هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافية ليلي بلعيس، تقول فيه إن الديمقراطية الشابة في تونس عانت من الكثير من الصدمات منذ أن انبثقت من مظاهرات الربيع العربي عام 2011، إلا أن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية هذا الشهر قد تطرح هذا السؤال المحرج: ماذا يحصل إن كان الفائز مسجونا؟
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن مرشحي الأحزاب الكبيرة فشلوا في الجولة الانتخابية الأولى، الشهر الماضي، وبقي متنافسان، وهما: قيس سعيد، وهو أستاذ قانون مغمور حصل على 18.4% من الأصوات، بصفته مرشحا مستقلا يقف ضد الفساد، ونبيل القروي، وهو رجل أعمال وشريك في ملكية شبكة تلفزة خاصة، وفاز بنسبة 15.6%.
وتفيد بلعيس بأن عدة استطلاعات أظهرت حزب القروي، قلب تونس، يتقدم في الانتخابات البرلمانية، مشيرة إلى أنه لم يبق سوى أسبوع على الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية والقروي يقبع في السجن بانتظار المحاكمة، بتهم التهرب من الضرائب وغسيل الأموال.
وتنقل الصحيفة عن رئيس الوزراء يوسف الشاهد، قوله يوم الجمعة في مقابلة تلفزيونية: "إن الوضع في تونس وضع فريد"، مشيرة إلى أنه مرشح للرئاسة عن حزب تحيا تونس، تم استبعاده في الجولة الأولى، وأضاف الشاهد: "لكن النظام القضائي مستقل.. ونبيل القروي ليس سجينا سياسيا، وهناك تهم ضده، نحن لسنا راضين عن الوضع، لكن ليس بإمكاننا التدخل في النظام القضائي".
ويلفت التقرير إلى أن مؤيدي القروي يتهمون الشاهد وحزبه بتدبير اعتقاله في آب/ أغسطس، بعد أن حاولوا تعديل القانون لمنع القروي من دخول الانتخابات.
وتورد الكاتبة نقلا عن نزيه السويعي، وهو أحد محامي القروي، قوله في مقابلة: "إنه قرار سياسي والقضية كلها سياسية.. لقد أصبح مرشحا للرئاسة، ومرشحا لحريته ليتمكن من القيام بحملته"، وقال محاميه إن محكمة الاستئناف رفضت يوم الثلاثاء طلب القروي للمرة الرابعة لإطلاق سراحه مؤقتا، وهو قرار "يؤثر على مؤيديه أيضا".
وأضاف السويعي أنه لا تزال أمام قروي سبل استئناف أخرى، لكن هناك القليل من الوقت قبل جولة الانتخابات الرئاسية الثانية الأسبوع القادم، وقال محاميه إنه لا يبدو أن قوانين الانتخابات الحالية تحسب حساب احتمال فوز القروي قبل أن يتم إطلاق سراحه أولا.
وقال السويعي: "سيتمتع بحصانة بصفته رئيسا، لكن فقط بعد أن يؤدي القسم.. فماذا يمكن أن يحصل قبل ذلك، بين الوقت الذي يتم فيه انتخابه وإعلان النتائج؟ هل يمكنه أداء القسم في السجن؟ هذا كله يبقى غامضا".
وتجد الصحيفة أن شكل الجولة الثانية يعكس خوفا وغضبا على نطاق واسع في تونس، حيث البطالة تصل إلى 15%، والتضخم 6.7%، ما يعني أن الكثير من الناس يعانون ركودا وتراجعا في مستوى الحياة.
وينوه التقرير إلى أن القروي يحظى بدعم الفقراء بشكل رئيسي، الذين بنى معهم علاقة من خلال شبكة تلفزة "نسمة" ومنظمة خيرية، اسمها خليل تونس، مشيرا إلى أن ومنافسه سعيد، هو أستاذ القانون أدار حملة دون إعلانات، واعتمد على صورة من النزاهة وأصوات الشباب الذين خيب النظام السياسي آمالهم.
وتؤكد بلعيس أن نجاح الرجلين يهدد بكسر نموذج الحكم القائم على الإجماع منذ 2011، حيث شارك المحافظين والحداثيين السلطة، مشيرة إلى أن عدة استطلاعات برلمانية تظهر بأن قلب تونس، حزب القروي، يسبق حزب النهضة، ما يفتح الباب أمام احتمال نتائج "غير متزنة تماما"، بحسب رئيس (كولومبيا غلوبال سنترز) في تونس، يوسف الشريف.
وتذكر الصحيفة أن سعيد ليس لديه أي حليف رسمي في الانتخابات البرلمانية، إلا أن هناك حزبين خارجيين يحتمل أن يدعماه تظهر الاستطلاعات أنهما في الترتيب بعد قلب تونس والنهضة، لافتة إلى قول الشريف: "نخشى أن يكون البرلمان القادم أكثر تفرقا مع وجود قوى سياسية جديدة، ما قد يقود إلى الانقسامات وعدم القدرة على الحكم".
وبحسب التقرير، فإن الخبراء يخشون من الفراغ القانوني الذي يحيط بالقروي، فإن فاز فإن هناك تساؤلات حول كيفية تسلمه المنصب، وإن خسر، فإن محاميه يقولون بأنه سيرفع قضية في المحكمة، لكونه حرم من فرصة متساوية في السباق الانتخابي، فعدم تمكنه من المشاركة في المناظرات الانتخابية، قد يكون أحد الأمثلة على ذلك.
وتنقل بلعيس عن رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات في تونس، نبيل بافون، قوله في وسائل الإعلام المحلية: "يمكن اعتبار العملية الانتخابية كاملة غير صحيحة بسبب هذا الوضع"، وأضاف أنه نادى بإطلاق سراح القروي.
وترى الصحيفة أن ضيق الوقت يعقد الأمور، فكان من المفترض إجراء الانتخابات الرئاسية الشهر القادم، لكن الرئيس التونسي الأول المنتخب شرعيا، بيجي قايد السبسي توفي في شهر تموز/ يوليو، ولأنه لا يحق للرئيس الانتقالي أن يستلم المنصب لأكثر من 90 يوما، كان لا بد من إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
ويشير التقرير إلى أن رئيس البرلمان السابق محمد الناصر سيبقى في منصبه رئيسا انتقاليا حتى 24 تشرين الأول/ أكتوبر.
وتورد الكاتبة نقلا عن الشريف، قوله: "إننا نواجه مأزقا، وخطرا بوقوع عنف سياسي إن تم إلغاء نتائج الانتخابات".
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن سعيد عرض حلا غير تقليدي للمشكلة؛ فأعلن على موقعه أنه ولأجل تساوي الفرص بين المرشحين فإنه سيلغي حملته الانتخابية قبل الجولة الثانية.
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)