هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في ظل حالة غلاء غير مسبوقة يعيشها المصريون؛ انتشرت في مناطق عدة بالقاهرة والمحافظات دواجن رخيصة الثمن يتم عرضها بالجمعيات الاستهلاكية وفي الميادين والشوارع، وذلك قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة المقررة نهاية الشهر المقبل.
السعر بلغ 15 جنيها للكيلو مقابل (28 جنيها) للكيلو من المزارع، وهو ما يثير الشكوك حول مصدر تلك الدواجن وسبب قلة ثمنها واحتمال أن تكون فاسدة أو مريضة أو (مسرطنة)، ورغم ذلك فإن الفقر والحاجة جعل المصريين يقبلون عليها بشكل كبير.
وظهر مقطع فيديو مصور من أحد ميادين القاهرة، يظهر به مجموعة من الشباب أمامهم عدد كبير من كراتين الدواجن المجمدة ويبيعون الفرخة الواحدة بـ12.5 جنيها.
جهة سيادية
وأكد المتحدث باسم وزارة التموين، محمد سويد، أنه تم استيراد هذا الدجاج بمعرفة إحدى الجهات السيادية إبان أزمة الدجاج الأبيض في رمضان الماضي وقررت الحكومة وقتها استيراد الدجاج بمعرفتها ولكن لم يتم طرحها بالأسواق حينها.
المسؤول الحكومي، قال للإعلامي عمرو أديب بفضائية "ON E "، مساء السبت، إن هذا الدجاج صالحة للاستخدام الآدمي وتباع بمنافذ وزارة التموين بـ17 جنيها، ومدة صلاحيتها لم تنتهي ولكنها قاربت على الانتهاء.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات لمقاطعة تلك الدواجن المجمدة، مؤكدة أنها مصرية وغير مستورده واسمها دجاج (سرت)، وأنها ماتت بالمزارع، بسبب فيرس غامض منتشر بالمزارع، وأن التجار يشترون تلك الدواجن الميتة الواحدة بجنيه، ويقومون بتنظيفها ووضعها بأكياس ثم تجميدها وبيعها بالشوارع.
هذه هي الكارثة الأكبر
ونفى مدحت الطيب (38 عاما) صاحب مزارع وتاجر الدجاج حية، صحة ما يتم تداوله من أن هذا الدجاج هو (سرت) المزارع، مؤكدا أن ما يحدث في ظل الحالة المرضية التي تصيب المزارع هو أن يأتي تجار كبار لشراء العنابر المصابة بالإنفلونزا وهي (حية) ولكن بأسعار رخيصة جدا من 10 آلاف إلى 20 ألف جنيه للعنبر ما يعني أن سعر الفرخة لا يتعدى 5 جنيهات، ليقوم التاجر بذبحها بالمجازر وبيع (الكبد والقوانص والأرجل) وتغليف الفرخة وبيعها للمحلات بـ12 جنيه فقط.
وأكد الطيب لـ"عربي21"، أنه يتم محاربة وضرب صناعة الدجاج الوطنية بما يتم استيراده من شحنات لصالح جهات عليا ورجال أعمال كبار وطرحها بالسوق بسعر مخفض وذلك لأنها غالبا منتهية الصلاحية ولكن يتم ضرب السوق المحلية بها.
وقال الطيب، إن ما يتم تداوله من دواجن بسعر رخيص هي أوكرانية المنشأ، وقد استوردها الجيش، منتهية الصلاحية والجميع يعرف ذلك الحكومة والتجار والأجهزة الرقابية، مضيفا أن انتهاء الصلاحية ليس هو المشكلة.
وأوضح أن المشكلة الأكبر هي أن ذلك الدجاج المستوردة يتم تخزينها لفترة حتى التحكم في السوق وقبل انتهاء صلاحيتها بأيام يتم توزيعها على المجازر التي تقوم بفكها من التجميد وهذه كارثة صحية، ثم تقوم بتصنيعها مرة ثانية ووضعها بأكياس بتاريخ صلاحية جديد ويتم تجميدها مرة ثانية ثم طرحها للبيع بأسعار مخفضة.
الطيب، أشار إلى أن المشكلة تكمن أيضا في أن مدة صلاحية الدجاج المجمدة بعد ذبحها هو عام كامل، وعندما يتم فك تجميدها وتغليفها بتاريخ جديد لمدة عام جديد تكون الصلاحية الفعلية للفرخة هي شهر واحد فقط، ما يعني أن ما يتم بيعه في الشوارع من دواجن هي غاية في الخطورة.
من جانبها أكدت وزارة الصحة أن الدواجن البرازيلية التي تباع في الأسواق صالحة للاستهلاك الآدمي، لكنها وضحت أن صلاحيتها تمتد لعدة أيام فقط حيث تنتهي آخر شهر شباط/ فبراير الجاري.
وقالت مديرة الإدارة المركزية للرقابة على الأغذية بوزارة الصحة مايسة حمزة، في تصريحات صحفية أن لم يتم ضبط أي دواجن مستوردة منتهية الصلاحية حتى الآن، مشددة على أن جميع الدواجن المستوردة التي دخلت البلاد في الفترة الأخيرة تم فحصها جيدا من خلال ثلاث جهات رقابية رسمية عبر لجان متخصصة.
وأوضحت حمزة أنه على الرغم من صعوبة دخول شحنات من الدواجن المستوردة الفاسدة إلى البلاد، إلا أن وزارة الصحة تقوم حالياً بسحب عينات من تلك الدواجن المتداولة في الأسواق للتأكد من سلامتها وإتباع الإجراءات السليمة لتخزينها.
دعاية للسيسي
وأكدت نجلاء توفيق، (41) ربة منزل، تعجبها مما يحدث في مصر، وقالت لـ"عربي21"، قبل أسابيع كنا لا نستطيع شراء الفرخة بسعر 60 و70 جنيها، واليوم الأربعة بـ50 جنيها، معلنة رفضها الشراء من تلك السيارات رغم إصرار الشباب الذي يقوم بالتوزيع على دعوتها.
وأوضحت توفيق، أن النساء المؤيدات للسيسي يقبلن على تلك الدواجن رغم علمهن بأنها قد تكون فاسدة بل ويقمن بالدعاية لها وسط النساء، معتبرة أن ظهور ذلك الدجاج بهذا السعر في هذا التوقيت هو دعاية لقائد الانقلاب.
إسناد الأمر لغير أهله
وأكد الأستاذ بكلية الطب البيطري الدكتور محمد سيف، أن الدجاج المستورد تدخل للبلاد بتاريخ صلاحية به حد أقصى 6 شهور، ولكنه من الوارد ببعض الأحيان أن يتم استيراد شحنات اقترب انتهاء صلاحيتها وبأسعار رخيصة وطرحها بالأسواق.
سيف، أكد لـ"عربي21"، أن الأزمة تتلخص في "إسناد الأمر لغير أهله"، موضحا أنه كان يوجد دور كبير لمعهد بحوث صحة الحيوان في الرقابة على صحة الأغذية واللحوم والدواجن، وكانت الشحنات المستوردة يتم عرضها على المعهد الذي كان في كثير من الأحيان يرفض تلك الشحنات لعدم صلاحيتها وخطورتها على الإنسان.
وأضاف، عضو نقابة البيطريين السابق، أنه في عهد حسني مبارك وفي ظل وزارة يوسف والي، وزير الزراعة الأشهر تم سحب تلك الصلاحية من المعهد وتم إنشاء معمل تابع لهيئة الصادرات والواردات بوزارة التجارة يقوم بإصدار تقارير صلاحية الشحنات المستوردة، موضحا أنه كان هناك جزء من المجاملة لرجال الأعمال وللشركات العالمية المصدرة في إطار سياسي ودعم علاقة مصر مع دول الخارج.
وحذر الأكاديمي المصري، من عدم التأكد من حقيقة صلاحية الدجاج المستوردة، وأنها لا تحمل ميكروبات مرضية تصيب المصريين، وقال وعليه فإن ما يتم من بيع 5 فرخات بمبلغ 50 جنيه، في ظل أسعار محلية من 50 إلى 60 جنيه للفرخة، يثير علامات استفهام كثيرة، مرجحا أن تكون صلاحية ذلك الدجاج قد انتهت وأن مستوردها يرغب في التخلص منها.
وقال إنه بالنسبة للمنتج الأوروبي فإن سعر الفرخة هناك لن تنخفض أقل من 5 إلى 6 يورو، فكيف يبيعها للمستورد المصري بأقل من نصف يورو، مؤكدا أن المعنى خطير؛ إلا إذا كانت الدولة تدعم تلك الشحنات للفقراء وهو ما لم تعلن عنه.
وتحدث سيف، عما اسماه بمافيا الفساد الموجودة بالأجهزة الحكومية وما تقوم به من تمرير منتجات غير صالحة للاستهلاك، مؤكدا على ضرورة الرقابة الصحية على مصادر ومنافذ البيع وأن يكون على رأس تلك الرقابة الطب البيطري للسيطرة على الحالات المرضية بشكل سريع.