عاد الرئيس الأمريكي الأسبق جورج
بوش الابن إلى الواجهة السياسية من بوابة
الدفاع عن
الهجرة، عكس حزبه الجمهوري، بينما لا تزال "الحرب على الإرهاب"
التي شنها تلقي بظلالها بعد 12 عاما من مغادرته منصبه.
ويعود الرئيس السابق البالغ 74 عاما والمتحدر من تكساس، الذي أدى غزوه الكارثي
للعراق وفشله في تطبيق إصلاح لنظام الهجرة، إلى صعود دونالد ترامب إلى الأضواء مجددا
بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق.
ومن المقرر أن يتم استكمال سحب الجنود الأمريكيين من أفغانستان، الذين انتشروا
في إطار "الحرب الأبدية"، التي طبعت رئاسة بوش، في أيلول/ سبتمبر.
وأظهر الرئيس الثالث والأربعون، الذي عادة ما يبتعد عن الأضواء، حنينا واضحا
إلى الشأن العام عبر إصداره كتابا سماه "واحد من عديدين"، يضم 43 لوحة زيتية
خاصة به للمهاجرين الذين عرفهم.
وفي مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأسبوع الماضي، قال بوش؛ إنه جمع كتابا يضم صورا للمهاجرين الذين احتضنوا بلدهم الجديد؛ في مسعى منه لخفض التوتر
و"إضفاء الطابع الإنساني على النقاش بشأن الهجرة" في الولايات المتحدة.
وأطلق بوش، الذي شغل منصب حاكم ولاية، لطالما كانت في الخطوط الأمامية للنقاش
المحتدم بشأن مفهوم أمن الحدود، انتقادات شديدة لحزبه وموقفه المناهض للمهاجرين.
وقال هذا الأسبوع في مقابلة مع شبكة "إن بي سي توداي"؛ إن الحزب
الجمهوري أصبح "انعزاليا وحمائيا، ومعاديا للهجرة".
ويدعم بوش منهجا ليحصل ملايين العمال غير المسجلين على الجنسية؛ في حال سددوا
الضرائب وتبين عدم ارتكابهم جرائم.
ويدافع كذلك عن إصلاح نظام التأشيرات ويدعم برنامج "الإجراء المؤجل للقادمين
في مرحلة الطفولة" (داكا)، الذي يوفر الحماية من الترحيل ويسمح بعمل الأشخاص الذين
وصلوا إلى البلاد من دون أوراق وهم أطفال.
ووضعت هذه المواقف بوش في ضفة مقابلة لقاعدة حزبه، وتتماشى بشكل أكبر مع مُثُل
الهجرة التقدمية للديموقراطيين، الذين كان كثير منهم أعداء شرسين لبوش عندما كان في
البيت الأبيض.
"ليست تبييضا"
وقد يكون كتاب بوش، بالإضافة إلى ظهوره المتكرر على شاشات التلفزيون الصباحية
والبرامج الحوارية والإذاعية في وقت متأخر من الليل، جزءا من استراتيجية أكبر.
وقد تهدف هذه الجهود إلى تغيير صورته من مهندس حربي العراق وأفغانستان، التي
كلفت دماء وأموالا طائلة، وأدت إلى ظهور جماعات متطرفة مناهضة للولايات المتحدة، إلى
رجل الدولة الموقّر.
وقال الأستاذ المساعد للعلوم السياسية في جامعة دايتون، كريستوفر؛ إن
"جزءا مما يفعله قد يكون لإنقاذ إرثه".
وأضاف: "نعيد تقييم الرؤساء السابقين في سياق زماننا". وأوضح: "ربما بدا بوش متطرفا، لكن الناس يرون ما يأتي بعد ذلك وينظرون إليه بشكل مختلف".
ومع هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، قاد بوش فجأة مواطنين أمريكيين اتحدوا وراء
هدف معين. لكن بعد ثماني سنوات، ترك بلادا منقسمة، وهو إرث لم يكن له إلا أنه مهّد
لولاية ترامب المضطربة.
وعاد غزو بوش أفغانستان إلى الأضواء الأسبوع الماضي، حينما أعلن الرئيس جو
بايدن أنه سيسحب جميع القوات الأمريكية بحلول الذكرى العشرين لهجمات أيلول/ سبتمبر.
وقال بوش؛ إن الإعلان جعله "يشعر بقلق عميق"، وتحول تفكيره إلى رؤيا
محبوب، اللاجئة الأفغانية التي رسم صورتها في كتابه، وإلى بقية الأفغانيات.
وأفاد: "كان رد فعلي الأول أن هؤلاء الفتيات سيواجهن مشاكل حقيقية مع
طالبان".
وكانت حصيلة التدخل الأمريكي في العراق وأفغانستان باهظة مع مقتل 6800 أمريكي،
إلى جانب مئات الآلاف من القتلى الآخرين وتريليونات الدولارات التي تم إنفاقها.
وواجه بوش اتهامات بارتكاب التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان في عهده.
وذكر أستاذ القانون الفخري في كلية ماكسويل للمواطنة والشؤون العامة في جامعة
"سيراكيوز" ويليام بانكس، أن بوش بالغ في رد فعله على أحداث 11 أيلول/سبتمبر.
وقال بانكس: "ألومه وخصوصا (نائب الرئيس) ديك تشيني ثم (وزير الدفاع)
دونالد رامسفيلد على السياسات المتهورة".
وأضاف أن بوش لم يكن "معاديا للهجرة قط"، وأن جهوده الأخيرة بشأن
الهجرة ليست "تبييضا" لتاريخه، بل تبدو جهدا حقيقيا لحل المشاكل.
وأوضح بانكس: "بعد أربع سنوات من حكم ترامب، يبدو بوش كأنه تشرشل".