صحافة دولية

ديلي تلغراف: كيف اغتال السيسي الثورة المصرية؟

تلغراف: الانتخابات شهدت إقبالا ضعيفا- جيتي
تلغراف: الانتخابات شهدت إقبالا ضعيفا- جيتي

نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" تقريرا، تعلق فيه على انتخابات الرئاسة المصرية، التي فاز بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دون منافسة.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن هذا النصر "الكاسح" جاء في وقت خرب فيه مليون ناخب أصواتهم عندما انتخبوا المرشحين حتى لا تحسب الأصوات، لافتا إلى أن الانتخابات شهدت إقبالا ضعيفا شارك فيه أقل من نصف الذين يحق لهم الانتخاب.

وتقول الصحيفة إن السيسي لم يواجه منافسا حقيقيا، وأظهرت النتائج الأولية أنه حصل على أكثر من نسبة 90% من أصوات الناخبين، بمشاركة لم تزد على 40%، مقارنة مع 47% في انتخابات عام 2014، التي فاز فيها بنسبة مماثلة، وأظهرت النتائج أن نسبة 7% من المشاركين، حوالي مليون ونصف ناخب، خربوا أصواتهم، فيما نظر إليه على أنه نوع من التحدي الصغير في مراكز الاقتراع.

ويلفت التقرير إلى أن المرشح المنافس للسيسي لم يحصل إلا على نسبة 3% من أصوات الناخبين، حيث كان موسى مصطفى موسى مرشحا اسميا؛ لمنح الانتخابات سمة "ديمقراطية"، بعد اعتقال وإجبار وملاحقة أي مرشح حقيقي يمكن أن يشكل تحديا للرئيس. 

وتذكر الصحيفة أن النتائج النهائية للانتخابات ستعلن في الثاني من نيسان/ أبريل، حيث لم يعلق الرئيس أو حملته الانتخابية على النتائج الأولية، فيما سارعت الصحافة المؤيدة للنظام والحكومية للاحتفال بفوزه، وحفلت الصفحة الأولى لصحيفة الأهرام بعنوان "اختار الشعب رئيسه"، وشهدت بعض شوارع القاهرة احتفالات لمؤيدي السيسي، الذين رفعوا الأعلام، ورقصوا على صوت الأغاني الوطنية.

ويفيد التقرير بأن تهديدات النظام بدفع الناخبين للخروج إلى مراكز الاقتراع لم تفلح، حيث تم تهديد من لا يشاركون بالغرامات، وفي بعض الحالات أجبرت الشرطة الناخبين على التصويت بالقوة، وذلك في محاولة لزيادة المشاركين، وتم تقديم الرشاوى الصغيرة للبعض، مثل الأرز والسكر للتصويت لصالح السيسي.

وتنوه الصحيفة إلى أن هناك فيديو انتشر بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيه الطالب إبراهيم حسن إن ضابط شرطة أوقفه في الشارع، وأجبره على الذهاب لمركز الاقتراع، حيث أجبر على التصويت، وقال إنه صوت للمرشحين حتى يبطل صوته، وأضاف: "لم أذهب للتصويت بناء على رغبتي، ولن أصوت للسيسي من نفسي.. ما هو الفرق بين أن تكون في السجن وخارجه؟". 

وينقل التقرير عن مسؤول هيئة المعلومات ضياء رشوان، قوله إن البعض ربما حصلوا على رشاوى، لكن هذا لن يؤثر على نتائج الانتخابات، فهي "لم تكن منظمة.. وقام بها أفراد وليس الدولة". 

وتبين الصحيفة أن المعارضة تتوقع أن يتحرك السيسي ويعدل مادة دستورية تحدد ولاية الرئيس بمرتين، بشكل يفتح المجال أمامه ليحكم ولعقود قادمة، لافتة إلى أن الناشط الليبرالي شادي الغزالي حرب، علق قائلا: "يطلق السيسي على هذه انتخابات، لكن من الإهانة للشعب المصري استخدام هذه الكلمة؛ لأنها كان عملية لتقوية سلطته".

وفي السياق ذاته، كتب الصحافي راف سانشيز مقالا في "ديلي تلغراف"، يقول فيه إن انتخابات مصر، التي لم تكن انتخابات، هي المسمار الأخير في نعش الثورة المصرية عام 2011.

 

ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "في اليوم الذي هاجم فيه بلطجية حسني مبارك ميدان التحرير على ظهور الجمال، كانت ياسمين البرماوي من بين الذين اعتقلهم الجيش، وكانت ياسمين، البالغة من العمر آنذاك 28 عاما، وعازفة العود، تحمل لفافات طبية ومطهرات لإسعاف الجرحى، حيث أوقفت على جانب الميدان، ونقلت إلى ناد للضباط، استخدم مركز اعتقال". 

ويشير سانشيز إلى أن "هذا كان في 2 شباط/ فبراير، حيث لم تعرف البرماوي ولا المسؤول الأمني أن مبارك سيرحل بعد 9 أيام، لكنهما كانا يعرفان أن أمرا سيحدث، وأطلق الضابط سراحها بعبارات تهديد (سنعود)، وبعد سبعة أيام بدا كلام الضابط صحيحا، حيث حل محل نظام مبارك حكومة عسكرية يترأسها عبد الفتاح السيسي، التي تعد بالمعايير كلها أكثر قمعا وديكتاتورية من نظام مبارك". 

ويلفت الكاتب إلى أن فوز السيسي هذا الأسبوع كان دون منافس حقيقي، بعدما تخلص من منافسيه الحقيقيين، حيث يقول منافسوه، بمن فيهم نشطاء الثورة المصرية، إن السيسي لن يوفر وقته وسيغير الدستور، منوها إلى أنه تم تركيع الإعلام المصري، فيما حظرت التظاهرات العامة، وتلاشت المساحة الصغيرة التي كانت متوفرة للتعبير أثناء مبارك. 

وتنقل الصحيفة عن أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، قوله: "لقد تم اغتيال الحياة السياسية في مصر بآلة حادة، والسيسي هو المسؤول عن قتلها"، مشيرا إلى أن المصريين اليوم أقل حرية مما كان عليه الحال أيام الرئيس الديكتاتور في سنوات الستينيات من القرن الماضي جمال عبد الناصر، وأضاف نافعة: "لم أر في السبعين عاما من حياتي إعلاما تحت السيطرة مثل الآن".

ويستدرك سانشيز بأنه "مع أن فوز السيسي لم يكن مفاجئا، إلا أنه قاد إلى التأمل في الكيفية التي تحولت فيها الثورة إلى حكم القبضة الحديدية عام 2018، وماذا يعني هذا كله لمستقبل مصر". 

ويورد الكاتب نقلا عن الدكتور أسامة الغزالي حرب، الذي شارك في ثورة ميدان التحرير، قوله إنه يخشى من تحول جيل الثورة للعنف مع زيادة القمع، وأضاف: "كنا نحن في ثورة 25 كانون الثاني/ يناير سلميين، وكان هذا شعارنا الذي التزمنا به، لكن الجيل الجديد يقول: لم يكن هذا جيدا لنا، ما دفع الكثيرين منهم بسبب الإحباط نحو العنف، وهدفنا هو إقناع الشباب بالالتزام بالوسائل السلمية؛ لأنها الطريقة الوحيدة لمواجهة النظام، ونحن بحاجة فقط لأن نكون خلاقين ومبدعين". 

وتنوه الصحيفة إلى أن الغزالي حرب حذر بريطانيا والدول الغربية من عدم الاقتناع بأن السيسي هو قوة استقرار يوفر لشعب مصر الأمن، على خلاف سوريا وليبيا، قائلا: "إنه يقود مصر نحو الفوضى، ولو انفجرت مصر فلن يعاني المصريون فقط، بل المنطقة والعالم أيضا".

ويتحدث سانشيز عن الناشطين والمعارضين، ويرى أن "هناك فرصا قليلة لقيام ثورة شعبية على غرار ميدان التحرير عام 2011، فقوى الأمن جاهزة لسحق أي مقاومة شعبية قبل أن تبدأ فعلا، ولو خرج السيسي من السلطة فسيكون ذلك نتاجا لتنافس داخل المؤسسة العسكرية لا احتجاجات شعبية". 

ويفيد الكاتب بأن الكثير من السياسيين عولوا على رئيس هيئة الأركان السابق سامي عنان، الذي خطط لخوض الانتخابات، مستدركا بأنه رغم كونه عسكريا مثل السيسي، إلا أنه شخصية معتدلة ومتسامحة، بحسب ما يرى عدد من الناشطين، وتم اعتقاله تحت تهديد السلاح بعد أسبوع من إعلان ترشيحه، ولا يزال في الحجز حتى الآن. 

ويذكر سانشيز أن أنصار السيسي يدافعون عن القمع باعتباره ضروريا لإعادة النظام والأمن للبلاد، وإنعاش الاقتصاد، حيث يقول الباحث السياسي في جامعة حلوان جهاد عودة، إن السيسي سيفتح باب التعبير السياسي في حالة تحسن الوضع الأمني، ويضيف مدافعا عن الرئيس: "يجب أن تبدأ بالعمل على فرض النظام العام، وبعد ذلك يظهر التنوع السياسي.. عندما يبني الدولة القوية فلا يمكنه المضي دون دمقرطة وحس اللبرلة". 

ويختم الكاتب مقاله بالقول إنه "بالنسبة للبرماوي، البالغة من العمر الآن 35 عاما، فإنها راقبت انتخابات الأسبوع الحالي بنوع من الإحباط، متسائلة عن سبب إنفاق المال على مراكز اقتراع وملصقات للسيسي، فيما كان يجب أن تنفق على التعليم والصحة، ولا تزال تؤمن رغم ما نتج عن الثورة بجيل ثورة 2011".

التعليقات (0)