قضايا وآراء

معركة السيسي للتجديد لمفتي الإعدامات

أحمد علي
1300x600
1300x600
جاء في تقرير نشرته صحيفة الوطن المصرية الموالية بتاريخ 5 كانون الثاني/ يناير 2017م بعنوان: "الإمام الأكبر كلمة السر في اختيار المفتي والتجديد له": "كشفت مصادر بالأزهر أن الأمور بين المشيخة والدولة في تعقُّد وأزمة جديدة حال ترشيح الأزهر لشخصية غير "علام" لمنصب المفتي. وأكدت المصادر أن المشيخة لديها أزمة ثقة في معظم الشخصيات بدار الإفتاء لا سيما رجال المفتي السابق الدكتور على جمعة".

ونقول: يتمثل الصراع في أن السيسي مصمم على بقاء شوقي علام (مفتي الإعدامات) في منصبه، والعقبة التي تقف أمامه تتمثل في أن هيئة كبار العلماء -وفقا لقانون الأزهر- هي التي تختار المفتي بالتصويت من بين ثلاثة مرشحين، ويقتصر دور رئيس الجمهورية على التوقيع على قرار التعيين.

السيسي يقدم مشروع قانون هدفه التمديد لشوقي علام كمفتي للجمهورية

لم يتوقف الخلاف بين السيسي والأزهر الشريف، حيث قدم السيسي من خلال برلمانه الأول الذي كان يرأسه الدكتور علي عبد العال؛ مشروع قانون موقع عليه من رئيس اللجنة الدينية وستين عضوا في المجلس، يسعى من خلاله إلى إلغاء دور هيئة كبار العلماء في اختيار المفتي من بين ثلاثة مرشحين ورفع اسمه لرئيس الجمهورية لإصدار القرار بتعيينه، ليصبح دور اللجنة هو ترشيح ثلاثة أسماء ويختار هو من بينهم، فضلا عن تمكين الرئيس من المد للمفتي حتى بعد إحالته للتقاعد.

وقد نشرت أيضا ذات الصحيفة (الوطن) تطورات الخلاف حول مشروع القانون سالف الذكر بموجب تقرير بعنوان "رحلة قانون الإفتاء من وإلى دينية النواب: البرلمان يؤجل والأزهر يشيد" بتاريخ 25 آب/ أغسطس 2020م تقول فيه:

"فمنذ طرح القانون، تكررت اعتراضات الأزهر، وفي تموز/ يوليو من العام الجاري، أرسل الأزهر بخطاب للدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب، يتضمن رأي هيئة كبار العلماء في الأزهر في مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية المعروض على مجلس النواب، مؤكدة أن مواد هذا المشروع تخالف الدستور المصري، وتمس باستقلالية الأزهر والهيئات التابعة له، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء وجامعة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية، كما يخلُّ بالاستقلالية والحياد الذي ينبغي أن يتمتع بهما منصب مفتي الجمهورية.

وتبع ذلك تحفظ مجلس الدولة على مراجعة مشروع القانون المحال إليه من مجلس النواب بتاريخ 29 تموز/ يوليو الماضي، حيث أكد أن القانون مخالف للدستور المصري، ويصطدم صراحة مع نص المادة (7) من الدستور والقانون 103 لعام 1961م بشأن إعادة تنظيم الأزهر وهيئاته.

ومع بلوغ مشروع القانون مراحله الأخيرة للتصويت العام عليه وإقراره، طلب شيخ الأزهر حضور الجلسة العامة لمجلس النواب لشرح رؤية الأزهر في رفض مشروع قانون الإفتاء.

وفي ردة فعل مهمة ونتيجة للخلاف أرجأ مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبد العال الموافقة النهائية على مشروع قانون دار الافتاء المصرية خلال الجلسة العامة أمس، وقالت مصادر برلمانية إن عبد العال أحال مشروع القانون مرة أخرى للجنة الشئون الدينية والأوقاف للدراسة، ومراجعة الملاحظات الواردة من مجلس الدولة. وقد رحب الأزهر بإرجاء التصويت على قانون تنظيم دار الإفتاء، مؤكدا أن مصر ستبقى دائما دولة تحترم الدستور وتعلي سيادة القانون..".

بعد فشل تمرير مشروع القانون.. السيسي يُشرع بقرار ويجــدد لشوقي علام رغم أنف الأزهـر

ورغم كل ما تقدم، ورغم ما قرره مجلس الدولة من أن مشروع القانون مخالف للدستور المصري، إلا أن السيسي فعل ما فعله عندما صمم على التنازل عن تيران وصنافير لحساب إسرائيل حتى يحول مضيق تيران إلى مياه دولية، ويفتح الطريق لإسرائيل لإنشاء قناة موازية لقناة السويس، وفي جميع الأحوال يكون مرورها في المضيق دون حاجة إلى إذن من مصر، حتى ولو كانت تتحرك في المضيق بسفن حربية ولو كانت تحمل رؤوسا نووية.

فعلها السيسي ضاربا عرض الحائط بالجميع حيث أصدر القرار رقم 339 لسنة 2021م والذي نص على:

"تُمد خدمة الأستاذ الدكتور شوقي إبراهيم عبد الكريم موسى علام -مفتيا لجمهورية مصر العربية لمدة عام- اعتبارا من 12/8/2021م".

وجعل لقراره سالف الذكر سندا ما أنزل الله به من سلطان، ولا أجازه تشريع على مستوى العالم، حيث ضرب عرض الحائط بالسلطة التشريعية، وقانون الأزهر، وفتوى مجلس الدولة، وتعدى على اختصاص السلطة التشريعية، حيث أصدر القرار رقم 338 لسنة 2021م مغتصبا به سلطة البرلمان، والذي نص فيه على أن:

"تعتبر دار الإفتاء المصرية من الجهات ذات الطبيعة الخاصة، ولا تسري على الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية بها أحكام المادتين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية".

وبذلك استطاع السيسي وبالمخالفة للدستور وقانون الأزهر ورأي مجلس الدولة، أن يحقق الاستقلال لدار الإفتاء ويفصلها عن الأزهر، ويجعلها خاضعة لقرارته بشكل كامل، ليستخدم فتاوى المفتي الخصوصي في محاولات هدم الإسلام وإبادة خيرة المسلمين، والتي لم يفلح فيها أعتى الطغاة وأقوى الإمبراطوريات على مر التاريخ.

ولكي نفهم ما الصلاحيات التي أراد أن يعطيها لنفسه كما أعطى لنفسه من قبل رتبة عسكرية، ينبغي أن نرجع إلى المادتين 17 و20 من قانون الخدمة المدنية.

فالمادة (17) من قانون الخدمة المدنية هي التي تفرض أن يكون التعيين في الوظائف الحكومية من خلال مسابقة وعلى ضوء شروط محددة لشاغل الوظيفة، أما المادة (20) فتنص على أن تنتهي مدة شغل الوظيفة بانقضاء المدة المحددة في قرار شغلها ما لم يصدر قرار بتجديدها.

ومما تقدم نفهم أن السيسي أراد أن يحرر نفسه وأي رئيس جمهورية عسكري قادم من أي شرط من الشروط المتعلقة بتعيين مفتي الجمهورية، لتصبح له سلطة مطلقة في اختيار المفتي، بالإضافة إلى فتح مجال التمديد لوظيفة المفتي حتى موت المفتي المطيع.

فقد أصبح المفتي ضرورة في ظل عملية الإبادة الجماعية التي ينفذها السيسي ضد الشباب المصري الذي يتجرأ لخوض غمار السياسة والمطالبة بالإصلاح، مستخدما (السيسي) المخطط الأمريكي "الحرب على الإرهاب" والقوانين التي أصدرها بناء عليه، وهي قانون مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية، فالأمر أصبح يحتاج مفتيا يؤيد أحكام دوائر الإرهاب السيساوية بإعدام فئات الشعب المصري الخارجة عن كلام الرئيس وأفعاله.

ولم يكتف السيسي بالتجديد والتمديد للدكتور شوقي علام للعام 2021م رغم بلوغه سن التقاعد بالمخالفة للدستور وقانون الأزهر ورأي مجلس الدولة، وإنما جدد له لعام آخر بتاريخ 12 آب/ أغسطس 2022، وقد نشرت صحيفة اليوم السابع على موقعها الإلكتروني بذات التاريخ هذا القرار.

من حق السيسي أن يتمسك بالمفتي شوقي علام الذي يفتي له بما شاء؛ إلى حد الإفتاء بإعدام شباب مصر الأبرياء في قضايا جنائية يعلم كل مصري كيف يتم حبكها وتلفيقها للمعارضين السياسيين في مصر، ويروج له بأن نصف مسلمي أوروبا العرب دواعش، وأن فتح القسطنطينية احتلال، وأن مشاهدة مسلسل أرطغرل حرام، بينما يسكت عن الجنس والفجور والخمور في المسلسلات المصرية.

بعض المزايا التي يحصل عليها شوقي علام ومن هو على شاكلته

على موقع جوجل وتحت عنوان "شوقي علام ويكيبيديا" معلومات عن مفتي الإعدامات، بينها الوظائف التي يشغلها ويحصل بالطبع عنها على مكافآت مالية، وهي:

(أ) الوظائف المسندة إليه:

1- عضو لجنة إعداد برنامج الماجستير في معهد العلوم الشرعية بمسقط، بالاشتراك مع كلية التربية بجامعة السلطان قابوس بسلطنة عمان.

2- عضو لجنة الدراسات العليا في كلية الشريعة والقانون بطنطا.

3- عضو مجلس كلية الشريعة والقانون بطنطا.

4- عضو مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي.

5- عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.

6- عضو اللجنة الدائمة لجائزة وزارة الأوقاف للدراسات الإسلامية.

7- عضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور ممثلا عن الأزهر بصفة أساسية، بناء على قرار رئيس الجمهورية برقم (570) لسنة 2013.

8- عضو مجمع البحوث الإسلامية بناء على القرار رقم (53) لسنة 2014.

9- عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي بناء على قرار رئيس الجمهورية.

10- عضو الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بناء على قرار رئيس الجمهورية.

11- رئيس اللجنة التنفيذية العليا بجمعية البترول والثروة المعدنية.

12- عضو ومقرر مجلس أمناء بيت الزكاة والصدقات.

13- عضو مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي.

14- عضو لجنة الإصلاح التشريعي، التي أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا بتشكيلها في حزيران/ يونيو 2014م.

15- عضو لجنة تطوير مناهج التعليم، المختصة بوضع آليات لمراجعة مناهج التعليم الجامعي وما قبل الجامعي، ووضع خطة شاملة لتقييم هذه المناهج وتطويرها وتجديدها بما يتناسب مع كل مرحلة تعليمية، وذلك في العام 2015م.

(ب) الراتب والمزايا المالية وخلافه:

قرار السيسي جعل وظيفة المفتي بدرجة وزير، وجعل راتبه ومزاياه المالية والعينية وسائر مخصصاته من اختصاص رئيس الجمهورية وحده، وهذا ما تفعله الحكومات العسكرية لمصر منذ عام 1952م، حيث تستخدم الرشاوى لتجنيد المؤسسات لتعمل لصالحها ضد الشعب، وهو نفسه ما يفعلوه مع قضاة الدستورية والمناصب العليا في القضاء والجيش والشرطة، وللشعب رب يرأف به ويحميه ويخلصه من كل هذه المعاناة.
التعليقات (0)