صحافة إسرائيلية

تقديرات ترجح مزيدا من توتر العلاقات بين واشنطن وتل أبيب في عهد نتنياهو

حذرت واشنطن دولة الاحتلال مرارا بشأن التعديلات القضائية التي تقودها حكومة نتنياهو- جيتي
حذرت واشنطن دولة الاحتلال مرارا بشأن التعديلات القضائية التي تقودها حكومة نتنياهو- جيتي
لم يتسبب "الانقلاب القانوني" الذي تعمل عليه الحكومة اليمينية في دولة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو، وردود الفعل عليه في حدوث شرخ فيها فحسب، بل إنه أدى أيضًا إلى أزمة خطيرة في العلاقات مع الولايات المتحدة، ما تسبب في إلحاق ضرر جسيم فيها، سيترك أثره في تطور الأزمة وعواقبها الفورية والطويلة المدى. ورغم أن الولايات المتحدة لم ترغب بالتدخل في مسألة التعديلات القضائية مباشرة، فإن الرئيس الأمريكي جو بايدن اضطر لتغيير سياسته بسبب قلقه على "أمن إسرائيل".

البروفيسور إيتان غلبوع الخبير في الشؤون الأمريكية، ذكر أن "نتنياهو تجاهل سلسلة التحذيرات الأمريكية، بل إنه استخف بها، وإن عددا من وزراء الحكومة وأعضاء الكنيست أبدوا ردود فعل هجومية على واشنطن. ومع مرور الوقت فقد حدث تغيير جذري في العلاقات بينهما، حيث تبنى  بايدن سياسة أكثر حزماً تجاه نتنياهو، وزار كبار المسؤولين الأمنيين في الإدارة الأمريكية دولة الاحتلال؛ مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكين، مستشار الأمن القومي جاك سوليفان، ومدير المخابرات المركزية وليام بيرنز، للتحقق مما يحدث".

اظهار أخبار متعلقة


وأضاف في مقال نشره معهد القدس لدراسات الأمن والاستراتيجية، وترجمته "عربي21" أن "التوتر في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وصل إلى ذروته في عدم دعوة نتنياهو لزيارة البيت الأبيض، وبدأت الإشارات الأمريكية تعبر عن قلقها إزاء تشكيل حكومة يمينية، وسنّ تشريعات قانونية، وظهور الاحتجاجات الجماهيرية ضدها، ما زاد في تصدع ثقة إدارة بايدن بنتنياهو، لأنه لم يفِ بوعوده لها، لأن حكومته تضم العناصر الأكثر تطرفاً في المشهد السياسي الإسرائيلي، وصدور انتقادات أمريكية للانقلاب القانوني الجاري دون اتفاق واسع بين جميع الإسرائيليين، بزعم أن مثل هذا التشريع لن يمرّ".

وأشار إلى أن "تصاعد التوتر بين واشنطن وتل أبيب أوصل بايدن بشكل حاسم إلى عدم دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض في المستقبل القريب، وجاءت ردود الفعل الإسرائيلية قاسية، وفي بعض الحالات غريبة، وغير مسؤولة. واتهم عضو الائتلاف ميكي زوهار، الرئيس بايدن بالوقوع ضحية لأخبار كاذبة، وأنه لا يعرف ولا يفهم ما يحدث في إسرائيل، ووصف مواقفه بأنها تمثل ازدراءً وغطرسة شائنة.

بل إن وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لم يتردد في القول إن "إسرائيل ليست نجمة أخرى على العلم الأمريكي"، أما عضو الكنيست دان إيلوز من حزب الليكود فكتب خطاب احتجاج سخيف لأعضاء الكونغرس، بل إن عضو الكنيست نسيم فيتوري من حزب الليكود زعم أنه "إذا كان علينا الدفاع عن أنفسنا، فسنقوم بذلك بدون الولايات المتحدة".

وشكلت هذه التصريحات تجاهلا سافرا للاعتماد الإسرائيلي شبه الكامل على الولايات المتحدة، ما دفع بزعماء المعارضة الإسرائيلية إلى اتهام الحكومة الأكثر تطرفاً بالتسبب في تدمير العلاقات مع الولايات المتحدة، أفضل صديق وأهم حليف، وهذا خطأ استراتيجي، وقد قاطعت عددا من وزراء الحكومة، حتى من وصل إلى واشنطن منهم ، وعلى رأسهم بيتسلئيل سموتريتش وزير المالية. وأعلنت إدارة بايدن أنها لن تلتقي معه لأنه "شخصية غير مرغوب فيها"، ما كشف عن خطورة الأزمة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وبعث برسالة سلبية للمستثمرين والمصرفيين ورجال الأعمال، القلقين للغاية بشأن عواقب الانقلاب على الاقتصاد الإسرائيلي.

اظهار أخبار متعلقة


وشهدت الشهور الماضية العديد من الشروخ الخطيرة في أسس الدعم الأمريكي لإسرائيل، فكل رئيس وزراء إسرائيلي كان يزور واشنطن بعد وقت قصير من تشكيل الحكومة، لأن للزيارة معاني رمزية وعملية، وتوضح العلاقة الوثيقة والخاصة التي تربطهما، لكن نتنياهو على عكس توقعاته، لم يتلق الدعوة، بسبب تجاهله للرسائل والتحذيرات الواردة من بايدن، وشكل تأجيل زيارته بمثابة انتقاد واستياء من الإدارة على سلوكه، ما سبّب الكثير من الضرر.

لم يتوقف التوتر في العلاقات على المستوى الرسمي، فقد أشار استطلاع للرأي العام أجراه معهد غالوب خلال فبراير 2023 لتآكل كبير في دعم الجمهور الأمريكي لإسرائيل، وتعميق الخلاف مع الديمقراطيين، ما يعكس تداعيات التشريعات القانونية والتوتر في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وكشف عن تغيير جذري في موقف الجمهور الأمريكي من الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وهو الأكثر إثارة للقلق، ولأول مرة في التاريخ، أصبح الديمقراطيون أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين، وهي النتائج الأسوأ على الإطلاق لإسرائيل في هذا المؤشر.

أفرايم عنبار وعيران ليرمان الخبيران في العلاقات الاسرائيلية الأمريكية، أكدا أن "توتر العلاقات بينهما يستدعي من دولة الاحتلال إعادة حساب مسارها، لأن الدعم المالي والسياسي من الولايات المتحدة ركيزة مهمة في الأمن القومي لدولة الاحتلال، وتعتبر رصيدًا استراتيجيًا، وما زالت تعتبر مهمة للولايات المتحدة في سياق تشكيلة النظام العالمي الجديد. ولذلك فقد حظيت بمعاملة تفضيلية، بما فيها دعم الرأي العام الأمريكي، حيث عمل اللوبي المؤيد للاحتلال بصورة حاسمة في بناء نظام تعاون عمل بينهما".

اظهار أخبار متعلقة


وأضافا في مقال مشترك نشره موقع واللا، وترجمته "عربي21" أن "التطورات الأخيرة في ظل الحكومة اليمينية الحالية أظهرت واقعا جديدا، ولم يتضح فيه ما إذا كان التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل سيستمر بالشكل الذي تم إنشاؤه طوال العقود الماضية، لاسيما مع تراجع أهمية الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة، ويبدو أن التحول نحو آسيا يعني أن إسرائيل ليس لديها الكثير لتقدمه للولايات المتحدة، بالتزامن مع تقليص الوجود المباشر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ما يقلل من أهميتها كحليف قوي وأكثر استقرارًا وفعالية".

الخلاصة الإسرائيلية أن استمرار السياسة الحالية سوف تتسبب بإلحاق ضرر شديد، وفي بعض الحالات لا رجوع فيه، بالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وقد تشتد الأزمة في توقيت استراتيجي سيئ، ما سيدفع أعداء الاحتلال للنظر لدولة الاحتلال على أنها ضعيفة وتخوض صراعا مع الولايات المتحدة. ولذلك فلم تتم دعوة نتنياهو لزيارة الإمارات بعد، وتم إلغاء اجتماع منتدى النقب في المغرب، مع ترجيح أن الأضرار باتت جسيمة بالفعل باتجاه العلاقات مع واشنطن، وسيتعين على نتنياهو بذل جهد كبير لتقليلها.
التعليقات (0)