دخل الكنيست الإسرائيلي عطلته الصيفية التي تستمر لمدة شهرين، وقد يعطي هذا متسعا من التقاط الأنفاس في دولة انقسمت منذ مطلع العام إلى فريقين، كل يرى في الآخر شرا مطلقا، وحيث لم تستطع دولة المؤسسات ولا كل الحوارات ولا المناشدات الأمريكية جسر الهوة بين الفريقين، وذلك لأن السياق الطبيعي في الدولة بعد ثلاثة أرباع القرن، وصل لحظة معينة كان لا بد فيها من الصدام.
قليل بل كثير من الإحباط عاد للتسلل للبيت الفلسطيني، وكان ذلك بعد بضعة أسابيع كان يتصاعد فيها التصدي الفلسطيني ومعركة في غزة وعرين الأسود والقدس وأزمات متلاحقة للأمن الإسرائيلي داخلية وخارجية، مترافقة مع تصدع داخلي في النظام السياسي الإسرائيلي وحضور فلسطيني منافس بل وأكثر تفوقاً على الصعيد الدولي وفي استطلاعات الرأي الأميركية.
.فلسطين تحمل على أكتافها وطأة تاريخ دام صنعته بريطانيا ووزير خارجيتها بلفور، ما زالت تشعر بأسى من تاريخ المملكة الذي تم مسح الملك بزيتها المقدس من أرض المسيح.
هناك تحولات هائلة تشهدها دولة إسرائيل داخلياً وخارجياً تظهر لأول مرة. لذا كان من الخطأ تشبيه نتائج الانتخابات الأخيرة بنتائج صعود الليكود في نهاية سبعينيات القرن الماضي حيث بقيت الدولة كما هي في قبضة العلمانيين ولم يكن لليكود أي تأثير يذكر على بنيتها..
مساحة المناورة أمام نتنياهو تضيق أكثر، فالنتائج التي أرادها في لحظة السكرة الانتخابية تصطدم في لحظة فكرة التشكيل بالواقع، بعد أن وضع نفسه في كتلة لم يكن همه سوى الإفلات من السجن.
الدول مثل الشعوب وتلك طبيعة الأشياء، تحب وتكره وتتنافس وتكايد، حتى وقد تأخذ تلك الأوصاف في السياسة أسماء مغايرة مثل الصداقة والعلاقات الاستراتيجية والشراكة والتنافس.
وكأن صراع التاريخ الحضاري والديني يتكثف في مدينة الله، الإسرائيلي يرسم ويخطط وينفذ مستغلاً كل ثغرة وكل فراغ وكل انشغال دولي وإقليمي لاستكمال السيطرة على المدينة التي يصر بعكس إرادة الكون على أنها يهودية موحدة، ويحاول أن يعزز هذا الإصرار ببرامج لا تتوقف تتكامل فيها جميع مؤسساته فتعمل بلا توقف لجعلها
أظن، وليس كل الظن إثما، أننا لو كنا شعبا طبيعيا لكنا، الآن، نحتفل بنتائج الانتخابات السادسة التي يجريها الفلسطينيون بعد أن حكموا أنفسهم، والخامسة افتراضيا طبعا بعد آخر انتخابات أجريت في كانون الثاني قبل ستة عشر عاما، ولإنعاش الذاكرة التي علاها غبار الانقسام والاتهامات البدائية التي خلت من صراعات الف
كيف لأمة لديها كل هذا التراث الحضاري والإنساني أن تقف في شدة ضعفها مكشوفة أمام دوران الأرض دورتها السنوية، وهي تبدو على عتبة العام الجديد بلا جديد سوى التلَفُت باندهاشة لموازين قوى تتحرك وتتبدل وتعيد توزيع نفسها على الخريطة بينها..
الأوضاع بالنسبة للفلسطينيين تزداد تعقيداً، وكلما توغل الزمن أكثر استفحلت الأزمة، وهي أزمة تفرخ يومياً أزمات فرعية لا نهاية لها تجعل من الصعب السيطرة عليها بل وتضعها على حافة الانفجار أو الاشتعال كما وصفها المبعوث الأميركي هادي عمرو..
يستغرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أنه لم يحصل على ربع أصوات اليهود في الولايات المتحدة، ويذهب أبعد من ذلك قائلا: «اليهود في أمريكا لا يحبون إسرائيل».