أفكَار

الذكاء الاصطناعي.. هل تندم البشريّة على إخراج "الجنّ" من قمقمه؟

الاتحاد الأوروبي أعلن عن نيته فرض قواعد جديدة على جميع أشكال الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بحقوق النشر. (الأناضول)
الاتحاد الأوروبي أعلن عن نيته فرض قواعد جديدة على جميع أشكال الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بحقوق النشر. (الأناضول)
من مشاهدة مظاهر الذكاء الاصطناعي في قاعات السينما أو على شاشات التلفزيون، واعتبار الأمر مجرّد خيال، مؤجّل أو ربمّا قد يعني الأجيال القادمة، صار الفرد العادي المرتبط بشبكة الانترنت قادر على التمتّع "مجانًا" بأولى ثمار هذا الشكل من الذكاء الوافد، حين خرج موقع "شات جي بي تي" ليطرح أمام من شاء، فرصة الاطلاع ومن ثمّة الحكم على هذه الخطوة التي تساوي أميالا قياسا بالتاريخ العلمي للبشريّة.

بين حبّ الاطّلاع والدهشة وسعي أكبر لسبر أغوار هذا العالم الجديد، تراوحت الجهود، لكن هاجس واحد ربط بين جميع المستكشفين: "كيف يمكن الاستفادة من هذه الفرصة، وتثمين جوانبها خدمة للذات؟".. مع العلم أنّ الموقع الذي أصدر هذا الشكل الحواري في نوفمبر/ تشرين الثاني الفارط انتقل من النسخة 3.5 إلى النسخة 4.0، دون إغفال عديد الشركات الأخرى مثل غوغل وأدوب، ممّا جعل التنافس على أشدّه للفوز بأوسع قدر ممكن من سوق تبدو ليس فقط واعدة، بل من الأكيد أنّ البشريّة لم تعرف في السابق مثلها، ليس فقط على مستوى المكسب المالي، بل قدرة السيطرة على العقول وتحديد القناعات، وما لذلك من ارتباط بالخيارات السياسيّة منها والاستهلاكيّة.

بدأ "الذكاء الاصطناعي" يمتدّ وينتشر إلى مجالات الحياة جميعها. من مجالات الفضاء بشقيه المدني والعسكري، وما في الحالتين من خصوصيات تتعلّق بالسريّة والتكتّم، وصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مع حلول "شات جي بي تي" المتوفّر بشكل مجاني لجميع المستعملين.

أحسّ المشرفون على قطاع التعليم بخطورة هذا "الشيطان"، القادر وفق عديد التصريحات على ادخال عقول التلاميذ والطلبة في حال من الخمول، حين صار بإمكان هذا "الموقع الحواري" تحرير الفروض مجانًا، ممّا يشكّل خطرا كبيرا على النظام التعليمي برمّته.

تتراوح المواقف بين "تحريم" اللجوء إلى هذا "الساحر" في مقابل من يرون أنّ التجريم يؤدّي إلى عكس المطلوب، ومن ثمّة لا حلّ سوى "ترشيد الاستعمال"، مع توعية التلاميذ والطلبة بشأن مخاطر "الإدمان"...

من الأكيد وما لا يقبل الجدل، استحالة العود بهذا الشيطان إلى قمقمه، وكذلك استحالة توعية التلاميذ والطلبة، أي جميعهم بالمخاطر المحدقة بهم، حين يمكن لهم الغشّ أثناء الدراسة، دون تحصيل المعرفة الضرورية لاقتحام سوق الشغل.

نصف الكأس الملآن..

لم يتوقّف النقاش ولن يُحسم أمر الأبعاد الأخلاقيّة ومن ثمّة القانونيّة، التي تحيط بجميع مجالات استعمال الذكاء الاصطناعي. هل يجوز اعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال الدراسة، وتقديم عمل تمّ تحصيله من هذا الموقع على أنّه جهد فردي؟

هل هذا الإخفاء أو عدم الإفصاح، يمثّل مجرّد "خطأ" بالمفهوم الأخلاقي المجرّد الذي يستوجب التأنيب دون عقاب فعلي، أم أنّ الأمر يدخل ضمن مجال "الغشّ" وما يستلزم من منظومة ردع، تصل حدّ الرفت من الدراسة أو أشكال العقاب الأخرى؟

بدأ "الذكاء الاصطناعي" يمتدّ وينتشر إلى مجالات الحياة جميعها. من مجالات الفضاء بشقيه المدني والعسكري، وما في الحالتين من خصوصيات تتعلّق بالسريّة والتكتّم، وصولا إلى وسائل التواصل الاجتماعي، مع حلول "شات جي بي تي" المتوفّر بشكل مجاني لجميع المستعملين.
في المقابل يرى كثيرون أنّ تقنية "شات جي بي تي" وأشباهها ليست بذلك "الذكاء" الموعود أو المفترض، بل كما يجزم كثيرون، أنّه يبدي من الجهل والغباء وحتّى السذاجة ما يجعل السؤال قائما بشأن "الذكاء الاصطناعي". هل سقطت الانسانيّة جميعها في حبائل وعود كاذبة أو على الأقلّ ليست بحجم الوعود التي أطلقها المبشرون بهذه "الآلة العجيبة"؟

يرجع عديد النقاد إلى التاريخ البشري بغية قراءة واقع الذكاء الاصطناعي ومستقبله، حيث انطلقت جميع الاختراعات بشكل متواضع. مجال الطيران على سبيل المثال. انطلقت محاولات الطيران الأولى في تراوح بين عثرات عديدة ونجاحات أقلّ، لكن هذه "الإخفاقات" لم تحد من مساوي تجاوز الفشل إلى نجاح مفترض، بل هي ألهبت التنافس بين الافراد والشركات وحتّى الدول، التي فهم جميعها أنّ مجال الطيران أعمق من طائرات بدائية، مصنوعة من ألواح قادرة على الطير لأمتار معدودة.

من ثمّة علينا أنّ ننظر إلى سذاجة هذه المواقع الحواريّة، كما تنظر إلى الأفلام الأولى التي صوّرها الأخوين "لوميار" في نهاية القرن التاسع عشر، من صورة غير ناطقة، مرتعشة، لم تتجاوز الأبيض والأسود، ومقارنة ذلك بأحدث أفلام عصرنا التي تعمد أرقى أنماط التكنولوجيا.

من الأكيد وما لا يقبل الجدل، أن الأجيال القادمة ستنظر إلى الذكاء الاصطناعي في شكله الدارج أمامنا راهنًا، في شكل "العمل البدائي" المثير للسخرية ويكون مصدر تندر بخصوص الأجداد الذين لم يتجاوز "الذكاء" عندهم هذا الشكل "البدائي" الماثل أمامهم...

هل ما خفي أعظم؟

تقارن عديد القراءات ولوج عالم الذكاء الاصطناعي بالاختراعات التي تمّت في مجال الذرّة، وما تبعها من صنع أولى القنابل الذريّة التي غيّرت مفهوم "القوّة العسكريّة" وقلبت موازين القوى بين الجيوش.

من "شات جي بي تي" الذي يقدّم أجوبة بخصوص أيّ اسم علم يُطرح عليه، مع إجابات تجلب السخرية في معظم الأحيان، يحقّ السؤال عن الأبعاد التي سيتّخذها هذا "الرضيع" الذي لم يتجاوز بعد عامه الأوّل..

هل أطلقت الانسانيّة "وحشًا" سيصعب أو ربّما يستحيل السيطرة عليه؟ الكثير يرى في الأمر مبالغة، لكن "عراب الذكاء الاصطناعي"، كما يسمّى في الأوساط العلمية العاملة في هذا المجال، جوفري هينتون، البالغ من العمر 75 سنة، وكان أعلن استقالته من عملاق غوغل منذ فترة قصيرة، وبالتالي لا يمكن رميه بالجهل أو سوء التقدير أو عدم الدراية، أو حتّى التجنّي والرجم بالغيب، برّر قرار الاستقالة بالرغبة في أن ينبه بكل حريّة وجرأة من المخاطر التي يحملها الذكاء الاصطناعي.

ملخص تحذيره يكمن في الجزم بأنّ "الكائنات التي سينتجها الذكاء الاصطناعي، سواء الحواسيب أو الروبوتات سيتجاوز ذكاؤها ما للبشر"، ومن ثمّة الخشية من أن يصبح الفاعل مفعولا به.

يقارن المؤرخون بين "الندم" الذي أبداه هذا العالم، بندم كل من ألبرت أنشتاين بخصوص أبحاثه التي أدّت إلى تصنيع القنبلة الذرية، وألفريد نوبل بخصوص الديناميت، مع التذكير أنّ السلاح الذي فجرته الولايات المتحدة الأمريكيّة فوق كل من هيروشيما وناكازاكي هي أشبه بلعب الأطفال مقارنة بالترسانات التي تملكها الدول المنتمية إلى النادي النووي، في انتظار "التفجير" الذي سيحدثه الذكاء الاصطناعي.

الحرامي.. والشرطي

صيحة الفزع هذه، الصادرة عن "عُراب" الذكاء الاصطناعي جوفري هينتون، سبقتها وصاحبتها وتبعتها صيحات فزع لا تقلّ قوّة وإصرارًا، ممّا حدا بعدد الجهات إلى المطالبة بإصدار من القوانين ما يكفي لضبط هذا "الذكاء" وجعله في "خدمة الانسانيّة".

الاتحاد الأوروبي أعلن عن نيته فرض قواعد جديدة على جميع أشكال الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بحقوق النشر. كما سيتم تصنيفها وفقًا لمستوى الخطر وفق التقدير الأوروبي.

أبعد من الأعمال ومن مسألة الحقوق سواء منها الأدبية أو الماديّة، القدرة على "إحياء الأموات" من الفنّـانين وجعلهم يمثلون ويغنون ويرسمون ويرقصون من جديد، من خلال أعمال تعادل في واقعيتها ما أنجزوا من أعمال خلال حياتهم.
رغم الأهميّة التي يملكها الاتحاد الأوروبي على مستوى عدد المفترض انتفاعهم بجميع أشكال الذكاء الاصطناعي، وخاصّة المواقع الحواريّة يشكّك المختصون في قدرة هذا "العملاق" على المستوى الديمغرافي كما الاقتصادي، على الوقوف في وجه هذا "المارد"، أو أقلّه إزعاجه.

منذ عصر النهضة الصناعيّة في القرن التاسع عشر، تأسّست قاعدة لا تزال تحكم مجالات التنافس في الغرب على الأقلّ. الوقوف (من تلقاء الذات) عند أيّ حاجز "أخلاقي" والامتناع عن مواصلة البحث، وصولا حدّ التخلّي عن تكنولوجيا بكاملها، لن يمثّل الحاجز ذاته، أمام المنافسين أو الأعداء، الذين سيبلغون غايتهم ويسيطرون على المجال بكامله، مما يرفع من حجم "الأسلحة" المتوفرة لديهم.

وفق هذا المنطق سارت الأبحاث في مجال السلاح الذرّي، وغيرها من الأسلحة البيولوجيّة والجرثوميّة..

تسونامي سيعصف بالفنون

في حفل التأم بمدينة بون الألمانيّة، يوم 9 أكتوبر/ تشرين الماضي، بمناسبة الذكرى 250 لميلاد الموسيقار بتهوفن (1770- 1827)، عزفت أوركسترا يقودها المايسترو ديرك كفتان السنفونيّة العاشرة لهذا الفنان النابغة، غير أنّ هذه السنفونيّة لا وجود لها، أو بالأحرى تمّ العثور على شذرات مبعثرة منها، تولّى الذكاء الاصطناعي ملء الفراغات، والخروج بعمل "متكامل".

هذه "الجرأة" أثارت لغطا كبيرًا واختلافا شديدا في وجهات النظر، بين من استحسن الفكرة واعتبرها "تحيّة" لروح هذا الفنّان، وبين من اعتبرها "تجنيا"، أو هي "جريمة" في بعديها الأخلاقي كما القانوني، لأنّ هذا "الاجتهاد" يفتح الباب على مصراعيه أمام من هبّ ودبّ لتناول أيّ عمل ابداعي دون رقيب أو حسيب، خاصّة وأنّ مجال الانترنت انقلب مجالا رحبا للقرنصة والاشتغال على أعمال الأخرين دون إذنهم وبتالي دون تمكينهم من حقوقهم.

أبعد من الأعمال ومن مسألة الحقوق سواء منها الأدبية أو الماديّة، القدرة على "إحياء الأموات" من الفنّـانين وجعلهم يمثلون ويغنون ويرسمون ويرقصون من جديد، من خلال أعمال تعادل في واقعيتها ما أنجزوا من أعمال خلال حياتهم.

مثال ذلك، أنّ الذكاء الاصطناعي قادر على إحياء الفنّان سيد درويش وجعله يؤدّي أعمالا تم إنجازها استنباطا من أعماله المتوفرة، بصوت مطابق بالكامل لصوته، أو جعله يؤدّي أغنية راب أو الأغاني التي يعتبرها النقّاد في مصر "هابطة".

إقرأ أيضا: الذكاء الاصطناعي.. من خيال السينما إلى واقع الصراع المرير
التعليقات (3)
نسيت إسمي
الأحد، 14-05-2023 11:15 م
يتبع.... 5 ـ (الغول المتربّص الحقيقي هو الوقت) أما الوقت، بتكّات ساعته الرهيبة المتتابعة، ذلك الغول المتربّص الشره، فإنه ملازم لك على مدار اللحظة، لم تنتبه من قبل إلى علاقة العداء التاريخية التي تجمعك به، كنت منهمكا في التفاصيل الصغيرة، متوهما أن كل شيء على ما يرام، وأن الحياة جميلة وحافلة بالدهشة، لم تنتبه إلى مصطلح قتل الوقت الذي نستخدمه من دون عميق إدراك، مع أن كل خطوة نقدم عليها يكمن وراءها هدف قتل الوقت، حين تمارس تفاصيل حياتك برمتها طموحك المهني، نشاطك الاجتماعي، علاقاتك الإنسانية بمختلف أشكالها، كل ما تفعله يرمي به لا وعيك إلى قتل الوقت. كنت تردّد باقتناع كبير مثل غيرك من الناس أن الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك، عبارة بليغة تدل على أهمية اللحظة الراهنة، باعتبارها الحقيقة الوحيدة التي لا تقبل الجدال.
نسيت إسمي
الأحد، 14-05-2023 08:45 م
'' خطر الغول في الذكاء الإصطناعي '' 1 ـ (عالم ما وراء الغول!) إنه نفس الغول بطل السلسلة التي تحكيها لنا الجدات قبل النوم.. الغول الباطش.. الشرير.. ذو القوى الخارقة.. المستعصي على الموت والفناء! عالم ما وراء.. الغول !! حتى حين ضحك الأطفال من حولي من غبائه، ضحكت انتصاراً لقدرته على الحلم بعالم ما وراء الغول! كانت لنا حكاياتنا.. ومدارسنا.. ومناهجنا.. ووظائفنا! كل شيء مرسوم لنا سلفا.. لا يجب أن نخرج عنه أو نتعداه! نتوارث الحارة أباً عن جد.. ونتعلم كيف نعشقها، تماما كما أوصانا الآباء! نفس الوظائف والأعمال والمشاكل.. والمساجد التي تبشر الصابرين! والقناعة حكمة تتوارثها الأجيال.. وتتناصح بها في إخلاص! لِمَ لَمْ نكن نتناصح بالطموح وكسر القيد.. ومعانقة القمة حيث الهواء أنقى والمساحة أوسع؟ يجب أن تستثمر الطبقة المهمشة في وعي أبنائها، وقدرتهم على إحداث التغيير. 2 ـ (سينما شعب) ولعلّ موجة الأفلام الهوليوودية، التي تبالغُ في رشّ التوابل الدرامية على منتجاتها، قد ساهمت في خلق حالة الهلع العام إزاء مآلات الذكاء الاصطناعي مع أرنولد شوارزنيجر فيلم "المفترس1987" الغابة تدور أحداث الفيلم حول مجموعة من جنود الفرقة الخاصة، يقودهم الكابتن "داتش شافير" يتم إرسال المجموعة لإنقاذ "جورج ديلون" الدبلوماسي الأمريكي، الذي سقطت طائرته في إحدى غابات أمريكا الجنوبية. و لكنهم يفاجؤوا بوجود شيء ما يقتل أفراد الفريق واحداً تلو الآخر، و هذا الشيء هو مخلوق فضائي يستطيع التكيف مع أشجار الغابة، و يمكن أن يقوم بإخفاء نفسه و هو يمتلك تقنية دفاعية و هجومية عالية و متطورة . القصة مقتبسة من الرواية الخيالية العربية الشهيرة "ألف ليلة و ليلة" الأشكيف المخيف الذي أرعبنا جميعاً ظهور الأشكيف المخيف يستطيع أن يتحول إلى شجرة. حتى إن البعض إستخدم لفظ الأشكيف كنوع من التخويف و ضرب مثال في القبح و الدمامة .. الفيلم الثاني: بطولة فين ديزل "سجلات ريديك2004" أكشن خيال علمي بعد سنوات من صائدي المكافآت القاسية، يجد المدان الهارب ريديك فجأة عالقًا بين القوى المتعارضة في قتال من أجل مستقبل الجنس البشري. الآن، خوض معارك لا تصدق على عوالم رائعة وقاتلة، سيظهر هذا البطل الوحيد المتردد كبطل للبشرية والأمل الأخير لكون على حافة الإبادة. 3 ـ (الناس سيئون في التنبؤ بالمستقبل. أين سياراتنا الطائرة؟ لماذا لا يوجد خادم آلي؟ ولماذا لا يمكنني أن آخذ إجازة على المريخ؟) لكننا لم نكن مخطئين فقط بشأن الأشياء التي اعتقدنا أنها ستحدث؛ للبشرية أيضًا تاريخ طويل من طمأنة أنفسنا بشكل غير صحيح إلى أن بعض الحقائق التي أصبحت حتمية لا مفر منها الآن لن تحدث. قبل يوم واحد من ابتكار ليو تسيلارد للتفاعل النووي المتسلسل في العام 1933، أعلن الفيزيائي العظيم، إرنست رذرفورد، أن أي شخص يطرح فكرة الطاقة الذرية إنما يقول “كلاماً فارغاً”. وحتى كين أولسن، رائد صناعة الحاسوب في العام 1977، قال إنه لم يتوقع أن يكون للأفراد أي استخدام للحاسوب في منازلهم. من الواضح أننا نعيش في عالم نووي، ومن المحتمل أن يكون لديك جهاز حاسوب أو اثنان في متناول يدك الآن. وفي الواقع، أصبحت هذه الحواسيب الآن والتطورات الهائلة في الحوسبة بشكل عامء موضوعاً لبعض التنبؤات الأكثر خطورة في المجتمع. والتوقع التقليدي هو أن قوة الحوسبة المتزايدة ستكون نعمة للبشرية. ولكن، ماذا لو أننا نكون مخطئين بهذا التنبؤ مرة أخرى؟ هل يمكن، بدلاً من ذلك، أن يُلحق بنا ذكاء اصطناعي خارق ضررًا كبيرًا لا يمكن إصلاحه؟ انقراضنا؟ كما يعلمنا التاريخ، لا تقل أبداً أن شيئاً لن يحدث أبداً. يبدو أنها مسألة وقت فقط قبل أن تصبح أجهزة الحاسوب أكثر ذكاءً من البشر؛ هذا توقع يمكننا أن نكون واثقين منه إلى حد ما ءلأننا أصبحنا نراه مسبقاً. لقد حققت العديد من الأنظمة قدرات خارقة في أداء مهام معينة، مثل لعب “سكرابل” والشطرنج والبوكر، حيث يخسر الناس الآن بشكل روتيني أمام الروبوتات في جميع هذه المجالات. لكن التقدم الذي يتم إحرازه باطراد في علوم الحاسوب سيؤدي إلى ظهور أنظمة ذات مستويات عامة متزايدة من الذكاء: خوارزميات قادرة على حل المشكلات المعقدة في مجالات متعددة. تخيل خوارزمية واحدة يمكنها التغلب على أكبر أساتذة الشطرنج ولكن أيضًا كتابة رواية، وتأليف لحن موسيقي جذاب، وقيادة السيارة عبر حركة المرور المزدحمة في مدينة. وفقًا لمسح أجراه خبراء في العام 2014، هناك فرصة بنسبة 50 بالمائة للوصول إلى “ذكاء آلي على مستوى ذكاء الإنسان” بحلول العام 2050، وفرصة بنسبة 90 بالمائة لأن يحصل ذلك بحلول العام 2075. ووجدت دراسة أخرى أجراها “المعهد العالمي للمخاطر الكارثية” أن هناك 72 مشروعًا على الأقل حول العالم تعمل على تحقيق الهدف الصريح المتمثل في إنشاء ذكاء عام اصطناعي ءيشكل نقطة الانطلاق نحو الذكاء الاصطناعي الخارق "إصى"، الذي لن يؤدي فقط إلى أداء أفضل من البشر في كل مجال من مجالات الاهتمام، ولكنه يتجاوز بكثير أفضل قدراتنا. سيكون نجاح أي من هذه المشاريع أهم حدث في تاريخ البشرية. فجأة، سينضم إلى جنسنا البشري على الكوكب شيء أكثر ذكاءً منا. ويمكن تصور الفوائد بسهولة: قد يساعد الذكاء الاصطناعي الخارق على علاج أمراض مثل السرطان والزهايمر، أو على تنظيف البيئة. لكن الحجج التي تفسر لماذا قد تدمرنا قوى الذكاء الاصطناعي الخارق قوية أيضًا. بالتأكيد لن تقوم أي منظمة بحثية بتصميم ذكاء اصطناعي خارق خبيث، على غرار “المدمِّر”، عازم على تدمير البشرية، أليس كذلك؟ ولكن، لسوء الحظ، ليس هذا هو مصدر القلق. إذا تم القضاء علينا جميعًا على يد الذكاء الاصطناعي الخارق، فمن شبه المؤكد أن ذلك سيكون عن طريق الصدفة. لأن البنى الإدراكية للذكاء الاصطناعي الخارق قد تكون مختلفة اختلافًا جوهريًا عن بِنانا، فإنها قد تكون أقل الأشياء قابلية للتنبؤ بها في مستقبلنا. ضع في اعتبارك هذه البنى للذكاء الاصطناعي التي هزمت البشر بالفعل في الألعاب: في العام 2018، فازت خوارزمية تلعب الأتاري، “كيو*بيرت”، من خلال استغلال ثغرة “لا يوجد لاعب بشري… يُعتقد أنه اكتشفها على الإطلاق”. وأصبح برنامج ذكاء اصطناعي آخر خبيرًا في لعبة الغميضة الرقمية بفضل استراتيجية “لم يستطع الباحثون أن يروها أبدًا… قادمة”. إذا لم نتمكن من توقع ما ستفعله الخوارزميات التي تلعب ألعاب الأطفال، فكيف يمكننا أن نكون واثقين من تصرفات آلة ذات مهارات لحل المشكلات أعلى بكثير من القدرات الإنسانية؟ ماذا لو قمنا ببرمجة الذكاء الاصطناعي الخارق لإحلال السلام العالمي، لكنه قام باختراق الأنظمة الحكومية لإطلاق كل سلاح نووي على هذا الكوكب معتبراً أنه إذا لم يكن هناك بشر، فلن يكون هناك المزيد من الحرب؟ نعم، يمكننا برمجته صراحةً بحيث لا يفعل ذلك. ولكن ماذا عن خطته “ب”؟ في الواقع، هناك عدد لا حصر له من الطرق التي يمكن أن “تحُل” بها أنظمة ذكاء اصطناعي خارق المشاكل العالمية التي لها عواقب وخيمة إلى حد كارثي. وبالنسبة لأي مجموعة معينة من القيود المفروضة على سلوك الذكاء الاصطناعي الخارق، وبغض النظر عن مدى شموليتها، فإنه يمكن للمنظرين الأذكياء الذين يستخدمون ذكاءهم “على المستوى البشري” فقط أن يجدوا طرقًا للذهاب بالأمور إلى مطلق السوء؛ ويمكنك المراهنة على أن ذكاءً اصطناعياً خارقاً يستطيع أن يفكر في المزيد. فيما يتعلق بإغلاق أو تعطيل ذكاء اصطناعي خارق مدمر يجب على نظام ذكي بدرجة كافية أن يدرك بسرعة أن إحدى الطرق لعدم تحقيق الأهداف التي تم تعيينها له هي التوقف عن الوجود. ويفرض المنطق أنه سيحاول كل ما في وسعه لمنعنا من فصله عن مصدر الطاقة. من غير الواضح أن البشرية ستكون مستعدة في أي وقت على الإطلاق للذكاء الاصطناعي الخارق، لكننا بالتأكيد لسنا مستعدين له الآن. مع كل عدم الاستقرار العالمي، وإدراكنا الذي ما يزال وليداً وناشئاً فقط للتكنولوجيا، فإن إضافة الذكاء الاصطناعي الخارق ستكون مثل إشعال عود ثقاب بجوار مصنع للألعاب النارية. يجب أن يتباطأ البحث في مجال الذكاء الاصطناعي، أو حتى يتوقف. وإذا لم يتخذ الباحثون هذا القرار، فيجب على الحكومات أن تتخذ هذا القرار نيابة عنهم. رفض بعض هؤلاء الباحثين صراحة المخاوف من أن الذكاء الاصطناعي المتقدم قد يكون خطيرًا. وقد يكونون على حق. قد يتضح أن أي تحذير هو مجرد “كلام فارغ”، وأن الذكاء الاصطناعي الخارق حميد تمامًا أو حتى مستحيل تمامًا. فبعد كل شيء، أنا لا أستطيع التنبؤ بالمستقبل. والمشكلة هي: ولا هم يستطيعون، أيضاً. ترجمة: علاء الدين أبو زينة "كيف يمكن أن يُهلك الذكاء الاصطناعي البشرية بالخطأ؟" من إميل ب. توريس "الواشنطن بوست 31/8/2022". 4 ـ (الذكاء الاصطناعي: خلفيات تقنية وثقافية أساسية علينا معرفتها) ملاحظتان: الأولى هي، ينبغي للذكاء الاصطناعي أن لا يكون لعبة فكرية أو شغفاً يسعى البعض منّا لتوظيفه أكاديمياً، أو عملياً للحصول على وظيفة مربحة أو التأسيس لمستقبل مهني واعد في قطاع صناعات المعرفة الذكية، التي ستسود المستقبل القريب، بل يتوجّبُ علينا التعامل معه على أساس رؤية مؤكّدة بأنه سيكون القوة العظمى، التي ستعيد رسم خريطة الوجود البشري على كل الاصعدة التفاعلية بين الكائنات البشرية، وبين البشر والطبيعة. الملاحظة الأخرى هي أن على الجامعات أن تلعب دورها المجتمعي في إشاعة المعرفة المتاحة لأوسع قطاعات الناس في المجتمع، بخاصة في الحقول الاستراتيجية الأكثر تأثيراً في صياغة معالم الوجود البشري المستقبلي. 5 ـ (الغول المتربّص الحقيقي هو الوقت) أما الوقت، بتكّات ساعته الرهيبة المتتابعة، ذلك الغول المتربّص الشره، فإنه ملازم لك على مدار اللحظة، لم تنتبه من قبل إلى علاقة العداء التاريخية التي تجمعك به، كنت منهمكا في التفا
usa
الأحد، 14-05-2023 02:09 م
ما علاقه قنبله هيروشيما بالذكاء الصناعى...الذكاء الصناعى عباره عن مجموعه من البرمجه والادوات مصممه بواسطه افراد عاديين ويمكن تتطويرها ... كيف يعمل الذكاء لابد ان تغذيه ببيانات يدويا وهذا يعنى انه ليس لديه اى نوع من الذكاء والخارج من هذه المعلومات دائما ما يخدم شركات ودول بعينها... الكتابه عن الذكاء الصناعى كثيرا يفقده قيمته وان كان اساسا ليس له قيمه....