هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف موقع "ميدل إيست آي" في تقرير له أعده سؤدد الصلحي، عن أن إيران كلفت زعيم حزب الله، حسن نصر الله، بمهمة توحيد الجماعات الموالية لطهران في العراق بعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن زعيم حزب الله قاد محادثات "هدنة" بين الفصائل العراقية المسلحة؛ من أجل المصادقة على هادي العامري ليتولى قيادة الحشد الشعبي، ومحاولة التقرب من الزعيم الشيعي مقتدى الصدر.
ويلفت الصلحي عن أن الفصائل الشيعية المسلحة وافقت على وضع خلافاتها جانبا والمصادقة على العامري زعيما للحشد، وجزءا من خطة واسعة لنصر الله لكبح التوتر بين الجماعات الشيعية، وتوحيد المقاومة ضد القوات الأمريكية في العراق.
ويقول الموقع إن الاتفاق غير الرسمي تم التوافق عليه في اجتماع جرى في بيروت يوم الخميس، بعد طلب إيران من زعيم حزب الله تنظيم الفصائل العراقية بعد مقتل سليماني وزعيم كتائب حزب الله أبي مهدي المهندس، الزعيم الفعلي للحشد، في غارة أمريكية يوم 3 كانون الثاني/ يناير خارج مطار بغداد الدولي.
ويذكر التقرير أن معظم قادة الفصائل سافروا بعد اجتماع بيروت إلى طهران يوم الأحد قبل التحرك إلى قم يوم الاثنين، حيث التقوا بالزعيم الشيعي المؤثر الصدر، في محاولة لإظهار الوحدة.
ويجد الكاتب انه في الوقت الذي كان فيه الهدف من هذه الاجتماعات إظهار الوحدة ضد الوجود الأمريكي في العراق، إلا أن مصادر أخبرت الموقع أن معالجة الفراغ في القيادة كانت جزءا من هذه الاجتماعات، بالإضافة إلى حل الخلافات التي برزت بين الجماعات المؤيدة لإيران في أعقاب مقتل سليماني والمهندس.
وينقل الموقع عن سياسي شيعي بارز مطلع، قوله: "اللقاءات كلها كانت من أجل توحيد الفصائل بعد الصدمة التي اعترتها بطريقة غير مسبوقة"، وأضاف: "حتى اللقاء مع الصدر كان يسير في هذا الاتجاه، وهو جزء من محاولة كسر الجليد معه، ولجره إلى معسكر الفصائل المؤيدة لإيران".
وينوه التقرير إلى أن معظم المسؤولين البارزين في هذه الفصائل، بمن فيها عصائب الحق وكتائب حزب الله وكتائب جند الإمام وكتائب سيد الشهداء وكتائب الإمام علي، وصلوا يوم الخميس إلى بيروت؛ تلبية لدعوة من حسن نصر الله الذي طالبهم بـ"تنحية خلافاتهم جانبا"، والتهدئة في أعقاب الغارات الأمريكية.
ويفيد الصلحي بأن عددا من المسؤولين السياسيين البارزين وقادة بقية الفصائل، بينهم زعيم منظمة بدر هادي العامري، الذي رشح لقيادة الحشد الشعبي بعد 24 ساعة من مقتل المهندس، زاروا طهران لتقديم التعازي للمرشد الأعلى آية الله خامنئي بمقتل سليماني.
ويشير الموقع إلى أنه بعد عودة معظمهم إلى بغداد، بقي في طهران كل من العامري وزعيم كتائب حزب الله النجباء، أكرم الكعبي، حيث انضم إليهما قادة الفصائل الآخرين الذين اجتمعوا مع نصر الله في بيروت، وبعد أقل من 24 ساعة سافروا إلى قم، حيث التقطوا صورا مع الصدر، الذي يواصل دراساته الدينية منذ عدة أشهر، وكان معه مساعداه أبو دعاء العيساوي وأبو ياسر الكعبي.
ويورد التقرير نقلا عن أحد الذين حضروا اللقاء، قوله إن البيان الصحافي احتوى على ما يلي: كان هدف اللقاء مع الصدر هو تحضير الأرضية لبناء جبهة مقاومة موحدة لإخراج القوات الأمريكية والقوات الأجنبية كلها من العراق وتنسيق المواقف الموحدة، مستدركا بأن عددا من قادة الشيعة المطلعين على المناقشات قالوا إن الهدف كان حل الخلافات الداخلية داخل الحشد الشعبي.
ويلفت الكاتب إلى أن جماعات الحشد التي ظهرت بعد انتصار تنظيم الدولة عام 2014، تنقسم إلى ثلاثة معسكرات، الأول تديره المرجعية في النجف، والثاني تحت قيادة الصدر، والثالث يسير بتوجيهات من الحرس الثوري الإيراني، مشيرا إلى أن الجماعات الموالية لإيران تعد أكبر تحد للعراق منذ الإطاحة بصدام حسين عام 2003.
ويستدرك الموقع بأنه رغم دمج هذه الجماعات في الجيش العراقي، وتلقيها التدريب والتمويل من الدولة العراقية، إلا أنها لا تتبع قيادة القوات المسلحة العراقية، ويتهم الكثير من عناصرها بالضلوع في نشاطات غير شرعية والقتل وتهريب المخدرات والنفط والابتزاز.
ويبين التقرير أن هذه الجماعات تبدو من الخارج جبهة موحدة، وتتعامل بعنف مع نقادها، وتهدد الحكومة والأحزاب غير الحكومية، لكنها تتنافس داخليا حول المنافع المالية والسيطرة على المناصب الحكومية المؤثرة، فمثلا هناك تنافس على النفط وتهريب الحديد المستخدم الذي يتم أخذه من المباني المدمرة في الموصل، مشيرا إلى أن هذا كان أحد أهم الأسباب التي أدت إلى الخلافات الداخلية بين قادة الفصائل.
وينوه الصلحي إلى أن من الخلافات الأخرى التي ظهرت في الأشهر الأخيرة بين أهم فصيلين وشاركا في اجتماعات بيروت، هي تلك المتعلقة بالحصول على المناصب الحكومية، التي حصل عليها فصيل وحرم منها الفصيل الآخر لأنه تحدى أوامر المهندس، مشيرا إلى أن هناك خلافا ثالثا ظهر بين كتائب حزب الله ذاته حول المكاسب التي حققها أحد القادة المقربين من المهندس، التي أدت إلى انشقاق القائد الذي شعر بالظلم وإعلانه عن إنشاء جماعة جديدة.
وينقل الموقع عن قائد حضر اجتماع بيروت، الذي رعاه نصر الله، قوله إنه كان يهدف إلى تحقيق هدنة بين الفصائل، وأضاف القيادي: "طلبت إيران من نصر الله القيام بالدور ذاته الذي كان يؤديه سليماني في العراق لحين صدور قرارات"، وتابع قائلا إن "إيران بحاجة إلى ثلاثة أشهر لتقرر الطريقة التي ستدير فيها الفصائل المعروفة بمحور المقاومة، ومن سيكون مسؤولا عنها، وما هي الآليات التي يجب اتباعها، وهي تريد التأكد من بقاء الوضع بين الفصائل كما هو الآن".
ويشير التقرير إلى التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، الذي نجم عن الغارة الأمريكية التي قتلت سليماني، ورد إيران بضربات صاروخية على قاعدتين عسكريتين.
ويلفت الكاتب إلى تدهور العلاقة بين المرجعية في العراق آية الله علي السيستاني وخامنئي، حيث يعارض الأول استخدام الثاني المليشيات الوكيلة وتحويل العراق لساحة حرب، ووصف السيستاني أمريكا وإيران بالدولتين الغريبتين اللتين يجب ألا تتدخلا في الشؤون العراقية.
ويورد الموقع نقلا عن مصادر عراقية، قولها إن الخلاف بينهما أدى إلى نقاش في الدوائر الإيرانية حول نجاعة السياسة التي ينتهجها خامنئي في العراق، وقال سياسي شيعي عراقي بارز: "تواجه إيران وضعا حرجا، فالسياسة التي انتهجها خامنئي سابقا لإدارة العراق والمنطقة لم تكن ناجحة، وساهم الحرس الثوري في المشكلة، وأصبح عقبة أمام أي مفاوضات مع الولايات المتحدة"، وأضاف أن النقاش الدائر في إيران اليوم هو حول الجهة التي ستتولى الملف العراقي: المخابرات أم الخارجية أو الحفاظ عليه في يد الحرس الثوري، و"عليهم اتخاذ قرار حول من سيتولى مكان سليماني، فإسماعيل قآني كان مسؤولا عن ملف أفغانستان ولا خبرة له في الشرق الأوسط".
وينوه التقرير إلى أن الحرس عين قآني قائدا لفيلق القدس بعد مقتل سليماني، فقد عمل نائبا له منذ 2007 لكنه لا يعرف اللغة العربية جيدا، مشيرا إلى أن هناك من يقترح اسم رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، ليحل محل سليماني، وهو سياسي ناجح يفضل الدبلوماسية على الحلول العسكرية، وله علاقة جيدة مع النجف.
ويقول الصلحي إن حل الخلاف مع الصدر يعد أولوية، فهو لا يخفي معارضته للجماعات الموالية لإيران في العراق، فيما تخشى إيران من تحديه للحشد بعد مقتل المهندس، مشيرا إلى أن الصدر ينظر بازدراء لكل من زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، وزعيم حزب الله النجباء، أكرم الكعبي، اللذين كانا من أتباعه وانشقا عنه.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن العامري، الذي أنشأ منظمة بدر عام 1982، لقتال صدام حسين، وتعد من أقدم الجماعات، هو في سن الـ 66 عاما، ومن أكبر القيادات المرتبطة بإيران، ولا أحد يشك في ولائه لخامنئي وتبعيته لإيران، وهناك شبه إجماع على قيادته للحشد بسبب شخصيته المرنة والمباشرة.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)