أفكَار

يوم سنوي ضد الإسلاموفوبيا.. هل يسهم بتبديدها؟

هل ستتراجع ظاهرة الإسلاموفوبيا بعد تخصيص يوم عالمي لمواجهتها؟  آراء خبراء
هل ستتراجع ظاهرة الإسلاموفوبيا بعد تخصيص يوم عالمي لمواجهتها؟ آراء خبراء

تنامت في السنوات الأخيرة ظاهرة الإسلاموفوبيا، في العالم الغربي، والتي تعني الخوف المرضي، أو الرهاب الجماعي من الإسلام والمسلمين، خاصة بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في أمريكا، والتي أُسندت إلى تنظيم القاعدة. 

ترجع الصورة النمطية السائدة عن الإسلام والمسلمين في العالم الغربي إلى الرؤى الاستشراقية التي أشاعت ورسخت صورة مشوهة ومنفرة عن الإسلام والمسلمين في الأوساط الغربية، بتصويره دينا يحض على الكراهية والإرهاب والتطرف واستباحة دماء غير المسلمين، وتصوير العالم الإسلامي بالتخلف، والبعيد عن التحضر والعقلانية، والذي يعمه الطغيان، ويسود فيه الاستبداد، وتغيب عنه الديمقراطية، وتضمحل فيه حقوق الإنسان. 

تبديد تلك الصورة المشوهة عن الإسلام والمسلمين، يتطلب جهودا مكثفة وممنهجة، لبيان رسالة الإسلام في سعيها لإيصال الهداية الربانية لسائر البشرية، وإظهار صفة رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام التي بعثه الله بها، كما جاء ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.

كما يتوجب على الدول العربية والإسلامية الاضطلاع بهذه المهمة بشكل رسمي في المحافل والمؤسسات الدولية، نهوضا بواجب الدعوة والتبشير، وفي الوقت نفسه بذل الجهود لمكافحة الرهاب من الإسلام والمسلمين في العالم الغربي. 

وفي هذا الإطار، وبمبادرة من باكستان وتركيا، قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، الثلاثاء 16 آذار (مارس) بإجماع أعضائها اعتماد 15 آذار (مارس) من كل عام يوما لمكافحة الإسلاموفوبيا.

ويدعو النص غير الملزم إلى "تعزيز الجهود الدولية لتشجيع حوار عالمي بشأن تعزيز ثقافة التسامح والسلام على جميع المستويات على أساس احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات". 

كما عبّر القرار عن "الأسف الشديد إزاء كل أعمال العنف ضد الأشخاص على أساس دينهم أو معتقداتهم والأفعال الموجهة ضد أماكن عبادتهم، وكذلك كل الاعتداءات على الأماكن والمواقع والمزارات الدينية وفي داخلها، التي تشكل انتهاكا للقانون الدولي".

ووفقا لمراقبين فإن توجه الزعماء والقادة العرب والمسلمين لإظهار الصورة المشرقة عن الإسلام، وتفكيك الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام والمسلمين في العالم الغربي، من على منابر المحافل والمؤسسات الدولية، يساهم بشكل جيد في تبديد تلك الصورة المشوهة عنه وعن المسلمين، وهو ما يساعد بشكل فعال في مكافحة الإسلاموفوبيا في العالم. 

وفي هذا السياق لفت الصحفي الباكستاني، حذيفة فريد إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان تحدث في أول خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن قدسية الرسول عليه الصلاة والسلام، منتقدا ما يسمى بحرية التعبير عند الغرب أنه حينما يمس جناب المصطفى فإنه يسيء إلى مشاعر 2 مليار مسلم حول العالم.

 

                        حذيفة فريد.. صحفي باكستاني

وأضاف: "خلال السنوات الأربع الماضية عملت الحكومة الباكستانية على هذا الأمر، فقد كان هناك مشروع لقناة مشتركة ما بين ماليزيا وتركيا وباكستان بخصوص الإسلاموفوبيا، لكن حتى هذه اللحظة لم ترَ هذه القناة النور، وهناك أيضا برنامج "رحمة للعالمين" وهو بإشراف رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، للتعريف بالرسول عليه الصلاة والسلام، وبيان صورته المشرقة، وخصاله الحميدة والزكية للعالم". 

وتابع فريد حديثه لـ"عربي21" بالقول: "باكستان تبذل ما في وسعها من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا، وبدأنا نرى ثمرات هذه الجهود بإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 15 مارس من كل عام يوما عالميا لمكافحة الإسلاموفوبيا، وهذا لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة تعاون إسلامي، وباكستان تقدمت بمشروع هذا القرار نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي". 

وعن مدى انعكاس وتأثير تحديد 15 مارس يوما عالميا لمكافحة الإسلاموفوبيا، رأى فريد أنه "سيساهم في تقديم صورة جيدة عن الإسلام والمسلمين، وسيعرف العالم الغربي على رسالة الإسلام الربانية، ويقدم لهم شخصية الرسول العظيمة بنقائها وطهرها وإنسانيتها، بعيدا عن كل صور التشوية والتدليس والتلبيس التي استقرت في الذهنية الغربية عبر العقود الماضية، وهذا جهد مبارك سيكون له أثره الطيب إذا تتابعت الجهود لخدمته". 

من جهته أشاد الأكاديمي الأردني، رئيس مجلس إدارة قناة "الحوار" في لندن، الدكتور عزام التميمي بـالمبادرة الباكستانية، واصفا إياها بـ"الجهد المشكور، وبأنها تعبر عن موقف في غاية النبل، وخاصة عندما نرى بعض حكام العرب يساهمون في تغذية العداء للإسلام والمسلمين باسم مكافحة التشدد والتطرف والإرهاب، فيدعمون المنظمات المتطرفة، سواء كانت كنسية أو علمانية، في مختلف أنحاء العالم الغربي".

وأضاف: "كما يمولون مراكز البحث والدراسات المسيسة حتى تصدر دراسات تبرر حربهم على الإسلام والمسلمين، ويتواطؤون مع حكومات مثل روسيا والصين والهند وماينمار إذ تنكل بالمسلمين تعذيبا وقتلا وتهجيرا وفتنة عن دينهم، ومع ذلك فقد أثارت مبادرة عمران خان حفيظة من يشاركون في الحرب على الإسلام حول العالم، فراحوا ينسقون من أجل الحيلولة دون أن تتبنى الأمم المتحدة الفكرة المطروحة". 

 

                   عزام التميمي.. رئيس مجلس إدارة قناة "الحوار" في لندن

وردا على سؤال "عربي21" عن مدى مساهمة القرار في تبديد الهواجس والمخاوف والرهاب من الإسلام في الغرب، قال التميمي "قد لا يساهم إعلان الأمم المتحدة عن 15 مارس يوما عالميا لمكافحة الإسلاموفوبيا في تبديد جميع تلك المخاوف والهواجس والرهاب، لكنه بكل تأكيد سوف يعزز من جهود الذين يقفون بالمرصاد لأعداء الحرية والإنسانية، وسيوفر منصة جديدة للانتصار للمستضعفين في الأرض". 

وتابع: "خاصة أن هذه القضية بدأت تأخذ أبعادا تتجاوز المسلمين، لأن من يكرهون المسلمين اليوم ويستضعفونهم ويحرضون عليهم، ويسعون لإخراجهم من البلدان التي استقروا فيها بحثا عن الحرية والكرامة والعدالة هم أنفسهم ورثة من ارتكبوا أبشع الجرائم من قبل ضد أقليات دينية أو عرقية أخرى، ومنها الأقلية اليهودية في أوروبا التي تعرضت لمذابح وصلت ذروتها في المحرقة النازية، التي ما تزال وصمة عار في جبين الغرب، رغم أن الدول الاستعمارية استغلتها لتمكين الحركة الصهيونية من احتلال فلسطين حيث ينكل بأهلها منذ ما يقرب من قرن".

ووصف التميمي مبادرة عمران خان بـ"المهمة لأنها تأتي في وقت بات فيه كثير من الناس في الغرب يخشون من تداعيات الإسلاموفوبيا على مجتمعاتهم، ليس لأنهم يتعاطفون بالضرورة مع الإسلام والمسلمين بل لأنهم يرون في الإسلاموفوبيا تجددا لمشاعر العداء ضد الإنسانية بعمومها، فالكارهون للإسلام اليوم إذا ما تم السكوت عنهم لسوف يحملون معاولهم وأسلحتهم ويشهرونها في المستقبل ضد آخرين غير المسلمين إذا ما اعتبروا أنهم يشكلون "الآخر" الذي لا يستحق أن يعامل بإنسانية وكرامة". 

بدوره اعتبر الأستاذ المشارك في العقيدة الإسلامية بجامعة مينيسوتا في أمريكا، الدكتور أحمد الحنيطي "الجهود الرسمية لمكافحة الإسلاموفوبيا ضرورة ملحة، وهو واجب على كل دولة تدين بالإسلام، كالمبادرة الباكستانية والتركية التي أثمرت عن صدور هذا الإعلان الأممي، وكما في رسالة عمان من قبل، التي بشر بها الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، لنشر رسالة الإسلام السمحة والوسطية".

 


 
وأردف لـ"عربي21": "ومع أن تلك الجهود الرسمية تصب بشكل تراكمي في خدمة الإسلام وتنقية صورته، ومكافحة الإسلاموفوبيا في العالم الغربي، إلا أنها مبعثرة ومتناثرة، وهو ما يتطلب مزيدا من التنسيق والمتابعة بين الدول العربية والإسلامية، للمساهمة بصورة فعالة في تحقيق الأهداف المرجوة". 
وشدد الحنيطي على "ضرورة تضافر كل الجهود الرسمية والشعبية، وتوزيع المهام والمسؤوليات، كل فيما يحسن ويقدر عليه، من أجل مواجهة ومكافحة كل من يريد تشويه صورة الإسلام، والإساءة إلى تعاليمه وأحكامه ورسوله، وإظهار الصورة الحقيقية للإسلام بنقائه وصفائه، وهداياته للبشر جميعهم". 

ولفت في ختام حديثه إلى أن وسائل الإعلام الغربية ما زالت "تركز في موادها الإعلامية، وتقاريرها الصحفية على ما من شأنه الإساءة للإسلام، والمساهمة في تشويه صورته، والتركيز على الفتاوى الشاذة والغربية، وكذلك إبراز سلوكيات بعض المسلمين المنفرة، وإظهار الأخطاء التي ترتكبها بعض الحركات الإسلامية، وهو ما يوجب التصدي لذلك كله، بشكل مدروس وممنهج تتضافر فيه كل الجهود الرسمية والشعبية لنصرة الإسلام، والذب عنه، والدفاع عن رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام". 


التعليقات (0)