هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قال خبراء ومختصون، إن مناورات رئيس سلطة الانقلاب العسكري في مصر، عبد الفتاح السيسي، مجرد استرضاء للمصريين بالداخل، ولم تعد تجدي كثيرا مع الجانب الإثيوبي.
جاء ذلك بالتزامن مع فعاليات التدريب المصري السوداني المشترك "حارس الجنوب ــ 1"، المقرر أن تنتهي في 29 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بقاعدة محمد نجيب العسكرية، وينفذ لأول مرة بين الجانبين بمشاركة عناصر من حرس الحدود المصرية وعناصر المشاة السودانية المدربة على مهام تأمين الحدود.
ومؤخرا، استعرض السيسي ملف سد النهضة في القمة الثلاثية باليونان، مشددًا على أهمية الأمن المائي الذي تعتبره مصر "قضية مصيرية".
إشارات مطلوبة
وفي سياق تعليقه، طالب الخبير العسكري العميد السابق بالجيش المصري، عادل الشريف، بإثبات السيسي والمؤسسة العسكرية حسن نيتهم بإجراء عسكري حقيقي، وليس مجرد استهلاك وقت طويل في تدريبات ومناورات عسكرية.
وأضاف: "يجب ألّا تظل المناورات والتدريبات العسكرية طوال الوقت هي الورقة الوحيدة، بل يجب إرسال إشارات جادة لتفعيل إجراء حقيقي".
وأوضح الخبير العسكري لـ" عربي٢١"، أن هذه الإشارات تتمثل في عدة خطوات قبل العمل العسكري نفسه، من قبيل طرح اتفاق 2015 على البرلمان لمناقشته والتهديدات بإلغائه، كذلك اتخاذ إجراء دبلوماسي من قبيل سحب السفير المصري أو طرد السفير الإثيوبي كإعداد مسرح لخطوة عسكرية مرتقبة، سواء بعمل عسكري مباشر أو عملية مخابراتية بتخريب للسد وتعطيله.
وأردف: "يبدو أن السيسي ليس جادا في أي إجراء حقيقي، لكنه يدغدغ مشاعر شعب تملكه القلق علي مستقبل أجيال قادمة".
اقرأ أيضا: أبو الغيط: إثيوبيا وإسرائيل ستدفعان ثمن بناء "سد الخراب"
التلويح بالقوة
من جانبه، يقول مدير مركز "تكامل مصر"، مصطفي خضري، إن هذه التدريبات ربما تأتي في إطار التلويح بالقوة وليس استخدامها، ففي أي صراع كبير ومكلف، مثل الصراع المصري الإثيوبي، يصبح التلويح بالقوة أكثر تأثيرا من استخدامها الفعلي.
وأضاف لـ"عربي21": "قرار الحرب المباشرة قد يكون قرارا مستبعدا، لأسباب كثيرة أهمها أن السيسي قد وقع على اتفاق ما سمي وقتها اتفاق مبادئ السد، بما يجعل أي تحرك عسكري مصري مباشر ضد السد وكأنه اعتداء غير مشروع على إثيوبيا".
وحول علاقة هذه التدريبات بتصريحات السيسي الأخيرة بشأن سد النهضة، أوضح خضري أنه منذ أكثر من عام وملف سد النهضة خارج يد السيسي، وأي تصريح إعلامي بخصوص السد هو تصريح للقوات المسلحة والأجهزة السيادية المعنية بالملف، ولكن يتم إخراجه على لسان السيسي، لذلك لا ينبغي الاستهانة بتلك التصريحات، لاسيما أن الجهات الدولية المعنية بالملف، خاصة البنك الدولي الشريك الرئيسي في المشروع، تتعامل بحذر مع تلك التصريحات، مؤكدا أنه لن تكون مفاوضات جادة إلا إذا كان هناك عمل عسكري أو مخابراتي لتعطيل السد قبل الملء الثالث.
اقرأ أيضا: إثيوبيا مستعدة لاستئناف مفاوضات سد النهضة برعاية أفريقية
مناورة سياسية وليس عسكرية
أما خبير العلاقات الدولية سيد أبو الخير، فيقول: "لا أعتقد أن هذه التدريبات رسالة لإثيوبيا، لأنه ليس فيها أي عملية تدريب على قصف السد، فهي للاستهلاك المحلي فقط، ومحاولة لتفادي الضغوط المستمرة على السيسي داخليا، وإرسال رسائل تطمين، لكنها رسائل غير حقيقية، ومناورة سياسية بامتياز، وليست مناورة عسكرية، وإن كانت تبدو كذلك، مطالبا بضربة حقيقية للسد إذا كان هناك جدية بالفعل.
واتفق خبير العلاقات الدولية، في حديثه لـ" عربي٢١"، مع اعتبار تصريحات الأخيرة للسيسي حول مياه النيل مجرد إشارات لتخدير وتضليل المصريين، مؤكدا أن مسألة السد محسومة باتفاق المبادئ عام 2015م، وبالاتفاق على مراحل الملء الأربعة في واشنطن شباط/ فبراير 2020.
وتابع: "لا تفاوض جاد في الفترة المقبلة، بل هي مراوغة إثيوبية مع تراخ مصري، ربما يكون مقصودا، حتى يتم ملء السد".