يطيب لنا نقد النخبة العربية ومواقفها من الثورة. وهو نقد مطلوب الآن وهنا. فالنخب العربية لم تكن في مستوى طموح الثورة الشعبية في بلدانها المختلفة. وقد اصطف الكثيرون من رموزها وراء المنظومات القديمة ودافعوا عنها بباطل وبقليل من الحق..
ندخل الخريف ونحتفظ بحر الصيف ونختلف حول الأساسيات دوما. كأنما سنعيد اكتشاف العجلة لنسجل براءة اختراع سبق إليها غيرنا. لكنا نصر على إعادة التفكير في البديهيات والدوران خلفها كأننا زوار وثن لا يتفاعل. لقد أخرجتنا الثورة من سبات الدهر لكنا وجدنا أمامنا عشاق الغنم السريع
حرب مستعرة في الشارع التونسي عمن يقود المعارضة ضد التحالف الرباعي الحاكم. كل يزعم امتلاك الشارع أو حل الاستحواذ عليه. ولكن الجميع يقع في لعبة النظام القديم التي طالما لعبها بإتقان إذ يفرق بين الصفوف ليسودها بأقل كلفة ممكنة..
مفتاح التقدم السياسي هو سبل معالجة المسألة الاجتماعية وإنصاف الفقراء عبر اقتراح منوال تنموي جديد. وهو ما لا ينتظر من النداء ولا يبدو أن الحزب الذي يمتلك أكبر قاعدة من الفقراء مهتم به. قياداته التي انتمت نهائيا للطبقات الوسطى المستريحة نسبيا تجد خلاصها في الانتماء إلى طبقتها.
تونس تنتظر. لا تعرف ما سيحصل غدا لكنها تنتظر. لقد أمل الناس ذات يوم في تغيير ما بهم لكنهم هذه الأيام الصيفية الحارقة الخانقة يرون الآلة القديمة تدور في مكانها وتفرم آمالهم. ولكنهم يصرون في انتظار شيء ما..
الجسد عامة والأنثوي خاصة متاح الآن على قارعة الطريق وهذه أكبر علامة على الغزو البحري الغربي لبلاد العرب، لقد غير علاقتهم بالمكان أولا فسكنوه وكبرت مدنهم البحرية وصارت مكانا مفتوحا وتوقف الاحتماء باليابسة من هول البحر.
الثورة تائهة ولا تجد طريقا. والثوريون يخبطون خبط عشواء في ليل بهيم. هل كان يجب أن تبني الثورة خِطَّة قبل انطلاقها، أم أن الخطة تأتي كشهية الأكل أثناء الأكل؟ أيهما أسبق الخطة أم الإنجاز؟ سؤال سفسطائي يخفي سؤالا آخر، هل يوجد ثوار فعلا لإنجاز ثورة؟ لقد أخذ هذا النقاش نصف قرن، ولم يحل معضلته.
قد أتاكم نبأ الدولة الفاشلة لكني مخبركم عن الدولة الفضيحة. فإذا تبرأ المرء من مداعبة الذات وتمجيد الغرور ونظر في قلب اللحظة الواقعية سيرى تونس الآن دولة فضيحة لا ساتر لها إلا معجزة..
أحزاب الهوى يا ليل فاتوا مواقعهم. وتشرشحوا يا ليل وأنا أتابعهم. وبان الخواء يا ليل والشعب قطَّعهم. ورغم احتمال التَّوْب ما عضّوا أصابعهم. ولذلك فإن بيرم لو عاد لاتخذهم مسخرة..
التوانسة يتكاذبون ويكذبون على العالم، توجد لديهم مشكلة حقيقية هي وهم توليد ديمقراطية كسيحة طبقا لتقنية ترحيل المشكلات إذا تعذر حلها، والعيش بوهم أن ستحل نفسها بنفسها لتفسح الطريق للسعادة والمجد.
حكومة الرباعي الحاكم في تونس وصلت إلى نهاية الطريق. لقد اتخذت لها مهربا قصيرا فانتهت إلى الجدار الذي لا أفق بعده ولا معاول لديها لكسر الجدار. وهي تدخل بتونس صيفا من الخوف من المجهول والناس تتوقع الأسوأ.ومولدات الأمل فيها تعمل بحسن النية لا بحسن التدبير. وعلى تجار الآمال الزائفة أن يردوها علينا إن استطاعوا.
احتفال باذخ ومودة تفيض على الوجوه ولكن أسئلة كثيرة ومحرجة تطرح ولا تجد الإجابة الشافية. هذه أجواء الاحتفال بذكرى تأسيس حزب حركة النهضة التونسي الرابعة والثلاثين (34) الموافقة ليوم السادس من جوان (حزيران)..