ملفات وتقارير

كيف فضح خط تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر ما يحدث في سيناء؟

قال سياسيون إن إسرائيل حققت بهذه الاتفاقية خطوة كبيرة في التطبيع الاقتصادي والسياسي مع نظام الانقلاب العسكري-جيتي
قال سياسيون إن إسرائيل حققت بهذه الاتفاقية خطوة كبيرة في التطبيع الاقتصادي والسياسي مع نظام الانقلاب العسكري-جيتي

انتقد سياسيون مصريون إعلان وزير الطاقة الإسرائيلي من القاهرة بدء تشغيل الخط التجريبي لنقل الغاز الإسرائيلي لمصر، وضخ 7 مليارات متر مكعب خلال ثلاثة أشهر، في إطار تنفيذ الاتفاقية الموقعة بين الجانبين لشراء الغاز الإسرائيلي لمدة عشر سنوات.

وقال السياسيون الذين تحدثوا لـ "عربي21"، إن إسرائيل حققت بهذه الاتفاقية خطوة كبيرة في التطبيع الاقتصادي والسياسي الموسع مع نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، ورهن مشروع السيسي بتحويل مصر لمركز إقليمي للطاقة بالتواجد والدعم الإسرائيلي.

واعتبر السياسيون أن مصر بهذه الخطوة تساعد في سرقة الغاز الطبيعي المملوك للشعب الفلسطيني، وترسيخ سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على مقدرات وإمكانيات الفلسطينيين، بالإضافة إلى أن تشغيل خط الغاز الإسرائيلي كشف عن أحد الأسباب السرية للحملة العسكرية المستمرة في سيناء منذ عام ونصف.

وكان وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شانتي أعلن، خلال مشاركته بالاجتماع الثاني لمنتدى غاز المتوسط الذي عقد بالقاهرة، أن تصدير الغاز لمصر سيتم في موعد أقصاه شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، مؤكدا أنه تم اختبار خط الأنابيب بين الجانبين، وهو مؤهل حاليًا للتصدير، بكمية تصل لنحو 7 مليارات متر مكعب سنويًا.

وفي بداية حزيران/ يونيو الماضي أعلنت شركة ديليك دريلنغ الإسرائيلية، عن ضخ تجريبي للغاز في أنبوب بحري بين مدينتي عسقلان الإسرائيلية والعريش المصرية، تمهيدا لبدء تشغيل الخط بشكل كامل، وفقا للعقد الموقع بين البلدين في شباط/ فبراير 2018 بقيمة 15 مليار دولار لتوريد 64 مليار متر مكعب غازا لشركة دليفينوس هولدينغز المصرية.

سرقة مشتركة


من جانبه، طالب ضياء الصاوي، عضو الهيئة العليا لحزب الاستقلال المصري المعارض، بتصحيح المفاهيم التي يتم ترديدها في الإعلام الرسمي وغير الرسمي بأن مصر سوف تستورد الغاز الإسرائيلي، وإنما الحقيقة أنه الغاز الفلسطيني المنهوب والمسروق على يد الاحتلال الإسرائيلي.

ويؤكد الصاوي لـ"عربي 21"، أن اجتماع شرق المتوسط الذي استضافته القاهرة، قبل يومين، يشير لشكل جديد من أشكال التطبيع بين نظام السيسي وإسرائيل، كما أنه كان سببا للتعاون الأمني والعسكري بين مصر وإسرائيل في سيناء لتأمين خط الغاز البحري عسقلان/ العريش الذي يعول عليه السيسي كثيرا في تثبيت أركان حكمه.

 

اقرأ أيضا: مصر تقر بدفع 500 مليون دولار لإسرائيل جراء توقف تصدير الغاز

ويضيف الصاوي: "بعد أن قام السيسي طوعا بالتنازل عن حقوق المصريين في حقول الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط، يقوم الكيان الصهيوني بتصدير الغاز المسروق من مصر وفلسطين مرة أخرى لشركات مصرية، لتكون إسرائيل هي المستفيد الأكبر في الصفقة. وأعلن نتنياهو أن توقيع هذه الاتفاقية هو عيد لـ"إسرائيل" وأنها ستعود بالرفاهية على المواطن الإسرائيلي".

ويشير السياسي المصري إلى أن مشاركة اليونان وقبرص وإيطاليا والسلطة الفلسطينية ضمن دول المنتدى لتجميل الصورة، وإظهار المنتدى بصورة الكيان القوي مثل منظمة الأوبك المعنية بالدول المنتجة للبترول، بينما الواقع يقول إن الدول الأوروبية وأمريكا تدعم هذا الاتفاق الذي يصب في الصالح الإسرائيلي، مقابل أن يظل النظام العسكري بمصر مستقرا.

تدمير سيناء


ويبدي البرلماني السابق وعضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة محمد جمال حشمت، تعجبه من ترويج الإعلام المصري لهذه الاتفاقية باعتبارها إنجازا لمصر، في وقت صدع فيه نظام السيسي رؤوس المصريين بالاكتشافات اليومية للغاز الطبيعي، وهو ما يثير التساؤلات عن الأهداف الحقيقية لهذه الاتفاقية المرفوضة.

ويؤكد حشمت لـ"عربي21"، أن ملف مقاومة التطبيع مع إسرائيل يواجه أزمة في ظل استمرار نظام السيسي بالحكم، لأن الناشطين الحقيقيين بهذا الملف إما معتقلون أو مطاردون أو فارقوا الحياة، وتبقى قلة بسيطة داخل مصر تتعامل مع رفض التطبيع على استحياء، وهو ما منح السيسي فرصة للتمادي في توسيع مجالات التطبيع مع إسرائيل.

ويضيف حشمت: "مصر على يد السيسي تحولت لشريك في نهب حقوق الفلسطينيين، كما أنها تحولت لسلطة احتلال ضد أبناء سيناء والعريش بممارساتها الإجرامية والإرهابية لأكثر من 18 شهرا بشكل متواصل تحت غطاء محاربة الإرهاب، بينما الواقع أن السيسي يقوم بتفريغ سيناء لصالح تأمين الغاز الإسرائيلي والمواطن الإسرائيلي والحلم الإسرائيلي بالسيطرة الاقتصادية والسياسية على مصر ودول المنطقة".

على الجانب الآخر، يؤكد الخبير الاقتصادي سمير أبو الخير لـ"عربي21"، أنه بعيدا عن البُعد السياسي، فإن دخول إسرائيل في أية اتفاقية مع دولة بحجم مصر يمثل استفادة كبيرة لصالحها، لأنها تضمن سوقا شرائية تزيد 10 أضعاف عن السوق الداخلية الإسرائيلية، وهو ما كان يجب على النظام المصري أن يفهمه أثناء توقيع الاتفاقيات مع إسرائيل، والاستفادة من رغبتها في الدخول للسوق المصرية وليس العكس.

ويوضح أبو الخير أن غياب الجدوى الاقتصادية بفكر الحكومة المصرية جعل للموضوع أبعادا أخرى، خاصة وأن السمعة التي تروجها الحكومة أن مصر أكبر منتج للغاز الطبيعي، سواء الخام أو المسال، تلقت ضربة موجعة بتوقيع اتفاق استيراد الغاز الإسرائيلي، بما يؤكد أن الحكومة المصرية تمارس الخداع وتبيع الوهم للمصريين لصالح إسرائيل. 

اقرأ أيضا:  إسرائيل تبدأ ضخا تجريبيا للغاز إلى مصر

التعليقات (3)
عبدالله
السبت، 03-08-2019 08:51 م
شكرا لمحاولة الرد لكن لا أقصد خلط الأمور وما ورد بالرد هو الذي ينطوي على خلط للأمور.. لا أتحدث عن دفاع تركيا عما تراه حصتها في المياه الإقليمية (وهي تستحق بالفعل أكثر مما هو مطروح حاليا لكن بالتأكيد أقل مما يطرحه الخطاب التركي)، لكن أتحدث عن مشروعات تركية إسرائيلية متعددة مطروحة منذ سنوات وبعضها تزايد طرحه في عهد العدالة والتنمية تحديدا لمد أنابيب لتصدير الغاز الإسرائيلي (الفلسطيني) عبر تركيا.. فضلا عن مشروعات أخرى لنقل المياه إلى إسرائيل في وقت تتسبب فيه السياسات التركية المائية في أزمات حادة في العراق وسوريا.. للأسف كل النظم في المنطقة (وضمنها النظام التركي الأردوغاني بالمناسبة) أحد أهدافها الأساسية الحفاظ على بقاء النظام وقياداته حتى لو تعارض ذلك مع مصالح حيوية للدولة على المدى الأطول.. لكن ذلك قد يكون مفهوما أكثر في الحالة المصرية بالنظر إلى وضع التأزم الاقتصادي والسياسي بما قد يضطر النظام للوصول إلى صياغات يراها قد تنطوي على تنازلات لكن تحافظ على بقاء الدولة/ النظام.. الوضع في تركيا أثناء المفاوضات الشبيهة كان أقل تأزما بمراحل، ورغم ذلك الانتقادات أشد خفوتا.. وعندما أصدرت المنظمات التركية غير الحكومية المسؤولة عن أسطول الحرية خطابا لشجب التعاون التركي مع إسرائيل في مجال الغاز تم مواجهتها بانتقادات عنيفة من أردوغان باعتبارها لا تعرف مصالح الدولة وأنها هددت هذه المصالح عندما قامت بتنظيم قافلة أسطول الحرية دون تنسيق مع أردوغان كرئيس للوزراء، وهو ما اضطر هذه المنظمات لإصدار اعتذار عن بيانها!! نظم ونخب كلها مأزومة للأسف وكذلك أنصارها لكن يبدو أنها بدلا من الالتفات لأي محاولة جادة للتنسيق تتفرغ للمواجهات الداخلية والبينية وتراشق الاتهامات بالصهينة والعمالة ..الخ.. ربنا يهدينا جميعا
الى عبد الله
السبت، 27-07-2019 11:48 م
لا تخلط الامور على الناس فتركيا لها حصتها في مياهها الاقليميه في البحر الابيض وهي تتفاوض وتدافع عنها ضد اوروبا واليونان واسراءيل. اما مصر فتخلت عن حصتها فيما بعد الحدود المائيه الاقليميه وحصه فلسطين كمان. بالمختصر بيعت مصر من اجل بقاء النظام الانقلابي العميل وتباع السعوديه من اجل بقاء الولد الجاهل على سده الحكم كما بيعت وقسمت السودان من قبل من ا جل البشير . نفس الحكايه منذ الازل في اوطاننا ويختلف المكان حسب الزمان.
عبدالله
السبت، 27-07-2019 10:34 م
معذرة أين كانت هذه الانتقادات عندما كانت تركيا تتفاوض على نقل نفس الغاز ومشروعات أخرى مع إسرائيل..لا أدافع عن المشروع في حد ذاته لكن الازدواجية في المعايير مستفزة بالفعل..ربنا يهدينا جميعا