في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، نفذت حركة حماس هجوما مباغتا
على غلاف
غزة، فاق التوقعات الأمنية والعسكرية
الإسرائيلية. كان هذا الهجوم بمثابة
ضربة موجعة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية التي كانت تنظر إلى نفسها على أنها القوة
الأبرز في المنطقة من حيث الدفاع والردع. انهار جزء كبير من تلك الصورة المثالية،
وظهر الخلل الواضح في التجهيزات الدفاعية والاستخباراتية. هذه "الصدمة"
التي خلفها هجوم حماس لم تتوقف عند ذلك الحد، بل أصبحت مبررا رئيسيا لأي عملية
عسكرية تقوم بها إسرائيل، سواء في الضفة الغربية أو حتى على الحدود الشمالية مع
لبنان.
قبل هجوم 7 أكتوبر، كانت إسرائيل تتفاخر بمنظومة الأمنية في
العالم، مع منظومات مراقبة وتجسس متقدمة وأجهزة استخباراتية قادرة على رصد أي
تهديد محتمل. ومع ذلك، أظهر الهجوم المفاجئ هشاشة هذه المنظومات، التي فشلت في كشف
أو منع الهجوم. وُصفت تلك الأحداث على أنها نقطة تحول كبيرة في كيفية تقييم
إسرائيل لقدراتها الدفاعية، مما أفسح المجال أمام إعادة النظر في استراتيجيات
الأمن بشأن التعامل مع التهديدات المستقبلية.
لم تقتصر متلازمة 7 أكتوبر على غزة والضفة الغربية فحسب، بل امتدت إلى الحدود الشمالية مع لبنان. الخوف من تكرار سيناريو الهجوم المفاجئ الذي نفذته حماس جعل إسرائيل تستخدم هذا المبرر في أعقاب أي عملية اغتيال أو استهداف لحزب الله
الهجوم على غلاف غزة ليس فقط ضربة للمؤسسة العسكرية، بل كان
بمثابة ضربة نفسية عميقة للمجتمع الإسرائيلي الذي رأى في هذا الهجوم علامة على فشل
الحكومة في تأمين الجبهة الداخلية. رغم ذلك، وظف صناع القرار هذه
"الصدمة" كمبرر لأي عمل عسكري حتى لو كان مكلفا.
قبل هجوم 7 أكتوبر، تنفذ إسرائيل عمليات عسكرية متنوعة في
الضفة الغربية، وعلى الرغم من أن الهجوم جاء من قطاع غزة، إلا أن الجيش الإسرائيلي
وجد في هذا الحدث ذريعة لتوسيع نطاق هذه العمليات، منطلقا من احتمال وقوع هجوم
مماثل قد ينطلق من الضفة الغربية في المستقبل. هذه التحذيرات تأتي على خلفية أن
الضفة تعتبر نقطة اشتباك مستمرة بين الفلسطينيين وإسرائيل، ولا سيما مع تصاعد بروز
المجموعات المسلحة فيها في السنوات الأخيرة.
استنادا إلى هذا التصور، كثف الجيش الإسرائيلي عملياته
العسكرية في مدن وقرى الضفة الغربية، مدعيا أن الهدف هو القضاء على المجموعات
المسلحة، وكذلك الخلايا النائمة قد تكون قادرة على تنفيذ هجوم مشابه لهجوم 7
أكتوبر.
لم تقتصر متلازمة 7 أكتوبر على غزة والضفة الغربية فحسب، بل
امتدت إلى الحدود الشمالية مع لبنان. الخوف من تكرار سيناريو الهجوم المفاجئ الذي
نفذته حماس جعل إسرائيل تستخدم هذا المبرر في أعقاب أي عملية اغتيال أو استهداف لحزب
الله. قادة الجيش الإسرائيلي، ومن ضمنهم الناطق باسم الجيش، قدموا مخططات يُزعم
أنها تثبت أن حزب الله كان يستعد لتنفيذ عملية مشابهة لهجوم 7 أكتوبر، تستهدف
منطقة الجليل. وقد أشارت إسرائيل إلى أن هذه المخططات كانت تهدف لاقتحام مستوطنات
حدودية والسيطرة عليها لفترة قصيرة، تماما كما حدث في غلاف غزة.
أصبحت متلازمة 7 أكتوبر محور الحديث العسكري في إسرائيل، كل خطوة عسكرية أو أمنية تُتخذ في المنطقة تُقدم كجزء من الردع أو الوقاية من هجمات مشابهة
هذه الادعاءات قدمتها إسرائيل كمبرر لعملياتها العسكرية في
لبنان، فالهجمات الجوية والضربات المدفعية التي تستهدف مواقع لحزب الله تأتي تحت
عنوان وإن لم يكن ظاهرا أحيانا "الوقاية من هجوم مباغت" مشابه لما حدث
في 7 أكتوبر.
منذ ذلك الحين، أصبحت متلازمة 7 أكتوبر محور الحديث العسكري في
إسرائيل، كل خطوة عسكرية أو أمنية تُتخذ في المنطقة تُقدم كجزء من الردع أو
الوقاية من هجمات مشابهة. هذه العقلية ليست جديدة في إسرائيل، حيث سبق أن استخدمت
صدمات أمنية سابقة لتبرير سياسات عسكرية أكثر قسوة، إلا أن هجوم 7 أكتوبر يبدو
مختلفا من حيث تأثيره النفسي على الجمهور الإسرائيلي والقيادة السياسية على حد
سواء.
في نهاية المطاف، لا يمكن التقليل من حجم التأثير النفسي لهجوم
7 أكتوبر على المجتمع الإسرائيلي، فقد هز الثقة في المؤسسة الأمنية وكشف عن هشاشة
الاستعدادات الدفاعية أمام تهديدات غير تقليدية. هذه المتلازمة قد تكون الدافع
وراء إعادة النظر في استراتيجيات الدفاع والهجوم.