هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للباحث مارك تيسن، يتحدث فيه عن العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب على إيران، ومدى فاعليتها في التأثير على النظام الإيراني.
ويقول تيسن في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "سياسة ترامب تجاه إيران تبدو وكأنها تراوح بين الدبلوماسية والعدوانية، ففي يوم يغرد ترامب: (أنا متأكد أن إيران تريد التفاوض قريبا)، ويحذر في اليوم التالي من أنه (إذا أرادت إيران الحرب فإن تلك ستكون نهايتها رسميا)، هل ذلك محير؟ حسنا، هناك منهجية للجنون".
ويشير الباحث إلى أن "إدارة ترامب تفهم أن إيران لا تريد الحرب؛ لأن إيران تعلم أنها ستخسر، ولذلك أوضح المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، من خلال حساب (تويتر) رسمي -وهو يعلم أن الرسالة ستصل إلى ترامب- أنه (ليست هناك مواجهة عسكرية لأن لا حرب ستقع)".
ويبين تيسن أن "هدف ترامب ليس بدء حرب، لكن لدى إدارته ثلاثة أهداف: الأول، إعادة الردع واحتواء التمدد الإيراني في الشرق الأوسط، والثاني: دفع إيران للتراجع واضطرارها للعودة إلى داخل حدودها، والثالث: منح إيران خيارا واضحا، وهو العودة لطاولة المفاوضات والتنازل عن طموحاتها النووية والصاروخية والتصرف كأي بلد عادي، أو أن ينهار النظام، مثل ما حصل للاتحاد السوفييتي".
ويلفت الكاتب إلى أنه "عندما تسلم ترامب الرئاسة، كانت إيران تزحف عبر الشرق الأوسط -في سوريا ولبنان والعراق- وذلك بسبب فشل إدارة أوباما في مواجهة العدوان الإيراني، والأموال التي تسلمتها إيران من تخفيف العقوبات بموجب الاتفاقية التي توصل إليها أوباما مع إيران، وانسحب ترامب من الاتفاقية، لكنه لم يعد ببساطة العقوبات السابقة، لكنه رفع العقوبات إلى مستويات غير مسبوقة، وأدت هذه العقوبات إلى الآن لـ (خسارة إيران 10 مليارات دولار من دخلها منذ تشرين الثاني/ نوفمبر)، بحسب ما نقلته (واشنطن بوست) عن المسؤولين في الإدارة".
ويفيد تيسن بأن "الإدارة شددت هذا الشهر أكثر، فألغت الاستثناءات لثمانية بلدان سمحت لها سابقا بالاستمرار في استيراد النفط الإيراني، والهدف، بحسب المسؤولين الأمريكيين، هو خفض صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، والعقوبات مجدية، ونشر (بلومبيرغ) أخبارا تفيد بأن (شحنات إيران النفطية تهاوت هذا الشهر بعد أن أنهت أمريكا نظام الاستثناءات.. وإلى الآن لم تشاهد ناقلة نفط واحدة تغادر موانئ النفط الإيرانية إلى موانئ أجنبية)".
وينوه الباحث إلى أن "العقوبات الجديدة تضطر طهران لأن تقطع مساعداتها لوكلائها، وبحسب (واشنطن بوست)، فإن (إمكانية إيران لتمويل الحلفاء، مثل حزب الله، قد قلصت)، بينما في لبنان، بحسب تقارير (نيويورك تايمز)، فإنه (تم القطع من رواتب مقاتلي المليشيات)؛ لأنه وبحسب أحد المقاتلين (لا تملك إيران ما يكفي من المال لتعطينا)، ويوم الثلاثاء قال وزير الخارجية مايك بومبيو للكونغرس، إن (ميزانية إيران الدفاعية المقترحة تم خفضها بنسبة 25%، وخفضت ميزانية الحرس الثوري الإيراني المقترحة بنسبة 10%)".
ويعلق تيسن قائلا: "من الواضح أن إيران غير سعيدة بذلك، ورأت المخابرات الأمريكية مؤشرات على أن إيران تجهز للرد بهجمات على أمريكا باستخدام وكلاء، كما فعلت في عام 1983 في تفجير مقر المارينز في بيروت، وعام 1996 في تفجير الخبر في السعودية، ومن خلال إمدادها المليشيات الشيعية في العراق بمتفجرات تخترق المدرعات يمكن زرعها في الطرقات، التي تسببت بمقتل مئات الجنود الأمريكيين".
ويقول الكاتب: "لذلك قامت إدارة ترامب ببعث رسالة واضحة بأن أمريكا ستحمل إيران المسؤولية المباشرة عن أي هجمات على الأمريكيين، حتى لو قامت بها مليشيات مدعومة من إيران، واستعرضت قوتها لدعم تلك التهديدات، وبدلا من أن يجعل هذا الوضوح الحرب أكثر احتمالا، فإنه يجعل إيران أقل احتمالا لأن تسيء حساباتها؛ لأنها تعرف التداعيات".
ويؤكد تيسن أن "العقوبات تلحق ألما شديدا، لكن إن كان الهدف ليس فقط هو الاحتواء، بل تقليص التمدد الإيراني أيضا، فإن العقوبات ليست كافية، يجب علينا أن نواجه إيران بشدة في أنحاء المنطقة كلها، من خلال دعم حلفائنا، واستنزاف الإيرانيين أينما استطعنا؛ لإلحاق الهزائم بهم في المسارح المهمة، مثل سوريا والعراق، كما فعل الرئيس رونالد ريغان للاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة، وتخفيف الوجود العسكري الأمريكي في سوريا لا يتماشى مع مقاربة (أقصى ضغط)".
ويتساءل الباحث قائلا: "هل يعود الإيرانيون للطاولة؟ كانت العقوبات التي جلبت الإيرانيين لطاولة المفاوضات في ظل حكم أوباما أقل بكثير، لكن ترامب قام بربط العقوبات الأشد بمطالب أكثر صرامة، وقام بومبيو بإدراج 12 شرطا للتعامل مع إيران -بما في ذلك التوقف عن دعم المجموعات الإرهابية في الشرق الأوسط، وانسحاب كامل من سوريا- وهو ما لا يتوقع أن تلتزم به إيران".
ويعاود تيسن التساؤل قائلا: "إن لم يعودوا للطاولة، فما هي الاستراتيجية؟ هل يريد ترامب حقا إسقاط النظام الإيراني؟ ليس الأمر واضحا، إن كان يريد ذلك، فكما يشير زميلي في معهد (أميركان إنتربرايز)، فريدريك كاغان، فإن هذه المهمة قد تكون أصعب حتى مما كانت عليه مع الاتحاد السوفييتي، وكما أظهرت كوريا الشمالية فإن الأنظمة الديكتاتورية قادرة على الاستمرار حتى تحت عقوبات شديدة".
وبختم الكاتب مقاله بالقول: "بالتأكيد فإن العالم سيكون أفضل إن ركزت إيران على الحياة بدلا من التمدد والإرهاب، لكن الأمر يحتاج إلى أكثر من عقوبات للإطاحة بالنظام الإيراني، وهو الأمر الذي يحتاج إلى استراتيجية".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)