هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا لعضو مجلس التحرير، ميشيل كوتل، وصفت فيه المؤتمر الصحفي اليومي، الذي يعقده الرئيس دونالد ترامب، لمواكبة تطورات أزمة "كورونا"، بأنه "كرنفال معلومات خاطئة".
وقالت "كوتل" إنه حتى في الوقت الذي بدأت فيه إدارة ترامب تتحسس طريقها في الحرب على "كوفيد-19"، فإن أحد العناصر البارزة في استجابتها لا يزال شنيعا، بحسبها، وهو "أداء ترامب اليومي في الإيجازات الإخبارية اليومية حول الجائحة".
وفي البداية اكتشف ترامب أن بإمكانه استخدام الإيجازات هذه لسد حاجته من ربط كل الأمور بشخصه.
ومع ارتفاع عدد الوفيات، لم يتغير ذلك، بحسب الكاتبة، ففي معظم الأيام يخرج ليتحدث للشعب الذي يعيش مرحلة صعبة، لمدة ساعة أو أكثر، ليبث الضباب من خلال تهنئته لنفسه بما يقوم به، ومن خلال هجماته السياسية وبث المعلومات الكاذبة والكلام الفارغ.
وتضيف أنه منذ أن تسلم ترامب الرئاسة، دار نقاش واسع داخل دوائر الإعلام حول كيفية إجراء التغطية الإخبارية لـ"رجل طفل واضح أنه منفصم عن الواقع".
ولكن مع جائحة قاتلة تطوف البلاد خلسة، فإن إصرار الرئيس على أن يتصدر الحلبة ويخدع الشعب لا يعني فقط تهديدا للصحة العامة المجازية، ولكن ذلك يعرض للخطر صحة وحياة الملايين من الأمريكيين.
وكان بإمكان زعيم أفضل أن يضع حدا لشهواته في ظل الأزمة، وبما أن ترامب ليس هكذا، فإن الأمر يقع على الإعلام بأن يخدم مصلحة الشعب بالتوقف عن بث تلك الإيجازات بثا حيا، وفق "كوتل".
وبالنسبة لأولئك الذين استطاعوا تجنب تلك المسرحيات المسائية، فمن الصعب نقل مدى عبثيتها المأساوية، بوصف الكاتبة، التي أوضحت أنه "يبدأ ترامب عادة بقراءة بيان كئيب، يبدو أنه لم يره من قبل. ثم تأتي التعليقات من المسؤولين الآخرين في الإدارة أو مدراء الشركات الذين لهم علاقة بالجهد الإغاثي، وعادة ما تكون تلك الكلمات مليئة بالمديح لقيادة الرئيس التي لا تضاهى. نائب الرئيس مايك بنس بالذات موهوب بفعل هذا".
وتضيف أنه بعد هذه الشهادات تأتي فقرة السؤال والجواب، حيث يقوم الرئيس بإطلاق العنان لشخصيته وهدفه الدائم هو التأكيد على أنه غير مسؤول بأي شكل من الأشكال عن الكابوس – بما في ذلك أي خلل في مواجهة إدارته للأزمة. فكل الإخفاقات ينسبها إلى الإدارات السابقة والديمقراطيين وحكام الولايات والإعلام.
إن بعض ادعاءات ترامب المخادعة، بحسب "كوتل"، لا تزيد على كونها حكايات خيالية حول مواجهته المثالية للأزمة. وفي 15 آذار/ مارس طمأن الشعب بأن لدى إدارته "سيطرة جيدة على" الفيروس .. وفي 17 آذار/ مارس، ادعى بأنه "شعر بأنها جائحة قبل إطلاق اسم جائحة عليها بوقت طويل".
وترى الكاتبة أن الفبركات الأخرى هي أكثر تحديدا، تتابع؛ ففي 1 نيسان/ أبريل، طمأن الناس بأن هناك تدابير وقائية اتخذت للمسافرين. "إنهم يجرون فحوصا [للركاب] على الطائرات – فحوصا قوية – عند استقلال [الطائرة] وعند مغادرتها. إنهم يجرون فحوصا على القطارات عند استقلال القطار – وعند مغادرته".
وتشدد "كوتل" على حساسية مسألة الفحوص تحديدا، حيث ادعى ترامب بأن فريقه واجه تحديا بسبب أجهزة الفحص "القديمة والمنتهية الصلاحية"، التي ورثها من إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وفي محاولة لتجنب الإجابة عن الأسئلة حول نسبة الفحوص بالنسبة لعدد السكان، ادعى بأن عدد سكان سيئول، عاصمة كوريا الجنوبية، 38 مليون نسمة، لكنه في الحقيقة أقل من 10 ملايين، ثم واصل تكذيب التقارير حول المشاكل في الفحوص في الولايات الأكثر إصابات.
اقرأ أيضا: تقرير: الاستخبارات الأمريكية علمت بكورونا منذ نوفمبر الماضي
وفي إيجاز يوم الاثنين وجه صحفيان أسئلة حول تقرير جديد للمفتش العام لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية يشير إلى أن العديد من المستشفيات لا تزال تعاني من تأخر الحصول على الفحوص وإجرائها، لكن ترامب حاول ابتداء إنكار وجود شخص بمنصب مفتش عام، فقال: "هل سمعت بكلمة مفتش عام؟ حقا؟"، وقال إن التقرير له دوافع سياسية وطالب بمعرفة اسم المسؤولة (كريستي غريم)، ومتى تم تعيينها (في كانون ثاني/ يناير 2020) وكم المدة التي قضتها في الحكومة.
وعندما أخبر بأنها خدمت في مكتب المفتش العام منذ عام 1999، انفجر وكأنه اكتشف انقلابا، وصرخ على جوناثان كارل، مراسل "ABC News" بالقول: "إنك مراسل من الدرجة الثالثة، وما قلته قبل قليل فاضح.. ولن تنجح أبدا".
ولم يقترب ترامب من الإجابة عن السؤال الأصلي بأكثر من القول إن الفحوص ليست مشكلته: "نحن الحكومة الفيدرالية. وليس من المفترض علينا أن نقف على زوايا الشوارع لنقوم بإجراء الفحوص".
ثم قام بإعطاء محاضرة لمراسلة فوكس نيوز، كريستين فيشر، حول كونها سلبية جدا، وقال: "يجب أن تقولي تهانينا، لقد أحسنتم العمل، بدل أن تكوني بغيضة بالطريقة التي توجهين بها الأسئلة".
وبذلك فإن التوبيخ أصبح رئيسيا خلال تلك الإيجازات الصحفية، حيث يشجب ترامب التحقيقات التي لا يحبها ويصفها بالتصيد والمقرفة والمهددة والساخرة، ويقول للمراسلين إن عليهم أن "يخجلوا" لعدم اتخاذهم مقاربة أكثر إيجابية – وكأنهم موجودون لأجل الإطراء.
كما أنه يصف المسؤولين الذين ينتقدون الإدارة بأنهم ناكرون للجميل "ولديهم شهية لا يمكن إشباعها".
وفي أحد الإيجازات قال ترامب إنه أمر بنس بألا يتصل بحاكم ولاية واشنطن جاي آنسلي ولا "بالمرأة في ميتشيغان"، في إشارة إلى الحاكمة غريتشين وايتمر. وقال: "إن لم يتعاملوا معي بشكل جيد فلا أتصل بهم".
وأشار بتهكم إلى "الجمهوري"، ويعتقد أنه يقصد حاكم ميريلاند، لاري هوغان، كما أنه وصف السيناتور عن نيويورك، تشاك شومر، بأنه "مخز"، واتهم حاكم إلينويز، جي بي بريتزكر، بأنه "دائم الشكوى"، وادعى مرارا بأن حاكم نيويورك أندرو كومو "كانت لديه فرصة في الحصول على 16 ألف جهاز تنفس قبل عدة سنوات ولكنه رفض ذلك".
وقد يفزع منتقدو الرئيس عندما يشاهدون تصرفاته، ولكن بالنسبة لمن يثقون به، ويرون أن الإعلام منحاز ضده، فقد ينتهي بهم الأمر بتصديق ما يحيك من خرافات.
وقد أقر ترامب مبدئيا بمثل هذا يوم الاثنين، حيث قال إن الشعب "بدأ يكتشف" مدى روعة ما نقوم به، وأضاف أن "أحد الأسباب التي تجعلني أقوم بهذه المؤتمرات الصحفية، هي لأنه إن لم أفعل، سيصدقون الأخبار الكاذبة. ولا يمكننا أن نتركهم يصدقوا الأخبار الكاذبة".
ولدى الرئيس مشاهدون مهتمون، وهو لا يريد أن يضيع فرصة لتجميل صورته. وتبجح في 29 آذار/ مارس على تويتر حول كثافة المشاهدة على التلفزيون للإيجازات التي يقدمها.
وتقول الكاتبة إن سحبت الكاميرات من أمام ترامب فسوف يكون أقل اهتماما بالاستعراض، وأهم من ذلك قد يترك الإيجازات للمسؤولين الذين لديهم معلومات مفيدة يخبرونا بها.
كما أن تغطية الإيجاز اليومي يجب أن تتمتع باتساق ودقة وشدة في السؤال، بحسبها، ويمكن لتلك الإيجازات أن تبث على قناة عامة مثل سي-سبان، لتهدئة المخاوف المتعلقة بالشفافية والرقابة.
وفي استخدامه لهذه المنصة لتضليل الشعب، فإن الرئيس لا يخدم سوى مصلحته هو، "ومن خلال تسهيل هذه المهزلة، فإن الإعلام يفعل الأمر نفسه كذلك" كما تختم "كوتل".
وللاطلاع على الإحصاءات الأخيرة لانتشار وباء كورونا عبر صفحتنا الخاصة اضغط هنا