رغم الإجراءات الأمنية المكثفة التي اتخذها
الاحتلال عقب تزايد عمليات المقاومة في
الضفة الغربية، فإن القناعة السائدة في صفوفه أنه لا يمكن منع الهجمات كالتي وقعت قرب مستوطنة "كدوميم" بشكل كامل.
ويأتي هذا وسط استخفاف بإمكانية عن عملية جديدة من "السور الواقي" (اجتياح الضفة الغربية عام 2002)، في حين أن هجمات الاحتلال المكثفة، واقتحامات القرى والمخيمات الفلسطينية بشكل مستمر ومتواصل، وإزالة أي قيود على استخدام القوة الغاشمة، كلها لم تنجح في وقف المقاومة المتصاعدة.
وقال الخبير العسكري لصحيفة "
يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشوع، إن "عملية مستوطنة كدوميم أثارت مشاعر غاضبة قوية بين المستوطنين، ولكن رغم الغضب والألم، فلا بد من الاعتراف بأنه في الواقع الحالي، لا يمكن منع مثل هذه الهجمات بشكل كامل، خاصة على طرق رئيسية يتنقل عليها اليهود والفلسطينيون، ولا يوجد حل عسكري لمجموعة مسلحة تقرر الصعود لمركبة، وتنفيذ هجوم".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد يهوشوع في مقال ترجمته "عربي21" أن "من يتحدث من قادة
إسرائيل عن نسخة جديدة من عملية "السور الواقي" التي نفذها الجيش في الضفة الغربية 2002-2003، أو تحويل نابلس إلى جباليا يعرف أنه يتحدث في الهواء، ويفعل ذلك من فوق كرسي وزير وعضو بمجلس الوزراء، وهذا أمر سخيف، لأنه على أرض الواقع تتمثل السياسة المتبعة باستثمار جهود هائلة في النشاط الهجومي المكثف، دون قيود على استخدام القوة".
وأشار إلى أن "أي دعوات لاستهداف الفلسطينيين بشكل عام، تعني أن دائرة المقاومة ستتسع بزيادة ثلاثة ملايين فلسطيني إلى صفوفها، وأن مشاكل إسرائيل في المنطقة ستتفاقم، وخاصة عندما يختلط الفلسطينيون واليهود على جانبي الخط الأخضر، ومع ذلك فإن المقاومة مستمرة رغم ما يبذله الجيش، ومؤخراً السلطة الفلسطينية، من جهود ضخمة لمحاربة عمليات حماس".
وكشف أنه "في عام 2024 الذي لم يتم فيه اعتبار الضفة الغربية حتى في المرتبة الثانية من حيث خطورتها الأمنية، فقد أحبط الجيش الإسرائيلي 1040 هجومًا كبيرًا، بمعدل 2-3 هجمات يوميًا، بجانب إحباط تهريب الأسلحة، بما فيها العبوات الناسفة القوية، كما أن عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين في عام 2024 ارتفع قليلا ليصل إلى 46 قتيلا من الجنود والمستوطنين، من خلال تنفيذ 231 هجوما مسلحاً كبيرا".
وأوضح أن هذه المعطيات تشير إلى اتجاهين: "أولهما أن تكثيف الهجمات منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر يؤتي ثماره، فقد تم إطلاق عدد لا بأس به من الغارات الجوية، واستغل الجيش وجهاز الشاباك المعلومات الاستخباراتية عالية الجودة في عمليات خاصة.. وثانيهما عندما ينجح هجوم مسلح في التسلل والوقوع، فإنه يكون أكثر فتكًا بسبب الأسلحة النارية والعبوات الناسفة العادية".
وأكد أن "العمليات الأخيرة شهدت مستوى من الاحتراف المتزايد لدى المقاومين، وفي اللقطات التي تم نشرها من مكان عملية كدوميم، شوهد المسلحون يصلون في سيارة، ويخرجون منها بعد دقيقة واحدة، ثم يفتح أحدهم النار على حافلة المستوطنين وسيارة عابرة، ما يشير إلى مستوى أعلى من المهارة العسكرية والمهنية مقارنة بما رأيناه في الضفة الغربية على مدى العقد الماضي".
اظهار أخبار متعلقة
وبين أنه "لا يمكن إعفاء الجيش والمخابرات من المسؤولية عن عملية كدوميم، لأنها وقعت في قلب قرية فندق, التي تعتبر هادئة، ويتجول المستوطنون اليهود بحرية بين المتاجر، فيما أن الخلية المهاجمة مستهدفة بالفعل من قبل الشاباك والجيش، لكنهما أخطآ في القبض عليها، ويبدو أن المشكلة تنبع من حقيقة أنها شنت الهجوم من منطقة لم يكن الجيش يعمل فيها، ولم تكن أجهزة أمن السلطة الفلسطينية فعالة بالقدر المطلوب".
وأضاف أن "المؤسسة الأمنية والعسكرية للاحتلال مطالبة بالتحقيق لمعرفة من أي نقطة انطلق المقاومون، بجانب الاستمرار في الهجوم المستهدف والمتواصل على عاصمتي المقاومة في جنين ونابلس، كما حدث في غزة، وهو ما تم القيام به على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية".
وردّ الكاتب على دعوة يوسي داغان أحد قادة المستوطنين "لإقامة المزيد من نقاط البتفتيش على طول طرق الضفة الغربية، بالقول إنه تم إغلاق العشرات منها، لكنه لم يساعد بالضرورة في خلق سيطرة أمنية، بل إنه يوجه الفلسطينيين نحو الحواجز الأمنية، بينما حركة المرور على الطرق الجانبية والثانوية لا يملك الجيش وسيلة للسيطرة عليها".
وختم بالقول إن "معسكر اليمين يرغب برؤية خطوة بعيدة المدى حقاً، تتمثل في انهيار السلطة الفلسطينية، مع أنها ترى في حماس عدواً، وليلة بعد ليلة تساعد إسرائيل في إحباط عمليات المقاومة، لذلك فإن من يدعون لإسقاطها سيجدون صعوبة بتفسير من سيحلّ محلها بالضبط، لأن تل أبيب في الوقت الحالي تنشر 20 كتيبة في فرقة الضفة الغربية، إضافة للوحدات الخاصة، وفي حال أزيلت السلطة الفلسطينية، فإن الحاجة تقتضي جلب ضعف هذا العدد، ولا نعرف من أين سنأتي به".