يرى محللون أن توافق القوى المدنية في
مصر على مرشح رئاسي لانتخابات 2018؛ لن يفيد غير قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، ويزيد من ثقة رعاة نظامه خارجيا وداخليا، كما اعتبره البعض انقلابا جديدا على الرئيس محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا.
وطرح مرشح
الرئاسة المصري السابق، حمدين صباحي، الجمعة الماضية، فكرة المرشح التوافقي لمواجهة ما أسماها بـ"سلطة فاشلة عاجزة"، ودعا القوى الوطنية إلى التوافق على مرشح بالانتخابات الرئاسية المقبلة في 2018.
ومؤخرا، جدد السيسي حديثه عن أنه سيترشح في
الانتخابات الرئاسية المقبلة "حال توافر الموافقة الشعبية لخوضه المنافسة"، مطالبا الشعب بالصبر عليه لمدة عام آخر.
بين الرفض والقبول
وبتباين واضح بين الرفض والقبول، واجه الشارع السياسي المصري فكرة صباحي، المرشح الخاسر أمام السيسي في انتخابات 2014، والذي وصفه المعارضون حينها بالمرشح "المحلل".
ويرى التيار المؤيد لشرعية الرئيس محمد مرسي، أن الفكرة تأكل من رصيد الرئيس الشرعي للبلاد وتطيح بحقه في استكمال مدته الرئاسية، ومنهم المستشار وليد شرابي، الذي اعتبر أن فكرة المرشح التوافقي هي "خدعة للمصريين" وأنه لا بديل عن الرئيس مرسي.
وقال شرابي عبر صفحته في فيسبوك: "بلاش حد يضحك عليك، لأنه من جاء بالدبابة لا يمكن أن يرحل بالصندوق، مضيفا: "#مرسي_ولا_بديل".
وفي المقابل، وجدت التيارات الليبرالية واليسارية في فكرة الرئيس التوافقي فرصة لمواجهة تغول النظام، ومنهم الكاتب الصحفي جمال الجمل، الذي أعلن تأييده لفكرة صباحي، وطالب، عبر صفحته في فيسبوك، "القوى السياسية بتجنب تكرار الأخطاء، والاستفادة من ذلك في إنضاج الحوار بشأن اختيار مرشح (توافقي) للقوى الوطنية في مواجهة مرشح النظام الفاسد"، على حد قوله.
وطُرحت أسماء كل من صباحي، والمفكر مصطفى حجازي، والأكاديمي عصام حجي، والمستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، كمرشحين يمكن توافق القوى المدنية عليها.
محلل جديد
وحول استفادة السيسي من طرح "المرشح التوافقي"، قال الكاتب الصحفي سليم عزوز، في مقال نشرته الاثنين "
عربي21": "منذ أن أعلن صباحي عن مبادرة المرشح التوافقي، والحملة ضده على أشدها، لدرجة أن الناس نسيت عبد الفتاح السيسي وانشغلت بالهجوم عليه".
وأضاف عزوز: "البعض قال إن هذه المؤامرة يقف وراءها السيسي نفسه الذي يريد "محللا" مضمونا، يكتفي بالزواج على الورق، والاستجابة لطلب التطليق".
خدعة وخفة ونزقا
ووصف مساعد وزير الخارجية الأسبق، عبد الله الأشعل، الظرف الحالي التي تعيشه مصر في ظل نظام الانقلاب، بأنه "واضح تماما، وهو الإصرار على الاستمرار في بيئة هلامية بائسة، وتوظيف النظام للإعلام ونواب البرلمان".
وأشار الأشعل في حديثه لـ"
عربي21"؛ إلى ما أسماه بـ"تواطؤ الخارج" مع النظام. وقال: "إن برنامج الخارج بحق مصر؛ لا يزال بحاجة إلي وقت حتى لا تقوم لمصر قائمة بمباركة الليبرالية، وغباء الإسلاميين وسحقهم، أيضا"، وفق قوله.
وأكد الدبلوماسي المصري السابق أن "فكرة المرشح التوافقي تعد خدعة، كما أن الترشيح في حد ذاته (بمواجهة السيسي) خفة ونزق"، مضيفا: "إذا أرادت هذه الأصوات (المطالبة بمرشح توافقي) أن يكون لها حساب، فيمكن وضع خطة لجمعهم على قواعد واحدة".
وقال: "المهم هو اتفاقهم على أن الدمار وصل كل شيء، ولا بد من التجمع للإنقاذ"، حسب تعبيره.
تفاهمات ترامب
ويرى الكاتب الصحفي، أحمد حسن الشرقاوي، أن "هناك تفاهمات كثيرة غير معلنة تمت بين السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارة السيسي الأخيرة لواشنطن مطلع نيسان/ أبريل الماضي، وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية، وكيف تتم، والالتزام بمدة الرئاسة المحددة في دستور العسكر 2014".
وأضاف الشرقاوي لـ"
عربي21": أن "تصريحات السيسي خلال الزيارة لشبكة فوكس نيوز؛ حرص فيها على التأكيد على الإشارة إلى الانتخابات التعددية، والتزامه بفترتي الرئاسة (8 سنوات على مدتين كل منهما 4 سنوات)".
وأكد الشرقاوي أن "نظام السيسي سيقع في مأزق مع عدم إجراء انتخابات رئاسية تعددية"، وأشار إلى أن "ما يعرف بالقوى المدنية أو الليبرالية تدرك تماما أن الانتخابات مسرحية هزلية، وأنها محسومة للسيسي، كما قال الإعلامي (المؤيد للانقلاب)، عمرو أديب، السبت الماضي"، موضحا أن "المشاركة عبارة عن استكمال للديكور الديمقراطي لا أكثر ولا أقل".
رسالة لرعاة النظام
وأضاف الشرقاوي: "لا أستطيع أن أقول شارك أو لا تشارك، لكن ما أريد قوله هو أن المشاركة لن تصب سوى في مصلحة النظام، لأنه (السيسي) يوجه من خلالها رسائل للخارج، خصوصا رعاة النظام في أوروبا وأمريكا، والداخل، خصوصا لبعض دوائر المخابرات والجيش ورجال الأعمال وغيرهم"، كما قال.
وختم الشرقاوي بقوله: "لكن الرسالة الأهم يوجهها السيسي للخارج، لا للداخل، خصوصا وأن الخارج هو من يضمن العلاقة بين السيسي وبقية أعضاء المجلس العسكري الحاكم في مصر"، وفق تقديره.