ملفات وتقارير

ماذا وراء "انحياز" أوروبا لإيران على حساب الحليفة الكبرى؟

خبيران أكدا أن همّ أوروبا الأول "اقتصادي" وسط مخاوف من خسارة فرص كبيرة لصالح روسيا والصين- جيتي
خبيران أكدا أن همّ أوروبا الأول "اقتصادي" وسط مخاوف من خسارة فرص كبيرة لصالح روسيا والصين- جيتي

رغم مضي إيران في التحلل من التزاماتها بموجب الاتفاق النووي، تواصل أوروبا إظهار مواقف قد توصف بـ"المتحيزة" لطهران، على حساب الحليفة واشنطن.

ولم تكتف دول القارة العجوز بانتقاد إخراج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلاده من الاتفاق النووي، في أيار/ مايو 2018، وما تبع ذلك من عقوبات أزمات، بل إنها حاولت، وما تزال، احتواء طهران، وأظهرت اهتماما بالبحث عن طرق للالتفاف على خطوات واشنطن.

أبرز مظاهر ذلك الموقف الأوروبي اقتراح باريس، مؤخرا، صيغة من شأنها تخفيف العقوبات عن طهران، وضمان قدرتها على بيع النفط، فضلا عن دعوة الرئيس إيمانويل ماكرون وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، إلى مكان انعقاد قمة السبع، جنوب فرنسا، وسط حديث عن عدم تنسيقه مسبقا مع نظيره ترامب، الذي كان حاضرا.

وتبرر أوروبا ذلك المنحى بالخشية من تمكن طهران الوصول إلى قدرات إنتاج قنبلة نووية في غضون أشهر، إلا أن تلك المخاوف هي ذاتها التي يتذرع بها ترامب في ضغوطه الاقتصادية على إيران، وإصراره على صياغة اتفاق جديد مع الأخيرة، بقيود أكبر على برامجها النووية والصاروخية.

وفي حديث لـ"عربي21"، قال المحلل السياسي طلال عتريسي، إن الأوروبيين غير منحازين لإيران، "بل هم مرتبكون".

وأوضح الخبير بالشأن الإيراني: "أوروبا تريد المصالح الاقتصادية الكبيرة، لكنها لا تستطيع إغضاب الولايات المتحدة، كما أنها لا تريد إيران نووية أو حليفة لروسيا والصين".

وتابع "عتريسي" أن من أهم معالم ذلك "الارتباك" أن الأوروبيين لم يقدموا شيئا ملموسا لإيران حتى الآن، رغم مرور أكثر من عام على خطوة ترامب.

اقرأ أيضا: رسائل ثلاث وراء تخطيط روسيا وإيران لمناورات بمضيق هرمز

كما أكد أن أوروبا، رغم ما يمكن لترامب أن يسببه لها من إحراج على الساحة الدولية، فإن دبلوماسيتها لا يمكن أن تتجاوز السقف الأمريكي.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد كامل، إن العامل الرئيسي في تشكيل الموقف الأوروبي إزاء الأزمة هو "المصالح الاقتصادية"، مؤكدا أنه "لا مكان للأخلاق في تلك الحسابات".

وأضاف، في حديث لـ"عربي21"، أن أوروبا "تخشى من خسارة الكعكة لصالح روسيا والصين".

 

احتكار أمريكي لـ"ابتزاز الخليج"

وقلل "كامل" من شأن احتمال أن تكون دول فرنسا وألمانيا وبريطانيا تسعى لمشاركة الولايات المتحدة في ابتزاز دول الخليج، عبر إظهارها دعم إيران، مؤكدا أن واشنطن تحتكر ذلك المجال بشكل كامل.

وتابع أن اهتمام تلك الدول الغربية بحماية مصداقيتها واستقلالية دبلوماسيتها على الساحة الدولية "محدود جدا في هذه المرحلة غير المسبوقة".

وقال إن العالم اليوم يديره "تاجر عقارات أمريكي، وزعيم مافيا روسي، ومجرم إسرائيلي"، بحسبه.

واتفق "كامل" و"عتريسي" على استبعاد سعي أوروبا الدخول من بوابة الملف الإيراني إلى مساحات شرق أوسطية أخرى، تتداخل معه، مثل أزمات سوريا والعراق واليمن.

وأكد الخبيران ضعف الدبلوماسية الأوروبية في المنطقة، وارتهانها للولايات المتحدة، واستدلا باستجدائها بقاء القوات الأمريكية في سوريا، عقب حديث واشنطن عن عزمها الانسحاب.

اقرأ أيضا: بريطانيا: هذا ما ستفعله أوروبا لإبقاء "الاتفاق النووي" حيا

وكانت إيران أعلنت مؤخرا زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي والقيام بضخ الغاز في الجيل السادس من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، في إطار المزيد من تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي.

وقد يساعد ذلك في توفير مخزون من اليورانيوم من فئة أعلى بمعدلات أسرع، ما يقلل من الوقت الذي يمكن أن تستغرقه طهران لإنتاج مواد صالحة لصنع أسلحة نووية، إذا أرادت.

وكان الاتفاق المبرم عام 2015 يفرض قيودا صارمة على إنتاج البلاد من اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.

ويتوعد ترامب بفرض عقوبات قاسية تصل حد "تصفير" صادرات النفط الإيراني، وهو ما فاقم التوتر بمنطقة الخليج، وسط تهديد طهران بتعطيل الملاحة في مضيق هرمز.

والاثنين، قال وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الاثنين، إن فرصة حل الأزمة الإيرانية في خطر، مطالبا جميع الأطراف بالتعامل من "منطلق المسؤولية".

وفي تصريح لمجموعة صحف محلية، حذر "ماس" من مغبة التصعيد العسكري في الأزمة، بحسب موقعة قناة "دوتشه فيلّه".

واعتبر الوزير أن تقليص طهران التزاماتها النووية "إشارة خاطئة تماما"، وطالبها بالتزام كامل.

وشدد في الوقت نفسه على أنه بالإمكان التوصل إلى حل، وقال: "لكن هذا الحل لن نتمكن- نحن الأوروبيين- من القيام به على نحو منفرد، بينما يزيد آخرون من المجازفة".

التعليقات (0)