نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا؛ تحدثت فيه عن تورط الجيش الأفغاني في استغلال واستعباد الأطفال والقصر جنسيا. وتسمى هذه الممارسة "باشا بازي"، التي يعتبرها الجيش جزءا من الثقافة الأفغانية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الحرب ممارسة دنيئة، لكن، في حال جمعنا هذه الممارسة مع المعاملة السيئة والممنهجة ضد الأطفال، فلن يفي هذا الوصف بالغرض.
والأسوأ من ذلك، أن الجيش الأمريكي في أفغانستان وحلف شمال الأطلسي يعلمان بهذا الأمر، لكن تم توجيه تعليمات لجنودهما لعدم الحديث عن هذه
الانتهاكات. وما يزيد الطين بلة، هو المعاملة السيئة التي يواجهها من يتحدث عن هذا الوضع المشين، حيث يتعرضون إلى الإقصاء خلال عملهم، ما يجبرهم في ما بعد على التخلي عن مناصبهم العسكرية. وتسمى هذه الحالة في أفغانستان، "باشا بازي"، وهي تعبير يشير إلى الاستعباد
الجنسي للأطفال الذين هم في خدمة الجيش والشرطة الأفغانية.
ويقول الصحفي أنوج شوبرا: "يوجد في أفغانستان المئات من مراكز الشرطة والمليشيات، التي تمولها أموال الضرائب الأمريكية، والمخصصة لخطف الأطفال من الإناث والذكور؛ الذين يصبحون لاحقا عبيد جنس".
وكشف هذا الصحفي أنه خلال زيارة له إلى أفغانستان، في سنة 2008، قال له أحد المسؤولين الأمريكيين: "إنهم خنازير، إنهم حيوانات... لكن، لا تلتقط لهم أية صورة، فنحن لا نريد إزعاج المسؤول الأفغاني هنا".
وأضافت الصحيفة أن العديد من الجنود والمسؤولين الأمريكيين، الذين مروا بأفغانستان، احتموا وراء "ما يفرضه منصب كل منهم ومهامه"، كي لا يتحركوا ليضعوا حدا لهذه الانتهاكات. وفي هذا الصدد، أورد المتحدث السابق باسم القوات الأمريكية في البلاد، براين تريبوس، أن هذا المنهج الأمريكي تجاه التجاوزات الأفغانية؛ يتبنى مبدأ مفاده أن "مزاعم إساءة معاملة الأطفال من قبل الجيش الأفغاني وحلفائه شأن يجب تتبعه من قبل القانون الجزائي المحلي. ولهذا السبب، لا يتحتم على العسكريين الإبلاغ عنها".
وبينت الصحيفة أن الجنود الأمريكيين، الذين ينددون بحالات الاستعباد الجنسي الممارسة من قبل الجيش الأفغاني على الأطفال، مهددون بخسارة مسيرتهم المهنية مقابل ذلك. وقد أثر هذا الجانب على باقي عناصر الجيش الأمريكي في أفغانستان؛ الذين أصبحوا يغضون الطرف عن هذه التجاوزات.
ولعل حالة المسؤول الأمريكي، دان كوين، التابع للقوات الخاصة الأمريكية، تعتبر خير مثال على المصير الذي ينتظر كل من يتحدث عن هذه الممارسات. فعلى الرغم من أن المسؤول استنكر في العديد من المناسبات حالات الاغتصاب وصراخ الأطفال الذي يحدث كل ليلة، إلا أنه تم إعلامه بأن هذه الممارسات "جزء من الثقافة الأفغانية"، ويجب السماح لهم بذلك.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من معاقبة المسؤول الأفغاني على ارتكاب مثل هذه الجريمة، إلا أنه لم يكن الوحيد، فقد كان لكوين نصيبه أيضا من العقاب. فإثر هذه الحادثة، تمت إعادة المسؤول الأمريكي إلى بلاده. وفيما بعد، غادر المسؤول الجيش وندد بهذه الممارسات عبر وسائل الإعلام، ومن بينها صحيفة نيويورك تايمز.
وبينت الصحيفة أن كوين ليس الحالة الوحيدة من نوعها، نظرا لأن العديد من الجنود الأمريكيين قد تشجعوا على فضح هذه الممارسات في وقت لاحق. في المقابل، بقي المنهج الأمريكي على حاله ولم تطرأ عليه أية تغييرات.
وأشارت الصحيفة إلى أن "تقاليد" باشا بانزي تعد ممنهجة للغاية في محافظات مثل هلمند وأوروزغان. ففي السنة الماضية، كشفت الصحيفة الإسبانية أن عناصر حركة طالبان يستغلون هذه التقاليد من أجل أن يتسلل عناصر منها إلى مراكز الشرطة ونقاط التفتيش. وبهذه الطريقة، يصبح من السهل بالنسبة لعناصر طالبان قتل عناصر الشرطة وسرقة معداتهم، أو مساعدة المتطرفين على تنفيذ هجمات دقيقة.
ونوهت الصحيفة إلى أن حكومة كابول تعرضت إلى عدة انتقادات بسبب عدم تصديها لهذه الممارسات التي تنتهك حقوق القصر. وعلى خلفية ذلك، جاء في تقرير صادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان، أن "هناك غموضا في قانون العقوبات الأفغاني؛ الذي يسمح بعدم معاقبة الجناة في حال فرارهم".