في إحاطتها أمام مجلس الأمن بالأمس، وكما هو
معلوم ومكرر، استعرضت المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، الوضع العام في البلاد في
نواحيه المختلفة، السياسية، الاقتصادية، الأمنية، الإنسانية، معلنة تعثر خارطة
الطريق التي أعلنت عنها في إحاطتها السابقة في اغسطس الماضي. فبحسب تيتيه لم يتحقق
تطور يأبه له في المرتكزات الثلاث لخارطتها، ذلك أن خطتها استهدفت الانتهاء من
الركزتين الأوليين وهما إعادة تشكيل مجلس المفوضية العليا للانتخابات ومراجعة
قوانين الانتخابات خلال شهرين، إلا إن ذلك لم يحصل، فها قد مضت أربعة أشهر دون أن
اتفاق على المجلس الجديد للمفوضية، ودون أن يفتح ملف قوانين الانتخابات.
من المحتمل جدا أن يخرج الحوار المهيكل بتوصيات بخصوص ما أوكل إليه من مهمام، والسؤال الذي تدرك تيتيه تماما الإجابة عنه هو: ما مصير مخرجات الحوار المهيكل في ظل ما توصلت إليه تيتيه من قناعة مفادها: ارتهان العملية السياسية إلى الطبقة السياسية الحاكمة لأجل بقاء الوضع الراهن على ما هو عليه، كما ورد بصريح العبارة في أحاطتها.
تيتيه استعرضت مسار إعادة تشكيل مجلس
المفوضية والاجتماعات التي تمت بالخصوص ومضامين الاتفاق الذي تم بين وفدي النواب
والأعلى للدولة، المعنيان بهذا الملف، ومن ذلك اتفاقهما في أكتوبر على إعادة تشكيل
مجلس المفوضية، ثم اتفاقهما على آليه اختيار المجلس في نوفمبر، بحيث يتم انتخاب
مجلس المفوضية في 11 ديسمبر الجاري، وذلك لم يحصل، ولم تعلن
البعثة بوضوح عن
الأسباب الرئيسية خلف الفشل، فالموضوع أكبر من مجرد انعدام الثقة والانقسامات،
فهذا تعميم مكرور باهت، وهناك تفصيل تدركه تيتيه لكنها آثرت إلا تستعرضه مع مجلس
الأمن.
بالنسبة لقوانين الانتخابات، اكتفت البعثة
بالإشارة إلى سبب وحيد لتأخير البث فيها وهو حل رئيس المجلس الأعلى للدولة لفريقه
في لجنة 6+6، ومعلوم أن رئاسة المجلس الأعلى للدولة سلمت للبعثة أسماء الوفد
الجديد منذ اسابيع، وربما تدرك تيتيه أن 6+6 وفقا للظروف الراهنة وبالنظر إلى
مواقف أطراف العملية السياسية أنه لن يتحقق جديد مهم على مسار مراجعة قوانين
الانتخابات، أي أن المنخنق قائم، وحظوظ ركيزة قوانين الانتخابات لن تكن أفضل من
ركيزة مجلس المفوضية، بل إن التحدي أكبر، لهذا كان حديث تيتيه مشحونا بالفشل الذي
حاولت مدارته بالعبارات المنمقة.
الاستبشار بدا أوضح في خطاب تيتيه مع تطرقها
للركيزة الثالثة لخارطة الطريق وهي الحوار المهيكل، فقد تحدث عن انطلاق جلسته
الافتتاحية يومي 14-15 الشهر الجاري، والذي ضم 124 شخصية تمثل مؤسسات سيادية
ومنظمات مجتمع مدني وأحزاب والمكونات الثقافية، وتطلعت تيتيه أن يقوم الحوار
المهيكل بالتوصل للمبادئ التوجيهيه لبناء الدولة وتوصيات حول الحكم والامن
والاقتصاد والمصالحة، وهي المحاور التي تدور حولها أعمال البعثة وتعكسها دوما في
إحاطتها أمام مجلس الأمن.
تيتيه أشارت بشكل صريح إلى عزمها على البحث في بدائل للمضي قدما فيما يتعلق بركيزتي المفوضية قوانين الانتخابات، وذلك بالتشاور مع الحوار المهيكل وغيرهم من أصحاب المصلحة، وهو ربما ما قصدته من اتباع آلية جديدة، وهذا الإعلان تكرر ولو بصيغة مختلفة، وبالتالي فإنه يمكن أن يصطدم بالعوائق ذاتها ويفشل، ونجاح أي آلية تتخطى المجلسين، النواب والأعلى للدولة، تتطلب دعما أكبر يتجاوز البعثة وتتولاه قوى دولية يذعن "المعرقلون" لها.
من المحتمل جدا أن يخرج الحوار المهيكل
بتوصيات بخصوص ما أوكل إليه من مهمام، والسؤال الذي تدرك تيتيه تماما الإجابة عنه
هو: ما مصير مخرجات الحوار المهيكل في ظل ما توصلت إليه تيتيه من قناعة مفادها:
ارتهان العملية السياسية إلى الطبقة السياسية الحاكمة لأجل بقاء الوضع الراهن على
ما هو عليه، كما ورد بصريح العبارة في أحاطتها.
بشكل أكثر وضوحا، البعثة تدرك أن العائق
أمام التقدم على المسار السياسي هو تصلب المعنيين به بشكل مباشر حول مواقفهم التي
هي انعكاس لمصالحهم، وليس إلى الافتقار إلى الأفكار والخطط، وعندما تكون مهمة
الأجسام التي ابتدعتها البعثة (اللجنة الاستشارية، الحوار المهيكل) هي مجرد
التنظير وتقديم مقترحات، فإن ذلك يكون مجرد ترف فكري وإطالة لعمر الأزمة الليبية.
تيتيه في نهاية إحاطتها أعلنت عن
"آلية" جديدة ستطرحها في إحاطتها القادمة في فبراير من العام المقبل!!،
أي أن القلوب والعقول ستصير معلقة أربعة أشهر أخرى انتظارا لبارقة أمل قد تخرج
البلاد من المأزق السياسي، كما تعلقت بوعد السبق في إحاطة اغسطس حول خارطة الطريق
والتي واجهت ما واجهه غيرها من المبادرات من عوائق، مما يعني أن التفكير والفعل
الدولي ما يزال بعيدا عن مواجهة تلك العوائق بشكل مباشر.
تيتيه أشارت بشكل صريح إلى عزمها على البحث
في بدائل للمضي قدما فيما يتعلق بركيزتي المفوضية قوانين الانتخابات، وذلك
بالتشاور مع الحوار المهيكل وغيرهم من أصحاب المصلحة، وهو ربما ما قصدته من اتباع
آلية جديدة، وهذا الإعلان تكرر ولو بصيغة مختلفة، وبالتالي فإنه يمكن أن يصطدم
بالعوائق ذاتها ويفشل، ونجاح أي آلية تتخطى المجلسين، النواب والأعلى للدولة،
تتطلب دعما أكبر يتجاوز البعثة وتتولاه قوى دولية يذعن "المعرقلون" لها.