذه المخاطر.
وقال "هل بامكان الحكومة إدارة ذلك؟ أعتقد نعم قطعا"، مشيرا إلى عمليات التوقيف ومكافحة الارهاب التي جرت في الأسابيع الأخيرة ومعتبرا أنها تمت "بقيادة جيدة وتخطيط وتنفيذ جيدين".
واستطرد "أعتقد أن ذلك يدل على انهم يملكون قدرة كبيرة على فعل ما هو ضروري مع مزيد من الوسائل".
وغالبا ما يشير وزير الخارجية الأميركية في خطاباته إلى محمد البوعزيزي البائع المتجول الذي أحرق نفسه احتجاجا على مصادرة الشرطة عربة الفاكهة التي كان يعيش منها، مفجرا في كانون الثاني/يناير 2011 الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
وأكد مسؤولون في الخارجية الاميركية أيضا أن واشنطن تريد التعاون مع السلطات التونسية لإحالة منفذ هجوم في 2012 على السفارة والمدرسة الأميركيتين في تونس العاصمة إلى العدالة.
وقال مسؤول كبير في الادارة الاميركية لم يشأ الكشف عن اسمه "تحققت بعض الخطوات في هذه القضية، لكن برأينا يمكن القيام بمزيد من الأمور لجهة الاعتقالات والملاحقات".
وكانت واشنطن انتقدت بشدة أحكام السجن مع وقف التنفيذ الصادرة بحق المتهمين بالهجوم على السفارة. وستعاد محاكمة المتهمين العشرين في محكمة الاستئناف اعتبارا من 25 اذار/مارس المقبل.
وبعد تونس ينتظر وصول كيري إلى باريس حيث سيلتقي الأربعاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقد قدمت الولايات المتحدة مشروع "اتفاق اطار" يرسم الخطوط العريضة لتسوية نهائية بين الاسرائيليين والفلسطينيين.