كشفت مصادر لموقع "ميدل إيست آي" أن تفاهمات
المصالحة الفلسطينية التي أبرمت في القاهرة الأسبوع الماضي بين قيادات من حركتي
فتح وحماس "أوشكت على الانهيار في اللحظة الأخيرة بسبب خلافات عميقة حول القضايا الأمنية".
وقالت مصادر الموقع التي لم يسمها في التقرير الذي ترجمته"
عربي21" إن الطرفين اتفقا على تأجيل النقاشات الإضافية بخصوص هذا الملف إلى الجولة القادمة من المفاوضات المزمع عقدها نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، بضغط من الوسطاء المصريين الذين ألحوا على الطرفين المتنازعين التوقيع على الصفقة يوم الخميس.
وعلم موقع "ميدل إيست آي" من مصادر في الطرفين بأن المحادثات "فشلت في التوصل إلى تفاهم حول الوضع المستقبلي لما يقرب من 14 ألف عنصر من قوات الأمن في
غزة رفضت حركة فتح شمولهم ضمن 23 ألف موظف حكومي وما يقرب من 3 آلاف من موظفي الأمن الآخرين داخل القطاع، والذين من المفروض أن تبدأ السلطة الفلسطينية بدفع رواتبهم".
وتسيطر حالياً حركة فتح على السلطة الفلسطينية التي تدير شؤون المناطق التي لا تخضع للاحتلال الإسرائيلي المباشر داخل الضفة الغربية بينما تتحكم حركة
حماس بقطاع غزة منذ أن كسبت الانتخابات في عام 2006 واشتباكها المسلح وطردها للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة عام 2007.
وبحسب الموقع تصر حركة حماس على أنه يتوجب إبقاء جميع موظفي الأمن التابعين لها على كادر الحكومة الفلسطينية، إلا أن مسؤولي فتح الذين تحدثوا مع موقع "ميدل إيست آي" قالوا إنهم يخشون أن يتحول الوضع إلى ما يشبه "مصيدة العسل"، التي ستؤدي إلى أن تسدد فتح فاتورة القوة الأمنية التي منحت حماس بحكم الأمر الواقع السيطرة على القطاع.
وقال مسؤول في حركة فتح: "يساورنا القلق من أن حماس تنصب لنا مصيدة من العسل، لكي تحملنا عبء توفير الخدمات في غزة بينما يستمرون هم في حكم القطاع من الداخل".
ولم يتم حتى الآن الإعلان عن النص الكامل للتفاهمات التي أبرمها الطرفان برعاية مصرية، وذلك على الرغم من أن ما يقرب من 3 آلاف شرطي تابعين للسلطة الفلسطينية ينتظر انتشارهم في غزة، كما أن من المتوقع أن يخضع
معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر للسلطة الفلسطينية.
اقرأ أيضا : نتنياهو لا يعترف باتفاق المصالحة.. لكنه لن يمنع تطبيقه
وقال مسؤولون من حركة فتح في تصريح لموقع "ميدل إيست آي" إن الاتفاقية اشتملت كذلك على موافقة وفد حركة فتح على أن يضم 23 ألف موظف حكومي في غزة إلى كادر الحكومة إضافة إلى 3 آلاف عنصر من قوى الأمن الذين عينتهم حماس قبل الأحداث العسكرية التي وقعت في العام 2007.
إلا أن مسؤولاً في الحركة قال إن وفد حركته رفض مطلب حماس ضم ما يقرب من 14 ألف عنصر آخر من القوى الأمنية في الصفقة.
وقال المسؤول الفتحاوي: "قبلنا بـ3 آلاف عنصر أمني كانت حكومة حماس قد عينتهم قبل الاستيلاء على القطاع في حزيران / يونيو 2007، ولكننا رفضنا وبشدة 14 ألفاً الذين عينوا بعد ذلك التاريخ في أجهزة أمنية خمسة هي: جهاز المخابرات، وجهاز الأمن الداخلي، وقوات الأمن الوطنية، والشرطة الزرقاء والدفاع المدني".
وأضاف: "إذا قبلنا بكل هؤلاء الموظفين الأمنيين، فذلك يعني أن حماس ستستمر في حكم غزة حتى لو مارست ذلك من تحت ظل الحكومة".
ومضى يقول: "ليس سراً أن موظفي الأجهزة الأمنية هؤلاء ينتمون إلى حماس، وفي نهاية اليوم سيتلقون أوامرهم من حماس وإليها سيرجعون، وحتى لو استلموا جميع رواتبهم من الحكومة، فإنهم سينصاعون للأوامر التي تأتيهم من حماس".
من جانبها، أصرت حركة حماس على أن يبقى جميع موظفي الأجهزة الأمنية على كادر الحكومة ومنها يتلقون رواتبهم، كما أصرت على أن يحتفظ هؤلاء بوظائفهم ورواتبهم ومواقعهم الرفيعة.
وقال أحد مسؤولي فتح: "يعني الاحتفاظ برتب عالية أنهم سيكونون في مواقع رائدة في جهاز الأمن الجديد الذي ننوي إنشاءه، وذلك يعني إبقاء القوة الحقيقية داخل القطاع في أيدي حماس وليس في أيدي الحكومة".
اقرا أيضا : ماذا بعد وصول وفد حكومة الوفاق لاستلام معابر غزة؟ (صور)
كما يساور فتح القلق من أن كثيراً من عناصر الأمن الذين ترغب حماس في شمولهم ضمن الصفقة قد خدموا في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وأن وجودهم على كادر حكومة السلطة الفلسطينية سوف يخلق إشكالات مع المانحين الدوليين.
وتعتبر كتائب القسام، والتي يقدر عدد مقاتليها بما يقرب من 40 ألفاً وخاضت ثلاث حروب مع إسرائيل منذ عام 2008، القوة العسكرية الأكثر تنظيماً والأعلى كفاءة داخل القطاع.
إلا أن حماس وكتائب القسام التابعة لها - يضيف الموقع - تعتبر "منظمة إرهابية في نظر الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي"، أما بريطانيا فلا تضع سوى كتائب القسام على قائمة المنظمات الإرهابية.
إعلان المبادئ
وفي الأسبوع الماضي أشاد زعماء المنظمتين علانية بالصفقة، بينما وصفها رئيس السلطة الفلسطينية وزعيم حركة فتح محمود عباس بأنها "الاتفاقية الأخيرة لإنهاء الانقسام".
إلا أن كثيراً من الفلسطينيين أعربوا عن تشككهم في أن تؤدي الصفقة إلى مصالحة حقيقية. وفعلاً، لقد أقر المسؤولون الذين تحدثوا مع موقع "ميدل إيست آي" بأنها أقرب إلى إعلان المبادئ منها إلى اتفاقية مفصلة.
وقال مسؤول في حماس أدلى بتصريح لموقع ميدل إيست آي: "لقد كانت اتفاقية انتقالية تتعلق بموضوع واحد ألا وهو تمكين الحكومة. أما القضايا الكبرى فقد تم تأجيلها إلى الجولة القادمة من المحادثات والتي من المقرر أن تعقد في الحادي والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر".
وتتضمن هذه القضايا الخلافات العميقة المستمرة بين الطرفين المتنازعين على الشراكة في منظمة التحرير الفلسطينية، وإجراء الانتخابات العامة في المستقبل، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.
كما توجد اختلافات في وجهات النظر بين الطرفين حول مقترحات تتعلق بإعادة بناء المجلس الوطني، وهو برلمان منظمة التحرير الفلسطينية، وإعادة إحياء المجلس التشريعي، ذلك الكيان البرلماني الذي يغطي الضفة الغربية وقطاع غزة، والذي ما لبث أن توقف عن العمل على إثر الخلاف الذي نشب بين فتح وحماس.
ويقول مسؤولو حماس إنهم يعولون على مشاركة مصر في المحادثات للمساعدة في حل بعض هذه الخلافات. في تلك الأثناء، ما فتئ المسؤولون من الطرفين يعربون عن حالة من التفاؤل الحذر.
وقال مسؤولون من فتح تحدثوا مع موقع "ميدل إيس آي" إنه على الرغم مما تتمتع به القيادة الجديدة في حركة حماس من مرونة إلا أنهم ليسوا متأكدين إلى أي مدى يمكن أن يتوافق الطرفان فيما بينهما على حل لمختلف القضايا محل النزاع.
اقرأ أيضا : رفع العقوبات عن قطاع غزة.. متى يدخل حيز التنفيذ؟
وينوي الطرفان عقد مزيد من المحادثات لمناقشة ثلاث قضايا ذات علاقة بتمكين الحكومة، وهي: موظفو القطاع العام، والمعابر الحدودية، والجهاز الأمني.
ويبدو أن إحدى النقاط التي مازال الخلاف بشأنها قائماً هي متى سيتم نقل السيطرة على معبر رفح من حماس إلى السلطة الفلسطينية.
في مؤتمر صحفي عقده بعد التوقيع على صفقة الخميس، قال عزام الأحمد، رئيس وفد حركة فتح إلى المحادثات، إن حرس السلطة الفلسطينية سيأخذ مواقعه داخل المعبر الحدودي في الأول من تشرين الثاني / نوفمبر المقبل.
وكان نظمي مهنا، رئيس لجنة المعابر في السلطة الفلسطينية، قد دخل إلى غزة صباح الخميس على رأس وفد لعقد مباحثات مع توفيق أبو نعيم، رئيس جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس، ولكن لم يظهر ما يشير إلى أن نقل السلطة في المعبر بات وشيكاً.
ويشكل معبر رفح شريان الحياة الأساسي بالنسبة لأهل قطاع غزة، فهو المعبر الحدودي الوحيد للدخول إلى القطاع والخروج منه الذي لا يقع تحت سيطرة إسرائيل التي تفرض حصاراً على غزة منذ عام 2007.
يذكر أن مصر ألغت يوم الاثنين فتحاً للمعبر كان مقرراً، وذلك بسبب هجوم صاروخي لمجموعة ترتبط بتنظيم الدولة داخل سيناء تسبب في مقتل سبعة جنود مصريين.
وقال أحد مسؤولي حماس: "لقد وافقنا على تسليم المعابر إلى الحكومة. ولكننا في معبر رفح على سبيل المثال سوف نبقي مكاتب المخابرات والأمن الداخلي شغالة إلى أن نتوصل إلى اتفاق بشأن قضية جهاز الأمن".
ورداً على هذا التصريح، قال مسؤول من فتح لموقع "ميدل إيست آي": "لا يمكن أن تقبل الحكومة بذلك لأن ذلك سيعني أن حماس هي التي تحكم المعبر".