دخلت
سوريا بحلتها الجديدة بعد سقوط نظام بشار الأسد، أسبوعها الثالث، مع تعيين قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد
الشرع، لحكومة انتقالية بقيادة محمد البشير، يستمر تكليفها ثلاثة شهور.
مواقف الدول العربية لا سيما تلك التي أعربت عن وقوفها إلى جانب نظام الأسد مع بدء معركة "ردع العدوان" نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت بالتحول تدريجيا نحو الانفتاح على القيادة الجديدة.
وسارعت دول وأطراف عربية إلى الانفتاح والترحيب بالقيادة السورية الجديدة، والتعبير عن الارتياح تجاه البوادر الإيجابية التي ظهرت مع الأيام الأولى لسقوط نظام الأسد.
فيما تريثت دول أخرى، حتى بعد الانفتاح الأمريكي والغربي على القيادة السورية الجديدة، وبدأت بالتحرك ببطء نحو دمشق عقب أسبوعين من بداية الفصل الجديد للبلاد التي تحتل إسرائيل هضبة جولانها، وأجزاء أخرى على حدودها الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
دول أخرى لا زالت لم تعلن انفتاحها على سوريا الجديدة بقيادة أحمد الشرع، بل يواصل إعلامها الانحياز ضد الثورة التي انتهت بانتصار السوريين ضد نظام الأسد.
وقبل صدور أي موقف رسمي من جل الدول العربية، كان الشرع قد اجتمع بالسفراء العرب في دمشق، وشرح لهم الوضع الراهن بعد سقوط النظام.
نستعرض في هذا التقرير أبرز المواقف العربية تجاه سوريا الجديدة:
قطر
سارعت الحكومة
القطرية إلى الترحيب بالتعامل مع سوريا الجديدة، علما أن قطر هي البلد العربي الوحيد الذي لم يعد علاقاته مع النظام السوري منذ القطيعة عام 2011.
وأرسلت قطر بعد يومين من سقوط النظام، طائرة مساعدات إلى الشعب السوري عبر الأردن، كما أرسلت وفدا دبلوماسيا في 15 كانون الأول/ ديسمبر الجاري إلى دمشق، لإكمال الإجراءات اللازمة لإعادة فتح السفارة القطرية في سوريا.
وتوجت قطر موقفها المنفتح على "سوريا الجديدة" بالوفد الذي وصل اليوم الاثنين برئاسة وزير الدولة بالخارجية القطرية محمد الخليفي، والذي قال خلال لقائه الشرع إن "موقف دولة قطر ثابت في الوقوف إلى جانب سوريا وشعبها، والشعب السوري سيد قراره ولن يتعرض للوصاية من أحد".
فيما وجه الشرع دعوة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لزيارة سوريا قريبا.
السعودية
جاء سقوط نظام الأسد في مرحلة كان لا يزال منتشيا بها بعودة علاقته مع السعودية، حيث أعادت المملكة فتح سفارتها في دمشق بحفل كبير في أيلول/ سبتمبر الماضي، أي قبل أقل من 3 شهور على سقوط الأسد.
وكانت السعودية من الدول التي انحازت إلى النظام دبلوماسيا في معركة "ردع العدوان"، إلا أنها عبرت عن ارتياحها بعد ساعات من سقوطه في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وذكرت في بيان لوزارة الخارجية أنها "تتابع التطورات المتسارعة في سوريا الشقيقة، وتعرب عن ارتياحها للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري الشقيق وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها".
وبرغم ذلك، لا تزال السعودية تسير بخطوات بطيئة نحو سوريا الجديدة، ولم تنقل وسائل إعلامها الرسمية الخبر الذي أوردته قناة "العربية" حول وصول وفد سعودي رفيع المستوى إلى دمشق.
إلا أن الإعلام السعودي وفي مقدمته قناة "العربية"، انفتح بشكل كبير على الحكومة الجديدة، وتخلى عن وصف هيئة تحرير الشام وقائدها أحمد الشرع بـ"الإرهاب".
اظهار أخبار متعلقة
الأردن
سارع الأردن إلى إصدار موقف رسمي يرحب بخيار الشعب السوري بعد ساعات من إعلان سقوط نظام الأسد رسميا، وقال عبر وزير خارجيته أيمن الصفدي إنه "يدعم أي عملية سياسية سورية تستهدف إعادة بناء الدولة وبناء مؤسساتها بما يلبي طموحات الشعب السوري الشقيق".
الأردن الذي بدأ على الفور أيضا بخطوات عملية لإعادة فتح المعبر الحدودي مع سوريا بشكل كامل، وسهل مرور حركة البضائع التجارية، استضاف قادة ووزراء خارجية عربا في العقبة، وناقشوا مستقبل المشهد في سوريا.
وبرغم أن البيان الختامي لقمة العقبة أثار تحفظات من معارضين سوريين بسبب استدعاء خيار التدخل الأممي في أي انتخابات سورية قادمة، إلا أن الأردن أرسل وفدا رفيع المستوى إلى سوريا اليوم الاثنين برئاسة أيمن الصفدي الذي التقى مع الشرع.
وقال الصفدي للشرع إن الأردن وسوريا لديهما تاريخ ممتد من العلاقات الاستراتيجية، مشددا على حرص المملكة على تقوية هذه الشراكة وتطويرها في مختلف المجالات.
مصر
بعد مرور 15 يوما على سقوط نظام الأسد، لا تزال الدولة المصرية غير منفتحة على الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع.
مصر التي أعلنت وقوفها إلى جانب "الدولة والشعب السوري" بعد سقوط الأسد، شن إعلامها الموالي للنظام هجوما عنيفا على إدارة العمليات العسكرية وقائدها أحمد الشرع.
الهجوم اللافت والذي لم يتوقف منذ بدء معركة "ردع العدوان" حتى اليوم، رافقه تجاهل رسمي لأي انفتاح على سوريا الجديدة، حيث اكتفى وزير الخارجية بدر عبد العاطي بإجراء اتصالات مع نظرائه في الإمارات، والسعودية، والأردن، لتقييم الوضع في سوريا.
كما كانت مصر من بين الحضور في قمة "العقبة" والموقعين على بيانها الختامي الذي أكد "دعمه للشعب السوري واحترام خياراته".
اظهار أخبار متعلقة
البحرين
رغم أن مملكة البحرين من أوائل الدول الخليجية التي طبّعت مع نظام الأسد عقب عزلته العربية والدولية التي دامت عدة سنوات، إلا أن ملكها عيسى بن حمد، كان أول من بعث برسالة إلى أحمد الشرع عقب سيطرة المعارضة على دمشق.
وقال ملك البحرين في رسالة إلى الشرع بعد 4 أيام من سقوط نظام الأسد: "لقد سعدنا بما ورد إلينا عن لقاء رئاسة إدارة الشؤون السياسية بالسفراء المقيمين بدمشق وهي سياسة حكيمة نقدرها كثيرا، وتعكس حرصكم على الحفاظ على سيادة سوريا واستقلالها وسلامة ووحدة أراضيها وتحقيق تطلعات الشعب السوري".
وأضاف الملك في رسالته: "نحن في مملكة البحرين بحكم رئاستنا للقمة العربية، على أتم الاستعداد للتشاور المستمر معكم وتقديم الدعم في المنظمات الإقليمية والدولية لتحقيق ما فيه صالح الشعب السوري".
الإمارات
كانت الإمارات الدولة العربية الوحيدة التي أجرى رئيسها (محمد بن زايد) مكالمة مع بشار الأسد للتضامن معه بعد بدء معركة "ردع العدوان" والتي انتهت بسقوط نظام الأخير.
الاتصال التضامني والذي جاء بعد أعوام من تطبيع العلاقات رسميا بين دمشق وأبو ظبي، لم يخرج موقف الإمارات الرسمي عن السياق العربي بعد سقوط الأسد، إذ سارعت وزارة الخارجية لإصدار بيان تؤكد فيه على احترام خيار الشعب السوري.
إلا أن أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي للرئيس الإماراتي، أبدى عدم ارتياح تجاه القيادة الجديدة في سوريا، زاعما أن "طبيعة القوى الجديدة، ارتباطها بالإخوان، وارتباطها بالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية".
وفي تطور لاحق، هاتف وزير الخارجية عبدالله بن زايد، نظيره السوري أسعد الشيباني، باحثا معه آخر التطورات، وناقشا سبل تعزيز العلاقات الأخوية الوطيدة بين البلدين والشعبين الشقيقين في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
العراق
كانت العراق أكثر الدول العربية حذرا إزاء عملية "ردع العدوان" مع مخاوفها بامتداد المعركة إلى داخل أراضيها، إلا أنها اتخذت موقفا مبكرا بعدم إرسال مليشيات الحشد الشعبي لمساندة نظام الأسد، وتزامن ذلك مع رسالة بعثها أحمد الشرع إلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، أكد خلالها حرص المعارضة السورية على بناء علاقات جيدة مع العراق بعيدا عن أي خلاف سابق.
وبرغم اتصال السوداني برئيس النظام المخلوع بشار الأسد، ودعمه له، إلا أنه عاد للترحيب بخيار الشعب السوري، بيد أنه صرح السبت، بأن حكومته لا تزال في إطار تقييم الوضع الراهن في سوريا، قبل اتخاذ قرار حول العلاقات الدبلوماسية.
وأظهر الجانب العراقي مرونة في التعامل مع قيادة سوريا الجديدة في قضية إعادة نحو ألفي جندي سوري فرّوا إلى العراق عقب انهيار نظام الأسد.
اظهار أخبار متعلقة
لبنان
أظهر لبنان المنهك جراء العدوان الإسرائيلي الأخير، مرونة ملحوظة في الحديث عن القيادة السورية الجديدة، حيث قال وزير الخارجية عبد الله بوحبيب، إن بلاده تحترم حق الشعب السوري في تقرير مصيره.
وتباينت مواقف القوى اللبنانية إزاء سقوط نظام الأسد، حيث رحبت التيارات المناهضة لحزب الله بما جرى، وفي مقدمتها تيار "المستقبل" الذي يقوده سعد الحريري، والقوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع.
وكان لافتا الزيارة التي قام بها الزعيم الدرزي وليد جنبلاط إلى دمشق، ولقائه بأحمد الشرع الذي تحدث بشكل إيجابي عن رؤية سوريا الجديدة تجاه لبنان، وعدم تكرار "أخطاء" النظام السابق بالتدخل في شؤون لبنان.
اظهار أخبار متعلقة
وأصدر حزب الله بيانا حول العدوان الإسرائيلي المتكرر على سوريا، وعرّج خلاله على التطورات عقب سقوط نظام الأسد، أهم حليف للحزب في المنطقة خلال السنوات الماضية.
وقال الحزب إنه "يأمل أن تستقر سوريا على خيارات أبنائها، وتحقق نهضتها، وأن تكون في موقع الرافض للاحتلال الإسرائيلي، مانعةً التدخلات الخارجية في شؤونها".
وأكد الحزب: "سنبقى سنداً لسوريا وشعبها في حقّه بصنع مستقبله ومواجهة عدوه الكيان الإسرائيلي الغاصب".
يشار إلى أن بقية الدول العربية بما فيها تونس التي وصفت فصائل المعارضة بـ"الإرهابية" بعد انطلاق معركة "ردع العدوان"، أصدرت بيانات متشابهة عبرت خلالها عن احترامها لخيار الشعب السوري، وتمنيها لسوريا بمزيد من التقدم بعيدا عن أي تفرقة أو انقسام سياسي، بيد أنها لم تجر اتصالات مباشرة، أو ترسل وفودا إلى دمشق بعد.