زيتوت: أوضاع الجزائر بعد الانقلاب على انتخابات 91 أسوأ

أكد العضو المؤسس في حركة "رشاد" الجزائرية المعارضة الديبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، أن وُصف حينها بوقف المسار الانتخابي مطلع العام 1992 في الجزائر، كان انقلابا ثلاثي الأبعاد على نتائج انتخابات كانون الأول (ديسمبر) 1991، وعلى الدستور وعلى الرئيس.

وأوضح زيتوت في حديث مع "عربي21"، أن "الذين نفذوا الانقلاب ثلاثي الأبعاد يوم 11 من كانون الثاني (يناير) العام 1992، برروا فعلهم بالتحذير من أن الإسلاميين الذين فازوا بالمرحلة الأولى من الانتخابات سيحولون الجزائر إلى أفغانستان أخرى، وأن الجمهورية تتلاشى أمام الزحف الإسلامي غير المسبوق في تاريخ الجزائر".

واعتبر زيتوت، أن "شعار إنقاذ الجمهورية الذي رفعه منفذو الانقلاب كان شعارا كاذبا ومخادعا، لأنه كان بإمكان الرئيس الإطاحة بالحكومة متى ما شعر بتهديد النظام العام".

الجبهة لم تكن خطرا على الديمقراطية

وأضاف: "لم تكن الجبهة الإسلامية تشكل أي خطر على الجزائر ولا على المسار الديمقراطي ولا على الإقليم، لأن الشعب هو من اختارها، وغالبية الشعب لا يمكنها أن تتفق على ما يضرها. 

هذا فضلا عن أن الجبهة يومها أعلنت بأنها ليست لديها الرغبة للسيطرة على الحكومة، ثم إن جنرالات الجيش الذي نفذوا الانقلاب، كان بإمكانهم الإطاحة بالحكومة متى رأوا أن هناك انحرافا حقيقيا، لذلك كل المبررات التي تم إطلاقها لإلغاء وتنفيذ انقلاب ثلاثي الأبعاد، كانت مبررات كاذبة ومضللة لا غير".

واتهم زيتوت الغرب عامة، وفرنسا تحديدا، بالتواطؤ مع القيادات العسكرية يومها، وقال: "ما كان للانقلاب على إرادة الشعب الجزائري أن تنجح لولا موافقة الغرب عموما، خاصة  وفرنسا ولكن أيضا روسيا والصين".

وأضاف: "علينا أن نعلم ن غالبية الجنرالات الذين نفذوا الانقلاب يومها، هم في الأصل كانوا جزءا من الذين عملوا في الجيش الفرنسي أيام ثورة التحرير الوطني، والتحقوا بالجيش الوطني متأخرا، وهذا يجعلنا أكثر قربا من فهم ما جرى، بأنه اقلاب محلي شكلا لكنه مدعوم دوليا".

الانقلاب تم بدعم عربي ودولي

وأشار إلى أن النظام العربي الرسمي كان يقف إجمالا إلى جانب قادة الانقلاب على إرادة الشعب الجزائري، باستثناء التصريح اليتيم لملك المغرب يومها الحسن الثاني، الذي قال بأنه كان يتمنى لو أنه تُركت الفرصة لقادة الجبهة ليمارسوا الحكم حتى يمكن الحكم عليهم".

وذكر زيتوت أن قرار "الانقلاب لم تكن له فقط تداعيات سياسية لجهة حرمان الشعب من تقرير مصيره فضلا عن منع تيار سياسي عريض انتخبه الشعب من ممارسة حقه في إدارة الشأن العام، وإنما أسهم في تفويت فرصة كبيرة على الشعب الجزائري للاعتماد على ذاته في بناء نفسه، واختيار حكام ومؤسسات يستطيع أن يحاسبهم وفق آليات ديمقراطية حقيقية".

وأضاف: "لذلك فإن المتابع للشأن الجزائري اليوم لا يفوته التوقف عند حالة الاحتقان السياسي الحاصلة بين جنرالات الحكم، في ظل غياب تام لرئيس الذي هو أقرب للموت منه للحياة، وهو صراع أجنحة متعاظم تستخدم فيه كل آليات التصفية السياسية، وللأسف الشديد فإن هذا الصراع المحموم على ما تبقى من السيطرة على ثروات الجزائر، من يدفع ثمنه هو غالبية الشعب الجزائري، الذي أمسى عبارة عن كتلة بشرية لا يشغلها إلا البحث عن وسيلة للعيش أو للهجرة".

اقرأ أيضا: الكتاب الذي كان يجب أن يهز الجزائر!

وتابع: "هناك آلاف الكفاءات الجزائرية التي ضاقت بها الجزائر، ولم تجد بدا من البحث عن فرص للحياة الحرة الكريمة في الغرب والشرق، والسبب هو الفساد والاستبداد".

وأعرب زيتوت عن أسفه لأن الأقلية المهيمنة على الوضع في الجزائر، استقوت على الشعب الجزائري من خلال التحالف مع القوى الاستعمارية الراغبة هي الأخرى في استنزاف خيرات الجزائر ومنعها من التحرر الكامل، تحت شعار مكافحة الإرهاب، الذي تحول إلى مطية جديدة لاستعمار دولنا". 
 
الاستقرار المعدوم

وحذّر زيتوت من أن "الجزائر لم تتمكن على الرغم من الحرب التي خاضها جنرالات الجيش ضد الفائزين بانتخابات نهاية العام 1991، من ترسيخ استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي يطمئن له الجزائريون، كما لم يتمكنوا من تصفية خصم سياسي حاربوه سياسيا وإعلاميا وأمنيا".

وقال: "الوضع السياسي الهش الذي تعيشه الجزائر اليوم، والمعارك الطاحنة بين أقطاب الحكم والفساد، فضلا عن تدني الأوضاع المعيشية للمواطنين، لا يعكس فقط فشل كل السياسات الناجمة عن الانقلاب، وإنما يفتح الباب أما مصير مجهول لبلادنا، في ظل حالة التصحر السياسي وفقدان غالبية الجزائرية ليس للثقة في الطغمة الحاكمة فقط، وإنما أيضا في الوسائط التي صنعها الانقلابية في العقود الثلاثة الماضية".

اقرأ أيضا: الجزائر 1988.. دماء حارقة وديمقراطيّة مفترضة (1من2)

وأكد زيتوت أن الجزائر اليوم تعيش على صفيح سياسي واجتماعي ساخن، وأنه لم يعد هناك أي مناص من التغيير، وقال: "لم يعد هناك أي طرف سياسي بمقدوره أن يوقف عجلة التغيير، حتى وإن استنجد بالقوى الأجنبية، وقدم لهم كل الضمانات لحماية مصالحهم، ببساطة، لأن حاجز الخوف قد سقط لدى الأجيال الجديدة".

وأعرب زيتوت عن خشيته من أن طول عمر الاستبداد وفساده الداخلي من جهة، وخضوعه لمطالب القوى الاستعمارية الطامحة إلى الهيمنة على مقدرات الجزائر، رغبة في الحفاظ على امتيازاته، بالإضافة إلى حالة الفراغ السياسي التي خلفتها سنوات القمع، كل ذلك يجعل من مرحلة الانتقال إلى حكم راشد محفوفة ببعض الفوضى التي ستغذيها الجماعة الحاكمة أكثر وفق قاعدة أنا وبعدي الطوفان".

وقال: "كل الأمل أن لا تطول مرحلة الفوضى، ذلك أن الروح الوطنية الموجودة لدى الجزائريين وتطلعهم لواقع أفضل كفيلة بحماية هذا الانتقال"، على حد تعبيره.

اقرأ أيضا: الجزائر.. الانقلاب على انتخابات 91 دليل عجز على تقاسم السلطة