سياسة عربية

ما سر استغناء السيسي عن أذرعه الإعلامية.. ودور المخابرات؟

صحفي مصري: تجربة سيطرة النظام والمخابرات على الفضائيات والصحف لم تخدم النظام بل أضرت به- أ ف ب
صحفي مصري: تجربة سيطرة النظام والمخابرات على الفضائيات والصحف لم تخدم النظام بل أضرت به- أ ف ب

مع انتقادات قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، المتواصلة للإعلام بعدما تم صرفه على شراء فضائيات تابعة للجهات السيادية وشراكات مع أصحاب الفضائيات من رجال الأعمال؛ تثار التساؤلات حول تقييم تجربة سيطرة المخابرات على الفضائيات والصحف وشركات الإعلانات والإنتاج الدرامي، ومدى فائدتها للنظام رغم استنزافه ماليا، وهل حققت ربحا؟


وأثيرت التكهنات بإعلان الإعلامي المقرب من سلطات الانقلاب العسكري، عمرو أديب، عن استقالته من قناة "on"، وظهور تقارير صحفية وإعلامية عن إقالة أديب ومعه الإعلاميين إبراهيم عيسى ولبنى عسل والأكاديمي معتز عبدالفتاح، من الفضائية التي نالت اهتمام النظام وأجهزته السيادية ودعمتها بالملايين.


هيمنة المخابرات


وفي تعليقه قال الكاتب الصحفي قطب العربي، إن "هيمنة المخابرات على الفضائيات والصحف والمواقع أصبحت معروفة وموثقة فشركة (دي ميديا) التي أطلقت قنوات (دي إم سي) هي ملك للمخابرات الحربية ويظهر بعقد التأسيس اسم اللواء عباس كامل مدير مكتب السيسي ومدير المخابرات الحالي".


وأضاف العربي، بحديثه لـ"عربي21"، أن "شركة (إيجل كابيتال) تابعة للمخابرات وهي التي تملكت مؤخرا شركة (إعلام المصريين) بكل ما تتملكه هذه الأخيرة من قنوات وصحف وشركات إعلامية (17 شركة وقناة) عَلى رأسها شبكتا (أون) و(سي بي سي)، كما أن شركة (فالكون) للخدمات والأمن التي يرأسها ضابط المخابرات الحربية اللواء شريف خالد، تتبعها شركتان إعلاميتان هما (تواصل) و(هوم ميديا) واللتين تتملكان قنوات (الحياة) و(العاصمة) وراديو (دي أر إن)".

 

تجربة سيطرة النظام والمخابرات على الفضائيات والصحف لم تخدم النظام


وأكد أحد الصحفيين العاملين بالحقل الإعلامي، أن "جميع من يعمل بالإعلام والوسط الصحفي يدرك أن سيطرة الأجهزة السيادية على الصحف والقنوات وحتى وكالات الإعلان وشركات الإنتاج الفني؛ أمر مؤكد، حتى الفضائيات والصحف الخاصة إن لم يكن هناك نسبة شراكة مع إحدى الجهات بالدولة فإن إداراتها لا تستطيع تمرير أية قرارات إلا بالرجوع للجهات السيادية؛ ولكن (المولد اتفض)".

 

اقرأ أيضا: أديب يودّع قناة "ON" ويكشف عن حوار مع هذه الشخصية (شاهد)

الصحفي، الذي رفض ذكر اسمه، وكان يعمل بإحدى الصحف الخاصة والمملوكة بنسب كبيرة لجهاز المخابرات، قال لـ"عربي21"، إن تجربة سيطرة النظام والمخابرات على الفضائيات والصحف لم تخدم النظام بل أضرت به رغم ما صرف من ملايين وما حققت من خسائر.


وعلى مستوى الصحف أوضح أن بعضا مما تسيطر عليه الأجهزة مفيد للنظام مثل "اليوم السابع" و"الوطن" و"الدستور" حيث أنها تحقق أهدافه ونسبيا لا تخسر ماليا.


واستدرك بقوله، لكن هناك مواقع وصحف تم الصرف عليها وتخسر بشكل كبير ولم تخدم النظام أو أنها تخدمه بطريقة خاطئة وأساءت إليه مثل "صوت الأمة" و"دوت مصر" ومواقع أخرى، مؤكدا أن جزءا منها أغلقته الأجهزة مثل "المولد"، وجزء آخر بطريقه للغلق وتقليص النفقات وتقليل عدد العاملين إلى 20 صحفيا.


تقليل النفقات


وعن الفضائيات المحسوبة على الأجهزة السيادية، أكد أنها جميعا تسير نحو تقليل النفقات والاستغناء عن المحسوبين على النظام وينالون أجورا خرافية دون فائدة، مشيرا لما حدث بفضائية "on"، والتخلص من عمرو أديب (25 مليون جنيه سنويا) وإبراهيم عيسى، اللذين يكلفان الميزانية دون تحقيق إعلانات تغطي النفقات وأحيانا يعملون ضد النظام رغم أنهم محسوبون عليه، مشيرا إلى أن الدور سيطال إعلاميين آخرين مثل مصطفى بكري، ومعتز عبدالفتاح، وخالد صلاح، وزوجته شريهان أبو الحسن.

 

توجهات السيسي بتغيير النخبة وخلق وجوه إعلامية جديدة


وحول انتزاع الثقة بين السيسي والأجهزة السيادية من جهة وبين الوجوه الإعلامية الحالية، قال إن "الثقة بدأت تعود بقوة بين السيسي والأجهزة السيادية ونتج عن هذا مزيد من الإحكام والتنسيق بمجال الإعلام، وتولي الأمر شخصيات تفهم وذوي خبرة وإزالة الوجوه القديمة وأهمها توجهات السيسي بتغيير النخبة وخلق وجوه إعلامية جديدة تحظى بقبول وإعادة الهيكلة وتقليل النفقات لإحكام السيطرة".


وأكد أنه كان هناك مجموعة من الصحفيين والإعلاميين يعدهم النظام لقيادة المشهد وكانت لهم امتيازات كبيرة بحصولهم على أكثر من عمل بصحيفة أو فضائية ومناصب قيادية، لكنه مؤخرا تم سحب تلك الامتيازات أو دعم ما يسمى بشباب الإعلاميين، بل إن منهم من انقطعت صلته بالأجهزة الأمنية وآخرون تركوا العمل، ضاربا المثل بالصحفي محمد دسوقي رشدي، أحد القيادات الصحفية بـ"اليوم السابع"، الذي ترك برنامجه بقناة "النهار"، وإذاعة "DRN FM"، للتوقيع لقناة "on"، وراديو "نغم"، لكنه تم الاستغناء عنه بقرار سيادي وعدم وجود ميزانية.

 

اقرأ أيضا: مكرم وشركاؤه.. هكذا صنع السيسي آلته الإعلامية لضرب الخصوم

تلاقي مصالح


وحول خضوع الفضائيات والصحف والإنتاج الدرامي بمصر لتوجيه أجهزة سيادية؛ أكد مساعد رئيس تحرير الأهرام الأسبق، أسامة الألفي، أنه "ليس بالضرورة أن يكون هناك توجيه مباشر؛ فسياسات الدولة واضحة ولا تحتاج إلى إعلان، وهناك طرق كثيرة للتوجيه الألفي، مضيفا لـ"عربي21"، أن "القنوات الفضائية يملكها رجال الأعمال ومن الطبيعي أن تسخر لخدمة أهداف أصحابها وتروج لأفكارهم؛ وعادة ما تتلاقى مصلحة رجال الأعمال مع الأنظمة حتى يمكن لهم الاستفادة من التسهيلات التي تقدمها النظم".

 

الألفي، أكد أن "الإعلام العربي عامة لم يكن يوما حرا بالمعنى الحرفي للفظة حرية؛ وإعلام كل بلد يخضع لتوجهاته السياسية فهو إعلام موجه مع هامش ضئيل من النقد الذي لا يمس جوهر سياسة النظام، فهناك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها حتى في أعتى الديموقراطيات".

 

الفضائيات العربية تتبع سياسة الإثارة الرخيصة بتبني هوامش القضايا وإثارتها جذبا للمشاهد


وحول دور تلك القنوات المدعومة من النظم أشار إلى أن "الفضائيات العربية تتبع سياسة الإثارة الرخيصة بتبني هوامش القضايا وإثارتها جذبا للمشاهد؛ وبعض ما تتبناه يهدم قيم المجتمع وأخلاقياته بل قد يصل إلى محاولة هدم ثوابت الدين والمعتقد مثلما فعل إسلام البحيري وإشاعة الهلس بين الشباب الذي يفتقد القدوة".

وأضاف أن "الشيء نفسه يقال عن الصحف الخاصة والسينما التي صارت تروج لأفلام الهلس والمخدرات والشذوذ وتجربة السبكي خير مثال يدل على مستوى انحطاط السينما والعائد أساسا لامتهان الثقافة الجادة وشيوع (ثقافة بوس الواوا) كما وصفتها في عنوان كتاب لي قبل 12 عاما".


فقدوا المصداقية


ويرى الإعلامي حازم غراب، أن السيسي، لا يعمل شيئا ولا يقرر قرارا إلا وكانت عواقبه سيئة عليه وعلى الناس، مشيرا إلى أن "صناعة الإعلام وما جرى على يديه فيها لا تخرج عن هذه القاعدة"، مؤكدا أن "ما فعله من تجنيد الأذرع والأبواق لم يفلح؛ والجميع فقدوا صدقيتهم وانفض المشاهدون عن القنوات فانهارت نسب المشاهدة، ولما فضحتهم شركة أجنبية تقيس تلك النسب أغلقوها وحتى قرار الإغلاق لم يحسنوا تبريره".


وعن نجاح أو فشل إعلام تسيطر عليه المخابرات وأمن الدولة، قال غراب، لـ"عربي21": "لم يفلح إعلام الكذب والتضليل والإلهاء والتخدير لا بزمن عبد الناصر ولا السادات ولا كنز إسرائيل الاستراتيجي مبارك"، مؤكدا أن "الناس انفضوا بالعهود الثلاثة عن إعلام أحمد سعيد إلى إذاعات لندن وإسرائيل، ثم استمرت الظاهرة وذهب الشعب إلى صحافة المعارضة زمن مبارك، وصدقية ماسبيرو تراجعت لصالح قناة الجزيرة بمهنيتها وصدقيتها ثم إلى قنوات المعارضة المهاجرة منذ الانقلاب".


وحول ما أثير عن دخول السعودي تركي آل شيخ مجال الإعلام بمصر بفضائيات جديدة، أوضح غراب، أن "القنوات المتوقع تأسيسها لن تكون سوى نسخ مكررة من قنوات الانقلاب الحالية، والسبب بسيط للغاية: لا يستقيم الظل والعود أعوج. لا إعلام ينجح في ظل ديكتاتورية".

التعليقات (4)
حسن
السبت، 05-05-2018 11:00 ص
اذا كان اقال نسيبة فما بالك بالغريب
حسن
الجمعة، 04-05-2018 03:22 م
هههههه وما اخفي كان اعظم وللي جاي اكثر واكثر اصحوا يامصريين فوقوا لبلادكم امن وسلامة المواطن الاسرائيلي جانب مع امن المواطن الاسرائيلي
حرب الاستنزاف
الجمعة، 04-05-2018 04:19 ص
بعد مضى ما يزيد اليوم عن 7 سنوات على عودة فلول عصر المخلوع إلى الساحة الإعلامية بدعم من الدولة العميقة من أجل شن ثورة مضادة ، توجت بانقلاب عسكرى دموى عام 2013 ، و قمع سياسى و أمنى غير مسبوقين منذ ذلك الحين ، صار تمويل الحرب الفكرية على وعى المصريين من أجل تغييبهم عن الواقع مهمة باهظة الكلفة ، ينهض بها ممولو الانقلاب فى دول الخليج ! و مع طول فترة عدم الاستقرار السياسى فى مصر ، و انهيار أسعار النفط فى السوق العالمى منذ صيف عام 2014 ، تراجعت قدرات الممولين الخليجيين على مواصلة دعم الدولة العميقة فى مصر ، و أذرعها الإعلامية المعروفة ! و صارت علامة واضحة على نجاح حرب الاستنزاف التى تشنها المعارضة الإسلامية ضد نظام الانقلاب على الساحة الإعلامية !
Mourad
الخميس، 03-05-2018 11:34 م
استغلوكم ولما انتهت مهمة تضليل الرأي العام رموكم في مزبلة الكلاب ياكلاب