مع بدء عملية الخصخصة وبيع شركات الدولة في
مصر سواء لتعزيز
دور القطاع الخاص كما تقول الحكومة المصرية، أو توفير موارد دولارية لسداد الديون الخارجية،
سيطرت دولة
الإمارات على حصة كبيرة من تلك العملية التي بدأت قبل شهور، وسط غياب واضح
للمستثمرين الأجانب والإقليميين.
وبعد أن رفعت حصتها بثلاث شركات جديدة، الأسبوع الماضي، ضمن
ما يسمى ببرنامج الطروحات الحكومية (الخصخصة) موزعة على 18 قطاعا؛ للتغلب على أزمة
توفير النقد الأجنبي، بلغ حجم
استثمارات شركة أبوظبي التنموية القابضة "القابضة ADQ" (المملوكة لحكومة أبو ظبي) في برنامج الطروحات نحو 2.68 مليار
دولار.
يرأس مجلس إدارة "القابضة ADQ" الشيخ طحنون بن
زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني بدولة الإمارات العربية المتحدة ونائب حاكم إمارة
أبوظبي.
أخفقت الحكومة المصرية في جمع مبلغ 2 مليار دولار على مدى
الشهور الماضية من بيع حصص بشركات حكومية كانت قد وعدت بجمعه نهاية حزيران/ يونيو الماضي،
واكتفى رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي بالإعلان عن بيع حصص بقيمة 1.9 مليار دولار
منها 1.6 مليار دولار بالعملة الصعبة، والباقي
بالعملة المحلية لمستثمرين محليين وإماراتيين فقط.
وكشف مدبولي تجهيز
نحو 50 شركة جديدة لطرحها ضمن برنامج الطروحات الحكومية، بعد التعاقد مع مؤسسة التمويل
الدولية للترويج لها، إضافة إلى 32 شركة حكومية حاليا، ليصبح الإجمالي نحو 83 شركة حكومية
تعتزم التخارج منها، مشيرا إلى أنه سيتم الإعلان قريبا عن مجموعة شركات أخرى تتجاوز
المليار دولار.
أين ذهبت استثمارات الإمارات الأخيرة؟
اشترت شركة أبوظبي التنموية القابضة "القابضة ADQ" حصص أقلية في 3 شركات حكومية في قطاع البترول، مقابل 800 مليون
دولار، وفقا لما أعلنته الحكومة، وهي حصص أقلية ما بين 25 إلى 30%، في شركة إيثيدكو،
وشركة الحفر المصرية، وشركة إيلاب.
في نيسان/ أبريل 2022، استحوذت على حصص في 5 شركات مقيّدة
ببورصة مصر، مقابل نحو 1.88 مليار دولار من بنك مصر، والبنك الأهلي المصري.
شمل الاستحواذ على حصص في شركات "أبوقير للأسمدة"
بنحو 21.5% ، و32% من أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات، و20% من أسهم مصر لإنتاج الأسمدة
"موبكو"، ونحو 17% من أسهم "البنك التجاري الدولي"، و12.6% من
أسهم "فوري"، بعد زيادة رأس المال.
إظهار أخبار متعلقة
ماراثون شراء الأصول المصرية
تعد هذه هي آخر حصيلة للمستثمرين الإماراتيين خلال الشهور
القليلة الماضية، ولكن حجم شراء الأصول يفوق هذا الرقم وهذا العدد ويتجاوزه بمراحل،
ويعود إلى سنوات ما بعد التعويم في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2016، التي جاءت أبرزها
كالتالي:
هناك 5 بنوك إماراتية تعمل في مصر، هي "أبوظبي الأول"،
و"أبوظبي التجاري"، و"الإمارات دبي الوطني"، و"أبوظبي الإسلامي"،
و"بنك المشرق"، لتصبح الجنسية الإماراتية صاحبة العدد الأكبر للبنوك الأجنبية
بالقطاع المصرفي المصري، بحسب موقع "مصراوي" المحلي.
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أقامت مصر والإمارات منصة
استثمارية مشتركة بقيمة 20 مليار دولار بمجموعة من القطاعات والأصول، يديرها صندوق
الثروة السيادي المصري وصندوق أبوظبي السيادي.
وتواصل "موانئ دبي العالمية" استحواذها على مشروعات مهمة بمحور قناة السويس، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، حصلت على أرض صناعية بالمنطقة
الصناعية هناك بمساحة 35 كيلومترا.
واشترت "القابضة" (ADQ)، حصة مجموعة "اللولو
العالمية"، لتستحوذ بذلك على سلاسل "الهايبر ماركت"، و"السوبر
ماركت" في مصر منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2020.
كما اشترت الشركة الحكومية الإماراتية (تأسست عام 2018)،
كامل حصة شركة "بوش هيلث" في شركة آمون للأدوية المصرية عام 2021.
وفي 20 كانون الثاني/ يناير 2021، استحوذ بنك "أبوظبي
الأول" على كامل حصة بنك "عودة" في مصر، ما جعل البنك الإماراتي أحد
أكبر البنوك الأجنبيّة العاملة بمصر من حيث الأصول، بنحو 120 مليار جنيه مصري (8.1
مليارات دولار).
وفي 7 نيسان/ أبريل 2021، جرى الإعلان عن استحواذ كبرى شركات
إنتاج الأغذية والمشروبات بالإمارات "أغذية"، على حصة الأغلبية في شركة الإسماعيلية
للاستثمار الزراعي "أطياب" المصرية.
وفي قطاع الصحة، تمتلك الشركات الإماراتية 15 مستشفى، ونحو
100 معمل تحاليل ومركز أشعة، فيما تتحكم في إنتاج الأدوية في سوق تقدر قيمتها بحوالي
45 مليار دولار.
وفي 27 كانون الأول/ ديسمبر 2021، استحوذت مجموعة مستشفيات
"كليوباترا" المملوكة لشركة أبراج كابيتال الإماراتية على مجموعة "ألاميدا
"الإماراتية للرعاية الصحية.
منافسة سعودية
تنافس السعودية جارتها الإمارات في الاستحواذ على حصص في
الشركات الحكومية وحتى الخاصة، ولكن بوتيرة أقل في ظل وضع شروط أكثر قسوة وحدة للدخول
بكامل ثقلها في عملية الخصخصة، التي بدأتها مصر العام الماضي بعد الأزمة التي مرت بها
منذ آذار/ مارس 2022.
في أيار/ مايو، استحوذت إحدى الشركات التابعة لصندوق الاستثمارات
العامة السعودي (الصندوق السيادي) على حصة أقلية تبلغ 34% في شركة "بي تك"
المصرية، أحد أكبر موزعي الأجهزة المنزلية في مصر، مقابل نحو 150 مليون دولار.
في آب/ أغسطس 2022، استحوذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي
على حصص أقلية في أربع شركات مدرجة في البورصة المصرية، مقابل 1.3 مليار دولار، وكانت
كالآتي:
25% من أسهم شركة
الأسمدة موبكو، مقابل 7.1 مليار جنيه، (الدولار
يعادل 30.9 ).
19.82% من أسهم شركة الأسمدة أبو قير للأسمدة بقيمة 7.3 مليار
جنيه.
حصة 25% من شركة إي فاينانس (مالية) بقيمة 7.5 مليار جنيه.
حصة 20% من شركة الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع بـ
3 مليارات جنيه.
في أيار/ مايو، استحوذت إحدى الشركات التابعة لشركة الاتصالات
السعودية (إس تي سي STC)، على شركة جيزة للأنظمة (شركة مساهمة
مصرية) بقيمة 158 مليون دولار.
وكما الإمارات، تتجاوز الاستثمارات السعودية شراء حصص في شركات
الحكومة المصرية، حيث تعمل في مصر نحو 6800 شركة سعودية، باستثمارات أكثر من 30 مليار
دولار.
إظهار أخبار متعلقة
"استثمار ودعم وسيطرة إماراتية"
في تعليقه على سيطرة الإمارات، يقول أستاذ الاقتصاد بالجامعات
الأمريكية، الدكتور مصطفى شاهين؛ إن "بيع الأصول ليس استثمارا، مصر في حالة ضغط
كبيرة وغير قادرة على التخلص من أزمة توفير الدولار، ودول الخليج الداعمة لمصر ترفض
الآن سياسة الدعم المادي دون شروط كما كان في السابق، واشترطت مبادلة الأصول بالأموال
(أي النقد الأجنبي)، لا شيء أصبح دون مقابل، ومن ثم ينبع هذا القرار أو تلك الخطوة
من رغبة هذه الدولة في ضمان أموالها، حتى وإن كان يأتي على شكل دعم للنظام، وبكل تأكيد
هو باب خلفي للسيطرة على رؤوس الأموال والشركات في مصر".
مضيفا لـ"عربي21": "سوف يظهر أثر بيع تلك
الشركات بهذا الحجم خلال السنوات القليلة القادمة، وقيمة الشركات التي تم بيعها ببضعة
مئات الملايين من الدولارات، قد تصل قيمتها لاحقا إلى بضعة مليارات من الدولارات كما
رأينا في مشروع الخصخصة، الذي بدأ في عهد مبارك في تسعينيات القرن الماضي".
وأعرب الخبير الاقتصادي عن اعتقاده أن "الحصيلة للأسف
لن تذهب للاستثمار في شركات جديدة، وإنما سوف تذهب لسداد أقساط الديون والفوائد، وكل
هذا كان في مقابل إنشاء جسور وكبارٍ وطرق ومدن جديدة لا تمثل أي عائد، ويتم بيعها مرة
واحدة وانتهى المشروع بعد ذلك، والأمر لا يتعلق بمحاولة تعزيز دور القطاع الخاص".