ملفات وتقارير

ماذا يعني أن تجرى رئاسيات مصر في ظل حالة الطوارئ؟

الدعوة للانتخابات يأتي في ظل تمديد حالة الطوارئ لثلاثة أشهر إضافية- أرشيفية
الدعوة للانتخابات يأتي في ظل تمديد حالة الطوارئ لثلاثة أشهر إضافية- أرشيفية

في الوقت الذي أعلنت فيه سلطات الانقلاب مد حالة الطوارئ بجميع أنحاء البلاد 3 أشهر جديدة، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات الثلاثاء، موعد إعلان الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية، التي من المقرر أن تبدأ مراحلها نهاية الشهر المقبل، وتجري وقائعها في نيسان/ أبريل، على أن تعلن النتيجة قبل 3 أيار/ مايو، قبل شهر من موعد انتهاء الفترة الرئاسية للسيسي.

ومن المقرر الإعلان عن الجدول الزمني للانتخابات الاثنين المقبل، الذي يتضمن قرار دعوة الناخبين للاقتراع وموعد فتح باب الترشح وإجراءات الانتخابات ومواعيد اقتراع المصريين في الداخل والخارج وإعلان النتائج.

طوارئ عبدالعال


كما يأتي إعلان حالة الطوارئ للمرة الثالثة منذ نيسان/ أبريل الماضي، ليبدأ السبت 13 كانون الثاني/ يناير الحالي، وينتهي في 13 نيسان/ أبريل المقبل، ما يعني أن الانتخابات الرئاسية التي لم تتضح بعد معالم مرشحيها ستتم معظم مراحلها في ظل حالة الطوارئ.

وكان المرشح الرئاسي المحتمل، المحامي خالد علي، قد طالب النظام بـ10 ضمانات لإجراء الانتخابات بينها "إنهاء حالة الطوارئ"، فيما أكد أساتذة بالقانون الدستوري أن فرض الطوارئ ليس دستوريا، بينهم الدكتور نور فرحات الأستاذ بجامعة الزقازيق.

وعلى الجانب الآخر، يعلل النظام قراره مد الطوارئ بوقوع عمليات إرهابية بالبلاد، فيما انتقد رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، من يقول بعدم دستورية فرض حالة الطوارئ بالبلاد، واتهمه بأنه ليس مصريا، في الوقت الذي أقر أعضاء البرلمان مد الطوارئ مرتين وجاري إقراره للمرة الثالثة.

وأعلنت الطوارئ للمرة الأولى في 10 نيسان/ أبريل 2016، عقب تفجير كنيستي الإسكندرية وطنطا، وانتهت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2016، ليتم تمديدها ثانية لمدة ثلاثة أشهر في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وتنتهي في الـ13 من الشهر الحالي.

تزامن مريب


تزامن مد الطوارئ والشروع ببدء الانتخابات الرئاسية أثار مخاوف المصريين من استخدام الطوارئ لتكميم أفواه المصريين، وتزوير إرادتهم، وتوجيه الانتخابات باتجاه السيسي، الذي لم يعلن رسميا حتى الآن دخوله المعترك الانتخابي، لكنه ألمح عدة مرات.

هذا التزامن أثار ضجة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث قال المدون والناشط عمار مطاوع، عبر تويتر: "بعد قرار السيسي، جميع إجراءات الترشح والدعاية والتصويت في الانتخابات الرئاسية ستتم تحت قوة قانون الطوارئ"، مضيفا: "ونعم الحرية!".

وأكد حساب باسم حسني مبارك، أن "تمديد الطوارئ قبل الانتخابات يعني نية النظام تزوير الانتخابات، وترويع الشعب والمعارضين، وأي مرشح يقرر عمل مؤتمر انتخابي سيتم إلغاؤه بدواعي الطوارئ".

نحو الانفجار


ويرى الكاتب الصحفي أحمد عابدين أن السيسي لديه قانون الإرهاب وقانون الإجراءات الجنائية وترسانة قوانين تغنيه عن حالة الطوارئ، معللا فرض الطوارئ بأن السيسي لا يريد للمصرين حرية شكلية ولا غير شكلية ولا معارضة حقيقية ولا مزيفة.

وأضاف عابدين، عبر فيسبوك: "السيسي، ومن ورائه الجيش، مصممون على أن الناس لا تستحق سوى الكرباج أو الرصاص، وحريتك الوحيدة في الاختيار بينهم، ومصممون على إيصال البلد لحالة الانفجار، وتبقى لا تنفعهم ولا تنفع لغيرهم".

الطوارئ لم تمنع الإرهاب


وفي تعليقه، أكد رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، أن "إعلان حالة الطوارئ في السابق، سواء في عهد مبارك أو المجلس العسكري أو إثر 30 يونيو 2013 بحجة مواجهة الإرهاب، لم يمنع وقوع العمليات الإرهابية".

الشهابي، أضاف لـ"عربي21": "بل إن أشد العمليات الإرهابية إيلاما، وأكثرها في أعداد الضحايا، كانت في ظل العمل بقانون الطوارئ".

وقال السياسي المصري إن "إعلان حالة الطوارئ بجميع أرجاء البلاد لن يكون بأي حالة من الأحوال في صالح سمعة الانتخابات القادمة ولا الدولة المصرية، وليس في صالح العملية الانتخابية في ظل الإرهاب".

وأشار إلى أن "الحكومة لم تستفد من تطبيق قانون الطوارئ، بل إنها لم تطبقه حتى الآن منذ فرض حالة الطوارئ الأولى".

تزوير الإرادة


من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي مسعود حامد أن فرض حالة الطوارئ 3 أشهر، وتزامن تلك الفترة مع وقائع الانتخابات الرئاسية، هو "تزوير لإرادة الناخبين المصريين متكامل الأركان"، مشيرا إلى أنه لم يسمع بوقوع حالات مماثلة في مصر أو أي دولة أخرى.

وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى حامد أن إجراء الانتخابات في ظل قانون الطوارئ يعد تشويها جديدا لسمعة الدولة المصرية من نظام لم يعد يعبأ بها.

وأكد حامد أن النظام لا يقصد من فرض حالة الطوارئ مواجهة الإرهاب، وأنها الشكل الخارجي فقط للصورة، بينما هو يقصد منها مواجهة المعارضة.

وقال إنها "مجرد إجراء روتيني؛ لإيهام الخارج بأن هناك خطرا قادما من الإرهاب ولجلب الدعم، أكثر منه موجه لإرهاب الداخل الذي لا يحتاج لقانون طوارئ؛ لأنه يتعامل معه مباشرة بالعنف".

هل ستجري الانتخابات؟


وقالت الكاتبة الصحفية مي عزام، إن تمديد حالة الطوارئ شيء طبيعى، وتكرر أكثر من مرة، مشككة في حديثها لـ"عربي21"، بإجراء عملية الانتخابات من الأساس، متسائلة: "وهل بالفعل هناك انتخابات ستجري حتى نقلق من كون مد حالة الطوارئ ستؤثر على العملية الانتخابية".

وشارك عزام شكوكها الناشط باسم طارق، وقال عبر تويتر: "كالعادة وسط الزحمة وفي رأس السنة مد حالة الطوارئ"، مضيفا: "وبهذا، فالانتخابات الرئاسية تجري أثناء فرض الطوارئ، دا لو في انتخابات".

لا شرعية لقراراته


أما النائب العام المصري المساعد السابق، المستشار حسن ياسين، فقد قال إن "هذا النظام لا أعترف بشرعيته ولا قراراته، ولا ما يسميه انتخابات رئاسية"، مضيفا لـ"عربي21": "وبالتالي فلا تعليق على كل هذه الإجراءات"، مؤكدا أنها "ليست قانونية، ولا تتسم بالشرعية".

حلم التغيير بالصناديق


والانتخابات المقبلة هي رابع انتخابات رئاسية تعددية بتاريخ مصر، وثالث انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير 2011، ويعول قطاع كبير من المصريين على تغيير السيسي عبر صناديق الانتخابات بعد خفوت الصوت الثوري بالبلاد باعتقال ومحاكمة وهروب معظم قيادات ثورة يناير وقيادات جماعة الإخوان المسلمين للخارج، واستخدام النظام آلة البطش مع كل صوت معارض.

وكان مصير كل من فكر بالترشح للانتخابات إما تلفيق القضايا مثل المحامي خالد علي، الذي أعلن ترشحه في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ويحاكم بالقضة المعروفة إعلاميا بالفعل الفاضح.

أو المحاكمة العسكرية؛ مثل ما تم بحق العقيد بالجيش أحمد قنصوة، الذي أعلن ترشحه للانتخابات 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، وحكم عليه بالسجن 6 سنوات.

أو التهديد بملفاته القديمة، مثل الفريق أحمد شفيق؛ الذي تم ترحيله من الإمارات للقاهرة بمجرد إعلانه رغبته الترشح للرئاسة 29 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ثم التحفظ عليه وتهديده من قبل جهات سيادية عليا؛ لمنعه من الترشح، حسب شهادة أحد أعضاء حملة شفيق مسبقا لـ"عربي 21".

أو محاربته إعلاميا؛ مثل الفريق سامي عنان، الذي لم يعلن ترشحه رسميا للانتخابات، لكن طالته الأذرع الإعلامية للنظام، بعد انتقاده أحداثا أمنية وسياسية تعرضت لها البلاد.

أو التضييق عليه إعلاميا وأمنيا؛ مثل المرشح المحتمل محمد أنور السادات، الذي اشتكى للجنة الوطنية للانتخابات من منع جهاز الأمن الوطني حزبه من تنظيم مؤتمر صحفي للإعلان عن موقفه من الانتخابات الرئاسية.

 

سلطات استثنائية تمنع المنافسة


ويرى أستاذ مشارك قانون دستوري ونظم سياسية ياسر حمزة، أن "إعلان حالة الطوارئ؛ يمنح السلطة التنفيذية سلطات استثنائية تمنع أي مرشح عاقل من التفكير في المنافسة أو خوض انتخابات رئاسية تذهب به إلي غياهب السجون".


وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد حمزة، أن "الانتخابات الرئاسية تبدأ إجرائيا بعد عدة أسابيع؛ ولكن الأهم ومن المفترض أن تكون قد عرفت هيئة الناخبين الآن أغلب المرشحين بأسمائهم وأحزابهم وبرامجهم من خلال القنوات السياسية والإعلامية وذلك قبل التقدم بأوراق ترشحهم".


ويوضح الأكاديمي المصري أن "كل ذلك لم يحدث ونحن على وشك بدء الإجراءات"، مضيفا "لذلك فنحن عمليا أمام استفتاء رئاسي حيث لا يوجد مرشح حقيقي إلا من بيده مقاليد السلطة وغيره من المرشحين هم لاستكمال سلامة الشكل والإجراءات".

التعليقات (0)