قضايا وآراء

العشرية السوداء.. معارك "إسقاط" العمامة (16)

حمزة زوبع
- الأناضول
- الأناضول
في الثامن من تموز/ يوليو 2013 وعقب وقوع مجزرة الحرس الجمهوري قرر شيخ الأزهر الاعتكاف في منزله لحين وقف نزيف الدم وإجراء تحقيق عادل في الدماء التي سالت، وإعلان نتيجة التحقيق على الشعب المصري، ودعا إلى تحمل الجميع مسؤولية إراقة الدماء، وطالب بسرعة إنجاز الفترة الانتقالية وقال إنها يجب ألا تزيد عن ستة أشهر، ولكن للأسف امتدت الفترة إلى عشر سنوات عجاف مرشحة للزيادة.

وفور بدء مجزرة فض رابعة في الرابع عشر من آب/ أغسطس 2013 أعلن شيخ الأزهر في بيان بثه التلفزيون المصري: "إن الأزهر الشريف وهو يسعى لجمع أطراف الصراع السياسي إلى مائدة حوار مخلصة للوصول إلى حل سلمي للخروج من الأازمة الراهنة، ليؤكد دائما على حرمة الدماء وعلى عظم مسئوليتها أمام الله وأمام الوطن والتاريخ، ويعلن الأزهر أسفه وحزنه لوقوع عدد من الضحايا صباح اليوم ويترحم عليهم ويعزي أسرهم، ويكرر الأزهر تحذيره من استخدام العنف وإراقة الدماء، ويذكر بقول النبي صلى الله عليه وسلم "لزوال الدنيا أهون عند الله من دم إمرئ مسلم".

ومنذ تلك اللحظة والجنرال السيسي يرى شيخ الأزهر عدوا له، وبعيدا عن خطاب التجديد المزعوم الذي يستتر خلفه الجنرال فإن موقفه من شيخ الأزهر يتمثل في نقطتين جوهريتين:

الجنرال يرى نفسه المرجعية العليا للدين ولا يؤمن بوجود فكرة القيادة الدينية أو المرجعية الدينية، وكما أنه يعتبر المرجعية العليا للجيش (القائد الأعلى للقوات المسلحة) والسياسة والاقتصاد فهو يرى نفسه مسؤولا عن القيم والأخلاق والدين

الأولى: هي عدم موافقة شيخ الأزهر على وقوع المجازر وعلى رأسها مجزرة فض رابعة بالقوة الغاشمة وسفك الدماء في وضح النهار، كما هو واضح من البيان أعلاه.

والثانية: هي أن الجنرال يرى نفسه المرجعية العليا للدين ولا يؤمن بوجود فكرة القيادة الدينية أو المرجعية الدينية، وكما أنه يعتبر المرجعية العليا للجيش (القائد الأعلى للقوات المسلحة) والسياسة والاقتصاد فهو يرى نفسه مسؤولا عن القيم والأخلاق والدين، كما صرح في لقاء مع بي بي سي "مفيش حاجة اسمها قيادة دينية، أنا مسئول عن القيم والأخلاق والدين".

وعلى الرغم من أن الدستور المصري قد نص في مادته السابعة "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه وشيخ األزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء".. كما أن القوانين المنظمة للبروتوكولات تنص على معاملة شيخ الأزهر معاملة رئيس الوزراء، إلا أن نظام الانقلاب في مصر تعمد ولا يزال منذ عشر سنوات يتعمد إهانة شيخ الأزهر أمام الرأي العام وفي المناسبات العامة خصوصا الدينية منها، وذلك في محاولة لتحقير منزلته في أعين الناس أو دفعه لليأس وطلب الاستقالة لأن النظام لا يمكنه إقالة شيخ الأزهر ولا عزله وفقا للدستور.

لجأ الجنرال إلى حفنة من الإعلاميين للنيل من شيخ الأزهر خصوصا بعد إصدار بيان الشيخ تعقيبا على مجزرة رابعة العدوية "قدس الله أرواح شهدائها". وكان أول من هاجم شيخ الأزهر هو إبراهيم عيسى الذي قارن بين استقالة الدكتور محمد البرادعي احتجاجا على مجزرة الفض؛ وبين موقف شيخ الأزهر الذي اعتبر ما جرى خلافا سياسيا يجب حله بالطرق السياسية وصولا إلى حل سلمي، ووصف عيسى موقف البرادعي بأنه كان أكثر استقامة مع نفسه وأكثر شرفا من موقف شيخ الأزهر.
 
مع زيادة سعار السلطة لمزيد من الدماء في العامين التاليين للانقلاب زاد سعارها تجاه الأزهر وشيخه، بعد أن يئست في الحصول منه على "شيك على بياض" لقتل المعارضين بحجة أنهم إرهابيون وقَتَلة ودواعش وتكفيريون، ولما أعرض الأزهر عن تقديم تفويض ديني بالقتل زادت حدة الحملة الإعلامية والسياسية ضده، وقادها ساعتها الإعلامي المعروف عمرو أديب الذي هاجم الشيخ وطالبه بالاستقالة والتنحي.

مع زيادة سعار السلطة لمزيد من الدماء في العامين التاليين للانقلاب زاد سعارها تجاه الأزهر وشيخه، بعد أن يئست في الحصول منه على "شيك على بياض" لقتل المعارضين بحجة أنهم إرهابيون وقَتَلة ودواعش وتكفيريون، ولما أعرض الأزهر عن تقديم تفويض ديني بالقتل زادت حدة الحملة الإعلامية والسياسية ضده

وفي عام 2015 قال في برنامجه ضمن وصلة ردح وبنبرة متهكمة على مقام شيخ الأزهر: "ماذا يفعل الأزهر من يوم ما الريس قال إن إحنا محتاجين ثورة دينية، ماذا فعل سيخ الازهر حتى الآن عملوا إيه؟ إيه الشئ اللي انتو حاسينه في المجتمع؟ إيه الشئ اللي انتو حاسين إن دي جهة بتقف أدام فكر مضلل، فكر ظلامي أنا بأقول لشيخ الأزهر للمرة التانية اتنحى يا أخي يرحمك الله، هنموت بسبب سلبيتك بسبب ضعفك، يا أخي سيبنا نعيش".

هذا رغم أن عمرو أديب وغيره من جوقة النظام يعلمون علم اليقين أن منصب شيخ الأزهر محصّن بنص المادة السابعة من الدستور، ولكنه وحتى يرفع الحرج عن السيسي طالبه بالتنحي حتى لا يقال عزل الجنرال شيخ الأزهر.

الحديث هنا لا يتعلق بشيخ الأزهر بقدر ما يتعلق بمؤسسة الأزهر التي هي المرجعية الدينية والشئون الإسلامية في البلاد، وبالتالي فقد أمر الجنرال قنّاصته الإعلامية بقصف الشيخ كرمز للمؤسسة وعنوان لها، فإذا ما أهينت عمامة الشيخ تم إسقاط الأزهر كمؤسسة لها اعتبارها ومكانتها في قلوب المسلمين في مصر وخارجها.

من بين خطط الجنرال لاسقاط العمامة تسليط بعض خريجي الأزهر وأساتذته لتشويه صورة الأزهر، مثل سعد الدين الهلالي صاحب تصريح "فبعث الله رجلين" (السيسي ومحمد إبراهيم) الذي كان يخصص له عمرو أديب فقرة أسبوعية يأتي فيها بالغريب والشاذ من الفتوى، ويتحدى فتاوى الأزهر ويجره إلى معارك حتى يبدو الأزهر منقسما على ذاته، وبالتالي لايثق الناس فيه كمرجعية دينية. ومن أشهر ما قاله مع عمرو أديب هو مسألة شرب البيرة والخمر غير العنبية (التي ليست مستخرجة من العنب)، مدعيا أن أبا حنيفة قال إنها بالقدر غير المسكر غير حرام..

وكانت منصة عمرو أديب ونافذته الإعلامية هي منصة قصف شيخ الأزهر وتسفيه آرائه الدينية في القضايا المختلفة، خصوصا ما يتعلق بالعلاقات الزوجية والأسرية كما فعل إسلام بحيري (التنويري) الذي يطلقون عليه باحثا إسلاميا والغرض من المقابلة ليس تقديم حجة أو رأي فقهي مخالف بل اتهام شيخ الأزهر بأن أراءه الدينية مخالفة للدستور وبالتالي عليك عزيزي المشاهد أن تستنتج الباقي.

في مداخلته مع عمرو أديب قال إسلام بحيري: "أنا بس عايز نتناقش بصراحة الموضوع هي نفس الدايرة المغلقة كلام يتقال يخالف الدستور قولا وفعلا ونصا بس الكلام التاني له حصانة بتقال إن ده رأي الدين لكن هل هذا رأي الدين، مع احترامي لكلام شيخ الازهر هل ما قاله هو كلام القرآن هل إن واحدة ماسمعتش كلام زوجها يبقى ده نشوز، الآية في سورة النساء تتكلم عن واقعة لا علاقة لها بإمرأة وتأديب هي مش طفل في مدرسة الآية بتتكلم عن خيانة زوجية".

لم تسكت مشيخة الأزهر على ما فعله عمرو أديب وعبر مجلة الأزهر، وبقلم رئيس تحريرها صفعت عمرو أديب ووصفته بإعلامي الترفيه. وجاء في رد المجلة الذي تناقلته وسائل الإعلام على نطاق واسع: "وأكد رئيس تحرير الجريدة الناطقة بلسان الأزهر أن جريدته مارست حقها في نقد هذه الممارسة الإعلامية المحددة في إطار المعايير والضوابط المتعارف عليها، ونشرت 12 ملاحظة على ممارسة الإعلامى عمرو أديب الإعلامية، باعتباره من أدار هذا النقاش واختار ضيوفه، وأظهر انحيازه لأحد الآراء دون تحرِّى الدقة في المعلومات المقدَّمة أو الحرص على إظهار رأى شيخ الأزهر على النحو الصحيح".

في معركة ما يسمى بتجديد الخطاب الديني، صدّر الجنرال مجموعة من علماء الأزهر والجامعات المصرية لتحريك القصية أمام الرأي العام وافتعال معارك على الهواء مع شيخ الأزهر، وكان آخرها في كانون الثاني/ يناير عام 2020 وما فعله رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد الخشت الذي حاول مبارزة الشيخ في إحدى الندوات المتخصصة، فنال منه الشيخ وألزمه الحجة وأبطل ادعاءاته، ولكن أظهرت هذه الواقعة إصرار السلطة على إحراج الشيخ أمام الرأي العام المصري والعربي والإسلامي، وإظهاره في صورة الرجعي المتخلف أو الجامد المتشدد. - شاهد المناظرة القصيرة.

في معركة إسقاط العمامة، حاول النظام كما فعل كل الجنرالات من قبله خلق أو إحياء تيارات أخرى لتنافس الأزهر وتسليط الضوء عليها، مثل المتصوفة الجديد الذين ملأوا الفضاء الإعلامي وترك لهم المساجد الكبرى في محاولة لمزاحمة الأزهر المعروف بوسطيته ومنهجيته العلمية المبنية على الحقائق لا الخرافات والأباطيل

وفي معركة إسقاط العمامة، حاول النظام كما فعل كل الجنرالات من قبله خلق أو إحياء تيارات أخرى لتنافس الأزهر وتسليط الضوء عليها، مثل المتصوفة الجديد الذين ملأوا الفضاء الإعلامي وترك لهم المساجد الكبرى في محاولة لمزاحمة الأزهر المعروف بوسطيته ومنهجيته العلمية المبنية على الحقائق لا الخرافات والأباطيل. وقد تعمد النظام إبراز الشيخ علي جمعة وتقديمه على أنه أحد أولياء الله الصالحين وهو يرتدي العمامة الخضراء ويجلس يسن تلامذته، في إشارة لا تخطئها العين بأن إمامة الشيخ جمعة فوق عمامة شيخ الأزهر، وبلغ الأمر مبلغه حين تم تقديم أنشودة دينية في حفل لمدح صاحب المقام الرفيع علي جمعة ووصفه بمولانا الإمام علي جمعة شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية.

من وجهة نظر الجنرال فإن معركة إسقاط العمامة لن تُحسم إلا بتدخله الشخصي، فقرر الجنرال أن يخوض معركة العمامة شخصيا وعلى الهواء مباشرة، وتمثل ذلك في عدة أمور وفي مناسبات دينية وغير دينية تستوجب الوقار وإظهار الاحترام لأكبر عمامة في البلاد، فعادة ما يظهر السيسي غاضبا عبوسا في المناسبات الدينية الإسلامية على عكس انشراح صدره وابتهاج وجهه عندما يكون في الكنيسة مع الإخوة الأقباط، لكن كل ذلك لا يوازي لحظة التهكم على شيخ الأزهر في حفل أقيم للشرطة المصرية، حين سكت برهة وقال للشيخ "مش كدة والا إيه. تعبتني يا فضيلة الإمام".

كان ذلك في عام 2017 حين أراد السيسي ألا يقع الطلاق إلا الموثق منه دون الشفهي، وطلب من شيخ الأزهر موافقته على ذلك، لكن شيخ الأزهر وعبر هيئة كبار العلماء أصدر رأيا مخالفا لذلك. وظل السيسي يناور ويصر على رأيه رغم مخالفة ذلك لمجمل آراء الفقهاء، حتى ظهر السيسي مؤخرا (آذار/ مارس 2023) معلنا أنه لا طلاق إلا المكتوب والموثق في تحد كبير للمؤسسة الدينية وعمامة الأزهر.

ورغم مرور عقد من الزمان فلم ييئس الجنرال وحاول ولا يزال يمارس حربه من أجل النيل من شيخ الأزهر، ولعل آخر هذه المعارك هو ما جرى من الجنرال تجاه شيخ الأزهر أثناء افتتاح ما سمي بالمتحف الإسلامي في ما يسمى بالعاصمة الإدارية الجديدة في شهر رمضان الفائت 1444 هجرية، حين تم إبعاد شيخ الأزهر عن المشهد التلفزيوني ودفع به حراس الجنرال للخلف وقدّموا عليه أسامة الأزهري، مستشار الجنرال الصوفي، ليبدو في المشهد لقرابة ساعة من الزمان وهو يشرح ما كان يجب أن يقوم بشرحه شيخ الأزهر؛ ولكن الجنرال أراد أن ينال من شيخ الأزهر وما درى أن عمامة الشيخ فوق كل عمامة وأن قامته فوق كل قامة.

لم يكن رأي الجنرال السيسي في الأزهر وشيخه مخالفا لرأي الجنرالات من قبله، وعلى رأسهم عبد الناصر ومعركته مع شيخ الأزهر الشيخ التونسي محمد الخضر حسين الذي استقال بسبب رغبة عبد الناصر عام 1954 في إلغاء المحاكم الشرعية وضمها إلى المحاكم المدنية، ورفض الشيخ وقال بل العكس هو المطلوب وهو أن يتم ضم المحاكم العادية للمحاكم الشرعية، ولا حتى مبارك الذي ألحّ كثيرا في مسألة تحليل فوائد البنوك، حتى جاء بالشيخ محمد سيد طنطاوي الذي حرّمها قبل توليه الفتوى ثم حلّلها بعد ذلك ونافح عن تحليلها عام 2003 بعد توليه مشيخة الأزهر في 1996.

وبخصوص ما جرى مع الشيخ سيد طنطاوي أتذكر قصة كنت شاهدا عليها، ففي ذات ليلة من الليالي وبعد انتهاء الدرس الأسبوعي في مسجد الفتح بشارع 25 بشبرا الخيمة اصطحبت فضيلة الدكتور محمود مزروعة، أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، إلى بيته، وفي الطريق دار حوار بيني وبينه حول شيخ الأزهر الشيخ طنطاوي، وفتواه المثيرة للجدل والرفض الشعبي على مستوى الشارع وعلى مستوى العلماء والفقهاء، فقال لي الدكتور مزروعة: أنا أعرف الشيخ طنطاوي وهو جار لي في السكن، وحين أُبلغ بأنه سيتم اختياره مفتيا للبلاد قلت له إنهم يريدونك لأمر عظيم وحذرته أن الموضوع متعلق بفتوى ربا البنوك، فقال لي إن ذلك مستحيل، إنهم يعرفون رأيي وقد نشرته وجهرت به وقلت إن شهادات الاستثمار حرام إلا نوع واحد فكيف سيجرؤون على طلب مثل هذا مني؟ ولأدلل لك على صوابية موقفي وتمسكي به فسأعيد نشر فتاواي القديمة، فقلت له (مزروعة مخاطبا الشيخ طنطاوي): يا شيخ طنطاوي ارفض هذا الأمر ولا تَنْسَق وراءهم، ولكنه قبل المنصب ثم اضطر للافتاء بأن ربا البنوك ليس حراما.. انتهى الحوار الذي كان بيني وبين الدكتور مزروعة مساء ليلة في نهاية الثمانينيات القرن الماضي وبعد تعيين الشيخ سيد طنطاوي مفتيا عاما للبلاد.

ولا يمكن أن ننسى إصرار الرئيس المخلوع مبارك على موضوع فتاوى البنوك ومحاولة تمرير هذه الفتوى مع الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، شيخ الأزهر حتى عام 1996، فذكرت الصحف والمواقع حديثا دار بين مبارك والشيخ جاد الحق على النحو التالي:

لقد كان المطلوب دوما هو إسقاط عمامة الأزهر لترتفع بيادة الجنرالات، وهي إحدى سمات الانقلاب خلال العشرية السوداء، ولا أحد يتوقع أن تتوقف تلك المعارك كما لا أظن أن الأزهر بعراقته سيستسلم لرغبات الجنرالات المحمومة في إسكات الأزهر أو إسقاط العمامة

"قال له مبارك في أحد الاجتماعات: باقولك إيه يا مولانا، البنوك قربت تفلس والناس لا تضع أموالها بالبنوك.. عايزين فتوى من فضيلتك تنقذ الاقتصاد المنهار وتحلل وضع الفلوس في البنوك لأن الناس بتضع كل ثقتها في الأزهر ودي ضرورات برضه".

غير أن شيخ الأزهر انتفض ووقف محتداً ومنتفضاً ورد على مبارك قائلاً: ومن قال لك أني أحرم أو أُحلل؟ إن الذي يُحلل أو يُحرم هو الله ولن تتغير فتواي أبداً أبداً بتحريم فوائد البنوك.. فما كان من مبارك إلا أن احمر وجهه حياءً وقال أنا باهزر يا مولانا.. فرد عليه محتداً ليس هذا مجال الهزل".
 
اتسع نطاق معارك إسقاط العمامة منذ تموز/ يوليو 1952 وحتى اليوم لتشمل التطبيع مع الكيان الصهيوني ومعركة الحجاب، ليس في مصر بل وفي فرنسا والطلاق الشفهي، ناهيك عن قصة ختان البنات قبل ثلاثة عقود، ولا تزال الحرب مستعرة والمعارك مستمرة عبر وسائل الإعلام ووسائل الترفيه من مسلسلات وأفلام وحتى كاريكاتير صحفي، كلها اجتمعت على النَيل والسخرية من عمامة الأزهر والإصرار على إظهار شيوخ الأزهر على أنهم مادة للسخرية والضحك والاستهزاء، كما جرى في أفلام عادل إمام ومسرحياته، حيث يظهر المأذون بعمامة الأزهر لكي يكون مادة للضحك.

لقد كان المطلوب دوما هو إسقاط عمامة الأزهر لترتفع بيادة الجنرالات، وهي إحدى سمات الانقلاب خلال العشرية السوداء، ولا أحد يتوقع أن تتوقف تلك المعارك كما لا أظن أن الأزهر بعراقته سيستسلم لرغبات الجنرالات المحمومة في إسكات الأزهر أو إسقاط العمامة.

(في حب الأزهر اسمع هذه الأبيات)
التعليقات (0)