شكّك
مراقبون وخبراء
مصريون في استجابة السلطات المصرية للمطالب
البرلمانية بعقد جلسة
سرية بشأن أزمة
سد النهضة، على غرار ما جرى بشأن تطورات الأزمة الليبية وتفويض رئيس
الانقلاب بالتدخل العسكري، رابطين ذلك بعدم رغبة
السيسي الذي قالوا إنه غير جاد في
هذا الأمر.
وبرّروا
ذلك، في تصريحات لـ "عربي21"، بما وصفوه بخيانة السيسي لمصر في ملف سد
النهضة، وأنه أراد استهلاك الوقت، استجابة لرغبة الكيان الصهيوني من ناحية، ومن
أجل الحصول على شرعية بقائه بالسلطة من ناحية أخرى، وهي الصفقة التي تمت مع
إثيوبيا عام 2015 حين وقّع اتفاقية المبادئ، حسب قولهم.
"جلسة
طارئة"
وكان
البرلماني المعارض أحمد طنطاوي، قد طالب بعقد جلسة طارئة وسرية للرد على احتفالات
إثيوبيا بملء خزان سد النهضة.
ووجّه
خطابا مفتوحا لرئيس مجلس النواب، لعقد جلسة عامة (طارئة وسرية)، الأحد، لمناقشة
كافة القرارات والإجراءات اللازمة في مواجهة قضية سد النهضة.
"العدل
الدولية هي الحل"
وفي تعليقه، قال مساعد وزير الخارجية الأسبق،
السفير عبد الله الأشعل، إنه "لا جدوى من أي محاولات لسببين: الأول أنه لن تتم
الموافقة على عقد مثل هذه الجلسات من جانب السيسي وبرلمانه، وحتى لو تمت الموافقة
فسوف تُدار الجلسة في سياق الموافقة على الخطوات، التي اتخذها النظام تجاه هذه
الأزمة، وهذا يعطي شرعية لهذه الخطوات ويزيد الأمور سوءا.
والسبب
الآخر، من وجهة نظر الأشعل، يتمثل في أن "الوقت قد مر، وحتى لو افترضنا جدلا
أن القرار وصل لأعلى سقف، وهو إلغاء اتفاقية المبادئ؛ فنحن صرنا أمام أمر واقع،
وهو بدء تعبئة السد".
وأوضح
أن "الحلول التفاوضية وعقد الجلسات لم يعد يجدي كثيرا، ولو كان النظام جادا
في حل الأزمة، فأمامه خيار واضح وصريح، وهو اللجوء لمحكمة العدل الدولية، واتهام إثيوبيا
وقادتها بارتكاب جريمة إبادة للشعب المصري، وهنا يكون التحرك الحقيقي، حيث ستضطر
المحكمة إلى إصدار قرارا بوقف تعبئة السد، حتى يتم الوصول إلى اتفاق يحمي الشعب
المصري، ويحقق مصلحة إثيوبيا والسودان أيضا".
إلا
أن الأشعل أشار، في تصريح لـ "عربي21"، إلى أنه "لا توجد نية حقيقية
لدى السيسي لمثل هذه الخطوة، وهناك استسلام تام وغريب، مما يؤكد وجود صفقة سواء مع
الكيان الصهيوني أو مع إثيوبيا".
"لا جدوى من الجلسات"
من
جانبه، قال البرلماني السابق، جمال حشمت، إن
"مثل هذه المحاولات لعقد جلسة من أجل أزمة سد النهضة لن يكون لها تأثير كبير في مجرى الأحداث وتوجهات السيسي، نظرا لخيانته والتفريط في حق مصر بمياه النيل،
فضلا عن أن نواب المجلس لا يملكون إدانته أو استنكار تفريطه، وليس بوسعهم إلغاء
اتفاقية المبادئ التي تم توقيعها عام 2015".
وأضاف،
في حديث مع "عربي21": "أعتقد أن هذا البرلمان قد سقط منذ بدايته
وليس بوسعه الخروج عما تختاره السلطة، ويمثلها هنا قائد الانقلاب بسياساته التي
جاء بها منذ أول يوم في الانقلاب، وفي هذا
السياق يمكن القول إن جلسة
ليبيا لا قيمة لها غير أنها كانت غطاءً لجرائم السيسي، وكذلك
لن تكون هناك قيمة لجلسة سد النهضة حال عقدها".
وأكمل
حشمت: "ما يجري من طلبات لعقد هذه الجلسة يفترض قلق السيسي على مياه النيل، وهذا
غير صحيح، لأنه تعمد ضياع حق مصر فيها، خدمة للكيان الصهيوني بكل وضوح، وهذا سر الدعم
المقدم له حتى الآن".
"صعوبة
التفعيل"
أما
رئيس حزب البديل الحضاري (تحت التأسيس)، عضو المجلس الثوري، أحمد عبد الجواد،
فيقول إن "طلب عقد جلسة طارئة بشأن أزمة السد لا يتم إلا من خلال السيسي، لأن
هذا البرلمان لا وظيفة له إلا تنفيذ رغبات قائد الانقلاب، والتستر على كل جرائمه".
وتابع عبد الجواد:
"بما أن السيسي هو من قام بإعطاء إثيوبيا رسميا الحق في بناء سدود على النيل،
ووقع مع رئيس الوزراء الإثيوبي السابق، والرئيس السوداني السابق على اتفاقية
المبادئ، التي حرمت مصر من فعل أي شيء يحول دون مضي أديس أبابا قدما في إكمال
وتعبئة سد النهضة بالطريقة التي تريدها، وفترات الملء، فإن الموافقة
على هذه الجلسة تبدو أمرا يصعب تفعيله".
وأكمل: "في الوقت الحالي لا أظن أنه سيتم عقد هذه الجلسة، لكن أعتقد أنه
قد يلجأ لعقد اجتماع لمجلس الدفاع الوطني،
كما حدث في موضوع ليبيا، لزوم الدعاية والبروباغندا، ثم يأتي دور البرلمان لاحقا
خاصة أن برلمان علي عبد العال لم يعقد اجتماعه بشأن ليبيا، إلا بطلب من السيسي،
للحصول على تفويض بالتدخل العسكري في ليبيا، وهذا الطلب كان في حديقته الخلفية
التغطية على ما يحدث في أزمة سد النهضة التي أصبحت كارثة تهدد الأمن القومي المصري
تهديدا جذريا".