كتاب عربي 21

ستيفاني وليامز وقطار التسوية المتعثر في ليبيا

السنوسي بسيكري
1300x600
1300x600

تعود المفوضة بالإنابة السابقة للبعثة الأممية بليبيا، ستيفاني وليامز، إلى المشهد من جديد ولكن بصفة مستشار للأمين العام للأمم المتحدة في الشأن الليبي، ولهذه الصفة أسباب وسيكون لها تداعيات، فقد صار تعيين مبعوث خاص للأمين العام لليبيا محل جدل كبير بين الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، فقد تحفظت روسيا على تعيين المرشحين البرتغالي والبريطاني، ونجحت في تمرير إيان كوبيتش، ولأنها لن تقبل بستيفاني صار الخيار أن تحضر الأخيرة رسميا في المشهد الليبي ولكن بدرجة أقل من المبعوث وهذا قد يشكل عائقا أمام الدور المطلوب منها.

أجزم أن البيت الأبيض كان وراء إعادة وليامز لليبيا، ودواعي ذلك هو الارتباك في أداء البعثة بعد تولي كوبيتش والانحراف عن خارطة الطريق التي أشرفت على وضعها وليامز ولقيت قبولا واسعا في الداخل والخارج.

واشنطن تضغط بكل قوة لتغيير الوضع المأزوم الراهن عبر الانتخابات، والغاية هي إيجاد سلطة كاملة الشرعية لتكون مؤهلة لاتخاذ قرارت حاسمة فيما يتعلق بالوجود الأجنبي بشكل عام، والروسي بشكل خاص.

تمرير وليامز من النافذة بعد إغلاق الأبواب أمامها يعني أن الخلاف بين الأمريكيين والروس ما يزال قائما، وأن أي محاولة لترتيب الوضع بشكل لا يرضي الروس لن يمر، فوضع موسكو اليوم أقوى من ذي قبل، فقد نجحت في فرض سيف الإسلام في المعادلة عبر ترشحه للانتخابات الرئاسية وتشكل حاضنة له في الجنوب.

وليامز ستكون أمام خيارين: الأول إجراء الانتخابات في الموعد المبدئي وهو 24 من الشهر الجاري، وهو أمر بات مشكوكا في إمكانية إنجازه في ظل التعثر في العملية الانتخابية، فحتى اليوم لم يعلن عن القائمة النهائية للمرشحين، ولم تبدأ الحملات الانتخابية بشكل رسمي، وملف الطعون برغم إغلاقه إلا أنه أثار جدلا كبيرا ما يزال يلقي بظلاله على المسار الانتخابي.

الخيار الثاني هو التأجيل، ولأن إدراكا تتسع رقعته في الداخل والخارج من أن الانتخابات تحت الضغوط وفي هذه الأجواء الملغومة لن تحقق الاستقرار في أقل مستوياته، فيمكن القول إن الدفع بستيفاني إنما هو لأجل منع تداعيات تأجيلها والتي في مقدمتها إسقاط عبد الحميد ادبيبة وتعيين بديل عنه ربما من مصراته، وهو الأمر الذي سيقود إلى تصعيد في الغرب الليبي قد يتطور إلى مواجهات مسلحة.

 

واشنطن تضغط بكل قوة لتغيير الوضع المأزوم الراهن عبر الانتخابات، والغاية هي إيجاد سلطة كاملة الشرعية لتكون مؤهلة لاتخاذ قرارت حاسمة فيما يتعلق بالوجود الأجنبي بشكل عام، والروسي بشكل خاص.

 



مهمة ستيفاني ستكون أكثر تعقيدا هذه المرة، وتأجيل الانتخابات وتعثرها سيضاعف من حالة التأزيم، فلقد دخل على خط الصراع مكون آخر وهم أنصار النظام السابق بقيادة سيف الإسلام، هذا المستجد سيدفع إلى مزيد من التخندق والانقسام ليصبح المشهد أقرب إلى ثلاث كتل سياسية، فبراير في الغرب والكرامة في الشرق والخضر في الجنوب.

من ناحية أخرى، فقد قاد الوضع الذي أسست له قوانين الانتخابات إلى منح امتيازات للكرامة والخضر سيكون من الصعب التخلي عنها، وهي امتيازات من الصعب أن تقبل بها كتلة فبراير، الأمر الذي سيجعل مهمة ستيفاني أكثر صعوبة، ولأنها مؤهلة لتحقيق اختراق وتجاوز الكثير من العقبات المستجدة، إلا أنه لن يكون في مدى قصير وذلك بالنظر إلى التحديات الجديدة.

إضافة إلى ما سبق من عوائق وتحديات، وبالعودة إلى تأثير العامل الخارجي والذي بات الأكثر تأثيرا في اتجاه الأزمة وخيارات احتوائها والذي سيكون أقرب إلى الخلاف منه إلى التوافق وذلك مع التصعيد المشاهد بين الأطراف الدولية، أمريكا وأوروبا في طرف، وروسيا في الطرف الآخر، ويشهد على ذلك التوتر الشديد في أوكرانيا والتصريحات الحادة من الطرفين، فليبيا اليوم تمثل ساحة صراع دولي لا تنفك عن الساحات الأخرى، واستراتيجية بوتين الكبرى تهدف في إحدى ركائزها إلى تشتيت الضغوط الغربية على روسيا في منطقة البحر الأسود ونقل جزء من الصراع إلى مناطق نفوذ الغرب في البحر المتوسط، وهذا يعني أن العامل الخارجي سيكون متأزِّما في المدى القصير وليس العكس.


التعليقات (0)