قضايا وآراء

الإخوان والمصالحة مع السيسي!!

عصام تليمة
1300x600
1300x600

فوجئ الناس منذ أسبوع، بحديث عن تقارب تركي ـ مصري، واقتضى ذلك أن يكون خطاب القنوات الإعلامية في مصر وتركيا، خطابا أقرب للتهدئة، وعدم النيل من قيادة البلدين، وما كان في الخفاء خرج للناس بخطأ ساذج غير مقصود، ذكرني بسبب إجهاض ثورة اليمن التي شارك فيها الإخوان أيام الإمام حسن البنا، فقد نشر محرر بجريدة الإخوان المسلمين اليومية خبر الثورة قبل قيامها بيوم، من باب السبق الصحفي، فكان أن تنبهت السعودية فقامت بإجهاضها، في أحداث معروفة تاريخيا.

وبدأت التحليلات والتوقعات، ثم فوجئنا بعدها بحديث للأستاذ إبراهيم منير نائب مرشد الإخوان المسلمين مع قناة الجزيرة مباشر وموقع "عربي21"، يقبل فيه فتح باب الحوار مع السيسي لأجل تخفيف الأوضاع عن المعتقلين، وهناك ملاحظات على كلام منير، من عدة اتجاهات، من حيث مضمون الكلام، ومن حيث أولويات الإخوان في هذه المرحلة.

أما من حيث التصريحات وخطاب منير، فللأسف كعادة معظم تصريحات قيادات الإخوان الآن، ليست مبنية على دراسة تسبق الحديث، وليست مبنية على مضامين متفق عليها بداخلهم، ولا تتسم بالاتساق مع الأحداث، وليست مبنية على عبارات منتقاة، فكلام منير رغم وجاهته من حيث الهدف، لكن الصياغة غير موفقة تماما، فهو يطالب بتحسين الأوضاع، وكأنه يقر بالأحكام الباطلة التي شهد القاصي والداني من المنصفين في العالم ببطلانها.

هذا من حيث مضامين الكلام، أما من حيث الأولوية، فهل الأولى المصالحة مع السيسي أم المصالحة مع الإخوان أنفسهم؟ فهل الأولى لمنير وإخوانه من القيادات التي شقت كل كيانات الجماعة إلى أكثر من شق، رأسي وعرضي، بشكل غير مسبوق في تاريخ الجماعة، وصموا آذانهم جميعا لأي مبادرات لم شمل الجماعة.

وحين حدث صدام بين منير والدكتور محمود حسين، وإصرار الأول على أن منصب الأمين العام لم يعد موجودا في الجماعة منذ سنة 2012م، وإذ بفريق من الإخوان ممن لا يزالون يحاولون إصلاح حال الجماعة، وقت هذا الخلاف الذي كان منذ عدة أشهر، يطلبون منا الصمت، والصبر على ما يدور، وأن الجماعة في مرحلة مخاض إصلاحي على الأقل على إطار لم شملها، واستتب الأمر شكليا لمنير، بينما أمسك حسين ومن معه بمفاصل الجماعة، ولم يحدث شيء.

مر الشهر تلو الشهر بعد إمساك منير وإصراره على أنه لا أمين عام للجماعة، وأنه رأس الهرم التنظيمي، وكان إعلان الجميع أن أول ملف سيتم العمل عليه هو: ملف لم الشمل، وانتظر الناس والإخوان، ما سيسفر عنه هذا الكلام، فأصبح خير معبر عن النتيجة قول العرب: أسمع ضجيجا ولا أرى طحينا.

ليس أمام الإخوان الآن ولا يملكون سوى ملف واحد، هو المصالحة الداخلية، وقتها فقط يمكن لأي قيادة فيها أن تتحدث عن أي مصالحة مع النظام في مصر، أو مع أي حليف بالأصل، فهذا الضعف الذي تعيشه الجماعة الآن، أفقدها كل علاقاتها، سواء مع حلفائها، أو مع أنصارها أنفسهم من أفرادها.

أليس من النكتة السوداء أن تسعى قيادات إخوانية لأي صيغة تصالح مع السيسي، بينما تغلق كل وسيلة للتصالح مع المختلفين معهم في جماعتهم، وهو ما قاله العلماء تعليقا على تطبيع الحكام مع إسرائيل، فقالوا: أليس الأولى أن تطبع الحكومات مع شعوبها، قبل التطبيع مع إسرائيل؟!

 

أستطيع أن أتوقع رد السيسي على مبادرة منير، وأي مبادرة من الإخوان بشأن التصالح، أو التفاهم، سيكون رد السيسي هو نفس رد قيادات الإخوان على من سعوا للإصلاح بينهم وبين إخوانهم المختلفين معهم

 


وهذا ذكرني بموقف لأستاذنا الكبير عصام العطار، على ما للرجل من علم وفكر يأسرك، فقد أصيبت زوجة بشار الأسد بالسرطان، وإذ بالعطار يدعو لها بالشفاء، وتمنى لها المعافاة، وهي عاطفة مقدرة إنسانيا، لكن ألم يكن أولى بهذه العاطفة، وهذا التفاهم، أن العطار كان تعامل بها من قبل مع إخوانه الذين اختلف معهم على قيادة الجماعة، وكان ذلك سببا في انشقاق كبير في الإخوان المسلمين في سوريا، ما بين قيادة في الداخل، وأخرى في الخارج، وأصبح كل مجموعة إخوانية تلتف وتختار قيادة، أم أن لسان حال بعض قيادات الإخوان الحكمة بأثر رجعي، أو الحكمة والإنسانية مع كل الناس، لكن مع إخوانهم فالشدة والصرامة والجبروت؟!!

أستطيع أن أتوقع رد السيسي على مبادرة منير، وأي مبادرة من الإخوان بشأن التصالح، أو التفاهم، سيكون رد السيسي هو نفس رد قيادات الإخوان على من سعوا للإصلاح بينهم وبين إخوانهم المختلفين معهم، لقد رفضوا الصلح مع إخوانهم وقالوا للشيخ القرضاوي وغيره: لدينا لوائح ونظم، وسنطبقها، وفصلوا بدون تحقيق إخوانهم، وحلوا كيانات كانت تخدم الجماعة والثورة، ثم دافعوا عن ذلك بحجة أن الخلاف بينهم وبين بعض إخوانهم حول السلمية، ومن أراد أن يرجع لصفوف الجماعة فليعلن توبته، ويقف في آخر الصفوف، هكذا قالت القيادات!

وسيرد السيسي على تصريح الإخوان بنفس المنطق، ويقول: أنا لا أتصالح مع كيان إرهابي، وقد حكم عليهم القضاء النزيه، وأنا لا أتدخل في القضاء، ونحن دولة ونظام ومؤسسات لن أهدمها لأجل العفو عن متهمين بالعنف، والشعب قال كلمته وأيدني وبايعني، والعالم يعترف بي الآن، ومن أراد أن يرجع فليعتذر للشعب، ويعترف بثورة 30 يونيو، وينزل كمواطن مخطئ بعد قضاء مدة العقوبة في السجن، ولا مكان له في العمل السياسي، إذا قبلناه كمواطن تائب!!

من رفض الصلح مع أخيه، فسيرفضه خصمه معه، بنفس المنطق، ونفس الحجة، وبنفس التعالي وزيادة، ليكون الجزاء من جنس العمل.


التعليقات (4)
حماد محمد أحمد
الخميس، 22-04-2021 05:34 م
كل التوفيق والنجاح إن شاء الله
الخميس، 25-03-2021 05:50 م
تكلمت كثيرا ولم تقل شىء من اسهل الاشياء على الانسان ان يهرف بما لايعرف لكن من اصعب الاشياء ان يكون لكلامه معنى يمكن استخلاصه منه فليست العبرة باصدار الاحكام ولكن وجب تكون ذات معطيات ملزمة والا فهو كلام قد يكون ضاهر كلامك مقبول لكن المستجدات احدثت تغيرات وماادراك ان السيسي لاينتضر هو الاخر مصالحة تغطي علي عيوبه واستبداده .انا مع موقف منير التكيف مع الواقع وهو الذي قام به الجيران من اجل البقاء فمن لم يكن مع الاحدات تجاوزته حتى يلفظه الجميع .من منظور الانثروبولجيا اكتشف الناس ان الحركات الاسلامية تعيش حالة دانكيشوتية غير متناهية فتخلى عنها اقرب الناس فكيف بالبعيد وهذا في كل العالم الاسلامي وعليه يجب من وقفة مع الذات .والا
الكاتب المقدام
الخميس، 25-03-2021 04:01 م
*** لا نعلم من أين استقى تليمة معلوماته بأن "خطاب القنوات الإعلامية في مصر وتركيا، قد أصبح خطابا أقرب للتهدئة، وعدم النيل من قيادة البلدين"، وهل نفهم من تلك العبارة بأن تليمة قد انحاز واعترف بذلك بقيادة السيسي لمصر؟، وهو الجنرال الدجال المنقلب على رئيسه الشرعي!!!"، نضرب بذلك مثالاُ على كيفية تحميل معاني الكلام أكثر مما تحتمل، وهو ما دأب عليه تليمة في العديد من مقالاته مؤخراُ، فتصريحات منير لا تخرج عن بيان المعنى العام عن استعداد الجميع لبذل ما يمكن بذله من أجل تخفيف معاناة المعتقلين وأسرهم، حيث يكرر بعض المندسين ذوي النوايا الخبيثة المتاجرة بقضية المعتقلين، وكأن الذي اعتقلهم هو منير، وليست عصابة السيسي الإجرامية التي أفسدت عن عمد ذمم الشرطة والنيابة والقضاء، وساقتهم إلى تدبيج التقارير المكذوبة، وتجنيد شهود الزور، وتوجيه الاتهامات الملفقة، وإصدار الأحكام الباطلة، وعمدت إلى تشويه سمعة المعارضين للانقلاب عن طريق أذرعهم الإعلامية من الفسقة الفجرة، وأي حديث عن السعي للمصالحة مع النظام الانقلابي الفاجر، والتسامح عن جرائمه، هو حديث باطل، وحق لم يزعمه أحد، وتليمة قد دأب مؤخراُ عن الحديث بأسلوب غامض، والمبالغة في وصف الخلافات التنظيمية الداخلية، ووصمها باعتبارها انقسامات خطيرة تهدد بانهيار الجماعة، دون إبانة عن حقيقة دوره الشخصي، وسبب نفخه في أتون الخلاف، فهل تم اختياره ليكون حكماُ بينهم؟، أم هو أحد تلك القيادات المنحازة المتنازعة، وبالتالي يفقد حياديته، وعليه أن يصمت عن الحكم على الآخرين، ويتفرغ لما هو أهل له، مع التسليم بأنه لا يضير التنظيمات السياسية كجماعة الإخوان وغيرها، دخول أو خروج أي فرد منها، إن ارتأى أن ظروفة الشخصية أو الأوضاع العامة تجعل نشاطه أجدى وأنفع خارجها في نطاق مجالات أخرى، علماُ بأن كاتب تلك السطور ليس عضواُ تنظيمياُ في الإخوان ولا غيرها، والله من وراء القصد.
مصري
الخميس، 25-03-2021 03:54 م
الاخوان بشر و ليس ملائكة لذلك الاخطاء واردة اما عن السيسي فهو في وضع حرج بحيث يضطر للاقتراض دائما اسبوعيا بالاضافه الى انكشاف مبرراته حتى انه رجع الى الزيادة السكانية كمبرر لفشله كما ان السيسي اشعل فتيل بركان حتما سينفجر في وجهه و لن اذكره هنا لكي لا يتداركه بالاضافة لكارثة سد اثيوبيا لذلك فهو في احتياج شديد للتصالح ان كان لديه ذرة من العقل لان الاخوان رافعه لمصر ستساعده من الخروج مما هو فيه لعله يتعظ مما حدث لجمال عبدالناصر الذي اتخذ نفس الموقف فسائت حالة مصر و حدثت هزيمة 1967 البشعة السيسي لو يدرك كل يوم يزداد غرقا اما عن الاخوان من وجهة نظر مصري غير اخواني لم يقصروا و بذلوا ارواحهم و اموالهم و اولادهم و اعمارهم و ما يحدث الان و تشتكي منه طبيعي لشدة الابتلاء الذي وقع عليهم و يجب ان لا نلومهم , اختم كلامي ارجو ان تكون المصالحة خيرا للجميع و ان يخرج الاسرى من السجون و لله الامر من قبل و من بعد