قضايا وآراء

الشرعية الليبية من الدفاع إلى الهجوم إلى النصر

أحمد القديدي
1300x600
1300x600

حتى في زحمة أحداث الحرب الروسية ـ الأوكرانية ومعضلات انتهاك الأقصى الشريف وتفاقم الهمجية الإسرائيلية يجب أن لا ننسى حالة ليبيا، لأنها رغم مسار الأشقاء الليبيين نحو الوفاق والسلام فهي تظل هشة.. المؤسسات معرضة للمخاطر بسبب استمرار التدخلات الأجنبية المختلفة وتواجد حكومتين وبرلمانين. 

وشهد ميناء الزويتية يوم الإثنين الماضي استيلاء مجموعات تابعة لحفتر قامت بمنع تصدير النفط في ظرف ارتفع فيه سعر البرميل وكان من الممكن استفادة الشعب الليبي بثروته (الشعب الليبي يخسر يوميا 40 مليون دولار)، فتحرك رئيس الحكومة الشرعي عبد الحميد الدبيبة إلى الجزائر للتنسيق مع الجار الذي يقاسمه إنتاج الطاقة ويعترف بشرعية حكومته.. ورغم أن السحر انقلب على الساحر وانقلاب الظلم على الظالم فإن ليبيا العزيزة تستعيد الأمل المشروع في عودة الأمن والسلام ضمن دولة قانون مدنية يسعى إليها منذ ثورة الشعب الكبرى عام 2011 بعض من تعلق بدولة القانون وعلى رأسهم فائز السراج الرجل الوفي لشعبه وخاصة الحريص على خوض المعارك ضد الاستبداد وعسكرة المجتمع، فلم يتردد ولم يتعثر ولم ترتعش يداه وهو يعلن جهادا مدنيا ضد الهمجية التي تساندها القوى الأجنبية آكلة لحوم الشعوب. 

وحتى نفهم الأوضاع السياسية في ليبيا والمغرب العربي لا بد أن نحلل الوضع العسكري الميداني الذي عرضه موقع (باب بنات) وهو أشهر المواقع الإعلامية الإستراتيجية المغاربية.. ونلخص ما جاء فيه من تفاصيل وإحصاءات وانتصارات حيث أن: "مكاسب قوات الوفاق من خلال عاصفة السلام تحققت أهمها التحول في ظرف أسبوع من الدفاع إلى الهجوم بتحرير كل مدن الساحل الغربي والاستيلاء الكامل على قاعدة الوطية العسكرية والسيطرة شبه الكاملة على السماء ثم فرض الحصار من خمس جهات على مدينة ترهونة.. ونتج عن كل هذه الانتصارات أسر 430 مرتزقا وعميلا وتوقف الهجوم العدواني على طرابلس البطلة. 

كما أطلق الوفاق عملية عاصفة السلام يوم 26 آذار (مارس) 2020.. وأمام الغدر والمراوغة استمرت عمليات حكومة الوفاق الشرعية ضد المتمردين والمرتزقة لأنّ حفتر تظاهر بالالتزام باحترام هدنة (الكورونا) التي عرضتها منظمة الأمم المتحدة على الجانبين فقبل بها فائز السراج لكن المغامر خليفة حفتر وقّع عليها ثم ما لبث أن خرقها بقذف مدفعي وصاروخي من أسلحة ثقيلة ظنًّا منه أنها خديعة حرب!. 

 

ليت جيران ليبيا (تونس و الجزائر) تشعران بدقة ومخاطر هذه المرحلة الحاسمة فتختاران بدون تردّد جبهة المدنية والديمقراطية المنتصرة، فتكون الدبلوماسية لديهما في مستوى عبارة الرئيس عبد المجيد تبون (طرابلس خط أحمر) لأنّ حفتر هو الذي سيفتح لا قدر الله أبواب المغرب العربي لصفقة القرن المشبوهة وبيع القدس وعودة الاستبداد..

 



وكان الانتصار العسكري الأول والأكبر هو السيطرة على أهم قاعدة استراتيجية اتخذها حفتر مركزا للقيادة العسكرية العملياتية والسياسية يدير منها عصابات انتدبتها له حكومات ظالمة من 7 جنسيات مختلفة أغلبهم من دول بعيدة ألا وهي قاعدة الوطية (150 كلم جنوب غربي العاصمة طرابلس). 

هذه القاعدة بناها الجيش الأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، وهي في مكان منعزل عن القرى المدنية تتمتع بتحصينات طبيعية وخنادق قديمة تحيط بها من كل جانب وقد استعملها حفتر منذ استيلائه على مدينة الزنتان (170 كلم عن طرابلس). 

هذا النصر النوعي حققته كتيبة قليلة العدد من كومندوز تابع لجيش الوفاق قوي العزيمة يتمتع بقدرة كبيرة على إحداث المفاجأة لدى العدو تسللت باحترافية مذهلة إلى محيط القاعدة ليلًا مستعملة المناظير الإلكترونية الليلية العاملة بالليزر. 

كان الهجوم مباغتا وتفاجأ المقيمون في القاعدة وعددهم بالآلاف بقوة شبحية تتركب من عشرات أبطال الكومندوز وكان من المستحيل استعمال حفتر للطائرات لأنّ الطيّارين من ضمن الأسرى وقادهم الكومندوز بعد ساعة نحو طرابلس ولم تنجح الميليشيات في إنقاذهم أو إلحاق خسائر بكتيبة الوفاق وتمّ إسقاط طائرة إماراتية مسيّرة جنوب مدينة العجيلات عقبتها عملية قصف لنفس القادة حيث دمر الطيران الوفاقي الشرعي 3 مقاتلات وهي على أرض القاعدة. 

وأصبحت قوات الوفاق مسيطرة بعد هذه الانتصارات نهاية شهر آذار (مارس) 2020 على كامل الشريط الساحلي الإستراتيجي الممتد من الحدود مع تونس إلى منطقة أبو قرين (أكثر من 500 كلم). ورغم أنّ معركة ترهونة لم تحسم في اليوم الأول إلا أنّ قوات الوفاق شدّدت الحصار عليها وأحكمت سيطرتها على جميع مداخل المدينة باستثناء الجنوبية باتجاه مدينة بني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس) التي تدعم معظم كتائبها حفتر. 

يوما فيوم يتجلى انتصار الحق على الباطل والخير على الشر والشرعية على الميليشيات. ليت جيران ليبيا (تونس و الجزائر) تشعران بدقة ومخاطر هذه المرحلة الحاسمة فتختاران بدون تردّد جبهة المدنية والديمقراطية المنتصرة، فتكون الدبلوماسية لديهما في مستوى عبارة الرئيس عبد المجيد تبون (طرابلس خط أحمر) لأنّ حفتر هو الذي سيفتح لا قدر الله أبواب المغرب العربي لصفقة القرن المشبوهة وبيع القدس وعودة الاستبداد.. وهو هدف القوى الجائرة حليفة اليمين الإسرائيلي المتطرف، وما تعيين فتحي باشاغا رئيسا لحكومة موازية (ومقره في تونس الجارة!) سوى مناورة لتضليل الرأي العام الإقليمي والدولي وتمديد مأساة الشعب الليبي الراغب في أمنه واستقرار دولته وعودة دور ليبيا في المجتمع الدولي كدولة سلام ووفاق وديمقراطية.


التعليقات (0)