هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن تفاصيل جديدة للقاء الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الشهر الماضي في الرياض، والذي خصص بحسب تقارير غربية وعربية لبحث ما بات يعرف إعلاميا بصفقة القرن لإنجاز عملية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفي عددها الصادر الأحد نشرت الصحيفة تقريرا قالت فيه إن السعودية ومن خلال ابن سلمان عرضت على الرئيس عباس "مبادرة سلام جديدة تتضمن اختيار ضاحية أبو ديس المجاورة لمدينة القدس المحتلة لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة بدلا من شرقي القدس".
أبو ديس وتعويضات
وتقول الصحيفة في تقريرها الذي أعده كل من "آن برنارد وديفيد هالبنغر وبيتر بيكر"، وترجمته "عربي21" إن ابن سلمان عرض على عباس الشهر الماضي "خطة متحيزة لإسرائيل ولا يمكن لأي زعيم فلسطيني القبول بها".
ويشير التقرير إلى أنه "بناء على هذه الخطة سيحصل الفلسطينيون على دولة خاصة بهم، لكن ليس على أراضي الضفة الغربية كلها، بالإضافة إلى سيادة محدودة على مناطقهم، وستبقى معظم المستوطنات الإسرائيلية، التي يعدها المجتمع الدولي غير قانونية، في مكانها، ولن يحصل الفلسطينيون على القدس الشرقية عاصمة لهم، ولن يكون هناك حق لعودة اللاجئين الفلسطينيين".
وينقل التقرير عن مسؤولين عرب وفلسطينيين، قولهم إن ابن سلمان اقترح ضاحية أبو ديس عاصمة للدولة المقترحة، وتعويضات مالية للسلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى توسيع مناطق غزة إلى سيناء للتعويض عن أراضي المستوطنات.
وتقول الصحيفة إن البيت الأبيض "نفى وجود "خطة"، قائلا إن هناك "أفكارا تحتاج لأشهر حتى تتشكل وتتم صياغتها".
ويؤكد التقرير أن "القلق بدأ ينتشر في المنطقة بعد زيارة عباس للرياض ومكالماته التي أجراها مع قادة المنطقة، "حيث عبر مسؤول لبناني بارز عن دهشته عندما تلقى المكالمة، وعلم أن السعوديين اقترحوا على لفلسطينيين أبو ديس عاصمة لدولتهم وليس القدس الشرقية، لافتا إلى أن حي أبو ديس أصبح مفصولا عن المدينة بجدار الفصل.
ويورد الكتّاب نقلا عن المسؤول اللبناني، قوله "إنه ليس هناك عربي يقبل بهذه الألاعيب"، مضيفا أن أحدا لا يمكنه عرض شيء كهذا للفلسطينيين إلا إذا كانت خبرته قليلة، أو أنه يحاول مغازلة عائلة الرئيس الأمريكي".
غضب في البيت الأبيض
كما يلفت التقرير إلى أن هذا الأمر (عرض ابن سلمان) أثار غضب عدد من المسؤولين في البيت الأبيض، "الذين تساءلوا عما إذا كان ولي العهد السعودي يقوم بالعمل نيابة عن إدارة ترامب؛ في محاولة منه للحصول على منافع منها، أو يقوم بتقديم خدمات مجانية؛ محاولا ممارسة الضغوط على الفلسطينيين لإظهار أن كل ما سينتج عن خطة ترامب عرض كريم ومقبول".
ويفيد معدو التقرير أن قبول أطراف بأفكار كهذه "أثار قلق الفلسطينيين وشكوكهم من محاولات إدارة ترامب"، مشيرين إلى أن ذلك "جاء في ضوء ما سيعلن عنه ترامب من اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مع أن موقفا كهذا سيؤثر على حيادية أمريكا بصفتها عرابا نزيها للمفاوضات".
وتنقل الصحيفة عن المتحدث باسم البيت الأبيض جوشوا رفائيل، قوله: "هناك الكثير من التكهنات والتخمينات حول ما نقوم بعمله، وهذا التقرير من هذا النوع.. ولا يعكس حالة الخطة التي نعمل عليها والنقاشات التي أجريناها مع الأطراف الإقليمية".
وتلف الصحيفة إلى أن لقاء عباس بمحمد بن سلمان جاء بعد أقل من أسبوعين من اجتماع الاخير مع جارد كوشنر صهر ترامب في الرياض لمناقشة الخطة التي توصفه بـ"الصفقة الكبرى".
إلى ذلك، تنقل الصحيفة عن القيادي البارز في حركة حماس بالضفة الغربية حسن يوسف، قوله: "لو قبلت القيادة الفلسطينية بأي شيء مما قيل فلن يتركها الشعب الفلسطيني في الحكم"، مشيرة في ذات الوقت إلى مسؤولين لبنانين قالوا إن ابن سلمان "أمهل عباس مدة شهرين للرد على الخطة ، وفي حال رفضه للخطة فإنه سيتم الضغط عليه للاستقالة".
وتنقل الصحيفة تعليقا للسفير السعودي في واشنطن خالد بن سلمان على التقارير بشأن عرض صفقة القرن بالقول إن السعودية "تدعم القيادة الفلسطينية لمحمود عباس"، وأضاف: "لم ولن تتدخل في الشؤون الفلسطينية الداخلية"، فيما اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، هذه التقارير "أخبارا مزيفة"، قائلا إن الفلسطينيين "لا يزالون ينتظرون تفاصيل عن مقترح الولايات المتحدة".
ويستدرك معدو التقرير بأن "تفاصيل المقترح السعودي لرئيس السلطة الفلسطينية علم بها عدد كبير من الناس، بمن فيهم حسن يوسف من حركة حماس، والنائب الفلسطيني في الكنيست الإسرائيلي أحمد الطيبي، وعدد من المسؤولين الغربيين، ومسؤول فلسطيني في لبنان، ومسؤول لبناني بارز وسياسي لبناني".
قلق حلفاء واشنطن
وتبين الصحيفة أن الحديث عن الخطة" أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة المقربين، الذين طالبوا بتوضيحات من البيت الأبيض"، فبحسب مستشار للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن المسؤولين الفرنسيين "استمعوا لنسخة من الخطة، التي تظهر كأنها خطة إسرائيلية لن يقبلها الفلسطينيون".
ويقول المسؤول الفرنسي إن باريس أخبرت الأمريكيين بالمضي في نقاشاتهم إن أردوا، لكن عليهم أن يتذكروا أن فرنسا والدول الأخرى لها اهتمام في المنطقة، فيما قال المسؤول من حركة فتح إن عباس شعر بالقلق والغضب مما قدم له من اقتراحات.
تطبيع لمواجهة إيران
وينوه معدو التقرير أن ابن سلمان "كان واضحا بأن ما يهمه ليس القضية الفلسطينية ولا السياسة العربية، لكن مواجهة إيران، حيث يرى المحللون والمسؤولون الإقليميون إنه ربما حاول فرض تسوية على الفلسطينيين لتعزيز التعاون مع إسرائيل ضد إيران".
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين غربيين، قولهم إن هدف السعودية "هو تطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم أن هذه مهمة تظل صعبة في ظل غياب التقدم على الملف الفلسطيني، مشيرة إلى أن السعودية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، إلا أن تقارير تحدثت عن وجود علاقات سرية في مجال الأمن بينهما".
وكانت تقارير صحفية غربية وعربية عدة ذكرت أن اللقاء الذي جمع عباس بابن سلمان في الرياض، تضمن طرح الرياض أفكارا بشأن عملة السلام بعد تنسيق مع الإدارة الأمريكية، إلا أن السلطة الفلسطينية نفت ذلك في أكثر من مناسبة.