سياسة عربية

ندوة بلندن.. وزيران سابقان يناقشان احتمالات مستقبل تونس

هل يمكن حدوث ثورة جديدة في تونس؟ - عربي21
هل يمكن حدوث ثورة جديدة في تونس؟ - عربي21

رأى وزيران تونسيان سابقان أن الانقلاب في تونس غير قابل للاستمرار، رغم الانقسام الحالي في البلاد. ولم يستبعدا قيام ثورة جديدة، وأن "المكتسبات" التي تحققت خلال السنوات العشر الماضية ليس من السهل القضاء عليها.

وفي ندوة بعنوان "عام على انقلاب سعيد: مستقبل التجربة الديمقراطية في تونس"، نظمها منتدى التفكير العربي في لندن، قالت الوزيرة التونسية السابقة، سهام بادي، إن سعيد استغل "لحظة استثنائية"، واستخدم الفصل 80 من الدستور، وقالت إنه يريد إجهاض المؤسسات التي تم بناؤها خلال السنوات العشر بعد الثورة.

ووصفت بادي الإجراءات التي قام بها سعيد في 25 تموز/ يوليو 2021 بأنها "لحظة تاريخية" قسمت البلاد إلى قسمين، قسم يضم "اليسار الوظيفي"، وهو كان أول المزكّين للانقلاب ودعم النظام القديم، ووجد في قيس سعيد "الرجل الذي يمكن التخفي وراءه للانقلاب على الديمقراطية والعودة إلى زمن ابن علي"، وقسم يضم الأحزاب التي وصفت ما جرى بالانقلاب منذ اللحظة الأولى.

وأشارت إلى أن سعيد استغل فشل الأحزاب لتنفيذ انقلابه، لكن كان يظن أنه سينجح، وأن لا أحد سيقف في وجهه، لكن تكوّن شارع سياسي قوي، وتشكّلت بعض التنظيمات لمواجهته. أما "الشارع الاجتماعي" ممثلا باتحاد الشغل، فلم يلتحق بصفوف المناهضين لسعيد بعد.

وقالت إن اتحاد الشغل ساهم في تعطيل المسار الديمقراطي، وإنه جزء من الدولة العميقة. وعبرت عن اعتقادها بأن اتحاد الشغل عليه ملفات فساد، إضافة إلى قضية عدم قانونية انتخاب قيادته الحالية، وقالت إن سعيد ربما يستغل هذه الملفات لإسكات الاتحاد.

وعبّرت عن اعتقادها بأن الانقلاب على الثورة لا يستهدف حركة النهضة فقط، "ولو كان اليسار هو الذي أمسك بالسلطة بعد الثورة، فسيكون هناك انقلاب وسعي لضرب الديمقراطية، لأن هناك رفضا خارجا لقيام أي ديمقراطية في المنطقة"، كما قالت.

وأشارت إلى أن الانقلاب كان "بهندسة مصرية، وبمتابعة على أرض الواقع، مع اختلاف أن الجيش والأمن في تونس ليس كمصر، وسعيد ليس كالسيسي".

وأوضحت بادي أن "الخلافات بين النسيج السياسي هي جزء من الفشل الذي قاد إلى هذا المشهد"، لكنها رفضت تحميل حركة النهضة وحدها المسؤولية.

وأضافت: "النهضة نجحت في أشياء وفشلت في أشياء، لكن الأحزاب الأخرى أيضا نجحت وفشلت". وشددت على ضرورة عدم تهميش أحد.

وقالت: "ليس لدينا خيار إلا المقاومة"، متحدثة عن خيار الانتفاضة الشعبية". وأضافت: "إذا نجح الخارج فسنُحكم من السفارات"، أما الاحتمال الثاني، فهو أن يتمكن سعيد من "فرض الديكتاتورية"، فيما الحل هو "بالعودة للمسار الديمقراطي وعدة المؤسسات وإجراء انتخابات مبكرة".

من جهته، قال وزير الخارجية التونسي الأسبق، رفيق عبد السلام، إن ما يجري في تونس هو انقلاب، رغم أن من قام به هو رئيس منتخب، مضيفا: "مشهد وجود دبابات أمام البرلمان يغني عن أي حديث".

وذكّر عبد السلام بحديث التونسيين عن "الاستثناء التونسي" في الديمقراطية، "لكن تبين أن تونس ليست معزولة، فمنذ انطلاق الثورات المضادة وتونس تسبح عكس التيار".

وشدد على أن الأزمات التي تشهدها المنطقة هي نتيجة الثورات المضادة وليس الثورات نفسها.

وقال إنه حدث هناك فرز في الساحة السياسية في تونس، مؤكدا أن "غالبية القوى السياسية تعارض الانقلاب، لكن بعض القوى دعمته لتقاسم الغنيمة"، ولكن سعيد استبعدها لاحقا.

وشدد على أنه ليست هناك كتلة سياسية تونسية رئيسة تدعم الانقلاب، ورأى أن الانقلاب "معزول داخليا وخارجيا"، وأن سعيد بات يعتمد على القوة الخشنة فقط.

وأشار إلى أن سعيد ليس لديه كتلة انتخابية كبيرة، وأن من انتخبوه في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية هم من القاعدة الانتخابية للأحزاب السياسية. وهذه الكتلة التي انتخبته في الجولة الأولى تآكلت أيضا، مدللا على ذلك بعد الاستجابة لدعوات سعيد للنزول للشارع، وفق تقديره.

وقال إن سعيد ليس لديه أفق للاستفتاء على الدستور، معربا عن اعتقاده بأن الاستفتاء على الدستور سيفشل مثلما فشلت الاستشارة الإلكترونية التي نظمها سعيد سابقا، ولم يتفاعل معها سوى 5 في المئة ممن يحق لهم الانتخاب.

وقال إن الدستور الذي طرحه سعيد للاستفتاء "كتبه بيده"، بينما استغرقت كتابة دستور الثورة نحو ثلاث سنوات، وشاركت فيه كل القوى السياسية. وأكد أن دستور سعيد لا يحظى بشرعية أو مشروعية، متوقعا أن تكون نسبة الإقبال على الاستفتاء ضعيفة.

وتوقع عبد السلام أحد سيناريوهين في تونس، إما أن يحكم سعيد لبعض الوقت قبل الانقلاب عليه عسكريا، أو العودة لأجواء الثورة في 2011 لتنطلق انتفاضة شعبية جديدة.

ولفت إلى أن مقولة أن الجيش في تونس لا يتدخل في السياسة "ليست أزلية، وقد تتغير".

وأشار إلى أن القوى السياسية هي في وضع متقدم الآن، وقد تعلمت من التعامل مع نظام ابن علي سابقا، معتبرا أن النخبة السياسية متقدمة على الشارع حاليا، وأن الشارع يحتاج وقتا حتى يتحرك.

وقال إن تونس خلال السنوات العشر بعد الثورة استطاعت دخول "النادي الديمقراطي"، وأنه تم بناء مؤسسات وإشاعة الحريات، وهذه "تركت آثارها في نفوس التونسيين". ورأى أن مكتسبات الثورة قائمة، وأن الشعب ما زال يدافع عنها.

وأوضح أنه كان هناك دعم للانقلاب من الخارج، "ولكن إذا كانت هناك إرادة صلبة في تونس، فإن المزاج الدولي سيتغير"، لافتا إلى أن الموقف الدولي رغم رفضه المعلن لكنه في النهاية يتبع مصالحه، خصوصا الأوروبيين الذين يركزون على أمرين، هما مواجهة الهجرة غير الشرعية ومكافحة الإرهاب، و"إذا توفر ذلك فلتكن ديكتاتورية"، كما قال.

ودافع عن سجل حركة النهضة منذ الثورة، وقال: "نجحنا في تأجيل الانقلاب منذ عام 2014"، لكن موازين "القوة الصلبة أكبر منا"، رغم تأكيده أن الثورات أقوى من الثورات المضادة.

ورفض الانتقادات للتحالف مع أحزاب مثل نداء تونس، مبررا ذلك بأن الصندوق جاء به، و"الخيار الآخر هو الحرب الأهلية"، وفق قوله.

 

(تم تعديل التقرير لتصحيح اسم الوزيرة السابقة سهام بادي)

التعليقات (3)
سهام بن سدرين
الأحد، 17-07-2022 03:42 م
ارجو منكم تصحيح المعلومة: انا لم اسافر إلى لندن ولم أشارك في هذه الندوة بتاتا.
منذر بن محمد
الأحد، 17-07-2022 11:17 ص
سهام بادي و ليس بن سدرين
عبدالله بنمحمود
الأحد، 17-07-2022 07:00 ص
الوزيرة اسمها سهام بادي