ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن المؤرخ والأكاديمي
العربي الأمريكي
جاك شاهين، الذي عمل بجد لتحطيم القوالب النمطية في الأفلام الأمريكية عن العرب والمسلمين، وحاول من خلال كتبه ومقالاته كسر الصورة التي تعاملت فيها
هوليوود مع العرب كـ"أثرياء مليارديرات ومفجرين ورقص شرقي وناس يحبون المقايضة الصاخبة"، توفي في الولايات المتحدة، وقال ابنه مايكل إن جاك توفي عن عمر 81 عاما، بعد معاناته من مرض السرطان.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن جاك شاهين يعود في أصوله لعائلة مسيحية هاجرت من لبنان إلى الولايات المتحدة، وقال إنه خاض حملة "لوبي" ضد ما رآه من "معاداة هوليوود للأجانب في أفلام هوليود وعلى شاشات التلفزيون عام 1974، وذلك عندما قال له ابنه البالغ من العمر 6 أعوام وابنته البالغة من العمر 5 أعوام، صباح يوم سبت، وهما يشاهدان برامج الأطفال: "إنها تعرض مشاهد لعرب سيئين".
وتذكر الصحيفة أن شاهين اعتمد على أبنائه، فيما أصبح اهتمام حياته الكامل لتوثيق الصورة السلبية للعرب والمسلمين في
السينما والتلفزيون الأمريكي، ووجد أن 12 فيلما من بين ألف فيلم صنعت في الولايات المتحدة في الفترة ما بين 1896 إلى 2000، أظهرت العرب بصورة إيجابية، وكتب ثلاثة كتب، كان أبرزها هو "شريط العربي السيئ: كيف شيطنت هوليوود شعبا" (2001)، وأسهم في إنشاء البحث حول العرب الأمريكيين في مجال الصحافة والإعلام، وتبرع بما جمعه من مواد فيلمية وتلفزيونية وكرتون لجامعة نيويورك، وكان أستاذا زائرا في مركز "هاغوب كيفوركان" لدراسات الشرق الأدنى.
ويلفت التقرير إلى أن المرشح الرئاسي المستقل رالف نادر، وهو ابن مهاجر لبناني، قال إن الدكتور شاهين "قدم أدلة قاطعة من وسائل الإعلام المتحيزة، ودون أن يتم تحريرها".
وتفيد الصحيفة بأن الدكتور شاهين كشف عن أن الأمريكيين بدأوا بشيطنة العرب والمسلمين بعد حرب الأيام الستة عام 1967، وتصاعدت الصورة بعد حرب عام 1973، وحظر تصدير النفط، وحتى بعد نهاية الحرب الباردة، وقال في عام 1995: "حل التهديد الأخضر محل التهديد الأحمر".
ويورد التقرير أن من الصور النمطية التي كشف عنها شاهين، التي كان أطفاله يشاهدونها، هي عن مصارع اسمه أكبر، ووصف بالشرير الذي "يحب صوت كسر العظام عندما يقطب وجهه، فهو قبيح جدا جدا"، وانتقد شاهين الأغنية الأصلية لفيلم هوليوود "علاء الدين" (1992) "جئت من أرض بعيدة، حيث تتجول الجمال، ويقطعون أذنك لو لم يعجبهم وجهك، إنها بربرية ولكنها وطني"، وتم تغيير الأغنية عندما تم توزيع الفيلم على الفيديو.
وتبين الصحيفة أنه منذ هجمات 11/ 9 /2001، قال شاهين في مقابلة مع تافيس سيدني في شبكة "بي بي أس" أصبحت الامور أسوأ؛ "لأن الأمريكيين العرب والأمريكيين المسلمين تم تصويرهم على أنهم أشرار"، وأضاف: "كرست حياتي لمحاولة أنسنة العرب والمسلمين، ومنح العرب والمسلمين الأمريكيين حضورا، وأن يتم تصويرنا بطريقة جيدة، وليس أسوأ من أي جماعة أخرى".
وينوه التقرير إلى أن الدكتور شاهين، أستاذ الإعلام في جامعة "ساذرن إليونيز"، عمل على حملته دون صخب، وتجنب شيطنة مديري الإنتاج في السينما والتلفزيون، الذين حاول نيل دعمهم، مشيرا إلى أن مدير مبادرة الدراسات الإيرانية في جامعة نيويورك علي ميرساباسي، كتب في عام 2012، قائلا إن "جاك شاهين يتناول عمله النقدي دون تدخل شخصي، أو إظهار مرارة فكرية، ولا غطرسة أخلاقية، أو تفوق فكري".
وبحسب الصحيفة، فإن جاك جورج شاهين جونيور ولد عام 1935 في بيتسبرغ، ونشأ في كليرتون في ولاية بنسلفانيا، وكانت والدته نزارة جاكوبس، آذنة في المدرسة، وبعد أن ترك والده المعروف بجاك رباه جداه.
وينقل التقرير عن مؤسس المعهد الأمريكي الآسيوي الباسيفكي جاك تشين، قوله: "كان والده يملك بقالة في كليرتون، التي تعد واحدة من بلدات الفولاذ التي بناها كارنيغي خارج بيتسبرغ، والتي سكن فيها خليط من المهاجرين الأوروبيين والأفارقة الأمريكيين، الذين عملوا في الطواحين"، وأضاف: "نشأ في هذا المزيج من السكان، حيث لعب الأطفال كرة القدم في المقبرة المحلية بطريقة صعبة".
وتشير الصحيفة إلى أن عشق شاهين للأفلام بدأ عندما كان في سن الثانية عشرة، وكذب في ذكر عمره ليعمل موظفا في السينما، وتخرج حاملا شهادة في المسرح من معهد كارنيغي للتكنولوجيا، (جامعة كارنيغي ميلون)، وحصل على ماجستير من جامعة ولاية بنسلفانيا، ودكتوراه في الاتصال الجماهيري من جامعة ميسوري في كولومبيا.
ويورد التقرير أنه بالإضافة لابنه مايكل، فإن شاهين ترك زوجته الفلسطينية الأمريكية بيرنس رفيدي، وابنه ميشيل تاسوف، وأربع حفيدات.
وتذكر الصحيفة أن الدكتور شاهين أكد أن التحيز هو ملكة مكتسبة ومصنعة، ويتم نشرها من خلال الأفلام والتلفزيون، وكان يحب ترداد مثل عربي، وهو "التكرار يعلم الحمار"، لافتة إلى أن الدكتور أصدر أول كتبه عام 1984 "ذا تي في أراب"، وكان أساسا لفيلم وثائقي بث عام 2006، وكان آخر كتبه "مذنب: حكم هوليوود على العرب فيما بعد 11/ 9" (2008)، وفي عام 2012 قامت جامعة نيويورك، واعتمادا على أرشيفه، بتنظيم معرض متنقل "مثل ما هو للعرب".
ويلفت التقرير إلى أن شاهين كان في البداية صوتا وحيدا ضد النمطية السلبية، إلا أنه في عام 1999 طلب منه أداء دور المستشار في فيلم "ثلاثة ملوك" عن حرب الخليج الأولى، الذي شارك فيه جورج كلوني ومارك وولبيرغ وأيس كيوب، ونصح كلوني والآخرين في فيلم "سيريانا" (205) حول سياسة البترول في الشرق، وقال إن ظهور جيل من صانعي الأفلام العرب المستقلين سيسهم في محو النمطية السلبية عن العرب، مثل آن ماري جاسر وشيرين دباس ورولا سلبق.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن الدكتور شاهين كان يقول إن غالبية العرب الأمريكيين هم مسيحيون، وغالبية المسلمين في العالم هم عرب، وقال: "المشكلة انك تأخذ هامشا مجنونا وتجعل من الهامش المجنون يمثل الغالبية"، وتساءل قائلا: "متى هي آخر مرة شاهدت فيها فيلما يظهر عربيا أو شخصا من أمريكا من أصل عربي إنسانا عاديا؟".