قضايا وآراء

السيسي في خطر والجيش في قفص الاتهام

أسامة جاويش
أصبح الجيش عبئا على الاقتصاد المصري- عربي21
أصبح الجيش عبئا على الاقتصاد المصري- عربي21
منذ انهيار الأوضاع الاقتصادية في مصر صبيحة الحادي عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري وتجاوز الدولار حاجز الثلاثين جنيها ولا حديث في الصحافة الغربية إلا عن متهم رئيسي واحد اسمه الجيش.

في اتفاقية صندوق النقد الجديدة مع مصر كان هناك شرط واضح، وهو أن تنسحب شركات الجيش من الاقتصاد المصري رويدا رويدا وتعطي مساحة أكبر للقطاع الخاص، لكي يلعب دورا أكبر من شأنه أن يجلب استثمارات أجنبية ويوفر عملة صعبة. وهو تحدٍ كبير للسيسي نفسه الذي أطلق يد الجيش في الاقتصاد المصري ينهب منه حيث شاء.

في تقرير مهم لهيئة التحرير في صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أشارت فيه إلى المسؤولية الكبيرة التي يتحملها نظام السيسي الاستبدادي في انهيار الاقتصاد المصري، معللة ذلك بأن السيسي تولى إدارة بلد أكبر من إمكانياته.

الجيش الذي منحه السيسي كافة الصلاحيات لاحتكار الاقتصاد والسيطرة على قطاعاته المختلفة؛ أصبح عبئا حقيقيا وكارثة على الاقتصاد المصري. فشرط صندوق النقد الدولي واضح ولا يقبل القسمة على اثنين، وهو ما يمثل خطرا على السيسي ومأزقا كبيرا ربما يدفع حلفاءه الخليجيين للضغط عليه من أجل الوفاء بتعهداته وإخراج الجيش من الاقتصاد

الصحيفة البريطانية وهي واحدة من أهم المصادر الاقتصادية في العالم، ترى أن الجيش الذي منحه السيسي كافة الصلاحيات لاحتكار الاقتصاد والسيطرة على قطاعاته المختلفة؛ أصبح عبئا حقيقيا وكارثة على الاقتصاد المصري. فشرط صندوق النقد الدولي واضح ولا يقبل القسمة على اثنين، وهو ما يمثل خطرا على السيسي ومأزقا كبيرا ربما يدفع حلفاءه الخليجيين للضغط عليه من أجل الوفاء بتعهداته وإخراج الجيش من الاقتصاد.

على مدار عشر سنوات، كانت السردية الرئيسية للسيسي هي أن الجيش هو المخلص وهو الملاذ الآمن وهو قوة اقتصادية موازية لاقتصاد الدولة، إذا وقعت الدولة في مأزق يطلب السيسي العون من الجيش، إذا اختفت ألبان الأطفال يوفرها الجيش، إذا نقصت السلع الغذائية فالجيش يوفر مليون كرتونة في ساعتين، إذا احتاجت الدولة أن تنجز مشروعا فليس لها سوى الجيش.. وهكذا حتى ظن الناس في مصر أنا هناك دولة اسمها دولة الجيش المصري الشقيقة.

اليوم يكتشف المصريون على لسان صندوق النقد الدولي أن الجيش هو المشكلة، اليوم يقرأ المصريون تقارير فاينانشيال تايمز وبلومبيرج ورويترز وسي إن إن، وكلها تضع الجيش في قفص الاتهام، فالقطاع الخاص تم تدميره، وزاد التضخم واختفى الدولار وهرب المستثمرون وارتفعت أسعار السلع، وأحد أهم الأسباب هو تدخل الجيش في الاقتصاد.

إنهم يدمرون سردية السيسي من جذورها، الرجل الآن بات يعيش مأزقا حقيقيا، فكيف له بعد أن عدل القوانين وسن تشريعات جديدة تسمح لضباطه وقياداته وأصدقائه من القوات المسلحة أن يتملكوا شركات ويحتكروا قطاعات وينهبوا مليارات؛ دون أن يحاسبهم أحد بل وفّر السيسي لهم حصانة كاملة وأعفاهم من الضرائب ومنع عنهم البرلمان والإعلام، كيف له بعد كل هذا أن يخبرهم بل ويجبرهم على التنازل عن كل هذه المكاسب والأموال والشركات وأن يبتعدوا عن الاقتصاد؟

المشكلة الأكبر، أن النظام المصري مجبور أن يقدّم كشف حساب مرتين في العام المالي الواحد، يُطلع بموجبه صندوق النقد الدولي على إجراءات النظام وجديته في الالتزام بالوفاء بتعهداته، ولا مفر من الشفافية والحديث بلغة الأرقام، فلن يستطيع السيسي أن يرفع صوته أو يتجاهل صندوق النقد، وإلا فلن يتسلم الدفعة القادمة من القرض الجديد ما يعني اختفاء شهادة الثقة من الصندوق وهروب المستثمرين مرة أخرى.

النظام المصري بإجراءاته الاقتصادية الفاشلة أوصل نفسه إلى مرحلة اللا عودة، فإما أن يلتزم بتعهداته أمام الصندوق ويواجه غضب الجيش وغضب الناس من ارتفاع الأسعار وفواتير الطاقة، وإما أن يتجاهل شروط الصندوق ما يعني أنه يقترب رويدا رويدا من شبح الإفلاس ومواجهة مصير لبنان وسيرلانكا

النظام المصري بإجراءاته الاقتصادية الفاشلة أوصل نفسه إلى مرحلة اللا عودة، فإما أن يلتزم بتعهداته أمام الصندوق ويواجه غضب الجيش وغضب الناس من ارتفاع الأسعار وفواتير الطاقة، وإما أن يتجاهل شروط الصندوق ما يعني أنه يقترب رويدا رويدا من شبح الإفلاس ومواجهة مصير لبنان وسيرلانكا، وما هو عنهما ببعيد.

السيسي في خطر حقيقي والجيش في قفص الاتهام، ويبدو أن الرجل وصل إلى مفترق طرق وبات على حافة الانهيار، والسبب هذه المرة هو فشله الاقتصادي.

يحاول السيسي أن يتمسك بما تبقى له من حلفاء، ولكن يبدو أيضا أن السعودية قد رفعت يدها عنه، وهو ما أكده وزير المالية السعودي محمد الجدعان في تصريحاته على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس حين أشار إلى توقف الدعم المباشر غير المشروط، وأن على دول الجوار للمملكة أن تتخذ خطوات جادة تجاه الإصلاح.

كل حلفائك باعوك يا ريتشارد ولم يبق لك إلا أن ترحل؛ لعلها تكون بداية إنقاذ مصر من فشلك المستمر.

twitter.com/osgaweesh
التعليقات (5)
محمود محمود
الأحد، 22-01-2023 05:25 م
الجيش شويه فاشلين خونه بلداء دراسيا سهرانين فلوس قتله لصوص سفله لا دين لهم ولاد حرام من الاخر
الكاتب المقدام
الأحد، 22-01-2023 02:36 ص
*** -4- والجيش ليس ولم يكن على قلب رجل واحد، فانقلاب يوليو 1952 كان أساساُ ضد قيادات الجيش، تم من مجموعة من صغار الضباط التي تمردت على قياداتها، ثم انقلبوا على قائدهم اللواء نجيب واعتقلوه، وضباط الجيش قد نفذوا سلسلة طويلة من الانقلابات على بعضهم البعض في الصراع الدامي على السلطة والنفوذ، والسيسي نفسه قد انقلب على قياداته (الفريق سامي عنان مثالاً)، بل أن كل أعضاء المجلس العسكري الذين حكموا مصر بعد ثورة 2011 قد تم تنحيتهم بكاملهم، والحكم الاستبدادي هو بتعريفه وطبعه حكم فاسد، والصراع داخل المجموعات الحاكمة داخله يكون أكثر عنفاً وانتقائية، وينتهي أمره بتقلص دائرة المستفيدين منه وانعزالهم، واكتسابهم لأعداء جدد في الداخل والخارج، وقد يتم التضحية برأس المنظومة الحاكمة كما حدث مع مبارك، ولا احترام هناك لقيادة أو رتبة، فقد عزلوا اللواء شفيق أول رئيس لوزرائهم، كمثال على عنف الصراع على الحكم، والانقلابيون لا وفاء بينهم، وليس لهم مبادئ ولا أخلاق تحكمهم، والعبرة في نجاح أي ثورة قادمة مرتبط بفشل الانقلاب في ضمان أمن ومصالح المنتمين إليه، وانفضاضهم من حوله، والمؤكد أن الغالبية التي خرجت في ثورة 2011 على نظام حكم مبارك واسقطت دولته، ما زالت ثابتة على مواقفها، وضمت إليها مؤيدين وداعمين جدد، بعد ثبوت فشل السيسي وزبانيته ومؤيديه وداعميه، وخطورة مشروعه الصهيو صليبي على مستقبل مصر والأمة العربية، وتحرك الشعب بكل أفراده في مواجهته قد أصبح فرض عين، وليس فرض كفاية على قلة من السياسيين والإعلاميين والنشطاء السياسيين، فقد أصبحت حرب بقاء، والله أعلم بعباده، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير.
الكاتب المقدام
الأحد، 22-01-2023 02:31 ص
*** -3- يقول جاويش: "أن السيسي أطلق يد الجيش في الاقتصاد ينهب منه حيث شاء، ... وأصبح كارثة على الاقتصاد المصري، ... حتى ظن الناس أن هناك دولة اسمها دولة الجيش المصري الشقيقة". كثرت الإشارات إلى الجيش وإدانة أفعاله، باعتباره كيان موحد مستقل، مسئول وحده عن انقلاب العسكر على الشرعية في يوليو 2013، رغم أن الانقلاب كان مدعوماً من قوى أقليمية وأجنبية معروف هوياتها في الخارج، وقوى في الداخل معلوم تعاونهم في التخطيط للانقلاب وتنفيذه، فما حدود دور قيادات وأفراد الجيش المصري وقوات الشرطة النظامية بكل رتبهم؟ وما مدى مسئوليتهم المدنية والشرعية عن ارتكاب تلك الجرائم؟ وماذا سيكون موقفهم في مواجهة الانفجار الشعبي القادم قريباً لا محالة؟ وكيفية التصرف معهم؟ وهل هناك ضرورة لتحييدهم أو حتى كسبهم لصف الغالبية من جماهير الشعب؟ للتذكرة فإن الجيش وقوى الشرطة النظامية لا يستطيعا حكم البلاد والسيطرة عليها وحدهم، فأعدادهم بكل أفرادهم تقل عن 1% من الشعب المصري، وغالبيتهم من المجندين بنظام الخدمة العسكرية الإلزامية، وهؤلاء بالطبع أكثر انتماءً وارتباطاً بجماهير الشعب العريضة من المدنيين أساساً، والمؤكد أن خبرات كل العسكريين بمختلف رتبهم قاصرة وعاجزة كيفاً وكماً عن تسيير أمور الدولة المدنية بمفردهم، وحرب 1973 قد اعتمدت أساساً على التجنيد الواسع للمدنيين كضباط وصف ضباط، والمؤكد أن عسكر الانقلاب قد نجحوا في تجنيد غطاء مدني شعبي وسياسي وإعلامي لتأييد ودعم انقلابهم في 2013، كما أن هناك طوائف معلومة قد ارتأت الوقوف بجانبهم بكليتهم، ولا يمكن لقيادات الجيش وأفرادها إدارة الدولة واقتصادها دون معاونة من جهات مدنية عديدة (القضاء كمثال)، فالذين لفقوا القضايا للثوار ودبجوا حيثياتها، هم قضاة مدنيين مستقلين كذبة فجرة، والذين يشرفون على إعلان نتائج الانتخابات المزورة هم القضاة وأعضاء النيابة بوزارة العدل المزعوم، وملايين من الموظفين المدنيين تعاونوا معهم في تحقيق أهدافهم، ومَن قطع الاتصالات والانترنت طوعاً هم من المدنيين لا محالة، ولا ننسى أن هناك ظهيراً شعبياُ من المدنيين يقدر بالملايين (وإن كانوا لا يمثلون غالبية الشعب المصري) قد تم حشدهم بالخداع أو بالمصالح، للخروج في 30 يونيو على حكومة الثورة المنتخبة، وهناك قيادات سياسية مدنية شاركت وتعاونت في الدعوة للخروج على الحكم الشرعي في 30 يونيو، وكانت مواقفهم صادمة، كأبوالفتوح وحمدين والبرادعي، والقائمة المدنية تطول.
الكاتب المقدام
الأحد، 22-01-2023 12:15 ص
*** - 2 - يقول جاويش: "السيسي في خطر حقيقي، ... والرجل وصل إلى مفترق طرق، وبات على حافة الانهيار"، فمتى ستكون نهاية انقلاب السيسي وسقوط جمهوريته الجديدة المزعومة، وكيف ستكون؟ يتساءل الناس عن كيفية النهاية السوداء للطاغية الظالم الذي غرته نفسه، واستخف بشعبه، واستكبر وعلا في الأرض، وأشاع الفساد فيها، ونهب ثرواتها، وأفقر اهلها، وبث الفتنة بين جماهير شعبها، ورهن وتنازل عن ثرواتها وأراضيها وبحارها ومياهها لأعدائها، واصحاب النفوس الضعيفة من سفهاء ودهماء المصريين، يرون بأن السيسي مازال حاكماً متمكناً، مطاع من جنوده، ومتبع من قومه، ومؤيد من أنصاره، وموفق في أعماله العظيمة، ويسير النصر في ركابه، ويرى فقهاء السلطان بأن الخروج على الحاكم المتمكن إجرام، ونشر للفرقة والفتنة بين الناس، رغم أن السكوت على الظالم هو أكبر مفسدة، وخير الجهاد كلمة حق عند سلطان ظالم، وقصص نهاية عتاة الطغاة وزوال دولهم لا تنتهي، والتاريخ يعيد نفسه، ولكن الطغاة واتباعهم تغرهم انفسهم، وتعمى أعينهم، ولا يستفيدون من دروس التاريخ، فذكر إن نفعت الذكرى، بنهاية الامبراطور نابليون (الذي اعتدى على مصر) بعد هزيمته فى معركة واترلو عام 1815 واستسلامه للبريطانيين واعتقاله ونفيه، واعدام الفاشستي بينيتو موسوليني مع عشيقته (ايطاليا 1945)، وانتحار النازي ادولف هتلر وعشيقته (المانيا 1945)، إصابة الدكتاتور انطونيو سالازار بالشلل الدماغي مؤسس الدولة الجديدة الدكتاتورية (البرتغال 1968)، وإعدام الشيوعي نيكولاي تشاوشيسكو وزوجته إلينا رمياً بالرصاص (رومانيا 1989)، وهم من عتاة المجرمين المستبدين الذين استذلوا شعوبهم واستبدوا بالحكم طويلاُ، ومقتل جون كينيدي على يد مخابراته (الولايات المتحدة 1963)، وقتل انديرا الهندوسية على يد حرسها الخاص السيخ (الهند 1984)، وفي عالمنا العربي، لن تجد نهاية طبيعية لحكامها الذين استبدوا بحكم بلادهم، من نفي فاروق ملك مصر على يد ضباطه الذين اقسموا يمين الولاء له ووفاته مفلساً في المنفى (18 مارس 1965)، وقتل ناصر للمشير عامر قائد جيشه وصديق عمره غيلة بالسم (13 سبتمبر 1967 وعمره 47 عاماً)، ونفوق ناصر مهزوماً مدحوراً، بعد أن أكلت الأمراض لسنوات أحشاءه وأسود وجهه، وتركت جثته لأيام في ثلاجة لحوم قصر القبة (28 سبتمبر1970 عن عمر 52 سنة)، وقتل السادات بالرصاص بيد ضابطه وسط جيشه وحراسه في احتفاله بيوم زينته (6 اكتوبر 1981)، وسجن مبارك وإدانته بسرقة أموال صيانة قصور الدولة الرئاسية بعد رئاسته مصر 30 سنة، وموته معزولاً بعد أن فقد عقله (25 فبراير 2020)، قتل معمر القذافي شريك مبارك بعد أن حكم ليبيا أربعين سنة، مختبئاً في ماسورة مجاري وقتل ضرباُ بالصرم (ليبيا اكتوبر 2011)، وكنا نعجب لكيفية موت شجرة الدر، وإعدام صدام في عيد الأضحى بعد حكمه 28 سنة (العراق 2006)، واعتقال بورقيبة على يد وزير داخليته بن علي (تونس 2006) وموته في المعتقل بعد أن فقد عقله، وهروب بن علي بعد الثورة التونسية (تونس ديسمبر 2010) وموته في المنفى، وقتل المشير علي عبد الله صالح بعد حكمه لليمن 34 سنة (اليمن 2017)، والقائمة تطول، وليست تلك دعوة للخنوع في انتظار سقوط الطاغية من تلقاء نفسه، ولكنها دعوة لكل من يعتد بنفسه ويحترم قيمه ويتمسك بعقيدته ومبادئه ويدافع عن وطنه وشعبه، كل في مجاله، بأن يكون له شرف المشاركة في إسقاط الجنرال المنقلب المسخ الدجال من علياءه، فهو فرض عين على كل قادر عليه، لكي يضعه في المكان الذي يستحقه تحت الأقدام، ويساهم في إسقاط دولة الظلم بجمهوريته الجديدة المزعومة، والله أعلم بعباده.
الكاتب المقدام
السبت، 21-01-2023 09:46 م
*** -1- في الدول التي تحكم حكماً استبدادياً مطلقاً، وأمثلتها كثيرة في الحاضر أو في التاريخ الحديث القريب، تجد أوضاع دولها ومآلاتها متطابقة، في كونها كلها بلا استثناء ينتهي أمرها بتدهور أحوالها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية، وتنتهي دائماً بالهزائم المذلة لبلادهم في الداخل والخارج، بعد فترة حكمهم المستبد الإجرامي الفاسد بالضرورة (هزيمة ناصرهم واحتلال سيناء وهزيمة جيشه المذلة في 1967 مثالاُ)، وتدفع دائماً الشعوب الثمن الباهظ لغفلتهم وسكوتهم عن فساد حكامهم، ونهاية حكامها السوداء تتشابه لحد التماثل، فتبدأ بشخص طموح طامع، يصعد بسرعة في مراتب السلطة في الجهة التي ينتمي إليها (في الجيش أو من داخل صفوف القوى الداخلية أو في الحزب المسيطر أو في غيره) باستخدام أساليب التملق والتزلف، وبإظهاره للطاعة المطلقة لرؤسائه في القيام بمهامهم القذرة (المجرم الشاذ صلاح نصر رئيس مخابرات ناصرهم المدحور، وقواده الضابط صفوت الشريف مثالاً)، وإبداءه للروح الوطنية الكاذبة (زوج ابنة زعيمهم ناصر، الضابط أشرف مروان عميل جهاز الموساد الإسرائيلى الملقب بالعميل «الملاك» مثالاً)، ومتاجرته بتفانيه الشخصي المزعوم من أجل الصالح العام (مبارك المدان بسرقة أموال القصور الرئاسية للدولة مثالاُ)، وانتهازه للفرص المتاحة أمامه، ويستغل الفراغ الذي ينشأ بعد الأزمات وفي أوقات الاضطرابات، للانقضاض على كرسي الحكم (المثال الأغلب من خلال الانقلابات العسكرية لمجموعة متواطئة من الضباط، وباستغلال القوة العسكرية التابعة التي تأتمر بأوامرهم دون مناقشة أو تفكير)، ويمالئ جماهير الشعب ليكسب تأييدها باستغلال أساليب الدعاية التعبوية (هيكل عراب ناصر وكاتب ميثاقه ومستشاره نموذجاُ)، وببعثه للقيم والعواطف الشعبوية، وبإيقاظه لروح العنصرية البغيضة فيهم، وبتأميلهم بالتقدم والرفاهية المزعومة (مصر فوق الجميع)، وبعد تمكنه من سلطة الحكم، يقوم بتصفية شركائه الذين أوصلوه إلى سدة الحكم (ثورة 15 مايو واعتقال السادات لزملائه مثالاً)، لإخضاع الباقين له، وبعد تأجيجه للصراعات الطائفية والعنصرية والطبقية والسياسية بين فئات الشعب، تصبح جماهير الشعب منقسمة على نفسها ومنهكة وضعيفة ومشوشة ويائسة، فيسهل السيطرة عليها، ويبدأ بعدها في مرحلة القمع والتخويف للشعب، والتنكيل بكل من يعارض إرادته المطلقة، وانفراده بشئون الحكم دون معارضة، ويتطور به الأمر إلى التمكن التدريجي من كل مفاصل الدولة، وتعيين أزلامه من الإمعات الفشلة في أهم مناصبها بدعوى أنهم أهل الثقة، ليكونوا أذرع وأعين خاضعين له، وتتمركز كل السلطات في الدولة في يده، وتئول شئون الحكم فيها إلى سيطرة رأس النظام الحاكم الذي يحكم بسلطات مطلقة، ويحولها إلى شبه دولة مستضعفة منبطحة فاشلة، وتدين له كل السلطات العسكرية والأمنية والتنفيذية والمحلية والتشريعية والقضائية والإعلامية، ولا يبقى من تلك السلطات إلا اسمها، ويتصارع ويتجسس بعضها على بعض بتحريض من زعيمهم المفدى، ويطيع قياداتها وأعضائها أوامره طاعة مطلقة، وتنفذ ما يمليه عليها دون مناقشة أو اعتراض، ويصل الأمر إلى تنازله عن سيادة بلده الإقليمية وثرواتها الوطنية وأمنها القومي لصالح أعدائها، بعد تحوله لعميل تابع لتلك القوى الخارجية الداعمة لحكمه، وأمام أعين اتباعه، وسكوتهم عن ما يرتكبه من جرائم الخيانة العظمى، بل ووسط تبريرهم لها، وهتافهم له على إنجازاته العظيمة (مثال لذلك تسليم ناصرهم المهزوم لسيناء للصهاينة، بعد سحبه لجيشه المهزوم منها، ليحتلها جيش إسرائيل إلى القناة، ثم خروج المظاهرات الموجهة للإشادة والهتاف لناصرهم وسط هزائمه، ورقص أعضاء مجلس الشعب برئاسة السادات في المجلس فرحاُ ببقاء زعيمهم ناصر الخالد المفدى، ودم الشهداء لم يجف بعد في سيناء)، ثم تخرج جوقة الناعقين الفجرة بأن الشيخ الشعراوي رحمه الله هو المسئول.