هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
دعا عضو المكتب السياسي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" صلاح البردويل، القيادات السياسية الفلسطينية إلى فتح كل الملفات العالقة بين الفلسطينيين بشجاعة ومسؤولية بعيدا عن التمسمر عند أوهام الأبوة والمرجعية الوحيدة، وأوهام القوة والاستقواء، والأستاذية العرجاء.
وأوضح البردويل في حديث مع "عربي21"، أن أسباب فشل كل الحوارات وكل الاتفاقات السابقة بين الفلسطينيين منذ العام 2005، هو تركيزها فقط على إيجاد صيغة لإنهاء الانقسام الإداري المتمثل في الحكومة وملحقاتها، ولم تلامس القضايا الخلافية الرئيسية.
وأكد أن "المطلوب أولا ترميم النسيج الاجتماعي من خلال استكمال مشروع جبر الضرر الاجتماعي الذي نتج عن الأحداث المؤسفة فورا، لأن أي مصالحة لا تقوم على قاعدة شعبية لا تنجح"، مشيرا إلى "أن هذا المشروع قد انطلق في غزة ولاقى ترحيبا كبيرا يعكس أصالة شعبنا واستعداده للعض على الجراح من أجل استعادة الوحدة".
إقرأ أيضا: خبير إسرائيلي: مصر جمدت جهودها لإنجاز المصالحة الفلسطينية
وشدد البردويل على أن "الخطوة الثانية التي يجب البدء بها فورا وقف حالة النزيف في جسد المجتمع الفلسطيني وذلك بممارسة التحريم للاعتقال أو الحرمان على قاعدة المخالفة في الرأي السياسي الوطني - بالاستثناء العملاء للاحتلال فقط - وذلك لإشاعة جو من الحرية واحترام حقوق الإنسان الفلسطيني الذي يستحق كل الاحترام؛ فلا دولة بلا إنسان ولا إنسان بلا حرية".
ورأى البردويل أن الخطوة الثالثة والأهم لإنجاز المصالحة هي التوافق على شكل النظام السياسي الفلسطيني ومضمونه.
وأوضح أن ذلك يبدأ بالإجابة الصريحة على السؤال التالي: "هل الفلسطينيون في مرحلة تحرر ومقاومة؟ أم في مرحلة دولة مؤسسات؟ أم أنهم بإزاء نظام سياسي يجمع بين الأمرين؟".
ورأى البردويل أن "الحكم على شكل النظام وطبيعة القيادة هو فرع عن تصور طبيعة المرحلة التي نعيش، وبالتالي تصبح حواراتنا مبصرة مثمرة، لا عمياء عقيمة".
وأضاف: "لذلك لا بد من الجلوس إلى طاولة الحوار المسؤول لرسم خارطة طريق لاستئناف استعادة الوحدة الحقيقية التي لا تغابن ولا تشاطر ولا مخادعة فيها".
وأوضح أنه في حال تم التوصل إلى أن الفلسطينيين في مرحلة تحرر، وأن منظمة التحرير هي قائدة المرحلة، وأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني كله، وأن حماس والجهاد وكل المكونات التي نشأت خلال الأربعين سنة الأخيرة هي جزء أصيل وهام في هذا الشعب؛ فلا بد من التأكيد على ضرورة مشاركتها في عملية التمثيل، وأن القيادة انعكاس واقعي لموازين القوى، وذلك إما بطريق الانتخابات وإما بالتوافق، وأن القرارات المصيرية - سلما أو حربا - ليست حكرا على طرف من الشركاء، سواء كان يشكل أغلبية أو أكثرية".
أما إذا كان النظام الفلسطيني مشتركا، فإن "هذه القاعدة، وفق البردويل، تنسحب على مؤسسات السلطة المختلفة؛ حكومة أو برلمانا أو رئاسة. وأن البرنامج السياسي، والاجتماعي والأمني، وبرنامج المقاومة جميعها نتاج للتوافق الوطني الذي اداته النهج الديمقراطي، واستشعار المصلحة الوطنية".
وشدد البردويل على أن "ثقافة الهيمنة والسيطرة والتهويش والتفرد في اتخاذ القرار، وإقصاء الآخرين هي ثقافة انتحارية لا تقتل ألا صاحبها، وهي سياسة ثبت فشلها في محطات عديدة، وقضت على هيبة المؤسسات الفلسطينية، ومزقت الصف، وأغرت بنا الأعداء والأصدقاء".
وأضاف: "إن الاتفاقيات التي تم توقيعها عام 2005م و2006 م و2011م و2017م تحمل في طياتها بعض الغموض النابع من محاولة الوسيط إرضاء جميع الأطراف، والتقريب بين وجهات النظر المتباعدة، وقد أدى ذلك إلى أن يفسر كل طرف هذه الكلمات والعبارات الغامضة وفق وجهة نظره الخاصة، الأمر الذي أعادنا مرة أخرى إلى الجدل والخصام، وانعكس ذلك على مصداقية الفصائل أمام الشعب".
وناشد البردويل الجميع مغادرة حالة التشنج والفهم المشوه للوحدة الوطنية، ومغادرة أوهام الاستعلاء التي تفتقد إلى أي رصيد في الواقع، وأكد "أن الحوار المباشر القيادي المسؤول على طاولة القيادة المؤقتة للمنظمة ضروري لاستناف تطبيق المصالحة وتطوير نتائجها".
ورأى البردويل أن هذه الخطوات تفرضها طبيعة الخصومة القائمة، التي كانت في البداية سياسية، ارتبطت باتفاقية أوسلو، حيث رأى فيها البعض اجتهادا سياسيا عبقريا، وتكتيكا ناجحا، في ظل البيئة الرديئة التي نشأت بعد حرب الخليج، وبعد الضربة القاسية التي تلقتها المقاومة في بيروت أثناء العدوان الصهيوني، في ظل خذلان عربي وتواطؤ دولي، فكان التوجه من القيادة إلى استثمار ورقة القوة الفلسطينية الوحيدة آنذاك؛ ورقة الانتفاضة، لاستنقاذ ما يمكن استنقاذه من الحقوق الفلسطينية، ووضع القدم على أرض الوطن، والمراكمة والتحايل على التحديات وصولا إلى إنجاز أكبر.
أما الفريق الآخر من الشعب الفلسطيني فرأى أن ما حدث كان تنازلا خطيرا عن الأرض، واستفرادا بالقرار، واستعمالا سيئا لمنظمة التحرير لتمرير هذا الاتفاق المجحف، في الوقت الذي كانت الانتفاضة تحقق فيه ضغطا كبيرا وانتصارا شعبيا على الاحتلال.
وأضاف: "تعزز هذا الانشقاق في الرأي السياسي بتصعيد على المستوى الأمني ومستوى حقوق الإنسان، وأفعال خارجة عن السلم المجتمعي الفلسطيني، وانتقل الفعل ورد الفعل إلى النسيج الاجتماعي، وكان ما كان من تداعيات أدت إلى الاقتتال فالانقسام، فالانتقام فالعقوبات"، وفق تعبيره.
وتراوح جهود الوساطة التي تقودها اقاهرة بين حركتي "فتح" و"حماس" مكانها على الرغم من إعلان قيادتي الحركتين تجاوبهم مع الوساطة المصرية، ورغبتهما في إنهاء الانقسام لمواجهة تحديات صفقة القرن، التي يلتقي على رفضها الكل الفلسطيني.
وعلى الرغم من تعدد المبادرات التي تطلقها قيادات فاعلة في حركة "حماس" لإنهاء الانقسام، فإنه إلى حد الآن لا توجد تصريحات مماثلة من قيادات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مما يجعل من الحديث عن المصالحة مجرد أمنيات في انتظار الإرادة السياسية.
إقرأ أيضا: هل توحد "صفقة القرن" الفلسطينيين وتدعم "المصالحة"؟