أفكَار

قراءة في سيرة مرشد إخوان السودان السابق الشيخ عبد الماجد

الشيخ صادق عبد الماجد قاد الإخوان من العام 1991 حتى 2008- (فيسبوك)
الشيخ صادق عبد الماجد قاد الإخوان من العام 1991 حتى 2008- (فيسبوك)
على الرغم من أن الإسلاميين في السودان قد حكموا السودان نحو ثلاثة عقود كاملة، إلا أن تجربتهم كانت في أغلبها تعكس طبيعة المواجهة مع النظام الدولي، الذي تحفظ ولا يزال يتحفظ على إشراك الإسلام السياسي في الحكم.

أما الآن وقد انتهت تجربة الإسلاميين في السودان، فإن ذلك يسمح بإعادة قراءة التجربة وتأملها، وليس هنالك طريقة أكثر قربا من من معرفة أسرار واتجاهات الحركة الإسلامية السودانية وأكثر صدقا من قراءة تجارب وأطروحات قياداتها.. وهذا ما فعله القيادي فيها الدكتور أمين حسن عمر، بسلسلة مقالات يسجل فيها سيرة قيادة الحركة الإسلامية في السودان، تنشرها "عربي21" بالتزامن مع نشرها على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في سياق تعميق النقاش ليس فقط حول تجارب الإسلاميين في الحكم، وإنما أيضا في البحث عن علاقة الدين بالدولة.

رموز التنوير

الحركة الإسلامية في السودان التي باتت تسعى جماعات محلية وقوى إقليمية ودولية لشيطنتها ومحاولة بناء حواجز فاصلة بينها وبين أجيال صاعدة لم تشهد بزوغ فجر الحركة ولم تعرف تاريخها ولم تتعرف على إنجازاتها ولا وقع آثارها في المجتمع والدولة، ولا هي اطلعت على تضحيات جهادها عبر الحقب، وربما لم تقرأ صحائف فكرها ولم تعرف وقائع دعوتها في مجتمع كان مقسما بين نخبة متغربة ومجاميع أهلية مقلدة، فكان المجتمع بين تغريبتين واحدة في المكان والثانية في الزمان، حتى طلعت الحركة الإسلامية الحديثة بمصابيح تنويرها ورموز نهضتها على الناس فبدلت بإذن الله أحوالا كثيرة وارتقت مراقي عسيرة في دروب التغيير والتطوير. وفي هذه الحلقات سوف أتجشم محاولة التعريف ببعض رموز التنوير الإسلامي.

الشيخ صادق عبدالله عبد الماجد

ولد شيخ صادق عبدالله عبد الماجد في العام 1926 ووالده هو الشيخ عبد الله عبد الماجد من قبيلة الجعليين من منطقة قري، وكان يسكن حي الشهداء بأم درمان موقع نادي الخريجين حالياً، والده كان من اوائل الذين سكنوا حي ودنوباوي عام 1926 ولم يكن فيها من البيوت الا القليل من البيوت.

وقد شيد منزل الأسرة بود نوباوي قرب منزل الشيخ عمر الإمام ولا تزال الأسرتان تقطنان في المنزلين، عمل والده معلما في العديد من المدارس الأولية في أنحاء السودان وساهم في نشر التعليم الأهلي في وقت لم يكن الاستعمار فيه حريصا على نشر التعليم في السودان.

وقد ولد الشيخ صادق عبدالله عبدالماجد في مدينة الرهد في العام 1926م وبدأ سنوات دراسته بشرق السودان وتلقى دراسته الأولية بمدرسة طوكر وأكملها بمدرستي أبوروف والهجرة في أم درمان والمرحلة المتوسطة بمدرسة أم درمان الأميرية المتوسطة...

ونسبة لقلة المدراس الثانوية في تلك الفترة سافر إلى مصر والتحق بمدرسة حلوان الثانوية في بداية أربعينيات القرن الماضي وبعد خمس سنوات أكمل المرحلة الثانوية وكانت تسمى البكالوريا وبعدها التحق بجامعة فؤاد (كلية الآداب) وبعد عام تحول إلى كلية القانون ونال الليسانس في الحقوق في العام 1954م.

التقي هو وإخوانه الذين درسوا بمصر الإمام حسن البنا وبايعه وهو طالب بمدرسة حلوان. وعند عودته للسودان إعتقل وذلك في أربعينيات القرن الماضي مع قادة الاستقلال ذلك بسبب ما كان يكتب من المقالات المحرضة للثورة ضد الإنجليز.

وبعد الاستقلال ترأس تحرير مجلة الإخوان المسلمين (1956- 1959م) وهو من مجموعة المؤسسين للحركة الإسلامية من خارج جامعة الخرطوم ممن درسوا بمصر وممن قادوا العمل في خواتيم الخمسينيات.. وقد كان من المجموعة التي قادت الحركة الإسلامية بعد سجن السكرتير العام الرشيد الطاهر في عام 1959. 

ودخل السجن مع الدكتور الترابي وإخوته في بدايات حكم مايو من 69 وحتى العام 72 ثم عمل بعد ذلك بالسعودية والكويت وعاد للسودان بعد انتهاء حكم مايو 1985 وكان قد أنشأ جماعة الإخوان بعد اختلافه حول قضية البيعة المرشد العام في مصر. 

وقد انتخب شيخ صادق مراقباً عاماً للإخوان المسلمين في السودان وهي المجموعة التي بايعت المرشد  واستمر قائدا للجماعة من العام 1991 حتى مارس 2008م.. ثم خلفه د الحبر يوسف نور الدائم مارس 2008م.  

والشيخ صادق صحفي موهوب وشاعر له أسعار منشورة وأناشيد يحفظها إخوانه وهو محل محبة وتوقير من جميع الإخوان سواء من انضموا إلى جماعته أو من بقوا على ولاء للحركة الأم. وقد عرف الشيخ صادق بزهده وبساطة معيشته ومودته المبذولة للجميع. توفي في 31 آذار (مارس) في العام 2018 وقد شيعه الألوف من إخوانه وجيرانه ومحبيه من مدينة أم درمان التي صار رمزا من رموزها وقد أوصى بجعل مسجد الأسرة مسجدا، وهو الآن مجمع يضم الدعاة ولطالما كانت هذه البقعة محلا يذكر فيه الله تعالى ويهدى فيه إلى سبيله. 

رحم الله الشيخ صادق فقد ظل وفيا لبيعته، مثابرا في دعوته، حتى توفاه الله وهو على صراط مستقيم بإذن الله العلي العظيم.

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم