قضايا وآراء

أوكرانيا مقبرة لبوتين أم بايدن؟

قطب العربي
1300x600
1300x600
الأمور بخواتيمها كما يقولون، والحرب في أوكرانيا لم تنته فصولا، لا زالت الحرب في جولتها الأولى التي كسبتها روسيا سريعا، لكن العين الآن على الرد الأوكراني، والذي أظهر مواقف متباينة حتى الآن.. إعلان رسمي بقبول التفاوض مع الروس على قاعدة حياد أوكرانيا وعدم انضمامها للناتو، وهو الإعلان الذي اختفى سريعا، لكن روسيا التقطته لتبدي قبولها للتفاوض ولكن على قاعدة استسلام أوكرانيا لمطالبها، بما في ذلك تغيير الحكم الحالي وتشكيل حكومة موالية لروسيا. ومن جهة أخرى أبدت أوكرانيا بوادر مقاومة رسمية وشعبية للغزو، تمثلت في ظهور الرئيس الأوكراني مع كبار مساعديه وسط العاصمة كييف، ورفضه عرضا أمريكيا بتوفير الملاذ الآمن له، وكذا استبسال قطاعات عسكرية أوكرانية في مواجهة القوات الروسية، وتشكل مقاومة شعبية داعمة للجيش..

لم يخف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الضابط السابق في المخابرات الروسية إبان العهد السوفييتي أطماعه التوسعية، لقد كان يرى أن تفكيك الاتحاد السوفييتي كارثة كبرى، وهو الآن يريد استعادة مجد الإمبراطورية القيصرية، وهو يعرف حدودها القديمة التي يسعى لاستعادتها ومن بينها أوكرانيا (45 مليون نسمة). وقد لا يتوقف الأمر على أوكرانيا حال استطاعته تثبيت نصره فيها، فقد يتجه إلى دول أخرى كانت ضمن نطاق روسيا القيصرية، وقد يسعى لاستعادة الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفييتي حالما تتهيأ له الظروف المناسبة، ومن بينها بطبيعة الحال الجمهوريات الإسلامية، ولن يكتف ساعتها بعلاقاته الاستراتيجية الودية معها.
لن يتوقف النزق البوتيني عند هذه الحدود، إذ ستتضخم لديه الروح القيصرية فيستعيد معاركها وثاراتها التاريخية مع الأتراك، ليبدأ التحرش بتركيا في مناطق التماس معها، متجاهلا علاقات التعاون التي بناها مع الرئيس أردوغان

لن يتوقف النزق البوتيني عند هذه الحدود، إذ ستتضخم لديه الروح القيصرية فيستعيد معاركها وثاراتها التاريخية مع الأتراك، ليبدأ التحرش بتركيا في مناطق التماس معها، متجاهلا علاقات التعاون التي بناها مع الرئيس أردوغان خلال الفترة الماضية، وهذا ما تدركه جيدا تركيا.

ولأن روسيا هي الدولة الأرثوذكسية الأكبر فإن ذلك سيدفع بوتين لتنصيب نفسه حاميا للأرثوذكسية في العالم، وقد حرص على وضع لمسة دينية على حربه في أوكرانيا التي تشاطره المذهب ذاته حين توجه إلى الكنيسة ملتمسا البركة من حوضها المقدس ومن كهنتها قبل بدء عملياته الحربية، التي يدرك أنها لا تستهدف أوكرانيا فقط، ولكنها تتعداها إلى ما هو أبعد وهو المجد القيصري المبني على المذهب الأرثوذكسي، والذي تعد أوكرانيا جزءا منه.

وقد تضمن خطاب بوتين في 21 شباط/ فبراير شباط هذه الإشارات الدينية ومنها قوله: "لفترة طويلة، أطلق سكان الأراضي الروسية القديمة الجنوبية الغربية التاريخية على أنفسهم اسم الروس والأرثوذكس. كان هذا هو الحال حتى القرن السابع عشر وبعده، عندما تم لم شمل أجزاء من هذه المناطق مع الدولة الروسية. نعتقد أننا نعرف كل هذه الأمور وأننا نذكر هنا عناصر يعرفها الجميع، ومع ذلك فأنا بحاجة للحديث عن هذه القضايا التاريخية لشرح ما يحدث اليوم وأسباب وأهداف تصرفات روسيا".

كما أبدى بوتين في خطابه رفضه لانفصال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن الكنيسة الأم في موسكو قائلا: "تتواصل في كييف تحضيرات المعاملة بالمثل للكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو. وهذا ليس بالتقييم العاطفي، بل يتم إثبات ذلك بقرارات ووثائق معينة. المسئولون الأوكرانيون قاموا وبشكل ساخر بتحويل انقسام الكنيسة إلى وسيلة لسياسة دولة. الإدارة الحالية في أوكرانيا، لا تستجيب لمطالب المواطنين بإلغاء القوانين التي تنتهك الحقوق الدينية للمواطنين الأوكرانيين. كذلك فإن مجلس الشورى الأعلى الأوكراني قام بإعداد تشريعات جديدة ضد رجال دين الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو والملايين من جماعتها".
هل سينجح بوتين في تثبيت انتصاره في أوكرانيا، ويفرض بالتالي خارطة عالمية جديدة؟ وهل سنرى عودة القطبية الثانية للنظام الدولي بين روسيا وحلفائها من جهة وأمريكا ولحفائها من جهة أخرى؟ أم أن أوكرانيا هي مجرد فخ أطلسي وقع فيه، ولن يخرج منه سالما؟ وكيف سيكون وضع النظام الدولي حال هزيمته في أوكرانيا؟

هل سينجح بوتين في تثبيت انتصاره في أوكرانيا، ويفرض بالتالي خارطة عالمية جديدة؟ وهل سنرى عودة القطبية الثانية للنظام الدولي بين روسيا وحلفائها من جهة وأمريكا ولحفائها من جهة أخرى؟ أم أن أوكرانيا هي مجرد فخ أطلسي وقع فيه، ولن يخرج منه سالما؟ وكيف سيكون وضع النظام الدولي حال هزيمته في أوكرانيا؟ وكيف ستتصرف أمريكا المنتصرة في هذه الحالة مع القضايا العالمية؟

الرئيس بوتين مصمم على استمرار الحرب حتى تحقق أهدافه، وهي إسقاط الحكومة الأوكرانية التي يصفها بالنازية -ويا للمفارقة فهو ليس أقل نازية- وكذا نزع سلاح أوكرانيا ومنع انضمامها للناتو، ولكن هذه الأهداف غير ممكنة التحقيق حتى لو احتل العاصمة كييف، فلا أوكرانيا الرسمية والشعبية يمكن أن تقبل ذلك، ولا المجتمع الدولي يقبل ذلك وإن بدا متخاذلا عن دعم أوكرانيا في الأيام الأولى، فلعله يراهن على حرب استنزاف طويلة، وعلى عقوبات اقتصادية وسياسية مؤلمة تنتهي بسقوط بوتين نفسه، وانهيار حلمه الإمبراطوري، وزعامته المسيحية العالمية.

قد تنقشع الحرب عن نظام عالمي ثنائي أو حتى ثلاثي الأقطاب: روسيا وحلفائها، أمريكا وحلفائها، الصين وحلفائها، ولو حدث ذلك فإنه سيفتح هامشا جديدا للعلاقات الدولية، بدلا من هيمنة القطب الأمريكي الواحد، لكن المشكلة بالنسبة لمنطقتنا أن هذه الأقطاب الثلاثة -ربما باستثناء الصين نسبيا- لديها ماض وحاضر بالغ السوء، ولا يمكن لدولنا منفردة مواجهة تغول هذه القوى، وأطماعها.
الحديث عن همجية الغزو الروسي لأوكرانيا لا يعني الانحياز للمعسكر الأمريكي، ولا التعاطف مع النظام الأوكراني الذي سبق له دعم الغزو الأمريكي للعراق، كما أنه يواصل دعمه للإجرام الصهيوني في فلسطين

العمليات العسكرية لا تزال متواصلة في الإقليمين اللذين أعلنا الاستقلال (دونيتسك ولوغانسك)، حيث لا يزال للقوات الأوكرانية حضور فيهما، ولكن روسيا تريد حسم المعركة سريعا من خلال استهداف العاصمة كييف بعمليات إنزال تتصدى لها القوات الأوكرانية حتى الآن (اليوم الثالث للحرب). وفي حال سقطت كييف فإن روسيا ستحاول عبر البروباجندا تأكيد انتصارها النهائي، وستسعى لفرض شروط الاستسلام المهين على الحكومة الأوكرانية. ولكن في المقابل فإن الشعب الأوكراني سيواصل المقاومة حتى لو انهزمت أو استسلمت حكومته، وسيجد قدوته في المقاومة الأفغانية التي هزمت الاتحاد السوفييتي السابق وأجبرته على الانسحاب من أفغانستان في العام 1988، كما أجبرت الأمريكيين على الانسحاب بعد عشرين عاما من الاحتلال أيضا في العام الماضي.

الحديث عن همجية الغزو الروسي لأوكرانيا لا يعني الانحياز للمعسكر الأمريكي، ولا التعاطف مع النظام الأوكراني الذي سبق له دعم الغزو الأمريكي للعراق، كما أنه يواصل دعمه للإجرام الصهيوني في فلسطين، بل الصحيح أننا نرفض من حيث المبدأ غزو دولة لدولة أخرى، وقهر شعبها. وهذا ينطبق على أوكرانيا الآن، كما كان هو الموقف ذاته ضد الغزو السوفييتي ومن بعده الأمريكي لأفغانستان، والغزو الأمريكي للعراق، وبطبيعة الحال الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين.

مصير الرئيسين بوتين وبايدن الآن على المحك، وستحدد نهاية الحرب وتسوياتها ما إذا كانت أوكرانيا مقبرة لبوتين أو لبايدن؟ لنرَ.

twitter.com/kotbelaraby
التعليقات (2)
الكاتب المقدام
الثلاثاء، 01-03-2022 03:04 ص
*** الشكر واجب للكاتب الكريم لعرضه القيم لبعض الجوانب الهامة التي تساعد في فهم طبيعة المواجهة الروسية الأوكرانية الحالية، التي فرضت نفسها على مسار الأحداث الدولية، وتطورت وقائعها بسرعة، كما أن المقالة عرضت بدقة لدراسة بعض النتائج المتوقعة التي يمكن أن تسفر عنها أحداثها في الأمد القصير والبعيد، وما يمكن أن تكون تأثيراتها على بلادنا، وما يمكن فعله حيالها، وإن كانت التحليلات الأولية تشير إلى أن بوتين قد ورط بلاده في حرب سيكون ثمنها فادح عليه، ولن تحقق لشعبه أي مصالح أمنية أو اقتصادية أو سياسية، وتدور الدوائر عليه، وقد جعلتنا تلك الأحداث نستعيد ونتذكر الصورة المخذية للمجرم الباطني النصيري العلوي بشار قاتل شعبه ابن المقبور حافظ، وابن اخ رفعت الأسد اللص الخسيس الهارب إلى اسبانيا بأموال الشعب السوري المنهوبة، والذين يعيشون مع زوجاتهم وأبناءهم في القصور يلهون ويلعبون ويعبثون، تاركين أبناء طائفتهم وعشيرتهم يعانون من الفقر والجوع والتخلف والجهل وذل الحاجة في أثمالهم البالية، في حين يمثل المجرم بشار راكعاُ بين يدي سيده بوتين، ومنبطحاُ تحت حذاء هذا الروسي المجرم، فيتزلل بشار لبوتين طامعاُ في نيل رضاه، عله يحميه من غضبة شعبه، وانتقام أبناء طائفته منه ومن عائلته على ما اقترفوه من جرائم في حقهم، في مقابل عمالة بشار لبوتين وخيانته لعشيرته وبلاده بتسليمه أرض سوريا ومرافقها وسواحلها وأجواءها لمرتزقة عصابة فاجنر من مجرمي الروس، مبدياُ الخضوع لنزواته الدنيئة، ويرتعد أمامه خوفاُ من غضبته عليه، فذلك طبع الحكام العملاء الجبناء الذين يستأسدون على شعوبهم، ويبيعون بلادهم للمحتل الأجنبي الخسيس، ولا يعدم أمثال بشار من إمعات يجندهم مقابل لقيمات يلقيها إليهم، ليرددوا دجلهم، ويشيدوا بانتصاراتهم الوهمية وبعظمتهم المكذوبة، ويسير على خطاه ودربه الجنرال المنقلب الدجال السيسي، الذي خلع عليه سيده بوتين سترته القديمة، فهلل لها وانفشخ بارتدائها وانفرجت أضابيره فرحاُ برضاه عنه، ونهايته ونهايتهم السوداء قريبة، حين يجرهم معه إلى حتفهم في مزبلة التاريخ مع أمثالهم من حثالة البشر.
متابع
الإثنين، 28-02-2022 12:47 م
تحليل ضحل يعكس فقط أحقاد على روسيا.. وتلميع للجبهة الأمريكية المقصوفة.. ثم التركيز على الدين وحعل الحرب أساسها ديني وفتح مسيحي ارثوذكسي يعبر عن تأثر عميق بالغزو الامريكي والتركي للأوطان العربية المبني على فتوحات اسلامية ارهابية و اثارة النعرات الطائفية وإشعال فتن دينية.. راجع التاريخ يا هذا قبل أن تكتب تحليل سطحي .. أمريكا ترفض القوة الروسية ندا لها وتريد كسر جمجمتها لكن أصحاب الشهامة والرجولة كبوتين يرفض ذلك ولهذا أثارت فتنة مع اوكرانيا لتهديد أمنه بنووي الناتو القذر المجرم... و هنيئا بوتين اقصف رؤسهم الاوغاد وقل لهم تحيا روسيا تجيا الصين تحيا كوريا تحيا فنزويلا تحيا سوريا تحيا فلسطين. وكل شريف يرفض الذل الامريكي ونهبه للثروات و اشعاله الحروب ... أنصحك أن تقرأ جيدا وتوسع مدارك عقلك وتخلع نعل الحقد والانحياز قبل أن تتخذدورالمحلل والكاتب. لأن الكلمة أمانة وشرف مسؤولون عنها أمام.. الله... أو امام الضمير أو أمام الانسانية