كتاب عربي 21

ما بعد معركة "ورشة البحرين".. المطلوب مشروع للمواجهة الشاملة

قاسم قصير
1300x600
1300x600

حققت القوى الفلسطينية والعربية والإسلامية المعارضة لـ"صفقة القرن" و"ورشة البحرين الاقتصادية"؛ نجاحا أوليا في كشف الأبعاد الخطيرة للمشروع الأمريكي- الإسرائيلي (والمدعوم من بعض الدول العربية) لتصفية القضية الفلسطينية، وتمت تعرية وإفشال الورشة التي أقيمت تحت عناوين اقتصادية، وبحجة تخصيص مبلغ 50 مليار دولار لدعم الفلسطينيين وعدد من الدول العربية.

لكن إفشال "ورشة البحرين" لا يعني أن مشروع تصفية القضية الفلسطينية فشل، أو أن الجهود الأمريكية- الإسرائيلية (مع عدد من الدول العربية) ستتوقف، فالمعركة مستمرة والصراع سيزداد ويتصاعد في المرحلة المقبلة من أجل تحقيق التطبيع الإسرائيلي- العربي، ومحاصرة قوى المقاومة، ولا سيما في غزة، والعمل لإسقاط السلطة الفلسطينية الحالية والإتيان ببديل فلسطيني مستعد للقبول بالصفقة والسير بها. كما أن السيطرة الاسرائيلية على الضفة الغربية واستكمال مشروع الدولة اليهودية وصولا لتهجير الفلسطينيين من أراضي العام 1948؛ لن يتوقفا، وينتظران اللحظة المناسبة.

 

 

إفشال "ورشة البحرين" لا يعني أن مشروع تصفية القضية الفلسطينية فشل، أو أن الجهود الأمريكية- الإسرائيلية ستتوقف، فالمعركة مستمرة والصراع سيزداد ويتصاعد في المرحلة المقبلة من أجل تحقيق التطبيع الإسرائيلي- العربي


فما هي أبرز الدروس المستخلصة من معركة إفشال "ورشة البحرين الاقتصادية"؟ وكيف سيتم استكمال معركة مواجهة "صفقة القرن"؟ وماذا تعد القوى الفلسطينية والعربية والإسلامية من مشاريع لمواجهة التطورات في المرحلة المقبلة؟

قيادات عربية وفلسطينية في بيروت، واكبت التحركات التي تمت في الأسبوعين الماضيين في مواجهة "ورشة البحرين الاقتصادية"، سجلت الملاحظات التالية حول التحركات التي جرت:

أولا: عادت القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمامات العربية والإسلامية وعلى أوسع مدى، شعبيا وإعلاميا وسياسيا، في معظم الدول العربية وعدد من الدول الإسلامية، وفي بعض الدول الأوروبية والغربية. ورغم الأوضاع الصعبة التي تعاني منها بعض الاقطار العربية وشدة المواجهة الأمريكية-الايرانية في المنطقة، فإن الحراك الشعبي العربي والإسلامي نجح في تشكيل أطر عمل ضد "ورشة البحرين" وصفقة القرن.

ثانيا: استعادت القوى الفلسطينية على اختلاف توجهاتها، سواء داخل فلسطين أو خارجها، بعض مظاهر التعاون والتنسيق والتوحد، رغم وجود خلافات فيما بينها في مقاربة الأوضاع، وعادت المواجهات الشعبية إلى مناطق الضفة الغربية، وهناك جهود كبيرة تبذل من أجل زيادة التعاون والتنسيق في المرحلة المقبلة، وستشهد العاصمة اللبنانية لقاء مهما في السابع من تموز/ يوليو الجاري لتأكيد هذا التعاون، وإظهار موقف فلسطيني- عربي- إسلامي موحد.

 

 

مع أن الخلافات بين بعض هذه القوى لا تزال قائمة حول مقاربة بعض الملفات، كالملف السوري واليمني والبحراني والليبي وغيرها، فإن هناك تطور في العلاقات بين هذه القوى، وقد يؤسس هذا التعاون لوضع رؤية جديدة لمواجهة التحديات

ثالثا: جرى تجاوز الخلافات بين العديد من الحركات الإسلامية والقومية واليسارية، وتشارك الجميع في أنشطة متنوعة لمواجهة الورشة والصفقة. ومع أن الخلافات بين بعض هذه القوى لا تزال قائمة حول مقاربة بعض الملفات، كالملف السوري واليمني والبحراني والليبي وغيرها، فإن هناك تطورا في العلاقات بين هذه القوى، وقد يؤسس هذا التعاون لوضع رؤية جديدة لمواجهة التحديات المختلفة.

رابعا: لم تقتصر التحركات على القوى الحزبية أو الجهات الرسمية أو المنظمة، بل شاركت في اللقاءات والأنشطة والتحركات فعاليات متنوعة واطلقت العديد من المبادرات العفوية، وكل ذلك يؤسس لوعي شعبي عربي وإسلامي جديد في مواجهة المرحلة المقبلة.

خامسا: نجحت هذه المعركة في إعادة تصويب بوصلة الصراع، وأن مواجهة المشروع الأمريكي- الصهيوني هو الأولوية على بقية الصراعات والأزمات في المنطقة، ولا سيما محاولة تحويل إيران إلى عدو جديد للعالم العربي، أو إعطاء الأولوية للصراعات المذهبية والطائفية أو الصراعات على السلطة في بعض الدول العربية.

لكن هل يعني النجاح أن المعركة انتهت، وأننا انتقلنا إلى مرحلة جديدة؟

 

معركة مواجهة "ورشة البحرين الاقتصادية" حملت مؤشرات إيجابية مهمة، لكن الصراع سيستمر وهذا يتطلب رؤية شاملة وجديدة

تجيب القيادات العربية والفلسطينية في بيروت: نحن لا زلنا في بداية المعركة، والمواجهة ستتصاعد في المرحلة المقبلة، ولذا المطلوب استكمال الخطوات والمبادرات والأنشطة التي بدأت للوصول إلى مشروع كامل للمواجهة؛ لا يقتصر على الجوانب الإعلامية والشعبية وإطلاق المواقف السياسية، بل يتضمن رؤية مستقبلية للصراع مع العدو الصهيوني المدعوم أمريكيا، وكيفية مواجهة معركة التطبيع التي بدأت تتكشف، وصولا لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني والاتفاق على استراتيجية موحدة.

وبالإجمال، يمكن القول إن معركة مواجهة "ورشة البحرين الاقتصادية" حملت مؤشرات إيجابية مهمة، لكن الصراع سيستمر وهذا يتطلب رؤية شاملة وجديدة، فهل ستشهد بيروت إطلاق هذه الرؤية في السابع من تموز/ يوليو الجاري؟

 

التعليقات (0)