هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
عززت قوات الأمن المصرية طوال الأيام القليلة الماضية تواجدها في المناطق الحيوية بالقاهرة، ومنعت أي مظاهرات كبيرة اعتراضا على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس.
وانتشرت قوات الأمن بكثافة في ميدان التحرير ومنطقة وسط القاهرة وأمام السفارة الأمريكية، وأغلقت كافة الشوارع المؤدية إليها، وقامت الشرطة بتفتيش المارة، ومنعت أي تجمعات احتجاجية في هذه المناطق الحيوية تضامنا مع قضية القدس.
وأمام الجامع الأزهر ونقابة الصحفيين، وهما المكانان الوحيدان بالقاهرة اللذان شهدا مظاهرات احتجاجية، تدخلت قوات الأمن بعد فترة قصيرة من بدء المظاهرات، وأجبرت المحتجين على إنهاء وقفتهم، كما اعتقلت عددا منهم.
وقالت الوزارة إنها سيرت دوريات أمنية، وشددت الحراسات على جميع السفارات، خاصة السفارتين الأمريكية والإسرائيلية، تحسبا لأي أعمال عنف، مؤكدة، في بيان لها، حظر أي تجمعات أو مظاهرات في الميادين العامة.
وأظهر هذا السلوك رغبة واضحة من جانب النظام في تحجيم المظاهرات الشعبية، وجعلها في حدها الأدنى، الأمر الذي أثار تساؤلات حول أسباب خشية النظام من تظاهرات دعم القدس، خاصة أنها قضية غير محلية، وليس لها علاقة مباشرة بالأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد.
المظاهرات ممنوعة
ورفضت وزارة الداخلية، يوم السبت، طلبا تقدم به عدد من الشخصيات العامة وقيادات الأحزاب لتنظيم مظاهرة أمام مقر جامعة الدول العربية، يوم الأحد؛ احتجاجا على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.
وردت الداخلية على طالبي تنظيم المظاهرة بأن هناك قرارا من محكمة الأمور المستعجلة يمنع أي تظاهرة في محيط مجلس الوزراء وميدان التحرير، ويحدد حديقة الفسطاط مكانا وحيدا في القاهرة مسموحا فيه بالتظاهر.
وكانت قوات الأمن شنت حملة اعتقالات في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، استباقا لخروج تظاهرات عقب صلاة الجمعة من المساجد ضد قرار الرئيس الأمريكي ترامب.
كما أعلنت الداخلية يوم الجمعة إحباط ما قالت إنه "مخطط إرهابي لاستغلال تظاهرات دعم القدس في إثارة الفوضى بالبلاد"، وقالت إنها ضبطت تنظيما إرهابيا تابعا لجماعة الإخوان المسلمين يطلق على نفسه اسم "حركة الغلابة" خطط للاندساس وسط المتظاهرين؛ للقيام بعمليات تخريب، واستهداف لمؤسسات الدولة ورجال الشرطة؛ لإثارة الرأي العام، وتقويض استقرار البلاد.
حرق صورة السيسي
وتعليقا على موقف نظام قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي من تظاهرات القدس، قال أستاذ العلوم السياسية، أحمد رشدي، إن النظام يخشى من المظاهرات بشكل عام، أيا كانت أهدافها، حتى ولو كانت لدعم القضية الفلسطينية، خوفا من أن تتحول هذه المظاهرات إلى احتجاجات ضد السيسي نفسه.
وأضاف رشدي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن النظام لا يريد أن تكشف هذه المظاهرات أمام الرأي العام العالمي الانخفاض الحاد في شعبيته، لافتا إلى أن ذلك ظهر جليا في الوقفة الاحتجاجية أمام نقابة الصحفيين، يوم الخميس الماضي، حينما أحرق متظاهرون صورة السيسي مع صورة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والعلم الإسرائيلي!.
وأوضح أن النظام يحكم قبضته الأمنية الحديدية على البلاد، استمرارا لحالة القمع السياسي التي تمنع أي معارض للنظام من التعبير عن رأيه، مؤكدا رفضه لممارسات الشرطة تجاه المتظاهرين طالما كانوا سلميين، وأن من حقهم التعبير عن آرائهم في أي وقت، دون أن يخالفوا الدستور والقانون، وليس من حق الشرطة اعتقالهم.
احتجاجات تحت السيطرة
الباحث السياسي جمال مرعي قال إن النظام يريد تنديدا صوريا فقط بخطوة ترامب، باعتبار أن مصر هي قلب الأمة العربية، وموقفها من القضية الفلسطينية ثابت، لكن دون أن تزيد هذه الاحتجاجات عن الحد المسموح به.
وأكد مرعي، في تصريحات لـ"عربي21"، أن نظام السيسي لا يريد أن تكون هناك معارضة شعبية حقيقية وقوية على قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس؛ لأنه لو ظهر أن مصر ترفض هذا القرار على المستوى الشعبي، وخرجت مظاهرات ضخمة تردد هتافات معادية لأمريكا وترامب، فإن العلاقات بين السيسي وترامب ستتوتر، ويفقد السيسي أحد أهم حلفائه الدوليين، مشيرا إلى أن السيسي يهمه أيضا ألا يتم إجهاض عملية السلام المزعوم، خاصة مبادرة السيسي التي أعلن عنها قبل عدة أشهر، وتتضمن حل الدولتين.
وأضاف أن النظام أصبح يخشى أي تجمعات في الشارع من أي نوع؛ لأن آثار ثورة كانون الثاني/ يناير 2011 ما زالت تسيطر على النظام، وتصيبه هو وأتباعه بمخاوف كبيرة من الحشد الجماهيري، الذي يمكن أن يمهد للثورة، حتى لو كان هذا الحشد لمناصرة القضية الفلسطينية.