صحافة دولية

التايمز: حروب المرتزقة بدل الجيوش.. أمريكا وروسيا والإمارات

التايمز: الحرب أمر جدي ولا يمكن تركه لجنود الحظ- جيتي
التايمز: الحرب أمر جدي ولا يمكن تركه لجنود الحظ- جيتي

نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية مقالا للمعلق روجر بويز، تحت عنوان "لا تتركوا الحرب في يد المرتزقة" أو جنود الحظ، يتحدث فيه عن ترك الحروب للمرتزقة عوضا عن الجيوش.

ويتحدث الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، عن مشكلة روسيا التي تمددت قواتها فوق طاقتها في سوريا وأوكرانيا، وقريبا في فنزويلا، متسائلا عن الكيفية التي سيقوم فيها القادة الروس بمواجهة هذا الوضع، ويجيب قائلا: "استأجر الجنود"، مشيرا إلى أنه بالنسبة للرئيس دونالد ترامب، الذي يريد نهاية الحرب الطويلة في أفغانستان، فقد وجد رجلا يريد خصخصة الحرب في هندو كوش. 

ويعلق بويز قائلا إن "المرتزقة عادوا وأصبحوا في الصورة، وينظر إليهم على أنهم قوات تحمل مخاطر قليلة وكلفة أقل عوضا عن الدخول في نزاعات بين الدول وحروب بين جيوش متقدمة جدا".  

ويرى الكاتب أن "خصخصة الحروب خيار محفوف بالمخاطر؛ لأن المرتزقة لا يعدون حلا للموضوعات الجيوسياسية، لكنهم محاولة لإظهار أن الدولة تفي بواجبها من ناحية توفير الأمن للمواطنين، دون عودة الجنود الشباب في الأكياس، وكذلك اللعب على وهم أن الحروب يمكن التعاقد عليها مثل بوليصات التأمين". 

ويقول بويز إن "فلاديمير بوتين أرسل مرتزقة من شركة التعهدات الأمنية (واغنر) إلى فنزويلا لمنع سقوط حليفه نيكولاس مادورو، فلو ذهب هذا أو علق من على عمود كهرباء في كراكاس فإن على بوتين الترحم على 25 مليار دولار استثمرها في القطاع النفطي لفنزويلا". 

ويشير الكاتب إلى أن "بوتين يواجه تداعيات الحرب في أوكرانيا، التي زادت من الفاتورة على روسيا بسبب العقوبات الغربية المفروضة عليها، وقد يجد بوتين نفسه أمام فاتورة ضخمة لإعادة إعمار سوريا، خاصة حلب التي سوى بناياتها في التراب في أثناء الغارات على المعارضة لنظام بشار الأسد في الجزء الشرقي منها، وأبدى الروس قلقا متزايدا للخسارة في الأوراح والمال خارج البلاد، ونظام التقاعد الذين رفعوا أصواتهم ضده، ولهذا كله فإن شركات المرتزقة أصبحت الخيار المقنع لبوتين في حروبه الخارجية".

ويلفت بويز إلى أنه "على الطريق ذاته وقع ترامب تحت سحر رجل التعهدات الأمنية المعروف إريك برينس، وهو الرجل الرائد في مجال المرتزقة، أو كما يطلق عليهم (رجال الاستشارات العسكرية الخاصة)، وتقوم خطة برينس لأفغانستان على استبدال 15 ألف جندي أمريكي و8 آلاف جندي للناتو بـ6 آلاف مرتزق أو متعهد أمني، بالإضافة إلى ألفي جندي أمريكي من القوات الخاصة، تقوم بالتركيز على تحديث وتقوية الجيش الأفغاني، وبهذا يتوقف الجيش الأمريكي عن تدوير جنوده وفترات خدمتهم في البلد". 

وينوه الكاتب إلى أنه ستتم الاستعانة بالطائرات الخاصة لنقل المتعهدين الأمنيين حول البلاد، والتأكد من جاهزية الجيش الأفغاني، لا المتعهدين، لإطلاق النار؛ لئلا يتورطوا في قضايا قانونية، ويقترح برينس فاتورة بقيمة 5.5 مليارات دولار مقارنة مع 723 مليار دولار من أموال دافع الضريبة الأمريكي التي أنفقتها أمريكا منذ عام 2001، إضافة إلى 126 مليار دولار على مشاريع الإعمار". 

ويبين الكاتب أن "الاستعانة بالمرتزقة لتخفيف كلفة الحروب التقليدية ليست أمرا متعلقا بروسيا وأمريكا فقط، بل هناك الإمارات العربية المتحدة التي تعتمد على المرتزقة الكولومبيين لمواجهة المتمردين الحوثيين في اليمن، واستعانت نيجيريا بمرتزقة جنوب أفريقيا لمواجهة جهاديي بوكو حرام قبل انتخابات عام 2015، حيث أمر محمد بخاري بإخراجهم بعد فوزه". 

 

ويعتقد بويز أن "المرتزقة باتوا يمثلون خيارا جيدا في النزاعات المائعة، التي تتراوح بين الحرب والسلام، وصارت خصخصة الحروب خيارا جيدا يوفر على دافع الضريبة ويخفي الحروب التي لا تحظى بشعبية، وتمنح الجنود المتقاعدين فرصة عمل جيدة ومربحة هذه المرة". 

ويذكر الكاتب أن "الجنود الكولومبيين وجدوا أنفسهم بعد انتهاء الحرب الكولومبية مع منظمة فارك، التي استمرت 50 عاما، محلا للطلب في سوق المرتزقة الدولي، وعادة ما يسافر المرتزق أولا إلى بريطانيا أو الولايات المتحدة، حيث شركات التعهدات الأمنية التي يصل حجم تجارتها السنوي إلى 250 مليار دولار".

ويفيد بويز بأن "الأمر لم يعد كما في الماضي عندما كان المرتزق مجرد مجلة اسمها (جنود الحظ)، حيث كان الباحث عن عمل يضع فيها إعلان (مسدس للإيجار) مع عرض للحروب التي شارك فيها، إلا أن شركات التعهدات الأمنية اليوم تقوم على تقديم عطاءات وبيانات كلفة وتحدد التمرد الذي يمكن سحقه، وذلك هو الصعب، ثم تختار بعد ذلك القائد للمهمة". 

 

ويستدرك الكاتب بأن "طريقة تقديم برينس خطته ليست مختلفة، فهو شقيق وزيرة التعليم بيتسي دي فوس، ما منحه فرصة للوصول إلى ترامب، إلا أن الجنرالات ووزير الدفاع السابق جيمس ماتيس وقفوا ضد الخطة، ويبدو أن لها حظا جديدا عندما تبدأ التحضيرات للحملة الانتخابية عام 2020". 

ويذهب بويز إلى أنه "مهما حدث في أفغانستان فإن هناك شروطا للطريقة التي تخوض فيها الديمقراطيات الحروب، وتبدأ من الجندي وعدسات الصحافيين والتزام المتعهدين بأوامر الضابط في الميدان، لكن مرتزقة بوتين لا يلتزمون بهذا الأمر، وقد خاضوا مواجهة مع الجنود الأمريكيين في شرق سوريا، وهناك مخاطر لمواجهة مع الموالين لمادورو في فنزويلا، وفي كل سياق هناك مساحة للخطأ القاتل". 

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إن "المرتزقة هم خيار سهل، لكن الدولة التي تتخلى عن احتكار استخدام القوة تضع نفسها أمام مشكلة، فالحرب أمر جدي ولا يمكن تركه لجنود الحظ".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)